أهداف إحداث المصارف الإسلامية.. تقديم الخدمات المصرفية وممارسة أعمال التمويل والاستثمار القائمة على غير أساس الفائدة في جميع صورها وأشكالها

- يخضع إحداث المصارف الإسلامية في الجمهورية العربية السورية للأسس والصيغ القانونية والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 28 لعام 2001 المتعلق بإحداث المصارف الخاصة والمشتركة ويصدر قرار الترخيص بتأسيس المصرف عن مجلس الوزراء بناء على اقتراح مصرف سورية المركزي وتوصية مجلس النقد والتسليف المبنية على القناعة بان الترخيص يخدم المصلحة العامة وحاجات الاقتصاد الوطني ويراعى استيعاب السوق المصرفية.
- يجوز للمصارف العاملة المسجلة في سجل المصارف وبعد موافقة مجلس النقد والتسليف المساهمة في تأسيس مصارف إسلامية وفق أحكام هذا المرسوم التشريعي بشرط التقيد بما يلي:
1- مراعاة الحدود القصوى لمساهمة الشخصيات الاعتبارية في رأسمال المصرف المحدث المحددة بالقانون 28 لعام 2001.
2- ألا تتجاوز مساهمة المصرف في تأسيس مصرف إسلامي نسبة عشرين بالمائة من صافى الأموال الخاصة للمصرف المساهم يحددها مجلس النقد والتسليف في كل حالة بعد دراسة وضع المصرف الراغب في المساهمة.
- يحدد في صك ترخيص المصرف الإسلامي رأس ماله المصرح على أن لا يقل عن خمسة مليارات ليرة سورية موزع على أسهم اسمية لا تقل القيمة الاسمية للسهم الواحد منها عن خمسمائة ليرة سورية كما يحدد في صك الترخيص رأس المال المدفوع عند التأسيس على أن لا يقل عن /50/ بالمائة خمسين بالمائة من رأس المال المصرح.
- يجب استكمال دفع رأس المال خلال ثلاث سنوات من بداية مزاولة المصرف لنشاطه ويجوز للمصرف عدم توزيع أية أرباح للمساهمين خلال هذه المدة.
- لا يجوز للمصرف المرخص وفق أحكام هذا المرسوم التشريعي أن يبيع أو أن يتنازل عن رخصة المصرف لأي طرف آخر إلا بموافقة مسبقة من مجلس النقد والتسليف كما لا يجوز لأي مصرف مساهم في تأسيس مصرف إسلامي أن يتنازل عن نصيبه في المصرف لأي طرف آخر إلا بموافقة مسبقة من مجلس النقد والتسليف.
يهدف المصرف الإسلامي إلى ما يلي:
- تقديم الخدمات المصرفية وممارسة أعمال التمويل والاستثمار القائمة على غير أساس الفائدة في جميع صورها وأشكالها.
- تطوير وسائل اجتذاب الأموال والمدخرات وتوجيهها نحو المشاركة في الاستثمار المنتج بأساليب ووسائل مصرفية لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.

إدارة السيولة في مصرف الوقف الإسلامي.. امتلاك بعض الأوراق المالية القوية التي تحافظ على سيولته ولا تهدر طاقته المالية والاحتفاظ باحتياطي نقدي كبير لمواجهة السحوبات الموسمية أو الطارئة

بالنظر إلى طبيعة عمل المصرف المقترح، و إلى أهدافه في توجيه قروضه للفئات المتوسطة على شكل ائتمان قصير أو متوسط الأجل و بمبالغ صغيرة أو متوسطة، يرى الباحث أن نظرية القرض التجاري هي التي تناسب هذا المصرف، كما أن طبيعة الودائع في هذا المصرف في أنها غير مربوطة لأجل، تدعوه إلى امتلاك بعض الأوراق المالية القوية التي تحافظ على سيولته ولا تهدر طاقته المالية، في الاحتفاظ باحتياطي نقدي كبير لمواجهة السحوبات الموسمية أو الطارئة، كذلك يجب الاهتمام بنظرية الدخل المتوقع التي تعطي لشخصية العميل أهمية كبيرة، في حين يبقى الاقتراض من المصرف المركزي الحل الأخير على أن يكون ضمن الضوابط الشرعية، أما نظرية إدارة الخصوم فلا يستطيع المصرف في البداية الاعتماد عليها، لأنه لا يدفع أرباح أو فوائد لأصحاب الأموال، و لكن كما ذكر سابقاً إذا تأسست مصارف مشابهة في بعض بلدان العالم الإسلامي، فيمكن إيجاد صيغة تعاون فيما بينها تساعدها على إدارة أزمات السيولة.

الاقتراض من البنك المركزي.. مد المصارف بالسيولة اللازمة عند الحاجة إليها في حالات الضيق الموسمي وفي أوقات الأزمات الطارئة

يعتبر البنك المركزي المقرض الأخير للجهاز المصرفي، تلجأ إليه المصارف لمدها بالسيولة اللازمة عند الحاجة إليها، في حالات الضيق الموسمي، وفي أوقات الأزمات الطارئة، إما عن طريق عملية إعادة الخصم، أو الاقتراض المباشر، وأهم ما يميز هذا المصدر أنه مؤقت، حيث يقدّم القرض إلى أن تقوم المصارف بتعديل أوضاعها، وتجاوز فترة الأزمة، وبعدها يتم تسديده، إذ أن البنك المركزي ليس مصدرا دائما للسيولة للجهاز المصرفي.

نظرية الدخل المتوقع.. نقل إدارة السيولة من مفهوم التركيز على القروض التجارية القصيرة وعلى الضمانات المقدمة لها لتأمين سيولة الأصول إلى مفهوم يربط بين السيولة ونوعية القروض

عندما طرحت نظرية الدخل المتوقع للسيولة، كانت محاولة لنقل إدارة السيولة من مفهوم التركيز على القروض التجارية القصيرة وعلى الضمانات المقدمة لها لتأمين سيولة الأصول، إلى مفهوم يربط بين السيولة ونوعية القروض، من خلال التزامن بين مواعيد استحقاق القروض، ومواعيد تحقق الدخل للمقترض.
 ولا تتعارض هذه النظرية مع نظريات السيولة الأخرى، لكنها عززت فكرة الربط بين موعد الوفاء وتحقق الدخل، بالإضافة إلى تركيز شديد على نوعية المقترض، باعتبار أن قدرته على الوفاء هي العامل الأهم في تعزيز السيولة.
أهم ما في هذه النظرية، نقلها الاهتمام بإدارة السيولة إلى اهتمام بحالة العملاء دون اهتمام كبير بالأصول الأخرى، بما فيها الأوراق المالية، وذلك لتدني الأهمية النسبية للأصول الأخرى ضمن الموجودات. وهناك الكثيرون ممن يؤيدون هذه التوجه، ويعتبرونه وجها عقلانيا يتطابق والنمو الكبير في حجم القروض.

طريقة مجمع الأموال لإدارة الموجودات البنكية.. افتراض جمع الأموال التي يحصل عليها المصرف من مختلف المصادر في وعاء واحد والقيام بخلطها بحيث يستحيل التمييز بينها

تعتبر طريقة مجمع الأموال من أبسط الطرق المستعملة في إدارة الموجودات، وتناسب هذه الطريقة المصارف الصغيرة التي تعتمد في مصادرها على ودائع العملاء، والقروض طويلة الأجل، ورأس المال، ولا تدخل السوق للحصول على المزيد من المصادر، كما تقوم هذه الطريقة على افتراض جمع الأموال التي يحصل عليها المصرف من مختلف المصادر في وعاء واحد، والقيام بخلطها، بحيث يستحيل التمييز بينها، ثم استعمال ما في هذا الوعاء في مختلف أنشطة المصرف بالمقدار و الكيف الذي يحقق أهدافه.
وتتطلب هذه الطريقة من إدارة المصرف، أن تعطي عند ترتيب أولويات توظيفها، عناية خاصة لعنصري السيولة و الربحية، حيث يتم توزيع الأموال المجمعة على مختلف أنواع الأصول ضمن عدد من الأولويات التي تستعين بها الإدارة في حل التعارض الدائم بين السيولة و الربحية.
وتتميز هذه الطريقة، لإدارة موجودات المصرف التقليدي، بوضعها قواعد مهمة يسترشد بها في توزيع الموارد المالية بين مختلف أنواع الأصول، و لكنها أشارت إلى ذلك بشكل عام، و لم تحدد نسبة ما يجب استثماره من الموارد المالية في كل بند من بنود الأصول المختلفة. كما أنها لم تقدم حلا لمشكلة تعارض السيولة و الربحية، بل تركت ذلك لحكمة إدارة المصرف و حصافتها.

رأي الدكتور عبد المجيد الزنداني بن عزيز في زكاة الدين.. لا زكاة في القرض إن كان على معسر أو جاحد به أو مماطل لأن وجوده وعدمه على السواء

يرى الدكتور عبد العزيز أنه إذا كان الدين على مقر به باذل، فهذا تجب فيه الزكاة، إذا قبضه ودار عليه الحول، ما لم يتأخر في قبضه عمداً للفرار من الزكاة، فيحسب عليه الحول على الفور، حتى وإن لم يقبضه، ولا زكاة في القرض إن كان على معسر أو جاحد به أو مماطل، لأن وجوده وعدمه على السواء، فلا يُجمع على المقرِض بين مشقتين: مشقة البحث عن دينه وتحصيله، ومشقة إيجاب الزكاة عليه عن ماله الضائع هذا، والذي لا يستطيع الوصول إليه.

رأي الدكتور صالح بن عثمان بن عبد العزيز الهليل في زكاة الدين.. على صاحبه إخراج زكاته كل حول سواء قبضه أم لم يقبضه

يرجح الدكتور صالح الرأي الأول القائل بوجوب الزكاة في الدين الذي على مليء، وعلى صاحبه إخراج زكاته كل حول سواء قبضه أم لم يقبضه، أما الدين الذي على معسر أو مماطل أو جاحد، فلا زكاة فيه، فإذا قبضه استأنف به الحول كسائر الأموال التي تجب فيها الزكاة.

رأي الدكتور يوسف القرضاوي في زكاة الدين.. على صاحب الدين أن يزكيه كل حول لأنه بمنزلة ما في اليد

يرجح الدكتور يوسف القرضاوي الرأي الأول في زكاة الدين المرجو، أي أن على صاحب الدين أن يزكيه كل حول لأنه بمنزلة ما في اليد، أما الدين الميؤوس منه، فإذا قبضه صاحبه فيعتبره كالمال الجديد المستفاد فلا يزكى لما مضى من السنوات إنما لسنة واحدة عند قبضه دون انتظار الحول.

وجوب زكاة القرض بعد القبض عن سنة واحدة.. اعتبار وجوب الزكاة هو امكانية الأداء والدين في ما مضى من السنين لا يمكن أداء زكاته لما مضى وإنما لسنة واحدة

تجب زكاة الدين بعد القبض عن سنة واحدة:
قال بذلك بعض التابعين منهم سعيد بن المسيب وعطاء ابن أبي رباح وغيرهما، وهو المذهب عند الحنفية والمالكية ورواية عند الحنابلة، وهؤلاء قالوا أن اعتبار وجوب الزكاة هو امكانية الأداء والدين في ما مضى من السنين لا يمكن أداء زكاته لما مضى وإنما لسنة واحدة.

وجوب زكاة القرض بعد قبضه لما مضى من السنين.. لا زكاة في الدين حتى يقبض

تجب زكاة الدين بعد قبضه لما مضى من السنين:
ذهب إلى هذا القول من التابعين الثوري و أبو ثور، وهو المذهب عند الحنابلة، وهؤلاء استدلوا بالآثار الواردة عن علي و ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم أجمعين قالوا "لا زكاة في الدين حتى يقبض"، ويرى أصحاب هذا الرأي أن الزكاة مبنية على المواساة، وليس من المواساة أن يلزم الشخص بإخراجها عما ليس في يده الآن و لا ينتفع به، لكن في نفس الوقت هو مال مملوك لصاحبه، فإذا كان المدين موسراً فإن صاحب الدين قادر على قبضه و الانتفاع به، فتلزمه زكاته قياساُ على سائر أمواله و ذلك لما مضى من السنوات.
و يرد على هذا الرأي بأنه قد ورد عن السيدة عائشة و ابن عمر خلاف ذلك وهو "ليس في الدين زكاة"، كما أن القول أن الدين على مليء باذل معترف يمكن الانتفاع به و قبضه، ثم القول بتأخير زكاته لأته لا يمكن إلزام الشخص بتزكية ما ليس في يده و لا ينتفع به فيه تناقض واضح، و لعل أصحاب هذا الرأي يريدون سد الباب على من يؤخر قبض ديونه فراراً من الزكاة و الله اعلم.

وجوب زكاة الدين في كل حول وإن لم يقبضه.. الدين إذا كان على ملء باذل معترف كان كالوديعة عنده

تجب زكاة الدين في كل حول و إن لم يقبضه:
قال به من الصحابة عثمان و ابن عمر و جابر رضي الله عنهم أجمعين، وممن قال به طاوس والنخعي و الزهري وغيرهم رحمهم الله، وهو مذهب الشافعية ورواية عند الحنابلة، وهؤلاء استدلوا بأن الدين إذا كان على ملء باذل معترف كان كالوديعة عنده، و كما أن صاحب الوديعة يخرج زكاتها، وإن لم تكن في يده فكذلك الدين الحال، كما أن هذا الدين لا مانع من قبضه، فلا يؤثر كونه في يد غير مالكه فتجب زكاته كلما مر الحول.

الودائع الجارية.. الحساب الجاري عند المصرف. الحساب الجاري الدائن. الحساب تحت الطلب. الوديعة الجارية. الوديعة المتحرك. الودائع تحت الطلب. ودائع الحساب الجاري. الودائع الواجبة للدفع عند الطلب

الحساب الجاري عند المصرف: وهو حساب يتاح لصاحبه فرد أو منشأة، سحب أي مبلغ في حدود المبلغ المودع أصلاً وفي أي وقت يشاء ولأمر من يشاء.
الحساب الجاري الدائن: هو أن يقوم العميل بإيداع المبالغ التي يرغب في إيداعها كأمانة تحت الطلب، وعلى البنك أن يحتفظ فيها سائلة لتكون تحت تصرف العميل.
الودائع الجارية: قرض مجاني للمصرف يضمن ردها عند الطلب لأصحابها، ويستخدمها أو يستخدم جزء منها في فتح قروض مجانية ذات صلة بالخدمات المصرفية ولتوفير السيولة المطلوبة لأعماله.
والناظر في كتب الباحثين المعاصرين الذين كتبوا في هذه المسائل، سواء أكانت من الناحية الشرعية أم القانونية، أم الاقتصادية البحتة، يلحظ اختلاف المسميات التي أطلقوها على الحساب الجاري مع اتحاد المسمى، ومن تلك التسميات:
1- الحساب الجاري.
2- الحساب تحت الطلب.
3- الوديعة الجارية.
4- الوديعة المتحرك.
5- الودائع تحت الطلب.
6- ودائع الحساب الجاري.
7- الودائع الواجبة للدفع عند الطلب.
8- ودائع بدون تفويض بالاستثمار، وهذه تسمية بنك دبي الإسلامي (تأسس عام 1395هـ). ومن المسميات السابقة يظهر أن بعضها استخدم عبارة الحساب، وبعضها الآخر استخدم عبارة الوديعة، مع تعدد الوصف، على كلٍ، فبعضها يصفها بالجارية أو تحت الطلب أو المتحركة. والاختلاف في هذه الإطلاقات هو من باب التنوع لا التضاد، إلا أن بعضها نظر إلى ذات المبلغ الذي تم التعاقد عليه بين المصرف والعميل فأطلق لفظ الوديعة، والقسم الآخر نظر إلى المعاملة والقائمة التي تقيد بها المعاملات المتبادلة بين الطرفين فاختار لفظ الحساب، والحقيقة أن الوديعة المصرفية أو المبالغ أو النقود التي يعهد بها الشخص إلى المصرف هي التي تنشئ. الحساب الجاري، وليست هي الحساب الجاري ذاته.

