رسم / كتابة الهمزة المتوسطة المضمومة.. توسطت مضمومةً بعد فتحٍ او ضم أو سكون. إذا لزم من كتابتها على الواو اجتماع واوين. توسطت مضمومة بعد حرف مكسورٍ

رسم الهمزة المتوسطة المضمومة:
1- إن تَوسطت الهمزةُ مضمومةً بعد فتحٍ او ضم أو سكون، كتبت على الواو.

فمثالها مضمومةً بعد فتحٍ: "لَؤمَ وضَؤُلَ ورَؤُفَ ويَقرؤُهُ ويَمْلؤُهُ ويكلَؤُهُ وهذا خَطَؤُهُ ونَبَؤُهُ".
ومثالها مضمومةً بعد ضمّ: "الزُّؤُدُ والرُّؤُمُ والسُّؤُمُ وهذا لُؤُلؤُه وجُؤْجؤُه وأكمؤُهُ".

ومثالها مَضمومةً بعد ساكنٍ: "يَضْؤُلُ وأرؤُسٌ وأكؤُسٌ والتَّرَؤُّسُ والتَّساؤُلُ والتَّلاؤُمُ - وهذا جزؤُهُ وضَوْؤهُ ووُضوؤُه وضِياؤُهُ".

إلا إن ضُمّت شبهُ المتوسطة، بعد حرفٍ من حروف الاتصال، فتُكتب على شبهِ ياءٍ مثل: "هذا شيئُهُ وفيئُهُ وعِبْئُهُ ونَشْئُهُ وبَريئُهُ ومجيئُهُ ويجيئون ويُسيئونَ ومُسيئون". 

2- إذا لزمَ، من كتابة الهمزة على الواو، اجتماعُ واوينِ: فإن تأخرت واو الهمز، كتبتهما معاً مثل: "هذا ضَوْؤُهُ ووُضوؤهُ ومَقْروؤُه.

وإن سبقت، فمنهم من يحذف صورتها، ويكتبها همزة منفردة، بعد حرفِ انفصالٍ مثل: "رَؤُوف ورُءُوس وقرَءُوا ويَقرَؤُونَ"، وعلى شبه ياءٍ، بعد حرف اتصالٍ، مثل: "كُئوس ومسئولٍ - ومَلَئُوا ويَمْلَئونَ".

إلا إن كانت شبهَ متوسطة، وكانت في الأصل مكتوبةً على الواو: كجَرؤَ ويَجْرؤُ، فتُرسمُ الواوانِ معاً، مثل: "جَرُؤُوا ويجرُؤُون".
هذا مذهب المتقدمين، وعليه المعوَّل عند أرباب هذا الشأن. وعليه رسم بعض المصاحف.

ومنهم من يرسم الواوينِ معاً، وهو القياس، مثل: "رَؤوفٍ ورؤوسٍ وسُؤوم وصُؤون وكؤوس ومرؤوب ومسؤول - وقَرَؤوا ويَقْرؤون ومَلَؤوا ويَمْلؤونَ".

ومنهم من يكتفي بواوٍ واحدة يرسم الهمزة عليها، مثل: رَؤفٍ ورُؤسٍ ومَسؤلٍ وقَرَؤُا ويَقْرؤن". وعليه رسم كثيرٍ من المصاحف.

ومنهم من يُبقي الهمزةَ المتطرّفة، المكتوبة على الألف، المتصلةَ بما يجعلها شبهَ متوسطة، على حالها من الرسم، مثل: "قرأُوا ويَقْرأُون، وبَدَأُوا ويَبْدَأُون، وملأوا ويَمْلأون، وهذا خطأُهُ ونبأُه ورَشأُهُ" وهو مذهب بعض المتأخرين. وهو الشائعُ على أكثر الأقلام اليوم، لسهولته وبُعدهِ عن إعمال الفكر.

والمذهب الأول هو المتقدِّم. كما علمت. وكلٌّ له وجهٌ صحيح.
أما إذا لزمَ من ذلك اجتماعُ ثلاثِ واوات، فتطرح واو الهمزة، وتكتبُ الهمزة منفردة بين الواوين، قولاً واحداً، مثل: "موْءُودة ووءُولٍ - ومَقْروءُون ومنشؤُون ويَسوءُون".

3- إن توسطت الهمزة مضمومةً بعد حرفٍ مكسورٍ (وهذا لا يكون إلا في شبهِ المتوسطة)، كُتبت على شبه ياءٍ، مثل: مِئونَ وفِئون وهذا قارئُه ومُنْشئُه ومُنبّئُه وسيئُه وسيئون والقارئون والمُنشئونَ والمُنبّئونَ وينبِّئه ويُقرِئُه".

إعلال الهمزة.. اجتماع همزتين في كلمة. تحركت الأولى وسكنت الثانية. سكنت بعد حرف صحيحٍ غير الهمزة. تطرفت بعد متحرك

إعلال الهمزة:
الهمزةُ من الحروف الصحيحة، غيرَ أنها تُشْبهُ أحرفَ العِلة، لذلك تقْبَل الإعلالَ مثلَها، فتنقلبُ إِليها في بعض المواضع.

فإذا اجتمعَ همزتان في كلمة:
فإن تحرَّكت الأولى وسكنت الثانيةُ، وجب قلب الثانية حرف مد يُجانِسُ حركةَ ما قبلها: كآمَنَ وأومِنُ وآمِنْ وإيمانٍ وآدمَ وآخرَ، والأصلُ: "أأمنَ وأؤمِنْ وأأْمِنُ وإيمانٌ وأأْدَمُ وأأْخرٌ".

وإن سكنَت الأولى وتحرَّكت الثانيةُ أدغمَت الأولى في الثانية، مثلُ: "سأل". 
وإن تحرَّكتا بالفتح، قُلبتِ الثانيةُ واواً.
فإن بَنَيتَ اسم تفضيلٍ من "أنَّ يئِنُّ وأَمَّ يَؤُمُّ"، قلتَ: "هو أَوَنُّ منهُ"، أي: أكثر أَنيناً، و "هو أوَمُّ منه" أي: أَحسنُ إمامةٍ. والأصلُ: "أأمَّ"، كما تقولُ "أشدُّ".

