ضريح تاج محل.. بناه شاه جهان خامس أباطرة المغول تخليدا لذكرى زوجته ممتاز محل - أرجمند بانو بيجوم



ضريح تاج محل هو ذلك الأثر الرائع الذي بناه شاه جهان (خامس أباطرة المغول) في الهند على ضفة نهر جمنا على بعد 2 كيلو متر من مدينة أكرا تخليدا لذكرى زوجته ممتاز محل (أرجمند بانو بيجوم).

وهو من أجمل أبنية العالم التي تنطق برقي الذوق والفن وهندسة البناء في ذلك الزمان، الأمر الذي جعل البعض يعده من إحدى عجائب الدنيا.

وقد بدأ العمل فى بناء هذه التحفة الفنية بعد وفاة ممتاز محل بقليل 1061هـ/1650م على يد المعماري أستاذ عيسى واستمر البناء في هذه المقبرة وتوابعها حوالي اثنين وعشرين رمزوا لذلك بعمل قباب صغيرة فوق الأبواب، مميزين السنين التي استغرقها العمل في الضريح بقباب بيضاء وعددها سبع عشرة قبة، وتوابعها بخمس قباب.

وصف الضريح:
يصف لنا الدكتور عبد المنعم النمر هذه التحفة وصف شاهد عيان أعجب بذلك البناء الرائع فيقول "...وأول ما يلفت النظر حين تترك الباب الخارجي تلك المباني التي أقامها على الجانبين للعمال الذين اشتغلوا في إقامته، حتى إذا سرت وملت إلى اليسار متجها إلى الشمال رأيت بوابة كبيرة كسيت بالمرمر وكتبت على جانبيها وأعلاها سورة الفجر، وانتهت بقوله تعالى: "فادخلي في عبادي وادخلي في جنتي" وقد نحتت الحروف من حجر أسود يسمونه حجر موسى، وهي آية في حسن الخط الثلث".

ومما يلفت النظر أن الكاتب راعى في كتابته خداع البصر فجعل الخط يكبر كلما ارتفع بحيث تراه العين متناسبا مع القريب لتبدو صورة واحدة   غير متفاوتة في الكبر والصغر، ويزين ذلك نقوش أشجار وأزهار وأوراق، وعند الدخول من البوابة نرى باب المقبرة المبنية على قاعدة مربعة طول ضلعها 94 متر وارتفاعها 6.60 متر.

وتمر بين البوابة والمقبرة قناة صغيرة في وسطها 24 فوارة، كانت تفور بماء الورد أيام السلاطين فيعطر الجو أما الآن فتنطلق فيها المياه العادية يوم الأحد فقط، وعلى جانبي القناة ممران ومنتزهان عن يمين  وشمال.

ويقع على يسار المقبرة مسجد اللؤلؤة وعن يمينها دار للضيافة وعند صعود درجات المقبرة نجد البناء يقع في وسط القاعدة المربعة وما حوله فضاء وفي أركان المصطبة أربع مآذن ممشوقة مستديرة ارتفاع الواحدة 40 مترا وهي منفصلة عن البناء الرئيسي وتتكون من 3 طبقات فوق قاعدة مثمنة مندمجة في زوايا المصطبة ويعلوها قبة ذات رفرف تحملها دائرة من العقود التي تحملها أعمدة رشيقة.
وهذه المآذن مكسوة بالمرمر الأبيض.

أما المبنى نفسه فطول ضلعه 57 مترا ذو زوايا مشطوفة ليأخذ شكل المثمن، ويتكون من أربعة أجزاء كل منها مغطي بقبة يحمل كل  قبة ثمانية عقود مفصصة تحملها دعائم وهذه القباب تحيط بالقبة الرئيسية  التي تغطي الفراغ المركزي وهي من النوع البصلي.

ويبلغ قطر القبة الرئيسية 17.70 مترا وارتفاعها من الداخل 24.40 مترا وتعلوها قبة خارجية ارتفاعها 61 مترا وكان أعلاها هلال وحلية من الذهب لكنه استبدل أيام الإنجليز بهلال وحلية من النحاس ويبلغ طول الهلال مع الحلية نحو 31 قدما.