وقف النقود.. ثلاث صور لاستخدام المال الموقوف، وهي القرض الحسن والقراض والإبضاع

1- يعتبر الوقف أحد أبرز معالم الحضارة الإسلامية في جانبها الاقتصادي، فهذا أمر اختص به المسلمون دون غيرهم.
2- هو عمل مندوب إليه شرعاً مأجور فاعله على رأي الجمهور.
3- مصدر الأحكام الفقهية للوقف هو الاجتهاد، لذلك قد توسع علماؤنا في أحكامه وكثيراً ما اختلفوا واتفقوا.
4- أجاز المالكية ومتأخروالحنفية وبعض الحنابلة وقف النقود، ومنعه آخرون وكذلك العلماء المعاصرون..
5- ذكر المجيزون لوقف النقود صور ثلاثة لاستخدام المال الموقوف، وهي القرض الحسن والقراض والإبضاع.
6- اختلف العلماء في حكم الوقف من جهة الواقف، فالمالكية يرون عدم زوال ملك الواقف عن الموقوف و يحق له بناء عليه تأقيته واسترجاعه و تغيير مصارفه، أما الجمهور فيرون زوال ملك الواقف و انتقاله لله تعالى.
7- اتفق الفقهاء على جواز أن يجعل الواقف الولاية والنظر لنفسه أو أن يوكيل غيره.

وقف النقود ومقاصد الشريعة.. الإكثار من التبرعات من خلال الأسهم المطروحة للاكتتاب، التي لا تكون مرتفعة الثمن عادة

إن مقصد الشريعة في أحكام التبرعات أربعة:
المقصد الأول: التكثير منها، لما فيها من المصالح العامة والخاصة، لذلك جعلها الله من العمل غير المنقطع ثوابه بعد الموت ففي الحديث الصحيح "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية.. الخ" فلا شبه في أن من مقاصد الشريعة إكثار هذه العقود.
المقصد الثاني: أن تكون التبرعات صادرة عن طيب نفس لا يخالجها تردد، لأنها من المعروف والسخاء.
المقصد الثالث: التوسع في وسائل انعقادها حسب رغبة المتبرعين.
المقصد الرابع: أن لا يجعل التبرع ذريعة إلى إضاعة مال الغير، من حق وإرث أو دين.
إن المصرف المقترح يحقق مقاصد الشريعة في التبرعات للأسباب التالية:
- يشجع على الإكثار من التبرعات: من خلال الأسهم المطروحة للاكتتاب، التي لا تكون مرتفعة الثمن عادة وهي في متناول الجميع، و هذا يساعد على تكثير أعداد المتبرعين، والأمر الآخر هو إمكانية زيادة رأس مال المصرف كلما سنحت الفرصة، وهذا يسمح بتكثير الأموال المتبرع فيها.
- يضيف المصرف المقترح وسيلة جديدة لانعقاد التبرعات لم تكن موجودة من قبل.
- إن تقسيم المال المتبرع به إلى أسهم قابلة للتداول يحقق المقصد الرابع في عدم جعل التبرع وسيلة لإضاعة أموال الغير، فملكية الأسهم ستنتقل من المورث إلى الوريث، الذي بإمكانه إعادة بيعها إن شاء إلى من يرغب في المساهمة، كما يمكن أن يخير الدائن لدين مستحق في أن يحجز على أسهم مدينه لصالحه حتى يستوفي حقه.

نظارة الوقف.. تعيين الناظر. شروط الناظر. وظيفة الناظر. عزل الناظر. العدالة الظاهرة. الكفاية

نظارة الوقف:
1- تعيين الناظر: يصح بالاتفاق للواقف جعل الولاية و النظر لنفسه أو للموقوف عليه أو لغيرهما، إما بتعيين شخص معين أو بوصفه كالأرشد أو الأنزه أو الأكبر، وقد شرط علي رضي الله عنه النظر لابنه الحسن ثم الحسين رضي الله عنهما، وإذا لم يشترط الواقف النظر لأحد فالنظر للقاضي كما قال المالكية و الشافعية، في حين يرى الحنابلة أن النظر حينئذ للموقوف عليه إذا كان معيناً و للحاكم إذا كان جهة لا تنحصر، ويرى الحنفية أن الولاية تكون لنفس الواقف سواء شرطها لنفسه أم لا ثم لوصيه ثم للحاكم.
2- شروط الناظر:
- العدالة الظاهرة: وهي التزام المأمورات واجتناب المحظورات الشرعية، وهذا عند الجمهور و قال الحنابلة لا تشترط العدالة.
- الكفاية: وهي قوة الشخص و قدرته على التصرف فيما هو ناظر عليه، وهي تتطلب البلوغ و العقل ولا تشترط الذكورة، لأن عمر أوصى إلى حفصة رضي الله عنها.
- الإسلام إن كان الموقوف عليه مسلماً: أو كانت الجهة مسجد أو نحوه، لقوله تعالى "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا" ]النساء 4/141[ ولم يشترط الحنفية الإسلام في الناظر.
3- وظيفة الناظر: إن وظيفة الناظر عند التفويض العام له حفظ الوقف و عمارته وتحصيل غلته وقسمتها على المستحقين، وعليه الاجتهاد في تنمية الوقف وحفظه لضمان استمراره.
4- عزل الناظر: اتفق الفقهاء على أنه للواقف عزل الناظر مطلقاً و تولية غيره كما يعزل الموكل وكيله.

توقيت الوقف.. لا يصح الوقف عند الجمهور غير المالكية بما يدل على التأقيت بمدة ولابد من اشتماله على معنى التأبيد

لا يصح الوقف عند الجمهور غير المالكية بما يدل على التأقيت بمدة، ولابد من اشتماله على معنى التأبيد، أما المالكية فلم يشترطوا التابيد في الوقف، وأجازوا الوقف سنة أو أكثر لأجل معلوم ثم يرجع ملكاً للواقف أو لغيره، توسعة على أهل الخير.
أما القانون المصري (م5) رقم (48 لسنة 1946) فإنه قسم الوقف من هذه الناحية إلى ثلاثة أقسام:
1- وقف لا يصح إلا مؤبداً، و تأقيته باطل: وهو وقف المسجد والوقف على المسجد، وهذا رأي الجمهور غير المالكية.
2- وقف يجوز كونه مؤقتاً و مؤبداً: وهو الوقف على غير المسجد، كالمشافي والملاجئ والمدارس والفقراء ونحو ذلك، وهذا مأخوذ من مذهب المالكية للتوسعة على الناس في عمل الخير.
3- وقف لا يكون إلا مؤقتأً و تأبيده باطل: وهو الوقف الأهلي، وهذا النوع ألغي فيما بعد.

حكم الوقف وزوال ملك الواقف.. إذا صح الوقف خرج عن ملك الواقف وصار حبيساً على حكم ملك الله تعالى ولم يدخل في ملك الموقوف عليه

المقصود بذلك الأثر المترتب على حدوث الوقف من جهة الواقف، وقد اختلف الفقهاء في حكم ذلك حسب ما سيأتي:
فعند أبي حنيفة: أثر الوقف وهو التبرع بالريع غير لازم، وتظل العين الموقوفة على ملك الواقف، فيجوز له التصرف بها كما يشاء، وإذا مات الواقف ورثها ورثته، و يجوز له الرجوع في وقفه متى شاء كما يجوز له أن يغير في مصارفه وشروطه كيفما يشاء.
وعند الصاحبين و برأيهما يفتى: إذا صح الوقف، خرج عن ملك الواقف، وصار حبيساً على حكم ملك الله تعالى، ولم يدخل في ملك الموقوف عليه.
ويرى المالكية: أن الموقوف يظل مملوكاً للواقف، لكن تكون المنفعة ملكاً لازماً للموقوف عليه، فهم كأبي حنيفة و دليلهم قوله صلى الله عليه و سلم "حبس الأصل، وسبّل الثمرة".
والأظهر في المذهب الشافعي: أن الملك في رقبة الموقوف ينتقل إلى الله تعالى، أي ينفك عن اختصاص الآدمي، فلا يكون للواقف ولا للموقوف عليه، ومنافعه للموقوف عليه.
وقال الحنابلة: إذا صح الوقف زال به ملك الواقف، لأنه سبب يزيل التصرف في الرقبة والمنفعة فهو كالعتق.

استخدامات النقود الموقوفة.. القرض (السلف). القراض (المضاربة). الإبضاع. استثمار المال النقدي الموقوف بدفعه قراضاً إلى من يتجر به على حصة من الربح ليتم تسبيل هذا الربح في مصارف الوقف

ذكر العلماء المجيزون لوقف النقود الصور الثلاث التالية:
1- القرض (السلف): وذلك بأن تقرض النقود لبعض المحتاجين، ثم تسترد منهم وتقرض لآخرين.
2- القراض (المضاربة) وذلك بان يتم استثمار المال النقدي الموقوف بدفعه قراضاً إلى من يتجر به على حصة من الربح، ليتم تسبيل هذا الربح في مصارف الوقف.
3- الإبضاع: وذلك بدفع المال النقدي لمن يتجر به، على أن يكون الربح كله لرب المال، ويصرف هذا الربح في مصارف الوقف.
إن الصورة الأولى هي الأفضل، وذلك لأن قرض النقود الموقوفة يجعلها مضمونة في ذمة المقترض ويمكن توثيقها بالإشهاد عليها والرهن والكفالة، وبذلك يتأكد بقاء أمثالها، وإذا عجز المقترض عن ردها لأسباب معتبرة فتكون، الأموال مضمونة من سهم الغارمين المذكور في آية الصدقات: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل) البقرة.
والسبب الثاني: هو عدم حاجة الصورة الأولى لكثير من العناء والجهد لإدارة هذا المال، وبالإضافة إلى صعوبة اختيار الشريك المضارب ومعرفة كفاءته وأمانته، وهذا أمر ضروري لأن المضارب لا يضمن رأس المال، فإذا ما خسرت تجارته ضاع المال.

مشروعية وقف النقود.. جواز وقف النقود بغية القرض أو بغية الاستثمار بحصة من الربح (القراض) والصرف منها على وجوه الوقف

بالنسبة لوقف النقود، فقد منعه الجمهور وأجازه المالكية وبعض الحنفية والحنابلة وسنستعرض فيما يلي آراء المجيزين ثم نرى رأي العلماء المعاصرين.
 المذهب الحنفي:
ذكر الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي: "أن متقدمي الحنفية أجازوا وقف الدنانير والدراهم والمكيل والموزون".
وقد ذكر في الفتاوى العتابية، القول بجواز وقفه (أي النقود) في موضع تعارفه أهله بناءً على قاعدة محمد: "وقف بقرة على رباط يشرب من لبنها أبناء السبيل قال: لا يجوز لأنه غير متعارف حتى لو كان في موضع تعارفوا ذلك يفتى بالجواز، قيل كيف؟ قال: الدراهم تقرض للفقراء وتدفع مضاربة ويتصدق بالربح، والحنطة تقرض للفقراء ثم تؤخذ منهم، والثياب والأكسية تعطى للفقراء ليلبسوها عند حاجتهم ثم تؤخذ". ويرى صاحب هذه المخطوطة، أن الحنفية قد قيدوا جواز وقف المنقولات بشكل عام بالعرف الجاري بالزمان والمكان، وفي رده على عدم إمكان الانتفاع بها(النقود) مع بقاء عينها قال: "قلت: نزل بقاء أمثالها منزلة بقاء أعيانها، وبذلك تم صدق التعريف وترتب الأحكام عليها، وإليه أشار بقوله: الدراهم تقرض للفقراء أو تدفع مضاربة ويتصدق بالأرباح، والحنطة تقرض للفقراء ثم تؤخذ منهم، فقد جعل بقاءه في ذمة المستقرض أو يد المضارب بمنزلة بقاء العين، فكأنه يشير بصورة الإقراض إلى انتفاع الفقير بعين الوقف، وبصورة المضاربة إلى الانتفاع بغلّته، وتحقيقه أنهم جعلوا القرض، إعارة وأقاموا رد المثل في ذلك مقام رد عين المأخوذ، لأن رد المثل قائم مقام رد العين حكما،ً ولهذا جاز استقراض الفضة ولو كان صرفاً بنسيئة، وذلك لا يجوز فيكن حبس أمثال النقود بمنزلة أعيانها، وبقاء أمثالها في أثناء الاستعمال في حكم بقاء أعيانها، إذا لا فرق بينهما فيما ير جع إلى المقصود."
المذهب المالكي:
يجوز وقف المنقول وغير المنقول عندهم، مؤقتاً ومؤبداً، فيجوز وقف الجميع من غير قيد الشرط.
وجاء في المدونة في فرع زكاة الأحباس للإمام مالك.
"أما ما تجب الزكاة في عينه ولا تجب في غلته إلا ما تجب فيه الزكاة من الفوائد وذلك: المواشي من الإبل والبقر والغنم والعين من الدنانير والدراهم وأتبارهما، فإذا كان ذلك محبساً موقوفاً للانتفاع بغلته في وجه من وجوه البر، فلا خلاف أن الزكاة تجب في جميع ذلك كل سنة"
وذكر في مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل:
" إذا فرضت فيما إذا قصد بوقف الطعام ونحوه، بقاء عينه فليس إلا المنع، لأنه تحجير من غير منفعة تعود على أحد، وذلك مما يؤدي إلى فساد الطعام المؤدي إلى إضاعة المال، وإن كان على معنى أنه أوقف للسلف إن احتاج إليه محتاج ثم يرد عوضه، فقد علمت أن مذهب المدونة وغيرها الجواز والقول بالكراهية ضعيف."
"وقال في الشامل: وفيها جواز وقف الدنانير والدراهم وحمل عليه الطعام وقيل يكره،(..) من حبس على رجل مئة دينار يتجر بها أمداً معلوماً ضمن نقصها وهي كسلف."
المذهب الحنبلي:
أجاز شيخ الإسلام ابن تيمية وقف النقود حيث قال:
"ولو قال الواقف: وقفت هذه الدراهم على قرض المحتاجين، لم يكن جواز هذا بعيداً، وإذا أطلق وقفاً لنقدين ونحوهما مما يمكن الانتفاع ببدله، فإن منع صحة هذا الوقف فيه نظر، خصوصاً على أصلنا فإنه يجوز عندنا بيع الوقف إذا تعطلت منفعته"
الفقهاء المعاصرون
الدكتور رفيق يونس المصري:
وقد ذكر ما نصه " الخلاصة فإني أرى جواز وقف النقود بغية القرض أو بغية الاستثمار بحصة من الربح (القراض)، والصرف منها على وجوه الوقف، أما وقف النقود بغية إيجارها لتزيين الحوانيت بها وما شابهه، فقد رأى بعض العلماء انه لا يجوز لأنه غرض كمالي لا يتلاءم مع الوقف الذي يراد به الإحسان."
الدكتور مصطفى الزرقا:
حيث قال:" ومن المنقول الذي تعارف الناس على وقفه مستقلاً فأصبح جائز وذكره الفقهاء وقف القدوم والفأس والقدور والجنائز وثيابها والأكسية الشتائية للفقراء والسفن والشجر والدراهم والدنانير وبعض أنواع الأموال الوزنية والكيلية كالقمح"
وربما كان هناك آخرون يجيزون لم يتسنى لي الاطلاع على آراءهم، غير أنني سألت مرة الدكتور عبد الستار أبو غدة في المؤتمر الأول للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في سورية المنعقد في 13-14/3/2006 في فندق مريديان دمشق عن مشروعية وقف النقود، فأجاب بجوازها.