وإن كانت حركة الثانيةِ ضمةً أو كسرة، فإن كانت بعدَ همزةِ المضارعة جاز قلبُها واواً، إن كانت مضمومةً، وياء إن كانت مكسورة. مثلُ: "أَوُمُّ وأَيِنُّ" من "أَمَّ يَؤُمُّ وأنَّ يَئِنُّ"، وجاز تخفيفها، مثلُ: "أوُمُّ وأئِنُّ".

وإن كانت بعد همزةٍ غيرِ همزةِ المضارعة، وجبَ قلبُها واواً بعد الضمة، وياءً بعد الكسرةِ، مثلُ: أوُبّ، جمع "أبٍّ"، (وهو المرعى). وأصلُهُ "أؤُبُّ". ومثلُ: أيمَّةٍ، جمع (إمام) وأصلُها: (أَئِمةٌ). وقد قالوا: أئِمَّةً أيضاً، على خلاف القياس.

وإن سكنت بعد حرفٍ صحيحٍ غيرِ الهمزة، جاز تحقيقها والنطْق بها كرأسٍ وسُؤلٍ وبئرٍ. وجاز تخفيفُها "بقلبها حرفاً يُجانس حركة ما قبلها: كراسٍ وسُولٍ وبيرٍ.

وإن كانت آخر الكلمة بعد واو او ياءٍ زائدتين ساكنتين، جاز تحقيق الهمزة: كوُضُوءٍ ونتُوءٍ ونبُوءةٍ وهنيءٍ ومَريءٍ وخَطيئةٍ، وجاز تخفيفها، بقلبها واواً بعد الواو وياء بعد الياء، مع إدغامها فيما قبلها: كوُضوٍّ ونُتوٍّ وهنيٍّ ومريٍّ وخطيةٍ.

فإن كانت الواو والياءُ أصليتين: كسوءٍ وشيءٍ، فالأولى تحقيق الهمزة، ويجوز قلبها وإدغامها: كسو وشي.

وإن تحرَّكت بالفتح في حشو الكلمة، بعد كسرةٍ او ضمةٍ، جاز تحقيقها: كذئابٍ وجؤَارٍ، وجاز تخفيفها، بقلبها حرفاً يجانس حركة ما قبلها كذيابٍ وجُوَارٍ.

وإن تطرَّفت بعد متحرّكٍ، جاز تحقيقها كقَرأ ويَقْرأ، وجرُؤ ويجرؤُ، وأخطأ ويخطىء، والقارئ والخاطئ والملأ، وجاز تخفيفها، بقلبها حرفاً يُجانسُ حركة ما قبلها: كقرَا ويَقرَا، وجرُوَ ويَجرُو، وأخطا ويُخطي، والقاري والخاطي والملا.

وتحذف وجوباً في فعلِ الأمر المشتقّ من "أَخذَ وأَكل"، مثل: "خُذْ وكلْ". وفي مضارعِ "رأى" وأمرهِ، مثلُ "يرى وأَرى ونرى ورهْ ورَيا وروْا". وفي جميع تصاريف "رأَى" التي على وزن "أفعل": كأرى يُري، وأَرِ وَمُرِ ومُرَى.

ويكثر حذفُها من الأمر المشتقّ من "أمر" فيقال "مُرْ" ويقلُّ حذفها من الأمر من "أتى"، فيقال: "تِ الخيرَ" فإذا وقفتَ عليه، قلت: "تِهْ" بهاء السكت.

ويجبُ حذفُ همزةِ بابِ "أفعلَ"، في المضارع واسمَي الفاعل والمفعول والمصدرِ الميميِّ واسمَيِ الزمان والمكان، مثلُ "يُكرِمُ ومُكرِمٍ ومُكرَمٍ" والأصلُ: "يُوءَكرِمُ وموءكرِمٌ وموءكرَمٌ": وأَصل حذفها إنما هو المضارع المبدُوء بهمزة المتكلم، كيلا تجتمعَ همزتان، ثمَّ حُملتْ عليه بقيَّةُ التصاريف.

تعريف الإبدال.. إزالة حرف ووضع آخر مكانه

الإبدالُ إزالةُ حرف، ووضعُ آخرَ مكانهُ.

فهو يُشبهُ الإعلالَ من حيث أنَّ كلاًّ منهما تَغييرٌ في المَوضع إلا أنَّ الإعلالَ خاصٌّ بأحرفِ العلَّةِ، فيقلبُ أحدُها إلى الآخر.

وأما الإبدال، فيكونُ في الحروف الصحيحة، بِجَعْلِ أحدِهما مكان الآخر، وفي الأحرُف العليلة، بجعل مكان حرف العِلَّة حرفاً صحيحاً.

أحكام الإبدال.. إبدال الواو والياء همزة. الواو مضمومة بعد حرف ساكن أو مضموم. اجتماع واوين في أول الكلمة. فاء افتعلَ ثاء. التاءُ ساكنةً قبل الدال

قواعد الإبدال:
1- تُبْدَلُ الواوُ والياءُ همزةً. إذا تَطرَّفتا بعد ألف زائدةٍ. كدعاءٍ وبِناءٍ.
والأصلُ: "دُعاوٌ وبِنايٌ" لأنهما من دَعا يَدعو وبَنى يبني وتشاركهما في ذلك الألفُ، فإنها إذا تطرَّفت بعد الف زائدة، تُبدَلُ همزةً، وذلك كحمراءَ، فإن أصلها: (حَمْرى) بوزن (سَكْرى) زيدت الف المدِّ قبل آخرها.
كما زيدت في كتاب وغلامٍ، فأبدلت الثانية همزةً، ليتمكنَ المتكلمُ من النطق بها، لأنهما ساكنتان، فآلتا إلى "حمراء".

 (وما لحقته هاء التأنيث من ذلك، فإن كانت عارضة للفرق بين المذكر والمؤنث: كبناء وبناءة (بتشديد النون فيهما، وهما صيغتا مبالغة)، ومشاء ومشاءة (بتشديد الشين فيهما، وهما صيغتا مبالغة أيضاً) وجب القلب لتطرف حرف العلة بعد ألف زائدة، لأن هاء التأنيث الفارقة بين المذكر والمؤنث في حكم الإنفصال، لأنها عارضة على صيغة المذكر.