وواجهة الضريح تتكون من مدخل ضخم يتخذ شكل قبو مرتفع يتصدره عقد فارسي مدبب ويحف بالمدخل صفان أفقيان من الحنيات أو المحاريب تشبه عقودها عقد المدخل ويفصل بين المحاريب أعمدة مندمجة ترتفع فوق سقف الضريح، وعلي واجهة القبو وجانبيه كتبت سورة (يس) وعلي الباب الصغير كتبت سورة (التكوير) بنفس خط ونظام الكتابة علي الباب الخارجي.

وبعد الباب يوجد درج ينزل إلى الطابق الأرضي حيث يوجد قبر شاه جهان وزوجته اسفل القبة المركزية وكلا القبرين عبارة عن تركيبه جميلة من المرمر أحدهما كبيرة فوق قبر الملك وعلى يسارها تركيبة اصغر منها علي قبر زوجته ويزين كل منهما نقوش من أحجار ثمينة ملونة تتخذ شكل أزهار وأوراق وقد وضع علي ضريحه مقلمة ودواة من المرمر المنقوش وكتب عليه "مرقد مطهر أعلي حضرت فردوس آشياني صاحب قرآن ثاني شاهجهان بادشاه طاب ثراه توفي سنة 1076هـ".

أما قبرها كتب عليه من أعلى قوله تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله...الآية".

وقوله تعالى: "كل نفس ذائقة الموت" وعلي الجوانب كتبت أسماء الله الحسنى وعلي واجهة القبر كتب "مرقد منور أرجمند بانوبيكم مخاطب بممتاز محل توفيت 1040هـ".

ويوجد في الطابق الذي يعلو هذا تركيبتين يماثلان التركيبتين الموجودتين اسفل، ويحيط بهما سور من المرمر اللامع المشبك البديع والدقيق الصنع، ويتدلي من سقف القبة قنديل فوق القبرين يقال انه من صنع مصر أهداه "لورد كيرزون".

أما الأبواب فيحليها نقوش معدنية، يقال إنها كانت من الفضة واستبدلت زمن الإنجليز بالمعدن، ويحلى التركيبتين والجدران أشكال زهور وأوراق صنعت من الأحجار الكريمة ذات الألوان الطبيعية التي تماثل لون الورقة والزهرة وفي اعلي التركيبتين كتب "ياحي يا قيوم برحمتك استغيث"
"إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا......الآية".

وفي الجوانب كتب"إن الأبرار لفي نعيم علي الأرائك ينظرون...الآيات" وعلي جوانب القبرين ثماني حجرات مثمنة الشكل متشابهة، خصصت لقراءة القرآن والأوراد والأدعية.

ومما يزيد هذا المبني جمالا التضاد الجميل بين الرخام الأبيض الذي يكسو واجهاته الحجر الرملي في المباني الأخرى، كذلك تكرار أقسامه متشابهة تارة ومختلفة تارة أخرى، فالمآذن تتكر أشكالها في أعالي الأعمدة المندمجة المتشابهة في السمك وفي شكل القمة.

ويتكرر كذلك شكل القباب المحيطة بالقبة الكبيرة في قمم المآذن الأربعة، كما يلاحظ نفس الشيء في عقود الواجهة والمدخل وإطاراتها.

كذلك يحلي المبني زخارف نباتية بالحفر البارز والمرصع بأحجار كريمة ملونة ومما يزيد المبني بهاءا أيضا تلك الحديقة المغولية الكلاسيكية من جهة والنهر الذي تنعكس صورة المبني علي ضفته من جهة أخرى.

ويلاحظ أن تصميمه يعتبر تطورا للأضرحة الثمانية في بخاري كما انه يقترب في التصميم من ضريح همايون في دلهي (973هـ/ 1565م) وذلك من حيث تماثل التكوين المعماري للمبني واستخدام القبة المزدوجة والقباب الركنية.


المواضيع الأكثر قراءة