القرض الحسن.. حالات يكون فيها المتعامل مع المصرف الإسلامي مضطرا للحصول على نقد لأي سبب من الأسباب فقد يحتاج نقودا للعلاج أو للتعليم أو للسفر

عرفنا أن المصارف الإسلامية لا تمنح المتعاملين معها قرضا بالمعنى الذي تقوم به المصارف التقليدية كما أنها لا تقوم بخصم الكمبيالات كما هو الحال في المصارف التقليدية، وذلك لأنه لا يجوز للمصرف تقاضي أية زيادة عن المبالغ الممنوحة في هذه الحالة فأيما قرض جرمنفعة فهو ربا. ولكن هناك حالات يكون فيها المتعامل مع المصرف الإسلامي مضطرا للحصول على نقد لأي سبب من الأسباب فقد يحتاج نقودا للعلاج أو للتعليم أو للسفر وغيرها وليس من المعقول أن لا يلبي المصرف الإسلامي حاجة هذا الزبون لسببين هما:
1- إن مصلحة هذا الزبون مرتبطة بالمصرف الإسلامي فهو يودع نقوده فيه ويشتري منه ويتعامل معه في جميع أموره المجدية مما يعني استفادة المصرف من الزبون.
2- أن هناك مسؤولية اجتماعية تقع على عاتق المصرف وهو مد يد العون والمساعدة للمجتمع الذي يعمل فيه وأهم ما يمكن أن يقحمه لأعضاء هذا المجتمع هنا هو إبعادهم عن الاقتراض بالفائدة لذلك يتم منح أي فرد من أفراد المجتمع المسلم هذا القرض سواء كان زبون المصرف أم لا.

البيع الآجل ( البيع بالتقسيط).. تسليم السلعة في الحال مقابل تأجيل سداد الثمن إلى وقت معلوم سواء كان التأجيل للثمن كله أو لجزء منه ويُسدد الجزء المؤجل من الثمن على دفعات وأقساط

البيع الآجل هو أن يتم تسليم السلعة في الحال مقابل تأجيل سداد الثمن إلى وقت معلوم سواء كان التأجيل للثمن كله أو لجزء منه، وعادة ما يُسدد الجزء المؤجل من الثمن على دفعات وأقساط، فإذا سُددت القيمة مرة واحدة في نهاية المدة المتفق عليها مع انتقال الملكية في البداية فهو بيع آجل، وإذاسُدد الثمن على دفعات من بداية تسلم الشيء المباع مع انتقال الملكية في نهاية فترة السداد فهو بيع بالتقسيط . وتسلك المصارف الإسلامية طريق البيع الآجل أو البيع بالتقسيط بثمن أكبر من الثمن الحالي في حالتين:
الحالة الأولى:
في معاملاتها مع التجار الذين لا يرغبون في استخدام أسلوب التمويل بالمشاركة، وهذه الطريقة هي البديل لعملية الشراء بتسهيلات في الدفع التي تمارسها المصارف التجارية.
الحالة الثانية:
في المعاملات التي يكون فيها المبلغ المؤجل كبيراً وطويل الأجل .ولقد تبين من الواقع العملي استخدام هذه الصيغة في مصرف فيصل الإسلامي السوداني لتمليك وسائل الانتاج الصغيرة للحرفيين مثل سيارات الأجرة، وهو ما يمارسه أيضاً مصرف ناصر الاجتماعي المصري. ومن أنسب المشروعات التي يمكن للمصارف الإسلامية تمويلها باستخدام هذا الأسلوب هو بيع الوحدات السكنية، فالبيع الآجل (التقسيط) في هذه الحالة هو البديل المناسب لسلفيات المباني بالفائدة التي تمارسها المصارف التقليدية.

الإجارة المنتهية بالتميلك.. التزام المستأجر أثناء فترة التأجير أو لدى انتهائها بشراء الأصل الرأسمالي مع تفاهم واضح بين طرفي العقد بشأن ثمن الشراء

إن صيغة التأجير المنتهي بالتملك هي الصيغة السائدة في المصارف الإسلامية، ويتضمن عقد الإيجار المنتهي بالتمليك التزام المستأجر أثناء فترة التأجير أو لدى انتهائها بشراء الأصل الرأسمالي، ويجب أن ينص في العقد بشكل واضح على إمكانية إقتناء المستأجر لهذا الأصل في أي وقت أثناء مدة التأجير أو حين إنتهائها.
كما ينبغي أن يكون هناك تفاهم واضح بين طرفي العقد بشأن ثمن الشراء، مع الأخذ بعين الإعتبار مجموع قيم الدفعات الإيجارية وتنزيلها من الثمن المتفق عليه ليصبح المستأجر مالكاً للأصل.

تعريف الإجارة.. عقد لازم على منفعة مقصودة قابلة للبذل والإباحة لمدة معلومة بعوض معلوم. صيغة تمويلية للتيسير على الراغب في تملك الأصول المعمرة مثل السيارات والعقارات والأصول ذات القيم المرتفعة

الإجارة من الناحية الشرعية هي عقد لازم على منفعة مقصودة قابلة للبذل والإباحة لمدة معلومة بعوض معلوم.
والإجازة المذكورة صورة مستحدثة من صور التمويل في ضوء عقد الإجارة، وفي إطار صيغة تمويلية شائعة تسمح بالتيسير على الراغب في تملك الأصول المعمرة مثل السيارات والعقارات والأصول ذات القيم المرتفعة، ويمكن أن يستفيد منها العملاء بمختلف شرائحهم.

شروط التورق.. تمكين المصرف عميله من قبض السلع ونقلها إلى أي مكان يشاء أو بيعها لمن شاء مباشرة أو توكيلاً

شروط التورق:
1- لا يمكن للمصرف أن يقوم ببيع السلع (نقداً أو أجلاً) للعميل قبل شرائها.
2- يمكن أن يتم الشراء نقداً او مؤجلاً أو على أقساط، وهذا لايؤثر في صحة العقد شريطة أن يكون الثمن محدداً ومعلوماً لكلا الطرفين عند توقيع عقد البيع.
3- يجب أن تكون السلعة التي سيشتريها العميل موجودة في مخازن البائع في لحظة إتمام عملية البيع، ويفضل أن يقوم المشتري بمعاينتها بنفسه للتأكد من تواجدها.
4- يمكن للعميل توكيل المصرف لبيع السلعة التي اشتراها بدلاً منه، إلا ان التوكيل يجب أن يحصل عند توقيع العقد أو بعده، ولايجوز أن يشترط المصرف توكيله ببيع السلعة في العقد، حيث أن العقد والوكالة مختلفان عن بعضهما.
5- يجب ان يتم دفع قيمة السلعة كاملة، ولايمكن للمصرف أن يقوم بإتمام عملية البيع للعميل قبل قبض ثمنها كاملاً.
6- في حالة وجود العديد من السلع في المخازن التابعة  للمصرف، فإنه يلزم أن يتم تحديد السلعة التي سيتم بيعها للعميل في كل مرة، وعند بيعها لطرف آخر فإنه يجب أن يتم تحديدها أيضاً تحديداً واضحاً لا لبس فيه.
7- يجب أن يمكن المصرف عميله من قبض السلع إن طلب ذلك، وأن ينقلها إلى أي مكان يشاء أو بيعها لمن شاء مباشرة أو توكيلاً، كما أنه يمكن أن يوكل المصرف عنه في ذلك إذا شاء.

شروط الاستصناع.. تنفيذ تمويل الاستصناع لشراء أي سلعة مصنعة ومباحة مع خدمات ما بعد البيع التي تقدم عادة مع السلعة المصنعة كالصيانة والضمان

شروط الاستصناع:
1- يلتزم المصرف بتزويد العميل بالسلعة التي تم الإتفاق عليها عبر عقد الإستصناع.
2- يجب أن يكون المبلغ الكلي للاستصناع معلوماً لدى المستصنع والمصرف.
3- يمكن تنفيذ تمويل الاستصناع لشراء أي سلعة مصنعة ومباحة وتحمل أوصافاً معينة ومحددة، وهذا لا يلزم العميل بأية التزامات للصانع حيث أن اتفاقه يكون مع جهة التمويل (المصرف).
4- يلتزم المصرف بتسليم السلعة المصنعة لعميله، ويمكن أن يوكل طرفاً ثالثاً للقيام بالتصنيع، ولايجوز للعميل(المستصنع) المشاركة في صنع السلعة المصنعة، حيث أن ذلك من مسؤولية الصانع بشكل كامل، إلا في حالة المساهمة بالأرض للبناء عليها.
5- يمكن الاتفاق بين العميل والمصرف، بأن يقوم الأول إما بدفع المبلغ الكلي للاستصناع للطرف الثاني عند توقيع العقد، أو على أقساط في مدة محددة يتم الاتفاق عليها بين الطرفين.
6- لا يتم تغيير قيمة عقد الاستصناع إلا إذا طلب العميل تغيير المواصفات ووافق المصرف على ذلك، حيث يلزم توقيع عقد جديد يتم فيه تحديد القيمة الجديدة زيادة أو نقصان.
7- يمكن أن يقوم المستصنع بالإشراف على عملية صناعة السلعة بنفسه أو يوكل من ينوب عنه (كجهة استشارية) للتأكد من مطابقة السلعة المصنعة أثناء عملية تصنيعها للمواصفات التي اتفق عليها المصرف، على ألا ينشأ عن ذلك أي التزام بينهما ( بين المستصنع والصانع).
8- يمكن أن يقوم المصرف نيابة عن عميله (المستصنع)، في حال حصوله على توكيل منه ببيع السلعة المصنعة إلى طرف آخر، كما يمكن أن يوكل الصانع من قبل المصرف للقيام بهذه المهمة أيضاً.
9- يمكن أن يتضمن عقد الاستصناع خدمات ما بعد البيع التي تقدم عادة مع السلعة المصنعة، كالصيانة والضمان.

الاستصناع.. عقد يشتري به في الحال شيء مما يصنع صنعاً يلتزم البائع بتقديمه مصنوعاً بمواد من عنده بأوصاف مخصوصة وثمن محدد

الاستصناع في اللغة طلب الصنعة، وهو عمل الصانع في حرفته ومصدر استصنع الشيء، أي دعا إلى صنعه.
أما في الإصطلاح فهو عقد يشتري به في الحال شيء مما يصنع صنعاً يلتزم البائع بتقديمه مصنوعاً بمواد من عنده بأوصاف مخصوصة وثمن محدد، وللمؤسسة المالية أن تقوم بتوسيط نفسها لدفع قيمة السلعة المصنعة للصانع بدلاً من العميل، وبعد الإنتهاء من التصنيع يقوم البنك ببيعها لعميله لقاء ما دفعه في تصنيعها زائد ربح.

شروط السلم (بيع السلف).. فسخ العقد عند حصول تأخير أو عجز من قبل البائع في تسليم السلعة. توكيل المصرف بائع السلعة لاستلامها بدلاً منه عند حلول أجل التسليم

شروط السلم:
1- يجوز إجراء عقد السلم لشراء كل سلعة مباحة.
2- لا يجوز تقديم عربون قبل إجراء التعاقد، بل يجب سداد كامل المبلغ عند التعاقد.
3- يمكن تأخير سداد الثمن لمدة ثلاثة أيام، إذا تم الاتفاق على ذلك أو قضى العرف بذلك.
4- يجب أن تكون السلعة محددة الصفات والمعالم والكمية بشكل لايجعل مجال للتشابه مع غيرها بأي شكل من الأشكال.
5- يجب أن يذكر مكان التسليم في عقد السلم.
6- يجب أن يتم تحديد أجل عقد السلم، والذي يلزم البائع بتسليم السلعة المتعاقد عليها عند حلول أجل العقد.
7- إذا حصل تأخير أو عجز من قبل البائع في تسليم السلعة، فإن العقد يعد مفسوخاً، مالم يتفق الطرفين على تمديد العقد بشرط ألا يدفع أي عوض نظير ذلك.
8- لا يجوز للمصرف أن يبيع بالسلم سلعة اشتراها بالسلم.
9- يمكن أن يوكل المصرف بائع السلعة لاستلامها بدلاً منه عند حلول أجل التسليم، كما يمكن للبائع أن يقوم ببيعها لصالح المصرف إذا طلب منه ذلك.

بيع السلم (السلف).. بيع شيء يقبض ثمنه مالا ويؤجل تسليمه إلى فترة قادمة. إقراض المصرف المال للمنتجين ويسدد القرض لا بالمال النقدي ولكن بمنتجات

بيع السلم هو بيع شيء يقبض ثمنه مالا ويؤجل تسليمه إلى فترة قادمة وقد يسمى بيع السلف. فصاحب رأس المال يحتاج أن يشتري السلعة وصاحب السلعة يحتاج إلى ثمنها مقدما لينفقه في سلعته.
وبهذا نجد أن المصرف أو أي تاجر يمكن له أن يقرض المال للمنتجين ويسدد القرض لا بالمال النقدي لأنه سيكون (قرض بالفائدة)، ولكن بمنتجات مما يجعلنا أمام بيع سلم يسمح للمصرف أو للتاجر بربح مشروع ويقوم المصرف بتصريف المنتجات والبضائع التي  يحصل عليها وهو بهذا لا يكون تاجر نقد وائتمان بل تاجر حقيقي يعترف الإسلام بمشروعيته  وتجارته.
وبالتالي يصبح المصرف الإسلامي ليس مجرد مشروع يتسلم الأموال بفائدة لكي يوزعها بفائدة أعلى ولكن يكون له طابع خاص حيث يحصل على الأموال ليتاجر ويضارب ويساهم بها.

ضوابط الاستثمار عن طريق بيع المرابحة للآمر بالشراء.. تحديد مواصفات السلعة وألا يكون الثمن في العقد الأول مقابلاً بجنسه من أموال الربا

ضوابط الاستثمار عن طريق بيع المرابحة للآمر بالشراء:
1- تحديد مواصفات السلعة وزناً أو عداً أو كيلاً أو وصفاً تحديداً نافياً للجهالة.
2- أن يعلم المشتري الثاني بثمن السلعة الأول التي أشترى بها البائع الثاني (المشتري الأول).
3- أن يكون الربح معلوماً لأنه بعض من الثمن سواء كان مبلغاً محدداً أو نسبة من ثمن السلعة معلوم.
4- أن يكون العقد الأول صحيحاً.
5- ألا يكون الثمن في العقد الأول مقابلاً بجنسه من أموال الربا.
6- أن يتفق الطرفان على باقي شروط المواعدة من زمان ومكان وكيفية التسليم.