وإن كانت غير عارضة، بأن تكون الكلمة بنيت رأساً عليها، لا للتفرقة بين المذكر والمؤنث كهداية ورعاية وسقاية وعداوة، امتنع قلب حرف العلة همزة لعدم التطرف، لأن هاء التأنيث حينئذ في حكم الاتصال، لأنها لم تعرض على صيغة المذكر للدلالة على مؤنث.

وإن كانت عارضة لجعل ما لحقته اخص مما لم تلحقه، جاز بقاء الهمزة على حالها، وجاز ردها إلى اصلها. فتقول: "عطاءة ورداءة، وعطاية ورداية".
وبقاؤها على حالها أولى: قال في شرح القاموس (في مادة عطا). "العرب تهمز الواو والياء إذا جاءتا بعد الألف لأن الهمزة أحمل للحركة منهما، ولأنهم يستثقلون الوقف على الواو وكذلك الياء، مثل "الرداء"، واصله: "رداي"، فإذا ألحقوا فيها الهاء: فمنهم من يهمزها بناء على الواحد، فيقول "عطاءة الله ورداءة"، ومنهم من يردها إلى الأصل فيقول: "عطاوة ورداية". وكذا في التثنية: عطاءان ورداءان: وعطاوان ورداوان" اهـ).

2- تُبدَلُ الواوُ والياء همزةً، إذا وَقعتا عينَ اسمِ الفاعل، وأعلتا في فعله: كقائلٍ وبائعٍ.
والأصل: "قاولٌ وبايعٌ"، وفعلهما (قالَ وباعَ)، واصلُهما: (قوَلَ وَبَيعَ) فإن لم تُعلاّ في الفعل، لم تُعلاّ في اسم الفاعل، كعاوِرٍ وعاينٍ، وفعلهما (عَوِرَ وعينَ).

3- يُبدَلُ حرفُ المد الزائدُ، الواقع ثالثاً في اسم صحيح الآخر، همزةً، إذا بُني على مثال (مفاعِلَ) ولا فرق بين أن يكون حرف المد الفاً: كقلادةٍ وقلائد، او واواً كعجوز وعجائز، أو ياء: كصحيفة وصحائف.

 (فإن كان حرف العلة غير مد، كقسوة وقساور، وجدول وجداول، أو كان مداً غير مزيد: كمفازة ومفاوز، ومعيشة ومعايش، لم يبدل همزة، وإنما يرد إلى أصله كما رأيت. إلا ما سمي منه مبدلاً، فيحفظ ولا يقاس عليه: "كمصيبة ومصائب، ومنارة ومنائر. وقد قالوا أيضاً: "مصاوب ومناور"، على القياس).

فإن اعتلت لامُ هذا النوع، جمعتَهُ على مثال( فعالى): كقضية وقضايا، ومطية ومطايا ونقاية، وهراوة وهراوى. فإن كانت همزةً ابدلتها ياء: كخطيئةٍ وخطايا، فكأنها جمع خطية.

(هذا ما ذهب إليه الكوفيون. فإنهم قالوا: إن مثل هذه الجموع وزنه "فعالى" وهو مذهب خال من التنطع والتكلف.
وذهب البصريون إلى أن وزنه "فعائل" فخطيئة مثلا، جمعت على "خطايِء" بياء مكسورة هي ياء خطيئة، بعدها همزة هي لام الكلمة، ثم تحولت، بعد ضروب من الإبدال إلى "خطايا").

4- إذا توَّسطت الفُ ما جمع على مثال (مفاعِلَ) بين حرفيْ عل في اسم صحيح الآخر، ابدِلَ ثانيهما همزةً: كأوَّلَ وأوائلَ، وسيِّدٍ وسيائدَ، ونيّف ويائفَ.
والأصلٍ: (أواولٌ وسياودُ ونياوفُ) فإن توسطت بينهما الف (مفاعيلَ) امتنع الإبدالُ: كطاووس وطواويس.
فإن اعتلَّتْ لامُه جمعتَه على مثال (فعالى): كزاوية وزوايا، وراوية وروايا.

وزوايا ونحوها جاءت على مثال "فعالى" من حيث الحركات والسكنات وهي في الأصل على مثال "فواعل" لأن اصلها: "زوايي"، بياءين، اولاهما مكسورة. قلبوا كسرتها فتحة، ثم قلبوا الياء الثانية ألفاً، لتحركها وانفتاح ما قبلها، فاصرت إلى "زوايا" وإنما كان اصلها "فواعل"، لأن واوها اصلها ألف "فاعلة"، كما في "كاتبة وكواتب" واما واو "زاوية"، فقد انقلبت إلى الياء في "زوايا".

5- إذا كانت الواو مضمومةً بعد حرف ساكن أو مضموم، جاز قلبها همزة، كأدوَّر، (جمع دار) وحُؤول: (مصدر حال بينهما إذا حجز بينهما)، وجاز بقاؤها على حالها: كأدوُرٍ وحُوُولٍ. والأولُ أولى وأفصح.

 6- كلّ كلمة اجتمع في أولها واوان، وجب إبدالُ أولاهما همزة، ما لم تكن الثانية بجلا من الف المفاعلة.
ولا فرق بين أن تكون الثانية حرفَ مدّ: كالأولى (تأنيثِ الأول. واصلها: "الوولى" بوزن "الفُعلى")، اولا: كالأوَلِ: (جمع الأولى، واصلها: "الوُوَلُ بوزنِ "الفعل"، كالأخرى والأُخر، والفُضلى والفُضَل)، ومثلُ: "الأواقي والأواصل": جَمعي الواقية والواصلة". وأصلهما: "الوواقي والأواصل" بوزن "الفواعل" ومثلُ: "أُوَيْعِد": "مُصغر واعد وأصله وُوَيعدٌ"، بوزنُ فُعَيعل").

فإن كانت الثانية مقلوبة عن ألف المفاعلة، لم يجب الإبدال، بل يجوز وذلك مثلُ: وُورِيَ ووُوفي" مجهوليْ: "وارى ووافى": فلما بنِيَ الفعلُ للمجهولِ احتِيجَ إلى ضمّ ما قبلَ الألفِ، فقُلبتْ واواً. فإن ابدلتَ قلتَ: "أورِيَ وأوفيَ".

7- إن كانت فاءُ "افتعل" واواً أو ياءً، ابدِلت تاءً، ودعمت في تاءِ الإفتعال، وذلك: كاتَّصَلَ واتَّسَرَ واتَّقَى (والأصل: "إوْتصلَ وإيتسرَ وإوتْقى").
ويُشترَطُ في ذلك أن لا تكون الياءُ بَدَلاً من الهمزةِ، فلا تُبدلُ تاءً، كما في "إيتَمرَ" واصلُها: "إئتَمَرَ". وقد تُبدلُ على عِلَّةٍ كما في "اتّزَر" واصُلها: "إيتزَرَ" وأصلُ هذه: "إئتزَر"). ومنه الحديث: "إذا كان (أي الثوب) قصيراً فليتَّزرْ به.

 (وأجاز بعض النحاة (وهم البغداديون) الإبدال في المهموز. فقالوا: يجوز أن يقال من الاكل والأمانة والأهل والازار والأخذ: (اتكل واتمن واتهل واتزر واتخذ) وعلى القول الأول (وهو الراجح) يجب أن يقال: (ايتكل، ايتمن، ايتهل، ايتزر، ايتخذ) إلا إذا كانت (اتخذ) إلا إذا كانت (اتخذ) على (تخذ)، فالافتعال منها (اتخذ) قولا واحداً.
وكذا كانت (ايتكل) من (وكل إليه أمره يكله)، لأن أصلها حينئذ: (اوتكل)، فيكون إبدال الواو تاء على القاعدة. ويجوز أن تكون (اتخذ) مبنية على (وخذ)، وهي بمعنى(أخذ)، فالافتعال منها (اتخذ)، لأن أصلها (اوتخذ)، فأبدلت الواو تاء على القياس).

8- إن كانت فاءُ "افتعلَ" ثاء ابدلت تاؤه ثاءً، وادغِمَتا، كاثَّأرَ. واصلها: "اْثتأر".
وإن كانت فاؤُهُ دالاً أو ذالاً او زاياً، ابدلتْ تاؤه دالاً: كادَّعى واذَّدكرَ وازدهى (وأصلُها: ادْتعى واذْتكرَ وازتَهى).

وإن كانت فاؤهُ صاداً أو ضاداً أو طاءً أو ظاءً ابدلت تاؤُهُ طاءً: كاصطفى واضطجع واطَّرَدَ واضطلَمَ. (وأصلها: اصتَفى واضتَجَعَ واطترَد واظتَلَمَ).

ويحجوز الإدغامُ، بعد إبدالِ الدالِ والطاء، المبْدلَتينِ في تاءِ الافتعالِ، حرفاً من جنس ما قبلها: كاذَّكَرَ وازَّهى واصَّفى واضَّجعَ واظَّلمَ.
وقد يُعكَسُ الإبدالُ بعد الثاءِ المُثلَّثةِ والذالِ والظاءِ المُعجَمتين، بإبدال الثاءِ تاءً، والذالِ دالاً، والظاءِ طاءً: كاتَّأرَ وادَّكرَ واظَّلم. 
 
9- ما كانت فاؤهُ تاءً أو ذالاً أو زاياً أو صاداً أو ضاداً أو طاءً أو ظاءً مما هو وزنِ "تفاعَلَ" أو "تَفَعّلَ أو "تَفَعْلَلَ"، بحيثُ تجتمعُ التاءُ وهذهِ الأحرفُ - جاز فيه إبدالُ التاءِ حرفاً من جنس ما بعدها، مع إدغامها فيه، وذلك: كاثَّاقَلَ وادَّثَرَ وتّذكَّرَ وتَزَّين وتَصبَّرَ وتَضَرَّعَ وتَطَرَّبَ وتَظَلَّم" فأبدلتِ التاءُ حرفاً من جنس ما بعدها، ثم أُسكنَ لإدغامهِ فيما بعده فتَعَذَّرَ الإبتداءُ بالساكن، فأتي بهمزة الوصل تخلصاً من ذلك. ومثلها: "إدارأَ وادَّحرَجَ وادَّهورَ" وأصلها: "تَدارَأَ وتَدحرجَ وتدهورَ. وقد فُعِلَ بها ما فُعِلَ بها ما فُعِل بما سَبق، من الإبدال والإدغام واجتلاب همزة الوصل.

ورُبما جاءَ ذلك مع غيرِ هذه الأحرف، كقولهم، اسَّمع واشَّاجروا واسَّابقوا واصَّايحوا". (والأصل: تسَمَّع وتَشاجروا وتَسابقوا وتَصايَحوا" لكنه قليلٌ.

10- إذا وقت التاءُ ساكنةً قبل الدال، وجبَ إبدالها دالاً، وإدغامُها في الدال التي بعدها: كعِدّانٍ "جمعِ عَتود"، وهو الذكر من اولاد المِعْزى. والأصلُ "عِتْدانٌ" كخَرفٍ وخِرفان).

11- إذا وقعت النونُ الساكنةُ قبل الميمِ او الباء، ابدلت ميماً: كامْحَى. والأصلُ: "انمحى"، ومثل: "سُنْبُلٍ" فتلفَظُ "سُمْبُلٌ"، فإبدالها في اللفظ لا في الخطِّ.

12- الميم في "فمٍ" مُبدَلةٌ من الواو، لأنَّ اصله "فُوهٌ"، بدليل جمعه على "أفواهٍ" فحذفوا الهاء، وأَبدلوا الواوَ ميما.
فإن اضيفَ "الفمُ" رُجِعَ به إلى الأصل مثل: "هذا فُوكَ".
وتجوزُ إضافته، مع بَقاءِ الإبدال مثل: "هذا فَمُكَ".
ومنه حديثٌ "لَخَلوفُ فمِ الصائمِ اطيبُ عند اللهِ من رائحة المسك".

تعريف وقواعد الوقف.. قطع النطق عند آخر الكلمة

الوقفُ: قطعُ النُّطقِ عندَ آخر الكلمة. 
فما كان ساكنَ الآخر، وَقفْتَ عليه بسكونه، سواءٌ أكان صحيحاً: كاكتبْ ولم يكتبْ وعنْ ومَنْ، ام مُعتلاًّ كيمشي ويدعو ويخشى والفتى وعلى ومهما.