كيفية اقتسام الربح في المضاربة المشتركة.. تأخذ الأموال الخاصة للمصارف حصتها وأموال الودائع تأخذ حظها من الربح بنفس النسبة التي تأخذ بها أموال الودائع الاستثمارية التي تخلط بإذن أصحابها

عند اقتسام أرباح عمليات المضاربة تأخذ الأموال الخاصة للمصارف حصتها وأموال الودائع - الحساب الجاري - تأخذ حظها من الربح بنفس النسبة التي تأخذ بها أموال الودائع الاستثمارية التي تخلط بإذن أصحابها، وتجري عمليات المضاربة بها بواسطة المصرف مباشرة أو عن طريق دفعها لآخرين، ويمتلك المصرف نصيب إستغلال الحسابات الجارية من غير أن يشترك معه أصحاب الودائع الاستثمارية، بإعتبارها أموالاً مضمونة في ذمته، على أن يتحمل المصرف التكاليف الخاصة بالمضاربة.

المضاربة المشتركة ومراحل تنفيذها.. عرض المصرف الإسلامي على أصحاب الأموال استثمار مدخراتهم عند أصحاب المشروعات الاستثمارية وتوزيع الأرباح بين الأطراف الثلاثة والخسارة على صاحب المال

- توصيف المضاربة المشتركة:
 هي أن يعرض المصرف الإسلامي ـ بإعتباره مضاربا ـ على أصحاب الأموال استثمار مدخراتهم، كما يعرض المصرف ـ بإعتباره وكيل عن أصحاب الأموال ـ على أصحاب المشروعات الاستثمارية استثمار تلك الأموال، على أن توزع الأرباح حسب الإتفاق بين الأطراف الثلاثة، والخسارة على صاحب المال.
- مراحل تنفيذ المضاربة المشتركة:
أ‌- يتقدم أصحاب رؤوس الأموال بمدخراتهم بصورة فردية إلى المصرف الإسلامي، وذلك لاستثمارها لهم في المجالات المناسبة.
ب‌- يقوم المصرف بدراسة فرص الاستثمار المتاحة والمرشحة للتمويل.
ت‌- يخلط المصرف أموال أصحاب رؤوس الأموال ويدفع بها إلى المستثمرين كل على حدة، وبالتالي تنعقد مجموعة شركات المضاربة الثنائية بين المصرف والمستثمر.
ث‌- تحسب الأرباح في كل سنة بناءً على ما يسمى بالتنضيض التقديري أوالتقويم لموجودات الشركة بعد حسم النفقات.
ج‌- توزع الأرباح بين الأطراف الثلاثة، صاحب رأس المال، المصرف، المضارب.

إنشاء المصارف إسلامية.. تقديم خدمات الاكتتاب العام وزيادة رأس المال بضمان الإصدارات أو تغطية المتبقي من أسهم الاكتتاب للجهات التي تعمل وفقاً للشريعة الإسلامية

بدأت أولى الدعوات الجادة والمؤثرة لإنشاء المصارف الإسلامية في عقد الستينيات من القرن الماضي، فقد كان لقرارات مجمع البحوث الإسلامية التي صدرت عن مؤتمره الثاني الذي إنعقد في العام 1965 الذي حضره ممثلون عن خمس وثلاثين دولة إسلامية وفتوى علماء الأزهر عام 1965، وكذلك قرارات المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي الأثر الكبير في إطلاق الضوء الأخضر لإنشاء أعمال مصرفية إسلامية، هذه القرارات والتوصيات التي صدرت عن هذه الجهات أدت إلى تشجيع المستثمرين على القيام بخطوة إنشاء مصارف إسلامية في مختلف الدول العربية والإسلامية. وقد ركزت تلك القرارات والتوصيات على ستة نقاط رئيسية هي:
1- ضرورة استخدام صيغ التمويل الإسلامية في المعاملات المصرفية بدلاً من الصيغ التقليدية، مثل المرابحة، المشاركة، المضاربة والاجارة وغيرها.
2- القيام بإنشاء وإدارة الصناديق الإستثمارية وطرح وحداتها عبر صكوك وسندات تتماشى والصيغ الإسلامية ، على أن تدار جميع أنشطتها في كل مراحلها بما يتوافق مع الشريعة.
3- الشراكة والمساهمة مع الشركات المالية والتجارية الأخرى التي تعمل طبقاً للصيغ الإسلامية لخلق بيئة متكاملة من التعاملات المالية والتجارية الإسلامية .
4- تشجيع المصارف على تقديم خدمات عمليات البيع والشراء للأسهم والصكوك في السوق الثانوية، شرط أن يكون مصدر هذه الأسهم والصكوك ملتزماً في نشاطاته مع الشريعة.
5- تشجيع المصارف على تقديم خدمات الاكتتاب العام وزيادة رأس المال بضمان الإصدارات أو تغطية المتبقي من أسهم الاكتتاب للجهات التي تعمل وفقاً للشريعة الإسلامية، ويمكن أن يكون ذلك عبر الحصول على عمولة معلومة مقابل تكاليف تحصيل القيمة أو أية دراسات أو حملات تسويقية قد يجريها المصرف.
6- تسهيل عمليات قيام المصارف الإسلامية بإنشاء شركات تابعة لها لمساندتها في تنفيذ أعمالها كعمليات الوساطة في الأسواق المالية وأعمال التمويل والتأجير وإدارة الأصول.
وبدأت المصارف بعد هذه الفترة في الإنتشار عبر ثلاث مراحل خلال القرن العشرين ، فبدأت المرحلة الأولى من العام 1971 حتى  1980. والتي تمثلت البداية الحقيقة لفكرة إنشاء المصارف الإسلامية الرسمية بالمنطقة العربية في عام 1971 من خلال تجربة تأسيس بنك ناصر الإجتماعي في مصر، حيث نص القانون المصري على عدم تعامله بالفائدة وهو أول المصارف التي طرحت تلك الفكرة، وتبعه بأربع سنوات تأسيس أول نماذج المصارف الإسلامية وأهمها في منطقة الخليج العربي وهو بنك دبي الإسلامي في الإمارات عام 1975، وتوالت بعد ذلك المصارف الإسلامية في الكثير من البلدان العربية والإسلامية.
وتقوم هذه المصارف بعمليات متنوعة تساعد كلها على تدعيم تنمية المجتمع، ومن أبرز هذه العمليات عمليات استثمارية للأموال المودعة لديها والاستثمار يعني (استخدام الأموال الفائضة بغرض الحصول على ربح عبر فترة من الزمن). إن الاستثمار بلا شك يعد من الأعمال المشروعة التي يقرها ديننا الحنيف بل يرغب فيها إلا أن ذلك مقيد بأن تكون أسس الاستثمار مشروعة. وقد سيطرت الأعمال المصرفية الإسلامية على نسبة كبيرة من التعاملات المالية في العديد من الدول الإسلامية، فعلى مستوى المنطقة العربية مثلاً نجد أن هناك العديد من المصارف التقليدية التي تحولت إلى المصرفية الإسلامية في جميع تعاملاتها، كما أن النسبة الكبرى من المصارف التي تم إنشاؤها في المنطقة العربية خلال العشرين سنة الماضية هي مصارف إسلامية. من جانب آخر تحقق المنتجات المصرفية أيضاً تقدماً ملحوظاً لدى المؤسسات المالية العربية التقليدية. أما على المستوى العالمي فنجد أن هناك العديد من المصارف في أوروبا تقوم بتقديم بعض المنتجات الإسلامية على الرغم من عدم إتباع مصارفها المركزية وأنظمتها المالية المحلية للأنظمة المالية الإسلامية، ويرجع هذا النمو المتزايد لهذه الأعمال إلى طلب العملاء للتعامل بها وكذلك ارتفاع العائد منها وإنخفاض مستوى المخاطرة فيها مقارنة بالمصرفية التقليدية.

التقنية عند هربرت ماركوز.. الإخضاع المكثف بالخضوع للآلة ولأسياد الآلة المتحكمين بها حيث تغيب حرية الفرد ويصير الخضوع واللاحرية أمرا مشرعا

في كتابه "الإنسان ذو البعد الواحد" الصادر عام 1964، يحذر هربرت ماركوز من خطر التقنية التي تسير باتجاه إخضاع الإنسان والسيطرة عليه.
توسع التقنية أسباب الراحة أمام الحياة، كما تسرِّع من إنتاجية العمل وتحسنه.
تتحدى التقنية الإنسان، وتبرهن استحالة أن يعيش مستقلاً أو منفرداً أو معزولاً عنها.
تصير التقنية ضرورة من ضروراتها. لا يستغني الإنسان عن العيش بدونها. لذلك فهي تسيطر عليه وتخضعه لها. وهو ما يسميه ماركوز بالإخضاع المكثف.
إنه الخضوع للآلة ولأسياد الآلة المتحكمين بها. في هذا الـ(لا استغناء)، تغيب حرية الفرد ويصير الخضوع واللاحرية أمراً مشرعاً.
يقول ماركوز "ما أحاول أن استخلصه هو أن العلم قد رسم صورة العالم. وفيه بقيت السيطرة على الطبيعة مرتبطة بالسيطرة على الانسان".
لقد نجحت التقنية في أن تصنع إنسانا على مقاسها الخاص، كما يظن ماركوز، وأفقدته أن تكون له ميزات خاصة به. فجعلت منه إنساناً مقلدا، مستهلكا، متماهيا معها.

السكان ونمط الاستيطان في مدينة الرياض.. غياب وجود تسلسل هرمي متوازن للمراكز الحضرية على مستوى المنطقة

تنقسم المملكة العربية السعودية إداريا إلى 13 منطقة، وتمثل منطقة الرياض إحدى هذه المناطق، وتشير نتائج تعداد السكان لعام 1413هـ (1992م) أن إجمالي سكان المملكة قد بلغ 16,948,388 مليون نسمة. وقد بلغ إجمالي سكان منطقة الرياض 3,834,986 نسمة ممثلا بذلك 22,6% من إجمالي سكان المملكة.
ويوجد بمنطقة الرياض 60 تجمعا سكانيا يزيد تعداد كل منها عن 2400 نسمة. أما التجمعات السكانية الحضرية التي يزيد تعداد سـكان كل منها عن 5,000 نسمـة فبلغت 32 تجمعا سكانيا، ويبلغ إجمالي تعداد سكانها 3,360,177 نسمة.
الجدول: التجمعات الحضرية التي يزيد حجم سكانها عن 2400 نسمة بمنطقة الرياض لعام 1413هـ.

عدد المدن
عـدد السكان
أكثر من مليون نسمة
1
2,776,096
500 - أقل من مليون
-
-
100- اقل من 500 ألف
1
152,071
50- لأقل من 100 ألف
-
-
25 - لأقل من 50  ألف
5
166,688
10 - لأقل من 25  ألف
12
179,509
5 - لأقل من 10  ألف
13
85,813
2400 لأقل من 500 ألف
28
97,474
الإجمالي
60
3,457,651
المصدر: التعداد العام للسكان لعام 1413هـ.
ويتضح من الجدول رقم أن سكان مدينة الرياض يمثل 72,4% من إجمالي سكان المنطقة، وأنها أيضا تستحوذ على 80% من إجمالي سكان التجمعات السكانية التي يزيد حجمها عن 2400 نسمة. ومن الواضح أيضا غياب وجود تسلسل هرمي متوازن للمراكز الحضرية على مستوى المنطقة حيث لا يزيد إجمالي تعداد سكان المدن الثلاث التي تلي مدينة الرياض في الحجم، وهي الخرج والزلفي والدوادمي، عن 8,3% من إجمالي سكان مدينة الرياض. هذا وقد بلغ معدل نمو السكان في مدينة الرياض خلال الفترة 1974-1992م ما يفوق 7% سنويا. وهذا المعدل يزيد عن ضعف معدل النمو الطبيعي السنوي للسكان على مستوى المملكة خلال نفس الفترة. ويعتبر ذلك دليلا واضحا على استمرار مدينة الرياض في استقطاب السكان من المناطق الريفية المجاورة والمدن الصغيرة.

تصنيف محاور التنمية.. تعزيز الترابط الوظيفي والإنتاجي بين أجزاء الحيز الوطني والانتشار التدريجي للتنمية من مراكز الاستقطاب الحالية إلى المناطق الأقل نموا

صنفت الاستراتيجية العمرانية الوطنية محاور التنمية العمرانية وفقا لإمكانات ومقومات التنمية بمناطق المملكة العربية السعودية إلى محاور تنمية رئيسية قائمة ومحاور تنمية ثانوية في حيز التكوين ومحاور للتنمية العمرانية يقترح استحداثها على المدى الطويل، وشملت محاور التنمية الرئيسية القائمة، على سبيل المثال ثلاثة محاور تنموية قائمة تمتد من المدن الرئيسية التي نالت قسطا كبيرا من التنمية، وهي:
أ- محور التنمية الرئيسي الممتد من مدينة الرياض باتجاه منطقة القصيم وحائل وتبوك شمالا وباتجاه وادي الدواسر حتى نجران جنوبا.
ب- محور التنمية الرئيسي الممتد من حاضرة الدمام ومدينة الجبيل تجاه حفر الباطن ورفحا وعرعر شمالا وتجاه الهفوف جنوبا.
ج- محور التنمية الممتد من جده إلى جيزان جنوبا وضبا شمالا على امتداد السهل الساحلي الغربي للمملكة.
د- محور التنمية الممتد من مكة المكرمة جنوبا تجاه نجران وشمالا تجاه تبوك على امتداد مرتفعات تهامة.
وبالإضافة إلى المحاور التنموية القائمة استعرضت الاستراتيجية العمرانية الوطنية محاور تنموية أخرى ثانوية وفي حيز التكوين تمتد من شرق إلى غرب المملكة.
وخلصت الاستراتيجية العمرانية الوطنية إلى أن المدن الجديدة ستكون هي الأداة الرئيسية في تفعيل محاور التنمية وتعزيز الترابط الوظيفي والإنتاجي بين أجزاء الحيز الوطني والانتشار التدريجي للتنمية من مراكز الاستقطاب الحالية المتمثلة في المدن الكبرى إلى المناطق الأقل نموا. وأن هذه المدن الجديدة ستنبع أساسا من أنوية قائمة Existing Nuclei تتمثل في التجمعات السكانية الحالية في مدن صغيرة ومتوسطة ذات إمكانات تنموية وذلك بهدف الاستفادة من إمكاناتها الحالية.