وما كان متحركاً، كيتبُ وكتبَ والكتابِ وأَين وَليْتَ، وَقفْتَ عليه بحذفِ حركته (اي بالسكون).
وإليك أشهرَ قواعد الوقف وأكثرها دَوَراناً:

1- إذا وقفتَ على مُنَوَّنٍ، حذفت تنوينه بعد الضمة والكسرة، وأسكنتَ آخرَهُ، مثلُ: "هذا خالدْ. مررتُ بخالدْ". فإن كانت الحركةُ فتحةً، ابدلتَ التنوينَ ألفاً، مثل: "رأيتُ خالداً". هذه هي اللغة الفُصحى وهي أرجحُ اللُّغاتِ وأكثرها. وربيعةُ تُجيزُ الوقفَ على المنوَّن المنصوب، كما يوقفُ على المرفوع منه والمجرور، فيقولون "رأيتُ خالدْ".

2- إذا كتبتَ "إذاً" بالألف معَ التنوين، طرحتَ التنوينَ، ووقفتَ عليها بالألف، وإذا كتبتها: "إذَنْ"، بنون ساكنة، أبدلتَ نونها ألفاً، ووقفتَ عليها بها. ومنهم من يقفُ عليها بالنون مطلقاً. وهو اختيارُ بعض النحاة. وإِجماعُ القُرّاءِ السبعة على خلافه.

3- إذا وقفتَ على نون التوكيد الساكنة (وهي الخفيفة)، ابدلتها الفاً، ووقفتَ عليها، سواءٌ اكتِبَت بالألف مع التنوين كقوله تعالى: {لَنسفَعاً بالناصيةِ}. أم كتبتْ بالنون، مثل: "اجتهدَنْ". فتقول في الوقف على لَنَسفَعاً. "لَنَسفَعا"، وفي الوقف على اجتَهدَنْ "اجتهِدا". قال الشاعر: "ولا تَعبُدِ الشيطانَ، واللهَ فاعبُدا"، أي: "فاعبُدَنْ".

4- هاءُ الضمير للمفرد المذكر، تُوصَلُ، في دَرْج الكلام، بحرف مد يجانسها، إلا إذا التقتْ بساكن بعدها، فمثل: رأيتهُ وسررتُ به، يُلفَظانِ: "رأيتُهُو سررتُ بِهي" فإذا وقفت عليها حذفتَ صِلَتَها (وهي الواوُ أو الياءُ)، فتقول: رأيتهْ "مررتُ بهْ"، إلا في ضرورة الشعر، فيجوزُ الوقف عليها بحركتها، كقول الرَّاجز: كأنَّ لونَ أرضهِ سماؤُهُ". ولو كان في النَّثرِ لوجبَ أن يقول: "سماؤهْ" بإسكان الهاء. 
أما "ها"، ضميرُ المؤنثة، فتقفُ عليها بالألف، مثل: رأيتها.

5- إذا وقفتَ على المنقوص، فإن كان منصوباً ثبتتْ ياؤُهُ، سواء أكان منوَّناً، مثلُ: (سمعنا منادياً) أم غيرَ منوَّنٍ، مثل: (طلبت المعالي). وما سقطَ تنوينه من الصَّرف، فهو ثابتُ الياء، كالمقترن بألْ، مثل: (رأيتُ مراكب في البحر جواري).

وإن كان مرفوعاً أو مجروراً، فإن كان منوَّناً، فالأرجحُ حذفُ يائه، كقوله تعالى: {فاقض ما أنت قاضْ}، ومثل: (مررتُ بقاضْ) ويجوزُ إثباتها، كقراءةِ ابن كثيرٍ: (ولكلّ قومٍ هادي ... وما لهم من دونه من والي) وإن كان غير منوّن، فالأفصح إثباتُ يائِه، مثل: (جاء القاضي، ومررتُ بالقاضي). ويجوزُ حذفها، كقوله تعالى: "وهو الكبير المتعالْ ... ليُنْذِرَ يوم التلاقْ" ووقف ابن كثير بالياء.

6- إذا وقفت على المقصور، فإن كان غيرَ منوّن، وقفتَ عليه كما هو: كجاء الفتى، وإن كان منوّناً، حذفتَ تنوينه، ورددتَ إليه أَلفه في اللفظ: "كجاء الفتى، ورأَيتُ فتى، ومررتُ بفتى" تقف عليه بلا تنوين.

7- إذا وقفتَ على تاء التأنيث المربوطة، كحمزة وطلحة وشجرة وقائمة وفاطمة، أَبدلتها في الوقف هاءً ساكنة، فتقول: (حمزهْ، وطلحهْ، وشجرهْ، وقائمهْ وفاطمهْ). هذه هي اللغة الفصحى الشائعة في كلامهم. فإن وصلتَ، رددتها إلى التاء، مثل: (هذا حمزةُ مُقبلا).

ومن العرب من يُجري الوقفَ مَجرى الوصل، فيقفُ عليها تاء ساكنة، كأنها مبسوطة، فيقول: "ذهب طلعتْ، وهذه شجرتْ! وجاءت فاطمتْ. وقد سُمع بعضهم يقول: "يا أَهل سورة البَقَرتْ؟ فقالَ بعض من سمعه: "والله ما أحفظُ منها آيتْ".

ومنه قولُ الرَّاجز:
الله نجَّاك بكفي مَسلمتْ -- مِنْ بَعْد ما، وبعْدِما، وبَعدَمتْ
صارتْ نُفوس القوم عند الغلصمتْ -- وكادَت الحُرَّةُ تُدعى أَمَتْ

فائدة:
إعلم أن تاء التأنيث التي حقها Hن تكون مربوطة "أي في صورة الهاء" قد رسمت في المصحف تارة بصورة التاء المبسوطة، مثل: إن شجرت الزقوم... وامرأت نوح... وامرأت لوط وتارة بصورة الهاء، مثل: "هذه ناقة الله إليكم آية ... خذ من اموالهم صدقة تطهرهم بها وتزكيهم" فما رسم منها بصورة عليه بالهاء، مراعاة للاصل: كابن كثير وابي عمرو والكسائي، ومنهم من يقف عليه بالتاء، مراعاة لرسمها بالتاء المبسوطة، كنافع وابن عامر وعاصم وحمزة، ووقف الكسائي على "لات" بالهاء، ووقف الباقون عليها بالتاء).