مزايا محاور التنمية.. تحقيق التكامل بين المستويات التخطيطية والأنشطة القطاعية. ديناميكية العلاقة بين المراكز الحضرية والمناطق الريفية المجاورة

تتمثل مزايا محاور التنمية فيما يلي:
أ- تأخذ محاور التنمية في الاعتبار ديناميكية العلاقة بين المراكز الحضرية والمناطق الريفية المجاورة، حيث أثبتت التجارب أن التنمية العمرانية التي تركز على المدن الكبرى في توفير الخدمات للسكان دون الأخذ في الاعتبار العلاقات المتبادلة بين هذه المدن والمناطق الريفية عادة ما تنتهي بتحيز التنمية لصالح المدن الكبرى على حساب المناطق الريفية، أو ما يسميها المتخصصين Dominance-Dependency Relationship.
ب تؤكد فكرة محاور التنمية على أن تحقيق التنمية المستدامة من خلال تعزيز دور وإمكانات المدن المتوسطة والصغيرة لا يمكن تحقيقه دون العمل على استغلال الموارد المتاحة بالمناطق المجاورة لهذه المدن والتي يعتمد عليها توسع أنشطتها.
ج- أن استهداف المدن المتوسطة والصغيرة داخل محاور التنمية هو لكسر حلقة تركز الأنشطة Polarization في عدد محدود من المدن الكبرى.
د- أن توجيه التنمية العمرانية من خلال محاور للتنمية يسمح بتحقيق التكامل بين المستويات التخطيطية والأنشطة القطاعية.
هـ - أن توجيه التنمية من خلال محاور للتنمية لمجموعة من المدن الصغيرة والمتوسطة بدلا من مدينة واحدة يسمح باقتراح خليط متوازن ومتكامل من برامج التنمية، منها الموجه لتحسين هياكل البنية الأساسية لبعض المدن، ومنها الموجه للمشاريع التنموية لتحسين فرص التنمية الاقتصادية ببعض المدن الأخرى، وبهــذا يمكن تلاشي السلبيات التي تترتب على اقتراح مشروع أو مشروعين للتنمية قد لا يكون بينهما صلة Fragmented Development في مركز حضري واحد مما قد لا يترتب على تنفيذها أي اثر ملموس على الحيز المكاني ككل. هذا وقد  أثبتت التجارب أن المشروعات الموجهة لتحسين البنية الأساسية إذا ما نفذت دون غيرها Shaped in Isolation عادة لا توفر المناخ المناسب لجذب الاستثمارات أو إيجاد ترتيب مكاني أفضل للأنشطة الاقتصادية.

محاور التنمية العمرانية وأساسها النظري.. ترجمة تطبيقية لنموذج التنمية الإقليمية الذي استحدث لمواجهة المشاكل الحقيقية للتنمية الإقليمية في الحيز الجغرافي

تمثل محاور التنمية العمرانية مدخلا أكثر شمولية لتحقيق التنمية المتوازنة. هذا وقد تبين من دراسات الوضع الراهن للتنمية العمرانية بالمملكة العربية السعودية أن المواءمة بين كفاءة استخدام الموارد والتنمية المتوازنة لا يمكن أن تتحقق ما لم ينظر إلى أجزاء الحيز الوطني بصورة أشمل، وما لم يتم الانتشار الجغرافي للتنمية بصورة تدريجية من المراكز الحضرية المتطورة إلى المناطق القريبة الأقل نموا. وأن محاور التنمية هي أفضل السبل لتحقيق ذلك الانتشار في ظل الأوضاع الراهنة. وتبين أنه يوجد تركز في الأنشطة الاقتصادية والسكان في ثلاثة محاور رئيسية قائمة، وهي محور المنطقة الشرقية ومحور المنطقة الوسطى ومحور المنطقة الغربية، مما يؤيد ملاءمة مفهوم محاور التنمية لظروف المملكة.
ومحور التنمية هو الحيز المكاني الذي تتوفر فيه مقومات تنويع الأنشطة الإنتاجية والخدمية، وتشمل هذه المقومات وجود المستوطنات والتجمعات السكانية ذات الأحجام المختلفة وطرق المواصلات التي تربط بينها والمرافق والخدمات والأنشطة الاقتصادية المتنوعة التي يمكن أن تساند بعضها البعض بما يضمن استمرارية التنمية على المدى الطويل وانتشارها تدريجيا من المناطق الأكثر نموا إلى المناطق الأقل نموا من خلال التسلسل الهرمي للتجمعات السكانية.
ويتمثل الأساس النظري لمحاور التنمية في أنها ترجمة تطبيقية لنموذج التنمية الإقليمية الذي استحدث لمواجهة المشاكل الحقيقية للتنمية الإقليمية في الحيز الجغرافي، وأهمها نمو المدن الكبرى على حساب المناطق المجاورة، وذلك نتيجة لقدرة المدن الكبرى على جذب فرص التنمية من المناطق المجاورة Back Wash Effects. وقد بنى هــذا النمــوذج، الــذي يأخـذ في الاعتبار تداخل العلاقات بين المراكز الحضرية والمناطــق الريفية، على أهمية توجيه التنمية لنقط توطن Location Points في الحــيزات الجغرافيــة بـين المدن الكبرى من خلال مراكز للتنمية تمثل نقط تركز Nodal Points يتم من خلالها تفاعل التنمية في الحيز المكاني لمحور التنمية.

المدن الجديدة من منظور الاستراتيجية العمرانية الوطنية.. توخي الكفاءة في استخدام الموارد وتحقيق التنمية المتوازنة وتعزيز الترابط الوظيفي والإنتاجي بين مختلف أجزاء الحيز الوطني

بهدف تفادي المشكلات المترتبة على التوسع العمراني غير المنظم واستمرار استقطاب المدن الكبرى بالمملكة ومنها مدينة الرياض، لنسبة عالية من الزيادات السكانية بالمملكة، وبهدف توجيه وترشيد التنمية العمرانية، فقد وضعت وزارة الشؤون البلدية والقروية إطارا يحدد توجهات التنمية العمرانية على الحيز الوطني على المدى الطويل وبما يحقق الأهداف التنموية الواردة بخطط التنمية الوطنية، وأهمها: توخي الكفاءة في استخدام الموارد وتحقيق التنمية المتوازنة.
وتمثل الاستراتيجية العمرانية الوطنية التوجه العام والتصور المستقبلي لما يجب أن يكون عليه التوزيع المكاني للتنمية العمرانية على الحيز المكاني الوطني. وتؤكد الاستراتيجية على أن الخلل القائم في التوزيع المكاني للتنمية العمرانية والسكان على مستوى المدن وبين مناطق المملكة ليس وليد الساعة، بل هو نتاج تراكمات طويلة، وأن علاج هذا الخلل سيتطلب زمنا طويلا. وإن لم يبدأ العمل بتبني سياسات لإصلاح ذلك الخلل فستستمر المدن الكبرى بالمملكة، ومنها مدينة الرياض، في استقطاب السكان من المناطق الريفية والمدن الصغيرة، وسيزداد حجم هذه المدن لدرجة يصعب معه إدارتها وستزداد تكلفة توفير المرافق والخدمات وصيانتها إضافة إلى المشكلات البيئية.
وبالأخذ في الاعتبار هذه الأهداف والأوضاع الراهنة المتمثلة في التوزيع الحالي للسكان والتجهيزات الأساسية والفوارق القائمة بين المناطق من حيث الموارد والإمكانات ومستويات ومعوقات النمو تم طرح تصورين بديلين للتنمية العمرانية الشاملة بالمملكة. استند التصور الأول على أن تحقيق الكفاءة في استخدام الموارد والمرافق وتعزيز فرص النمو الاقتصادي سيتطلب تركيز التنمية العمرانية مستقبلا بعدد محدود من المراكز الحضرية الرئيسية، وهي: الرياض، جدة، مكة المكرمة، وحاضرة الدمام، والطائف والتجمعات السكانية المجاورة لهما لما لهذه التجمعات من مزايا نسبية. أما التصور الثاني فقد خلص إلى أن تحقيق المزيد من التنمية المتوازنة على الحيز المكاني الوطني سيتطلب نشر التنمية العمرانية مستقبلا بمناطق بعيدة عن المراكز الحضرية الرئيسية وخاصة بالمناطق الشمالية والجنوبية الغربية بالمملكة.
وتبين من الدراسات التحليلية أيضا أن أيا من التصورين ليس بمقدوره منفردا تحقيق الأهداف الوطنية مجتمعة والمتمثلة في الكفاءة في استخدام الموارد والمرافق الموجودة وتحقيق التنمية المتوازنة. وبالتالي كان لابد من التفكير في أسلوب عملي للمواءمة بين كلا التصورين بحيث يتحقق على المدى الطويل الاستغلال الأمثل للموارد والمرافق من ناحية والتنمية المتوازنة من ناحية أخرى. وتبين أن ذلك يمكن تحقيقه من خلال تعزيز الترابط الوظيفي والإنتاجي بين مختلف أجزاء الحيز الوطني والانتشار التدريجي للتنمية من مراكز الاستقطاب الحضرية الحالية إلى المناطـق الأقـل نمـوا عـن طريق تدعيم مراكز للنمو (حضرية وريفية) يتم اختيارها ضمن محاور للتنمية العمرانية Development Corridors تغطي  الحيز المكاني للمملكة ككل.

تنويع القاعدة الاقتصادية وزيادة القيمة المضافة في المدن الجديدة.. إنشاء صناعات أساسية وثانوية ذات كلفة استثمارية عالية تعتمد على المواد الهيدروكربونية توفر منتجات ذات قيمة تصديرية عالية

انتهجت المملكة العربية السعودية أسلوب التخطيط الوطني الشامل منذ بداية السبعينيات الميلادية. ويمثل تنويع القاعدة الاقتصادية وتقليل الاعتماد على النفط الخام أحد أهم الأسس الاستراتيجية لمسيرة التخطيط الوطني الشامل.
ومن هذا المنطلق تمت إقامة أكبر مدينتين صناعيتين في الشرق الأوسط في منطقة الجبيل وينبع، وذلك بهدف زيادة القيمة المضافة للبترول الخام وتحويله إلى منتجات ذات قيمة تصديرية عالية. وقد تم إنشاء صناعات أساسية وثانوية ذات كلفة استثمارية عالية تعتمد على المواد الهيدروكربونية توفر منتجات ذات قيمة تصديرية عالية تفوق القيمة التصديرية للمواد الخام.
وفتحت هذه الصناعات مجالا رحبا للقطاع الخاص للاستثمار في مجال الصناعات الثانوية والمساندة في مختلف مناطق المملكة نظرا لما توفره الصناعات الأساسية من مدخلات ومنتوجات نصف مصنعة تسمح بتواجد صناعات ثانوية ومساندة.
وكان لنشأة هذه المدن الصناعية الجديدة أثر واضح وملموس على تكامل الفعاليات الإنمائية للقطاعين العام والخاص.
هذا بالإضافة إلى دعم جهود التنمية الإقليمية على امتداد الخليج العربي وساحل البحر الأحمر.
وتشير بيانات آخر تعداد عام للسكان لعام 1992م أن إجمالي سكان المـدن الصناعية للجبيل وينبع قد بلغ 79,000 و36,000 نسمة على التوالي.

الأغراض العسكرية للمدن الجديدة.. توفير جميع معطيات الاستقرار والطمأنينة للعاملين في القطاعات العسكرية. نمط جديد من أنماط التوسع العمراني

تمثل أحد أهداف إقامة المدن العسكرية توفير جميع معطيات الاستقرار والطمأنينة للعاملين في القطاعات العسكرية. وكان لإنشاء المدن العسكرية الجديدة بما تطلبته من تجهيزات أساسية وخدمات أثر كبير على تنمية ودعم مدن قائمة واستحداث مجتمعات جديدة، حيث شجعت هذه المدن على توجيه استثمارات القطاع الخاص في أنشطة وخدمات مساندة ووفرت فرص عمل للكثير من الأهالي مما انعكس إيجابيا على تطوير المناطق المجاورة.
ويمكن القول إن إنشاء المدن والثكنات العسكرية خلال فترة السبعينيات الميلادية قد أعطى دفعة قوية للاقتصاد الوطني حيث أحدثت طفرة في قطاع التشييد والبناء.
وأصبحت المدن العسكرية في المملكة العربية السعودية تمثل نمطا جديدا من أنماط التوسع العمراني بالمملكة.

تطوير نمط التنمية العمرانية في المدن الجديدة.. المدن الإدارية والسكنية الجديدة داخل نطاق مدينة الرياض كالمربع والملز والحي الدبلوماسي

مع انقضاء العصر الذهبي للمدن الجديدة خاصة في الدول الصناعية، أخذت تبرز مفاهيم جديدة في أنشطة التخطيـط الحضــري، مثل مفهـوم المدن الجديدة داخـل المدينة New Town in Town التي بدأت في الانتشار منذ مطلع الثمانينيات. وانتشرت بالمملكة العربية السعودية المدن الجديدة داخل نطاق المدن القائمة. وكانت المدن الكبرى القائمة أنسب المواقع للمدن الجديدة التي شملت، على سبيل المثال، المدن الإدارية والسكنية الجديدة داخل نطاق مدينة الرياض، وهي المربع والملز والحي الدبلوماسي، وقد نشأت هذه المدن الجديدة داخل نطاق المدن القائمة إما من خلال التقسيمات المخططة أو المخططات كمدن جديدة.
وقد أدخلت المدن الجديدة داخل المدن أبعادا جديدة على مفهوم الحيز منها انخفاض مستوى الكثافة السكانية، وزيادة نسبة الشوارع زيادة كبيرة تزيد ثلاثة أضعاف عمّا هو مخصص لها في التجمعات التقليدية. كما كان للمدن الجديدة داخل نطاق المدن القائمة تأثير بالغ في نمط التنمية العمرانية الجديدة بالمملكة حيث أصبحت نماذج يحتذى بها، ليس على مستوى المدن الكبرى فحسب ولكن على مستوى المملكة ككل؛ وخاصة فيما يتعلق بالنظام الشبكي للشوارع والفيلا كنوع جديد للمساكن، وقد كانت أهم أسباب احتذاء الكثير من السكان بهذا النوع من التنمية العمرانية الجديدة هي أن هذه المشاريع كانت متبناة بواسطة الحكومة، ومن ثم اعتبرت من قبل الكثير تجسيدا لرؤية الحكومة وانعكاسا لوجهة نظرها فيما يجب أن يكون عليه تخطيط المجاورات السكنية الجديدة؛ ومن ثم اعتبرت رمزا للحداثة.

المدن الجديدة: استغلال الموارد الطبيعية الكامنة.. استغلال موارد طبيعية كامنة وتحقيق توزيع مكاني أكثر انتشارا للسكان في مناطق غير مأهولة

إن ما يحاول تحقيقه المخططون من المدن الجديدة هو استغلال موارد طبيعية كامنة وتحقيق توزيع مكاني أكثر انتشارا للسكان في مناطق غير مأهولة، وذلك نظرا لقدرة وفاعلية هذه المدن على تحقيق هذه الأهداف. واستنادا إلى ذلك فإن معظم مدن المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية التي نشأت أساسا بمواقع آبار البترول بهدف استخراجه مثل الظهران والخبر وأبقيق ورأس تنوره، وكذلك مدن المنطقة الشمالية التي نشأت كتجمعــات سكنيــة لصيانــة محطــات ضــخ البترول التي بــدأت تعمــل في عام 1951م على امتداد خط التابلاين الممتد من القيصومة بالمنطقــة الشرقية بالمملكة العربية السعودية إلى ميناء صيدا على الساحــل اللبناني مثل عرعــر وطريف ورفحاء، كلها تعتبر مدنا جديدة.
وفي البداية لم تزد أعداد قاطني هذه التجمعات السكانية الثلاث عن بضعة مئات، إلا أن النشاطات المتزايدة قد جذبت أعداد كبيرة من العاملين إلى مواقع المحطات ونشطت التجارة ووفرت الدولة الإدارة والأمن والخدمات، وكان لإنشاء الطريق الموصل بين هذه المحطات دور رئيسي في خلق شريان تجاري حيوي يربط الأردن وسوريا ولبنان بشرق المملكة.
ووفقا لبيانات آخر تعداد لعام 1413هـ (1992م) نمت كل من التجمعات السكانية لعرعر وطريف ورفحاء لتصبح مدنا متكاملة ذات أحجام متوسطة حيث بلغ سكان مدينة عرعر 108 ألف نسمة وأصبحت عاصمة لمنطقة الحدود الشمالية تتوافر فيها جميع الخدمات التي تدعم نشر التنمية في المناطق الشمالية بالمملكة (الجدول رقم 1). ويرجع النمو الهائل نسبيا في حجم سكان مدينة عرعر إلى وظائفها الإدارية والتجارية المهمة حيث اختيرت كعاصمة إدارية ومقرا لإمارة منطقة الحدود الشمالية، وبالتالي زودت المدينة بالخدمات التي تتسم بالمركزية كالخدمات التعليمية والصحية والإدارية. ولم تعد تعتمد هذه المدن على خط أنابيب البترول الذي توقف في نهاية السبعينيات نتيجة القلاقل السياسية في لبنان. وتقع هذه المدن على امتداد الطريق المعبد الذي يبلغ طوله 840 كم ويربط المملكة بالأردن وسوريا ولبنان وتركيا.
المدينة
1962
1974
1992

معدل النمو
عرعر

9000
33,351
108,055

8,5%
طريف
7000
12,449
32,022

5,2%
رفحاء
4000

15,703
30,135

6,9%
المصدر: 1962م، دوكسيادس، المنطقة الشمالية، الأوضاع الراهنة.
وبفضل منظومة مدن خط التابلاين الجديدة تحول إقليم الحدود الشمالية من امتداد شبه صحراوي إلى منطقة معمورة ومرتبطة وظيفيا بباقي أجزاء المملكة. وأصبحت هذه المدن نقاط تركز Node Points على امتداد أحد أهم محاور الطرق الدولية التي تربط المملكة بالدول الشمالية، وأصبح لهذه المدن دور فعال كمراكز خدمة ونمو للمناطق المحيطة.. ولاشك أن المحرك الأساسي الذي دفع بازدهار هذه المدن هو سياسة الدولة ومخططاتها التنموية التي غذت هذه المدن بالوظائف والهياكل الحضرية الأساسية. وتعتبر تجربة مدن التابلاين من التجارب الناجحة في نشر التنمية وإعمار المناطق غير المأهولة في الحيز المكاني الوطني.