8- إذا وقفت على تاء التأنيث المبسوطة، فإن كانت ساكنة (وهي المتصلة بالفعل الماضي)، وقفت عليها تاء ساكنة، كما هي.

وإن كانت متحركة، فإن اتصلت بحرف، كرُبَّتَ وثُمّتَ ولعَلَّتَ، وقفتَ عليها تاء ساكنة فقط. وإن اتصلت باسم فإن كان ما قبلها حرفاً صحيحاً ساكناً، كأخت وبنت، وقفت عليها تاء ساكنة أيضاً، قولاً واحداً.

وإن كان ما قبلها ألفاً (وذلك في جمع المؤنث السالم والملحق به)، جاز الوقف عليها بالتاء وبالهاء ساكنتين، تقول: "جاءَت الفاطمات"، إذا وقفت بالتاء، و (جاءَت الفاطماه)، إذا وقفت بالهاءِ والاول ارجح واولى، وهو الشائع في كلامهم ومن الوقف عليها بالهاء قولهم: "كيف الأخوةُ والأخواهُ" وقولهم: "دفن البناه، من المكرماهْ".

أَحكام الوقف على المتحرك.. الوقف عليه بالسكون أو بالرَّوْم أو الإشمام أو بتضعيف الحرف الموقوف عليه أو بنقل حركته

لك في الوقف على المتحرك خمسة أوجه:
1- ان تقف عليه بالسكون. وهو الاصل، والكثير في كلامهم، المشهور عنهم.

2- أن تقف عليه بالرَّوْم، وهو ان تأتي بالحركة ضعيفةَ الصَّوت فلا تتمّها، بل تختلسها اختلاساً، تنبيهاً على حركة الأصل، فتحة كانت الحركةُ أو ضمة أو كسرة. ومنه الفرَّاء الوقف على ذي الفتحة بالرّوم واكثر القراء قد اختاروا قوله.

3- ان تقف عليه الإشمام، إن كان مضموماً (ولا إشمام في غيره).
والإشمام: إشارة الشفتين إلى الضمة، بعد الوقف بالسكون مباشرة، من غير تصويت بالحركة، ضعيف أو قويّ، وذلك بأن تضمَّ شفتيك بعد إسكان الحرف، وتدع بينهما بعض انفراج يخرج منه النفسُ، فيراهما الرائي مضمومتين، فيعلم انك اردت بضمهما الحركة المضمومة، وهذا إنما يراه البصير، لا الاعمى، وهو في الحقيقة وقف بإسكان الحرف. والضمةُ إنما يشار إليها بالشفتين.

4- أن تقف عليه بتضعيف الحرف الموقوفِ عليه، فيكون حرفاً مشدداً، مثل: "هذا خالدٌ، وقرأتُ المصحفَ. إلا إذا كان الآخر همزةٌ، او حرف علَّةٍ، أو ما كان قبله ساكناً، فلا يضَعَّفُ.

5- ان تقف عليه بنقلِ حركتهِ إلى ما قبله. مثلُ: "يَجْدُرُ بك الصَّبرُ. وعليه بالصِّبرْ".

وشرط الوقفِ بالنَّقل أن يكون ما قبلَهُ ساكناً، وان لا تكون الحركة المنقولة فتحة. فلا نقْل في مثل "جَعْفرُ" لتحرُّك ما قبل الآخر ولا في مثل: "تعوَّدَ الصبْرَ". لأن الحركة فتحة.

وأجازه الاخفش والكوفيون. فإنهم يقولون: "تَعوَّدِ الصَّبَرْ". فإن كان الآخرُ همزة جاز نقل فتحة الهمزةِ. قولا واحداً. فتقول في "اخرجتُ الخبْءَ: أخرجتُ الخَبَأْ".

ومن الوقف بالنقل: أن تقول في "اكتُبْهُ ولم يَكتُبه، واعَمْهُ ولم يَعلَمْهُ. وعدْهُ ولم يَعِدْه". "أكتبُهْ ولم يكتبُهْ، واعلَمُهْ ولم يعلمُهْ، وعدُهْ ولم يعدُهْ". ومنه قول الرّاجر:
عَجِبتُ والدَّهرُ كثيرٌ عَجَبُهْ -- مِن عَنَزيٍّ سَبَّني لم أَضْربُهْ

الوقف بهاء السكت.. كل متحرك تقف عليه بالسكون. جواز الوقف على بعض المتحكرات أيضاً بهاءٍ ساكنة

الوقف بهاء السكت:
كلُّ متحركٍ تقفُ عليه بالسكون. كما علمتَ. ويجوزُ ان يوقفَ على بعض المتحكرات أيضاً بهاءٍ ساكنة تسمّى "هاء السكت".

ولا تُزادُ هذه الهاء، للوقف عليها، إلاّ في المضارع المعتلِّ الآخر، المجزوم بحذف آخره، وفي الأمر المعتلَّ الآخر المبني على حذف آخره، وفي "ما الإستفهامية"، وفي الحرف المبني على حركةٍ، بناءً أصليّاً.
ولا يوقف بهاء السكت في غير ذلك، إلا شُذوذاً.

وإليك شرح ذلك:
1- إذا وقفتَ على مضارع، معتلِّ الآخر، لم يَتَّصل آخره بشيءٍ وقفتَ عليه بإثبات آخره ساكناً، في حالتيْ رفعهِ ونصبه.

فإن جزمته، فإن شئت وقفتَ على ما صار آخراً، مثل: "لم تَمْشْ، لم تدْعْ، لم تَخْشْ"، وإن شئتِ وقفتَ عليه بهاءِ السكت، لِيسهُلَ الوقفُ، وهو الأحسن، مثل: لم نمْشِهْ، لم تَدْعُهْ، لم تَخْشَهْ".

وكذلك المعتل الآخر، المبنيُّ على حذف آخره، فإنك تقول فيه: "امشْ ادْعْ، اخشْ" تقفُ بالسكو على ما صار آخراً وتقولُ: "إمشهِ، ادْعُه، اِخشَهْ" بالوقف على هاء السكت.

إلا إذا بقيَ الأمر على حرف واحد، مثل: "فِ وعِ وقِ"، وهي أفعالُ أمرٍ من "وفى يفي، ووعى يعي، ووقى يقي"، فحينئذ يجب الوقف عليه بهاء السكت وجوباً، مثلُ "فِهْ، عِهْ، قِهْ".