توطين البدو: أولى مراحل بناء وتأسيس المدن الجديدة.. إنشاء الملك عبدالعزيز أول تجمع استيطاني جديد لتوطين واستقرار البادية في الأرطاوية وتوفير المرافق والخدمات

ترجع أولى محاولات بناء المستوطنات الجديدة إلى عام 1912م عندما بدأ الملك عبدالعزيز- يرحمه الله - برنامج توطين البادية وذلك ضمن مجهوداته لتوحيد المملكة، حيث قام بإنشاء أول تجمع استيطاني جديد لتوطين واستقرار البادية في الأرطاوية التي تقع على بعد 300 كم شمال مدينة الرياض. وفي عام 1972م بلغ عدد الهجر والمستوطنات الجديدة التي استوطنت بها البادية 93 مستوطنة؛ بعض هذه المستوطنات تم إنشاؤها عن طريق الدولة أو بتشجيع منها والبعض الآخر نشأ بصورة طبيعية في الوديان أو بالقرب من مصادر المياه، ومع مرور الوقت تحول الكثير من هذه المستوطنات إلى مدن صغيرة وظل البعض الآخر في صورة تجمعات قروية.
وقد ساعد توطن البدو الرحل في تجمعات سكانية مستقرة على توفير المرافق والخدمات وساعد على الالتحام الاجتماعي للبدو الرحل في المجتمع السعودي.
ويعتبر توطين البدو في مستوطنات جديدة انعكاسا لأهمية العلاقة بين القرار السياسي والبيئة المحلية، حيث عبرت المستوطنات الجديدة التي تم إنشاؤها لاستقرار البدو الرحل بشكل مباشر عن اختيار جوهري على مستوى استراتيجية الدولة في تعضيد الانتماء الوطني وتحقيق التلاحم الاجتماعي بين فئات المجتمع المختلفة وبسط سلطة القانون والهيكل الإداري والخدمي للدولة على المساحة الشاسعة للمملكة، هذا بالإضافة إلى تنظيم استخدام الموارد الطبيعية.

الاجتهادات النظرية في مجال المنظومات الحضرية وعلاقتها بالتنمية.. تحسين التشكيل الهرمي المتدرج لمنظومات المدن ووظائفها وعلاج الخلل القائم في التوزيع المكاني للتنمية العمرانية

يأتي الاستمرار في إنشاء المدن الجديدة مع اختلاف أهدافها وطبيعتها استنادا لسياسات ضمنية Implicit Policies تسـتهدف تحسين التشكيل الهرمي المتدرج لمنظومات المدن ووظائفها City-Size Distribution. وقد تزايد الاهتمام بالمنظومات المتوازنة للمدن والمدن الجديدة خاصة، نظرا لأهميتها في علاج الخلل القائم في التوزيع المكاني للتنمية العمرانية. فمن خلال التوزيع المتوازن لأحجام ووظائف المدن يمكن تحقيق الانتشار المكاني للتنمية على الحيزات الوطنية وتقليص الفوارق الإقليمية في مستويات التنمية.
هـذا وقـد اسـتحوذ تركز نسـبة عالية من سكان الحضر بعدد محدود من المدن الكبرى Urban Primacy ومدى تأثير ذلك على معدلات التنمية الكثير من الاهتمام والدراسة. وقد تم التعرض لذلك في كثير من الدراسات الخاصة بتصميم سياسات التنمية الحضرية وإلى أي مدى يمكن من خلال هذه السياسات التأثير على التوزيع الحجمي للمدن ووظائفها ومدى انعكاس ذلك على معدلات التنمية الاقتصادية. ومع أن سلبيات الزيادة السريعة في تركز السكان في عدد محدود من المدن أصبح الشغل الشاغل للباحثين والممارسين في هذا المجال، إلا أن الدراسات التطبيقية والبحوث في هذا المجال لم تصل بعد إلى نتائج مؤكدة. فقد توصــل العديــد من الباحثــين ومنهم كوشي ميرا في دراستــه التطبيقية عن العلاقة بين منظومات المــدن والنمو الاقتصــادي، إلى وجـــود ارتباط طردي Positive Correlation بين التغير في معدلات النمو في الدخل القومي والتغير في نسبة تركز السكان في كبريات المدن. إلا أن بعض الباحثين الآخرين مثل براين باري والذي استخدم في دراسته بيانات عن 37 دولة قد اثبت أنه على الرغم من وجود علاقة إيجابية أكيدة بين مستويات التحضر Urbanization ومستويات التنمية الاقتصادية إلا أنه لم يتوصل إلى مثل هذه العلاقة الإيجابية الأكيدة بين تركز سكان الحضر في عدد محدود من المدن ومستويات التنمية الاقتصادية. وقد توصل إلى نفس النتيجة يوان كوان. وقد ذهب بعض الباحثين الآخرين مثل بيتر كوربن إلى أبعد من ذلك حيث يرى أن تركز سكان الحضر في عدد محدود من المدن ليس ضروريا أو كافيا لرفع معدلات النمو الاقتصادي Neither a necessary or sufficient condition for economic growth، بل يرى أن تركز السكان في عدد محدود من المدن هو حصيلة لمتغيرات لا علاقة لها بمعدلات النمو الاقتصادي وأهمها توسع الحكومات المستمر في توطين الإدارات والأجهزة المركزية الحكومية والتركيز المكاني للمشروعات الكبيرة في هياكل البنية الأساسية في عدد محدود من المدن وسياسات التصنيع التي انتهجتها كثير من الدول النامية منذ الخمسينيات الميلادية والتي تم من خلالها توجيه معظم الاستثمارات الصناعية لعدد محدود من المدن سميت بأقطاب النمو (Growth Poles).
وعموما فإن أدبيات البحث والدراسة في هذا الموضوع واسعة ولكن ما يمكن استخلاصه أن العلاقة بين مستويات التحضر ومعدلات النمو الاقتصادي لم يختلف عليها باحثان، إلا أن العلاقة بين الزيادة المستمرة في التركز السكاني في عدد محدود من المدن ومعدلات النمو الاقتصادي ما زالت محل اختلاف واجتهادات بين الباحثين في هذا المجال.
ولاشك أن فكرة المدن الجديدة ليست حديثة، ولكنها اكتسبت قوة دافعة واهتماما عالميا خلال القرن الميلادي الحالي خاصة في الفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية التي شهدت إنشاء أعداد كبيرة من المدن الجديدة في بلدان كثيرة من العالم. وقد بين كثير من الباحثين في دراساتهم مثل جالانتي وأسبورن أن الأغراض من بناء المدن الجديدة تعددت وتباينت؛ منها ما استهدف نشر التنمية الصناعية وتخفيف فجوات التباين في مستويات التنمية بين الأقاليم كما هو الحال في إنجلترا، ومنها ما استهدف تخفيف الضغط عن المدن الكبرى كما هو الحال في فرنسا ومصر، ومنها ما استهدف بناء عواصم جديدة للدول مثل استراليا والبرازيل، ومنها ما استهدف استغلال الموارد الطبيعية وزيادة القيمة المضافة كما هو الحال في المدينتين الصناعيتين في الجبيل وينبع بالمملكة العربية السعودية، ومنها المدن الجديدة التي كانت نواة توسعها وازدهارها المؤسسات التعليمية أو الخدمات الطبية المتقدمة كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية.

مدينة الرياض في عصر الدولة السعودية الثانية.. تدمير الدرعية على يد إبراهيم باشا وانقضاء حكم الدولة السعودية الأولى واستعاد آل سعود الحكم عام على يد الإمام تركي بن عبد الله وجعل الرياض عاصمة

بعد تدمير الدرعية عام 1233 هجرية على يد إبراهيم باشا ابن محمد على باشا والي مصر من قبل الدولة العثمانية، وانقضاء حكم الدولة السعودية الأولى، فقد كانت الدولة العثمانية تتخوف من الدعوة الإصلاحية، لذلك حصل اصطدام عسكري بين الدولة العثمانية صاحبة التفوق العسكري والدولة السعودية مما أدى إلى سيطرة العثمانيون على الحجاز ونجد وما تبعها، وقد استعاد آل سعود الحكم عام (1240 هجرية) على يد الإمام تركي بن عبد الله رحمه الله، الذي جعل من الرياض عاصمة لدولته بعد دمار الدرعية وخرابها فبني فيها جامع المدينة وقصر الإمارة وأسورا محصنة، وبقيت منذ ذلك الحين عاصمة للدولة السعودية الثانية وقد تمكن خلال فترة حكمه من تحقيق الأمن كما ضم منطقة الإحساء.
وبعد اغتيال الإمام تركي على يد ابن أخته مشارى بن عبد الرحمن بن حسن بن مشارى خلفه ابنه الإمام فيصل بن تركي وقد تولى الحكم مرتين وبعد وفاة الإمام فيصل بن تركي -رحمه الله- عام 1282هـ تولى الإمام عبد الرحمن الفيصل وفي عهده عصفت الفتن الداخلية والمؤامرات الخارجية بالبلاد، فأحتل الأتراك العثمانيون منطقة الأحسـاء (المنطقة الشرقية حاليا) وشـددت بريطانيا قبضتها على مشيخات الخليـج في حين استغل محمد بن عبد الله بن رشيد الذي تولى إمارة حائل عام 1289هـ هذه الظروف وبدأ يخطط للاستيلاء على السلطة في نجد، وسار بجيشه ليحقق هذا الغرض، فقام الإمام عبد الرحمن الفيصل بالاستعداد لصد هجومه وقاد قواته متجهاً نحو القصيم، ولكنه علم بهزيمة أهل القصيم في معركة المليداء عام 1308هـ، فعاد إلى الرياض، وتعد موقعة المليداء من المعارك الفاصلة في النزاع بين آل سعود وآل رشيد.
 بعد عودة الإمام عبد الرحمن إلى الرياض خرج بأسرته إلى المنطقة الشرقية، ثم عاد إلى الرياض بعد أن كوّن جيشاً من أنصاره خرج به إلى المحمل ليصد به زحف ابن رشيد على الرياض فالتقى الجيشان قرب حريملاء في صفر عام 1309هـ فهزم جيش الإمام عبد الرحمن وقتل عدد من رجاله، وواصل ابن رشيد زحفه على الرياض وأمر بهدم سورها وقصري حكامها القديم والجديد. وبهذا انتهى عصر الدولة السعودية الثانية. أما الإمام عبد الرحمن فبعد هزيمته سافر إلى منطقة الإحساء ثم اتجه إلى قطر ثم سار إلى الكويت بأسرته عام 1310هـ.

مدينة الرياض في العصور الوسطى.. تأسيس مانع بن ربيعة المريدي جد الأسرة السعودية بلدة الدرعية التي أصبحت فيما بعد عاصمة الدولة السعودية الأولى

في القرن الحادي عشر الهجري ينسب أمير بلدة القصب في الوشم جبر بن سيار في مخطوطة له عدداً من عشائر الوادي إلى بني حنيفة إضافة إلى جميع أهل الدرعية التي نشأت على يد جد الأسرة السعودية مانع بن ربيعة المريدي التي تعود بنسبها إلى قبيلة وائل وهو أقدم من يذكرهم التاريخ من أجداد أسرة آل سعود ومؤسس بلدة الدرعية التي أصبحت فيما بعد عاصمة الدولة السعودية الأولى.
وقد هاجرت أسرة مانع في وقت غير معلوم إلى ساحل الخليج العربي وبنوا مستوطنة صغيرة قرب بقيق أسموها "الدرعية" ويبدو أنهم أسموها بذلك لكونهم ينتسبون لأسرة الدروع. وعاد مانع مع أسرته إلى منطقة وادي حنيفة في وسط نجد وكان أمير أكبر بلدان الوادي حجر اليمامة (الرياض الحالية)  في ذلك الوقت قريباً له يسمى ابن درع من أسرة الدروع فأقطع ابن درع للمريدي أراضي شمال حجر تسمى غصيبة والمليبيد، أنشأ مانع وأسرته عليها قرية جديدة أسموها أيضاً "الدرعية"، ربما امتناناً لابن درع على ذلك وتوارث أبناء مانع إمارة الدرعية لأجيال عديدة واستقر الحكم لأسرة آل مقرن من ولد مانع الذين كان منهم محمد بن سعود أول أئمة الدولة السعودية الأولى.

مدينة الرياض في العصر العباسي.. عدم التمكن السياسي لقبيلة بني حنيفة بسبب قوة قبائل أخرى كعامر بن صعصعة من القبائل العدنانية

في العصر العباسي يذكر الهمداني في القرن الرابع الهجري وياقوت في القرن السابع الهجري أن بني حنيفة كانوا لا يزالون في موطنهم في وادي العرض وما جاوره، كما يروي ابن بطوطة في القرن الثامن (الرابع عشر الميلادي) أن معظم سكان الوادي في وقته كانوا من بني حنيفة كذلك حتى إنه قابل أمير حجر طفيل بن غانم ورحل معه إلى مكة.
وتوجد أنباء أخرى من تلك الأوقات تنفي وجود بني حنيفة في ذلك الوقت، ولكن الأرجح أن المقصود هو عدم تمكن القبيلة السياسي بسبب قوة قبائل أخرى كعامر بن صعصعة التي يقال عنها أنها مجموعة ضخمة من القبائل العدنانية يعدها النسابون ضمن هوازن إلا أنها شكلت بحد ذاتها مجموعة مستقلة عن هوازن الحجاز  وموطن بني عامر الأصلي مناطق رنية والخرمة وبيشة على حدود نجد الجنوبية مع الحجاز وانتشرت فروعهم في نواحي نجد وإقليم البحرين والعراق والمغرب العربي، كما وصلت قبائل عامرية إلى الأهواز ومصر وغيرها. ومن أهم فروع بني عامر بنو كلاب وبنو كعب وبنو نمير وبنو عقيل وبنو هلال وبنو قشير.
وقد سادت كلاب وكعب ونمير على نجد في صدر الإسلام، بالإضافة إلى قشير وغيرها، وكان من أبرز شخصيات بني عامر في هذه الفترة مجنون ليلى قيس بن الملوح ومعشوقته ليلى العامرية، بالإضافة إلى الشاعرة ليلى الأخيلية. وكان من أهم معاقل القبيلة في تلك الفترة الفلج (الأفلاج حالياً) في جنوب نجد.

مدينة الرياض في العصر الإسلامي.. مشاركة بني حنيفة في الفتوحات الإسلامية وإنشاء نجدة بن عامر الحنفي دولة في اليمامة وضم نجران وصنعاء

مع ظهور الإسلام في الحجاز وانتشاره في الجزيرة العربية وفدت القبائل من اليمامة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تبايعه بالإسلام، حيث يروي المؤرخون المسلمون الأوائل كالطبري أن وفداً من بني حنيفة قدم إلى النبي محمد مع بقية وفود القبائل لتعلن إسلامها وأسلم بنو حنيفة، وكانت مدينة حجر في وقت الخلافة الراشدة قائدة لإقليم اليمامة، ومع انتقال الخلافة الإسلامية خارج الجزيرة العربية وظهور أقاليم إسلامية غنية قل الاهتمام والعناية باليمامة ومدنها وقراها فاضطربت الأمور فيها مما أثر على استقرارها ونموها وتطورها. وقد شارك بنو حنيفة بكثافة بعد ذلك في الفتوحات الإسلامية، وأنشأ نجدة بن عامر الحنفي دولة في اليمامة وضم نجران وصنعاء ليشمل حكمة وسط الجزيرة وشرقها وجنوبها وغربها باستثناء مكة المكرمة والمدينة المنورة وذلك بعد وفاة معاوية ابن أبي سفيان،  وقد تم له ذلك بانضمام اغلب ربيعة معه ومنهم من سكان اليمامة بنو هزان من عنزه. إلا أن دولتهم تفككت بسبب الاقتتال الداخلي الذي أدى إلى مقتل نجدة نفسه عام 572هـ. كما ورد في كتاب "ابن عربي موطد الحكم في نجد" للعلامة حمد الجاسر رحمه الله.
عاد بنو حنيفة في اليمامة بعد ذلك إلى حياتهم الحضرية المعتمدة على الزراعة، فعيرهم بذلك الشاعر الأموي الشهير جرير من بني تميم، وهو أيضاً من أهل اليمامة، وهجاهم في قصيدة لاذعة. ويروي عمر رضا كحالة في "معجم قبائل العرب" أن قسماً من حنيفة هاجر قديماً إلى رصافة بغداد وإلى بعض بلدان الشام ولكن لا يبدو أن أحداً منهم قد حفظ نسبه.

تاريخ مدينة الرياض.. حجر اليمامة من زمن قبيلتي طسم وجديس البائدة استوطنتها قبائل بني حنيفة ومل أبناؤها بزراعة الحبوب والغلال والنخيل وتسيير القوافل التجارية إلى الحيرة وفارس

مرت مدينة الرياض عبر التاريخ بأحداث ذات أهمية تاريخية نظرا لموقعها الجغرافي المتميز والعوامل الطبيعية التي حباها بها الله وساهمت في هذا التميز من خلال الحدائق الموجودة بها وهو ما يشير إلى تسميتها باسم الرياض فالرياض جمع كلمة روضه أي كثرة رياضه واشتق الاسم من طبيعة الموضع المنخفض الذي تلتقي فيه مياه السيول فنبتت الأرض رياضاً خضراء تنتشر فيها رائحة الورود، ومن هنا جاء اسم مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية التي قامت على أنقاض وبقايا مدينة حجر اليمامة التاريخية، والتي يعود تاريخها إلى زمن قبيلتي طسم وجديس البائدة، وقد شيدوا فيها حصوناً وقصوراً، روي أن بقاياها شوهدت في أول القرن الرابع الهجري، ثم استوطنت المكان قبائل بني حنيفة، وانتشرت في الوادي وازدهرت مدينتهم في الجاهلية واتخذها العرب سوقاً يغدون إليه للبيع والشراء والشعر والأدب، ويقول ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان إن اسم حجر يرجع إلى عبيد الحنفي حين احتجز ثلاثين قصراً وثلاثين حديقة وسماها حجراً وكانت قبل تسمى اليمامة وبنو حنيفة هي قبيلة عربية معدودة ضمن فرع ومن الواضح أنه كان لها وجودها المستقل منذ ما قبل الإسلام.
كانت مساكن القبيلة التقليدية هي منطقة اليمامة في نجد، وبالأخص، القسم الأوسط من المنطقة حول وادي العرض الذي تسمى باسمهم في قرون متأخرة، بالإضافة إلى مناطق مجاورة كالخرج ووادي قران (شعيب حريملاء حالياً) وقد كانت حنيفة متحضرة بشكل شبه كامل وقت ظهور الإسلام، فعمل أبناؤها بزراعة الحبوب والغلال والنخيل، بالإضافة إلى تسيير القوافل التجارية إلى الحيرة وفارس. ويروى أنها اعتزلت هي وقبيلة عبد القيس الحروب التي قامت بين بطون ربيعة الأخرى كحرب البسوس في أواخر العصر الجاهلي. ويروي ياقوت الحموي صاحب معجم البلدان أن بني حنيفة أسسوا مدينة حجر اليمامة (الرياض حالياً).

مواضع فصل الجملة.. إذا كان فعلُها ماضياً تالياً إلا. إذا كان فعلُها مضارعاً مُثبتاً أو منفياً بما أو لا. إذا كانتْ جملةً اسميةً واقعةً بعد حرفِ عطفٍ أو كانتِ اسميةً مؤكِّدةً لمضمونِ ما قبلها

يجبُ فصل الجملة في ثلاثةِ مواضعَ:
1- إذا كان فعلُها ماضياً تالياً « إلا» ، أو وقعَ ذلك الماضي قبل «أو» التي للتسوية ِ، نحو:ما تكلّمَ فؤادٌ إلا قالَ: خيراً، وكقول الشاعر:
كُنْ لِلخَليلِ نَصيراً، جارَ أوْ عَدَلاَ.. وَلاَ تَشُحَّ علَيْهِ. جادَ أَوْ بَخِلاَ
2- إذا كان فعلُها مضارعاً مُثبتاً أو منفياً « بما - أو - لا» ، نحو قوله تعالى: (وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ) [يوسف/16] ،ونحو قوله تعالى: (وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ ) [المائدة/84] ونحو قول الشاعر:
عَهْدْتُكَ ما تَصْبُو، وفيكَ شَبيبةٌ .. فَما لَكَ بَعْدَ الشَّيْبِ صَبًّا مُتَيَّما؟
3- إذا كانتْ جملةً اسميةً واقعةً بعد حرفِ عطفٍ ، أو كانتِ اسميةً مؤكِّدةً لمضمونِ ما قبلها ، كقوله تعالى :(فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ) [الأعراف/4]، وكقوله تعالى: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة/2].
الثاني-عُلِمَ مما تقدّمَ أنَّ منْ مواضعِ الوصلِ اتفاقَ الجملتينِ في الخبريةِ والإنشائية ، ولابدَّ مع اتفاقهِما من جهةِ  بها يتجاذبانِ، وأمرٍ  جامعٍ   بهِ  يتآخذانِ، وذلك  الجامعُ: إمَّا  عقليٌّ، نحو:  زيدٌ يصلِّي ويصومُ، أو وهميٌّ، كشبهِ التماثلِ الذي بين نحوِ لوني البياض والصفرة ، أو: خياليٌّ: كالقلم والدواة، والقرطاس في خيال الكاتبِ.

شبهُ كمالِ الاتصال.. كونُ الجملةِ الثانيةِ قويةَ الارتباطِ بالأولى، لوقوعِها جواباً عن سؤالٍ يفهمُ من الجملةِ الأولى فتُفصلُ عنها كما يفصَلُ الجوابُ عن السؤال

« شبهُ كمالِ الاتصالِ» وهو كونُ الجملةِ الثانيةِ قويةَ الارتباطِ بالأولى، لوقوعِها جواباً عن سؤالٍ يفهمُ من الجملةِ الأولى فتُفصلُ عنها، كما يفصَلُ الجوابُ عن السؤال، كقوله تعالى على لسان النبي يوسف عليه السلامُ: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي) [يوسف/53]، ونحو قول الشاعر:
زعَمَ العَواذلُ أنني في غَمْرَةٍ ... صَدَقوا ولكنْ غْمَرتي لا تَنْجَلي
كأنه  سئلَ: أصدقوا في زعمهِم أم كذبوا ؟  فأجاب: صدَقوا
ونحو قول أبي تمام:
السَّيْفُ أَصْدَقُ أَنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ    في حدِّهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ
 فكأنه استفَْهِمَ، وقال: لمَ كانَ السيفُ أصدقَ؟: فأجابَ بقولهِ: في حدِّه: الخ ،فالمانعُ من العطفِ في هذا الموضعِ وجودُ الرابطةِ القويةِ بين الجملتينِ، فأشبهتْ حالةَاتحادِ الجملتين ، ولهذا  وجبَ أيضاً الفصلُ.

كمال الانقطاعِ.. اختلافُ الجملتينِ اختلافاً تاماً

« كمالُ الانقطاعِ» وهو اختلافُ الجملتينِ اختلافاً تاماً، كما في الحالتين الآتيتين:
«أ»- بأنْ يختلفا خبراً وإنشاءً، لفظاً ومعناً، أو معنًى فقط، نحو: حضرَ الأميرُ حفظَهُ اللهُ، ونحو: تكلَّمْ إني مصغٍ إليكَ ، وكقول الشاعر:
وَقَالَ رَائِدُهم أرْسُوا نُزَاوِلُهَا  وكل حَتْفِ امرِئِ يجري بمقدارِ 
«ب»- أو بألا تكونَ بينَ الجملتينِ مناسبةٌ في المعنَى ولا ارتباطٌ، بل كلٌّ منهما مستقلٌّ بنفسِه ، كقولك: زيدٌ كاتبٌ ، الحمامُ طائرٌ، فإنه لا مناسبةَ بين كتابةِ  زيدٍ وطيرانِ الحمامِ.
وكقول الشاعر:
إنّما المرءُ بأصغريهِ       كلٌّ امرئٍ رهنٌ بما لديهِ  
فالمانعُ منَ العطفِ في هذا الموضع «أمرٌ ذاتيٌّ» لا يمكنُ دفعهُ أصلا ًوهو التباينُ بين الجملتينِ، ولهذا وجبَ الفصلُ، وترك َالعطفُ،لأنَّ العطفَ يكون للربطِ، ولا ربطَ بين جملتينِ في شدَّةِ التباعدِ وكمال الانقطاعِ.

بلاغة الوصل.. العطف بالواو بربطِ وتشريك ما بعدها لما قبلها في الحكم. عطف جملة على أخرى بالواو

بلاغةً الوصل لا تتحققُ إلا بالواو العاطفةِ فقط، دون بقيةِ حروف العطفِ، لأنَّ الواوَ هي الأداةُ الّتي تخفَى الحاجةُ إليها، ويحتاجُ العطف بها إلى لُطفٍ في الفهمِ، ودقةٍ في الإدراكِ، إذ لا تفيدُ إلا مجرَّدَ الربطِ، وتشريكِ ما بعدها لِمَا قبلها في الحكمِ، نحو: مضَى وقتُ الكسلِ، وجاءَ زمنُ العملِ، وقُمْ واسْعَ في الخيرِ.
بخلافِ العطفِ بغير الواو، فيُفيدُ معَ التشريكِ معانيَ أخرى، كالترتيبِ مع التعقيبِ في الفاءِ، وكالترتيب ِمع التراخي في ثُمَّ، وهكذا باقي أدواتِ العطفِ الّتي إذا عُطف بواحدٍ منها ظهرَ الفائدةُ، ولا يقعُ اشتباهٌ في استعماله.
وشرطُ العطفِ بالواو أنْ يكونَ بين الجملتينِ جامعٌ  حقيقيٌّ بين طرفي الإسنادِ، أو جامعٌ ذهنيٌّ، فالجامعُ الحقيقيُّ كالموافقةِ في نحو: يقرأُ ويكتبُ، والجامعُ الذهنيُّ كالمضادةِ في نحو: يضحكُ ويبكي، وإنما كانتِ المضادَّةُ في حكم الموافقةِ، لأنَّ الذهنَ يتصوّرُ أحدَ الضدينِ عند تصوُّر الآخرِ، فالعلمُ يخطرُ على البالِ عند ذكرِ الجهلِ، كما تخطرُ الكتابةُ عند ذكرِ القراءةِ.
والجامع ُيجبُ أنْ يكونَ باعتبارِ المسنَدِ إليه والمسنَدِ جميعاً.
فلا يُقالُ: خليلٌ قادمٌ والبعيرُ ذاهبٌ، لعدمِ الجامعِ بين المسنَد إليهما ،كما لا يقالُ: سعيدٌ عالمٌ، وخليلٌ قصيرٌ، لعدمِ الجامعِ بين المسندينِ.

تعريف الوصلِ والفصل في حدود البلاغة.. الوصل جمع وربط بين جملتينِ لصلة بينهما في الصورةِ والمعنى أو لدفع اللبس. الفصل ترك الربط بين الجملتين

الوصلُ عطفُ جملةٍ على أخرى بالواو، والفصلُ تركُ هذا العطف بين الجملتين، والمجيءُ بها منثورةً، تستأنفُ واحدةً منها بعدَ الأخرى ، فالجملةُ الثانيةُ  تأتي في الأساليبِ البليغةِ مفصولةً أحياناً، وموصولةً أحياناً، فمنَ الفصلِ قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ  }[فصلت/34] ، فجملةُ (ادفع) مفصولةٌ عمّا قبلها، ولو قيلَ: وادفعْ بالتي هي أحسنُ، لما كان بليغاً.
ومنَ الوصلِ قولهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ }[التوبة/119]، عطفَ جملةَ  وكونوا على ما قبلَها ، ولو قلتَ: اتقوا الله كونوا معَ الصادقين، لما كان بليغاً.
فكلٌّ من الفصلِ والوصلِ يجيءُ لأسبابٍ بلاغيَّةٍ.
ومن هذا يُعلمُ ، أنّ الوصلَ جمعٌ وربطٌ بين جُملتينِ (بالواو خاصةً) لصلةٍ بينهما في الصورةِ والمعنى، أو لدفع اللَّبسِ.
والفصلُ  تركُ الربطِ بين الجُملتينِ، إمَّا لأنهما مُتحدتانِ صورةً ومعنًى، أو بمنزلةِ المتحدتينِ، وإمَّا لأنهُ لا صلةَ بينهما في الصورة ِأو في المعنَى.

أغراض تنكير المسند.. إرادة عدم العهد والحصر. إرادة التفخيم. إرادة التحقير

أمّا تنكيرُ المسنَدِ:
فلأنَّ الأصلَ في المسندِ أن يكونَ نكرةً، لإفادةِ العلمِ بشيءٍ مجهولٍ، لكنْ قدْ يرجِّحُها أمورٌ:
1- إرادةُ عدمِ العهدِ والحصرِ، كقوله: (مجاهدٌ عبدٌ، وسلمى أمَةٌ...).
2- إرادةُ التفخيمِ، قال تعالى: (هدىً للمتَّقين) البقرة: 2. بناءً على كونهِ خبراً.
3- إرادةُ التحقيرِ، كقوله: (وما هندة شيئاً، ولكن رجالها...).