2- إذا وقعتْ "ما" الاستفهاميّةُ موقعَ المجرور، حُذِفَتْ أَلفها وجوباً، مثل: "على مَ عوَّلتَ؟ حَتَّامَ تسكت؟ إِلامَ تميلُ؟".

ومنه قوله تعالى: {عمَّ يتساءَلون؟ ... فيمَ أنتَ من ذِكراها}، ومثل: "مَجيءَ مَ جئتض؟ وثمرُمَ هذا الثّمر؟" ثم إذا وقفتَ عليها، فإن كانت مجرورة بالإضافة، وقفتَ عليها بهاءِ السكت وجوباً، مثلُ: "مجيءَ مَهْ؟ وثمرُ مهْ".

وإن كانت مجرورةً بحرف الجرِّ، فالأجودُ الوقوفُ عليها بهاءِ السكت، مثلُ: "عَمهْ؟ فِيمَهْ؟ حتامَهْ؟ إلامَهْ".

ويجوزُ الوقفُ على الميم ساكنة، مثلُ: عَمْ؟ فيمْ؟ علامْ؟ حَتّامْ؟". وقد تسكنُ الميمُ في الوصل، إجراء لهُ مجرَى الوقفِ، كقول الشاعر:
يا أبا الأَسوَدِ لِمْ خَلَيتَني -- لِهُمومٍ طارِقاتٍ وذكر
وكان حقُّه أن يقول: "لمَ"، لكنه وَصل كما يقف.

3- إذا وقفتَ على حرفٍ مبني على حركة، مثلُ: "رُبَّ ولَعلَّ وإنَّ ومُنذُ" وقفتَ عليه بالسكون.
وإن شئت وقفت عليه بهاء السكت، مثل: "رُبّهْ، لَعلّهْ، إنهْ، مُنْذُهْ".

ومن ذلك نون التوكيد المُشدَّدة، مثلُ: "لا تذهبَنَّ واذهَبنَّ"، فإنك، كما تقفُ عليها بالسكون، تقفُ عليها بهاءِ السكت، مثل: "لا تَذهبَنّهْ واذهبنَّه"، وهو الأحسنُ.

ومن ذلك النوناتُ اللاحقات للمثنى وجمع المذكر السالم والأفعالِ الخمسة.
فكما تقفُ عليهنَّ بالسكون، تقفُ عليهن بهاء السكت، تقول: "جاءَ الرّجلانِهْ، وأكرِم المجتهدونه والمجتهدونَ يُكرَمونَهْ".

وقدقُرِئَ في العشْر: "بعد أن تُولوا مُدبرينَهْ... إنه لَمِنَ الظالمينهْ... لعلَّهم إليه يَرجِعونَهْ"، بالوقف على هاتين النونين بهاء السكت.

4- الاسمُ المبنيُّ، إما أن يكون بناؤُهُ عارضاً، لسبب يزول بزواله: (كقَبْل وبَعد، واسمِ "لا" النافية للجنس المبنيّ)، فما كان كذلك، فلا يوقف عليه بهاء الكست.

وإما أن يكون بناؤه ملازماً له في جميع أحواله (كالضمائر وأسماء الإشارة، وأسماء الاستفهام ونحوها).

فما كان كذلك، وكان محرّك الآخر، وقفت عليه بالسكون أو بهاء السكت، وذلك مثلُ: "أين وأيَّان وكيف والذين وحذار وحيث" فإن شئت وقفت عليها بإسكان أواخرها، وإن شئت وقفت عليها بهاء السكت، مثل: "أينهْ، أيَّانَهْ، كيْفهْ، الذّينهْ، حذارهْ، حيْثهْ".

وكذلك الضمائر المتحركة، فإنك تقف عليها بالسكون، أن بزيادة هاء السكت فتقول: "أكرمتْ وأكرمتَهْ، وقُمتْ وقمنَه، وأنتْ وأنْتَه، ويَجتهدْنَ ويَجتهدنَهْ، وانُتنْ وأنتُنَّهْ، وهنّ وهنَّهْ، وأكرمتَهن وأكرمتهنَّه".

أما (أنا) ضمير الواحد المتلكم، فمن قال إنَّ الألف في آخره زائدة، لبيان حركة النون عند الوقف، أجز الوقفَ عليه بإثباتها، وأجاز حذفها والوقف عليه بهاء السكت، مثلُ "أنَهْ". ومن قال إنها أصليةٌ. وقف عليه بها.

فائدة:
من قال إن الألف في "أنا" زائدة، أثبتها في الوقف، وأسقطها في الوصل "أي في درج الكلام"، فيلفظ "أَنا فعلت"، باسقاط الألف لفظاً لا خطاً. ومن قال انها اصلية، اثبتها في الوصف والوقف.

وذكر سيبويه ان من العرب من يثبت أفها في الوصل: فيقول "أنا فعلت": ينطق بالألف. وبذلك قرأ نافع في قوله تعالى: {أنا أحيي وأميت} - وقوله: {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} باثبات الألف في اللفظ. ومنه قول الشاعر:
أنا سيف العشيرة فاعرفوني -- حميد قد تذريت السناما
وقول الراجز: "أنا ابو النجم، وشعري شعري".

وإذا وقفت على "هُوَ وهِيَ"، قلت: هُو وهي" بإسكان الواو والياء، و "هُوَهْ وهِيَهْ" بزيادة هاءِ السكت. وفي التنزيل: "وما أَدراك ما هِيَه؟".
وقال الشاعر:
إذا ما تَرَعْرَعَ فينا الغُلامُ -- فما إنْ يُقالُ لهُ: مَنْ هُوَهْ؟

هذا في لغة من فتح الواو والياء، في "هو وهيَ" في الوصل. أما من سكنها في درج الكلام، قفلا يقف بهاء السكت بل بالواو والياء ساكنتين، كما ينطقُ بهما كذلك في الدَّرج.