أغراض تعريف المسند.. إخفاءُ الأمرِ. قصدُ الإفرادِ. قصدُ النوعيّةِ. التعظيم. التحقير. التكثير. التقليل

ينبغي أنْ يكونَ المسنَدُ إليه معرفةً، ولكنْ قد يؤتَى به نكرةً لأغراضٍ:
1- إذا لم يعلمِ المتكلمُ بجهةٍ من جهاتِ التعريفِ، حقيقةً أو ادعاءاً، كقوله: (جاءَ رجلٌ يسأل ُعنكَ).
2- إخفاءُ الأمرِ كقوله: (اتّهمَكَ رجلٌ) يخفي اسمَه حتى لا يكونَ شغباً.
3- قصدُ الإفرادِ، قال تعالى: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى [يس/20]) أي: رجلٌ واحدٌ.
4- قصدُ النوعيّةِ، نحو قول الشاعر:
لكلِّ دَاءٍ دواءٌ يستطَبُّ به.. إلا الحماقةَ أَعْيَتْ مَن يُدَاويها.
5- التعظيمُ، قال تعالى: (وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ  ) [البقرة/7] أي: غشاوةٌ عظيمةٌ.
6- التحقيرُ، قال تعالى: (وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) [الأنبياء/46].
7- التكثيرُ، قال تعالى: (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ ) [الحج/42].
8- التقليلُ، قال تعالى: (وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ [التوبة/72]) أي: رضوانٌ قليلٌ أكبرُ من نعيمِ الجنّةِ.

تعريف المسند.. إفادةُ السامعِ حكماً معلوماً على أمرٍ معلوم، وذلك يفيدُ النسبةَ المجهولةَ. قصرُ المسنَدِ على المسنَدِ إليه حقيقةً أو ادعاء

تعريفُ المسنَدِ:
1 - إفادةُ السامعِ حكماً معلوماً على أمرٍ معلوم، وذلك يفيدُ النسبةَ المجهولةَ، فمن عرفَ زيداً بشخصِه، وعرفَ أنّ له صديقاً، ولكنْ لم يعرفْ أنّ زيداً هو صديقُه، قيل لهُ: (زيدٌ صديقُك) وهذا يفيد النسبةَ، وإنْ لم يفدِ الخبرُ - لكونهِ معلوماً -.
2 - قصرُ المسنَدِ على المسنَدِ إليه حقيقةً، كقولهِ: (عمرُ الفاروقُ أميرُ المؤمنينَ  صريحةٌ...).
3 - قصرُ المسنَدِ على المسنَدِ إليه ادّعاءً، كقوله: (وأخو كُليبٍ عالمُ الأنسابِ...).

المسنَدِ إليهِ بالإضافةِ.. تعذر التعداد. تعسر التعداد. الخروج عن تبعة تقديمِ بعض على بعض. تعظيم المضاف أو تحقيره. الاختصار لضيق المقام. الاستهزاء

أمّا تعريفُ المسنَدِ إليهِ بالإضافةِ فهو لأمور:
1- أنه أخصرُ طريقٍ لإحضارهِ في ذهنِ المخاطَب، كقوله: (زرتُ والدَكَ)؟
2- تعذّرُ التعدادِ، كقوله تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ  )[الرحمن/26، 27].
3- تعسّرُ التعدادِ، كقوله: (زارني أصدقائي) لمنْ أصدقاؤُه كثيرونَ.
4- الخروجُ عن تبعةِ تقديمِ بعضٍ على بعضٍ، كقوله: (جاءُ أمراءُ الجيشِ).
5- تعظيمُ المضافِ، كقوله: (خادمُ السلطانِ  يبغي مطلباً) تعظيماً للخادمِ بأنه خادمُ السلطانِ.
6- تعظيمُ المضافِ إليه، كقول الشاعر:
إذا ما رأيتَ الكسائيَّ فقلْ             صنيعُك أضحَى أميرَ البلادِ
تعظيماً للكسائيِّ بأنَّ صنيعَه صارَ أميراً.
7- تعظيمُ غيرهِما نحو: (أخو السلطانِ صهري) تعظيماً للمتكلّم بأنَّ أخَ السلطانِ صهرَه..
8- تحقيرُ المضافِ، نحو: (ابنُ الجَبان حاضرٌ).
9- تحقيرُ المضافِ إليه، نحو: (عبدُ زيدٍ خائنٌ).
10- تحقيرُ غيرهِما، نحو: (أخو اللصِّ عندَكَ).
11- الاختصارُ لضيقِ المقامِ، كقوله: ( هوايَ منَ الركبِ اليمانيينِ مصعدٌ) فلفظ (هوايَ) أخصرُ من (الذي أهواهُ).
12- الاستهزاءُ، كقوله: (علمُك النافعُ لا علمَ جميعِ العلماءِ).

المسند إليه معرفا باللام.. ألْ الْعَهْدِيَّة أو أل الجنسيةَ. العهدُ الذكريُّ. العهدُ الذهنيُّ. العهدُ الحضوري.

تعريفُ المسنَدِ إليه معرّفاً باللامِ:
يُؤْتى بالمسند ِإليه مُعَرَّفاً بألْ الْعَهْدِيَّة أو أل الجنسيةَ لأغراض آتية:
أما (أل) العهديةُ، فإنها تدخلُ على المسنَدِ إليه للإشارةِ إلى معهودٍ لدى المخاطبِ، والعهدُ على ثلاثةِ أقسامٍ:
1- العهدُ الذكريُّ، وهو ما تقدمَ فيه ذكرُ المسندِ إليه صريحاً، قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا} (15) سورة المزمل، فإنَّ (الرسولَ) تقدّمَ ذكره صريحاً، لكنَّ المثالَ ليس للمسندِ إليه، إذِ الرسولُ مفعولٌ في المقامِ، وإنما المثالُ المطابق قول الشاعر:
أتاني شخصاً لابساً ثوبَ سؤددٍ      وما الشخصُ إلا منْ كرامِ الأقاربِ
2 - العهدُ الذهنيُّ، وهو ما تقدمَ فيه ذكر المسنَد إليهِ تلويحاً، قال تعالى: {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (36) سورة آل عمران، فإنه لم يسبق ذكر (الذكَر) صريحاً، وإنّما أشيرَ  إليهِ  في قوله تعالى : {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (35) سورة آل عمران،  فإنّ (ما) يرادُ منه الذكَرُ، لأنه القابلُ لخدمةِ المسجدِ. وقد كانوا لا يُحررون لخدمةِ بيتِ المقدس إلا الذكورَ، وهو المعنيُّ بـ «ما» ويسمَّى كنائياً.
3 - العهدُ الحضوريُّ، وهو ما كان المسنَدُ إليه حاضراً بذاتهِ، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} (3) سورة المائدة ، فإنَّ (اليومَ) وهو يومُ  عرفة ـ الذي أكملَ اللهُ تعالى دينهُ في حجة الوداع، ومثلهُ ما بمنزلةِ الحاضرِ، نحو: هل انعقدَ المجلسُ؟ فيما كانَ المجلسُ في شرفِ الانعقادِ.
أل الجنسيةُ: وتسمَّى لامَ الحقيقةِ: تدخلُ على المسنَدِ إليه لأغراضٍ أربعةٍ:
1 – للإشارةِ  إلى الحقيقةِ من حيثُ  هي بقطعِ النظر عن عمومِها وخصوصِها، نحو: الإنسانُ حيوانٌ ناطقٌ.
وتسمَّى لام َالجنسِ، لأنَّ الإشارةَ  فيه إلى نفسِ الجنسِ، بقطعِ النظر عن الأفرادِ نحو: الذهبُ أثمنُ مِنَ الفضَّةِ.
2 - أو للإشارةِ إلى الحقيقةِ في ضمن فردٍِ مُبهَمٍ، إذا قامتِ القرينةُ على ذلك، كقوله تعالى: {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ} (13) سورة يوسف. ومدخولُها في المعنى كالنكرةِ فيُعامل مُعاملتَها.وتسمَّى لامَ العهدِ الذِّهنيِّ.
3- أو للإشارةِ إلى كلِّ الأفراد التي يتناولُها اللفظُ بحسب اللغةِ، ولها حالتان:
أ- بمعونة قرينةٍ حاليةٍ نحو قوله تعالى : (عَالِمُ الغَيْبِ والشَّهَادة)[الأنعام: 73، التوبة: 94]. أيْ كلُّ غائبٍ وشاهدٍ.
ب- أو بمعونةِ قرينةٍ لفظيةٍ نحو قوله تعالى : (إنَّ الإنسان لَفِي خِسْر) [العصر: 2]. أيْ كلُّ إنسانٍ بدليلِ الاستثناءِ بعده. ويسمَّى  استغراقاً حقيقياً.
4- أوْ للإشارة ِإلى كلّ الأفرادِ مقيَّداً نحو: جمعَ الأميرُ التُّجارَ، وألقَى عليهم نصائحَه، أيْ جمعَ الأميرُ تجَّارَ مملكتهِ لا تجَّارَ العالَمِ أجمعَ. ويسمَّى  استغراقاً عُرفياً.
تنبيهاتٌ:
التنبيهُ الأولُ: علِمَ مما تقدمَ أنَّ أل التعريفيةَ  قسمانِ: القسمُ الأولُ: لامُ العهد الخارجيِّ، وتحتهُ أنواعٌ ثلاثةٌ: صريحيُّ وكنائيٌّ وحضوريُّ.
والقسمُ الثاني: لامُ الجنس: وتحتهُ أنواعٌ أربعةٌ: لامُ الحقيقةِ من حيثُ هي، ولامُ الحقيقة في ضمنِ فرد مبهَمٍ، ولامُ الاستغراقِ الحقيقيِّ، ولامُ الاستغراقِ العرفيِّ.
التنبيهُ الثاني: استغراقُ المفردِ أشملُ من استغراق المثنَّى، والجمعِ، واسمِ الجمعِ.
لأنَّ المفردَ  يتناولُ  كلَّ واحدٍ واحدٍ من الأفرادِ.والمثنَّى إنما يتناولُ كلَّ اثنينِ اثنينِ.والجمعُ إنما يتناولُ كلَّ جماعةٍ جماعةٍ بدليلِ صحةِ: لا رجالَ في الدارِ، إذا كان فيها رجلٌ أو رجلانِ، بخلافِ قولك: لا رجلَ، فإنه لا يصحُّ إذا كان فيها رجلٌ أو رجلانِ.
وهذه القضيةُ ليستْ بصحيحةٍ على عمومِها، وإنما تصحُّ في النكرةِ المنفيةِ، دونَ الجمع المعرَّفِ باللام، لأنَّ المعرَّفَ بلامِ الاستغراقِ يتناولُ كلَّ واحدٍ من الأفرادِ نحو قوله تعالى : {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء.. } (34) سورة النساء ،بل هو في المفردِ أقوى، كما دلَّ عليه الاستقراءُ وصرحَ به أئمةُ اللغةِ  وعلماءُ التفسيرِ في كلِّ ما وقعَ في القرآنِ العزيزِ نحو قوله تعالى : {.. أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ..} (33) سورة البقرة، {..وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (134) سورة آل عمران  ، {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا..} (31) سورة البقرة  ,إلى غير ذلك من آيِ الذكرِ الحكيمِ كما في المطولاتِ.

المسندِ إليهِ بالموصولِ.. التشويقُ لكونِ مضمونِ الصلة أمراً غريباً. تعظيمُ شأنِ المسنَدِ إليه. التهويلُ تعظيماً أو تحقيراً. استهجانُ التصريح بالاسمِ. التوبيخُ. التنبيهُ على خطأِ المخاطَبِ. إخفاءُ الأمرِ

أمّا تعريفُ المسندِ إليهِ بالموصولِ فهو لأمورِ:
 يُؤْتَى  بالمسندِ إليهِ اسمَ موصولٍ اذا تعيّنَ طريقاً لإحضارِ معناهُ. كقولكَ: الذي كانَ معنا أمسِ سافرَ، إذا لم تكنْ تَعرِفِ اسمَهُ.
أمَّا إذا لم  يَتَعَيَّنْ طريقاً لذلكَ; فيكونَ لأغراض أخرَى.
1 - التشويقُ لكونِ مضمونِ الصلة أمراً غريباً، كقول الشاعر:
والذي حارتِ البريّةُ فيهِ            حيوانٌ مستحدثٌ منْ جمادِ
3 - تعظيمُ شأنِ المسنَدِ إليه، كقول الفرزدق:
إنَّ الذي سمكَ السماءَ بنى لنا.. بيتاً دعائمهُ أعزُّ وأطولُ
4 - التهويلُ، تعظيماً أو تحقيراً،  قال تعالى: (فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ  ) [طه/78]، ونحو: مَنْ لم يَدْرِ حقيقةَ الحالِ قالَ ما قالَ.
5 - استهجانُ التصريح بالاسمِ، قال تعالى: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ ) [يوسف/23]   ، ونحو: الذي رَبانِي أبي .
6 - التوبيخُ، نحو: الذي أحسنَ إليكَ قدْ أسأتَ إليهِ،وكقول الشاعر:
أفيقوا أمنْ كـانَ يـحسنُ دائـماً            إليكمْ؟ فهلْ هذا جزاءُ المفضِّلِ؟
7- إخفاءُ الأمرِ عَنْ غير المخاطبِ، كقول الشاعر:
وأخذتُ ما جاد الأميرُ بهِ             وقضيتُ حاجاتي كما أهوَى
8- التنبيهُ على خطأِ المخاطَبِ، نحو قوله تعالى : (إنَّ الذين تَدعونَ مِنْ دون الله عبادٌ أمثالكم)[الأعراف: 194]، وكقول الشاعر  :
إِنَّ الَّذِينَ تَرَوْنَهُمْ إِخْوَانَكم ... يَشْفِي غَلِيلِ صُدُورهم أَنْ تُصْرَعُوا
9- التنبيهُ على خطأ غيرِ الُمخاطَبِ،  كقول الشاعر:
 إنَّ التي زَعَمَتْ فُؤَادَكَ مَلَّها      خلقتْ هواكَ كما خلقتَ هوى ً لها
10- الإشارةُ إلى الوجهِ الذي يُبنَى عليه الخبرُ من ثوابٍ أو عقابٍ ،كقوله تعالى: (فالذين آمنوا وَعَمِلوا الصالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم) [الحج: 50].
11- الاستغراقُ ، نحو: الذينَ يأتونكَ أكْرِمْهُم.
12- الإبهامُ، نحو: لكلِّ نفسٍ مَا قدَّمتْ.
 واعلمْ أنَّ التعريفَ بالموصوليَّة مبحثٌ دقيقُ المسلكِ، غريبُ النزعة يُوقِفُكَ على دقائقَ مِن البلاغةِ تؤنسُكَ إذا أنتَ نظرتَ إليها بثاقبِ فكرك، وتُثلجُ صدركَ إذا تأمَّلتها بصادقِ رأيكَ، فأسرارُ ولطائف التعريف بالموصوليّة لا يمكنُ ضبطُها، واعتبرْ في كلِّ مقامٍ ما تراهُ مناسباً.