أما ياء المتكلم، فمن العرب من يسكنها في الوصل، فإذا وقف عليها بسكونها مثل: "الله أعطاني، هذا غلامي"، أو حذفها وأسكن ما قبلها، فتقول: اللهُ أعطانْ، هذا غلامْ" وعلى ذلك قراءةُ أَبي عمروٍ: {ربي أكرَمَنْ .... ربي أهانَنْ}، وقول الشاعر:
فَهَلْ يَمْنعني ارتيادي البلا -- دَ من حذَرِ الموتِ أن يأتيَنْ
ومِن شانيءٍ كاسف وجْهُهُ -- إذا ما انتَسبْتُ لهُ أنكَرنْ

ومنهم من يفتحها في الوصل. فيقول: "أَعطانيَ اللهُ، غلاميَ قد جاءَ".
فإذا وقف عليها فبإسكانها: أو ألحق بها هاء السكت، مثل: "الله اعطانِيَهْ، هذا غلامِيَهْ". ومنه قوله تعالى: {ما أغنى عني ماليه. هَلَكَ عني سلطانِيَهْ}.

تعريف الخط.. تصوير اللفظ بحروف هجائه التي ينطق بها وذلك بأن يطابق المكتوب المنطوق به من الحروف

الخط: تصويرُ اللفظِ بحروف هِجائه التي يُنطَقُ بها، وذلك بأن يُطابق المكتوبُ المنطوقَ به من الحروف.

والأصلُ في كل كلمةٍ أَن تُكتبَ بصورة لفظها، بتقدير الإبتداءِ بها والوقف عليها.
وهذا أَصلٌ معتبرٌ بالكتابة.

ومن أَجل ذلك:
كتبوا هَمَزاتِ الوصل في درج الكلام، وإن لم يُنطق بها، لأنه إذا ابتُديءَ بالكلمات، التي هي أَولها، نُطقَ بهمزاتها، مثلُ: جاءَ الحقُّ، وسافر ابنُكَ"، فإنك، إن قدَّمتَ وأَخرتَ، فقلتَ: "الحقُّ جاءَ، إبنكَ سافرَ"، نطقتَ بالهمزة: إلاّ إذا سبقت "أَل" لامُ الجرِّ او لامُ الإبتداء، فَتُحذفُ همزتُها، مثلُ: "للرَّجلِ، للمرأَة، لَلرَّجل أقوى من المرأة، وللمرأَة أَرقُّ عاطفةً منه".

وكتبوا هاءَ السكتِ في نحو: "رَهْ زيداً، وقِهْ نَفْسَكَ"، لأنك في الوقف تقول: "رَهْ وقِهْ".

وكتبوا ألفَ "أنا"، معَ أنها لا تُلفظُ في دَرْج الكلام، لأنها إذا وُقِفَ عليها، وُقِفَ عليها بالألف.
ومن ذلك قوله تعالى: {لكنَّا هو اللهُ ربي}، لأن اصله: "لكنْ أَنا".

وكتبوا تاءَ التأنيث، التي يوقف عليها بالهاء، هاءً: كرحمة وفاطمة، وكتبوا التي يوقف عليها بالتاء، تاءً: كأختٍ وبنتٍ ورَحمات وفاطمات.

ومن وقف على الأول بالتاء المبسوطة، كتبها بالتاء كرَحْمتْ وفاطمتْ ومن وقف على الأخرى بالهاء، كتبها بالهاء: كرَحماهْ وفاطماهْ.
وكتبوا المُنَوَّن المنصوب بالألف، لأنه يوقفُ عليه بها، مثل: "رأيتُ خالداً".

وكتبوا "إذاً"، ونونَ التوكيد الخفيفة: كاكتُبا، بالألف، لأنه يوقف عليها. ومن وقف عليهما بالنون، كتبهُما بالنون، مثل: "إذَنْ واكتُبَنَّ" كُتبَ كلُّ ما كتب اعتباراً بحال الوقف.

وكتبوا المنقوصَ، الذي حذفت ياؤُهُ للتنوين: كقاضٍ ونحوه، بغير ياءٍ، لأنه يوقف عليه بها. ومن وقف على الأوَّل بالياءِ، أثبتها في الخط: كقاضي ومن وقف على الثاني بحذفها، حذفها من الخط: كالقاضْ. والأول أفصح. كما مرَّ في باب الوقف. 

وكتبوا مالا يمكنُ الوقف عليه، من الكلمات، متصلا بما بعده، وما لا يمكن الابتداءُ به، متصلا بما قبله.
فالأول: كحروف الجرِّ الموضوعةِ على حرفٍ مواحد، مثلُ: "لخالدٍ، وبالقلمِ. والثاني: كالضمائر المتَّصلة، مثلُ: "منكم، وأَكرمتكم".

أَما الحروفُ التي تقعُ في الحشو (أي ما بين الابتداءِ والوقف) فَتُرسمُ كما تلفظ، لا يغَيَّرُ من ذلك شيءٌ، إلا ما كان من أمر بعض الأحرف، في بعض كلمات محصورة، قد خالفَ رسمُها لفظها، وسنذكرها لك، وإلا ما كان شأن الهمزة، وستعرف امرها.

ما خالف رسمه لفظه.. كلمات تكتب على خلاف لفظها

ما خالف رسمه لفظه:
هناك كلمات تُكتبُ على خلاف لفظها.

ومخالفةُ الرسمِ واللفظ، إما أن تكون بحذف حرفٍ حَقهُ أن يُكتب تبعاَ للفظه.

وإما أَن تكون بزيادة حرف يكتبُ ولا يُلفظ، وكان من حقه ان لا يكتب.

وإما ان تكون برسمِ حرفٍ يُكتب على خلاف لفظه، وكان من حقه ان يُرسم على لفظه.

ما خالف رسمه لفظه - ما يلفظ ولا يكتب.. ما كان مبدوءا بلام. الذين. الكلمات التي تحذف منها الألف

فأما ما يُلفظُ ولا يُكتب، فذلكَ، في كلماتٍ نَسرُدُ عليك اكثرها استعمالا.

(1) تُكتب (الذين) بلامٍ واحدة، وتلفظ بلامينِ، لأنها مشدَّدة.

(2) ما كان مبدوءاً بلام كلبنٍ ولحمٍ، ثم دخلت عليه (ألْ): كاللبنِ واللحمِ، ثم دخلت عليه لامٌ، فحينئذٍ تجتمعُ ثلاث لامات.

فإذا اجتمعنَ فلا يُكتَبْنَ كلهنَّ. بل يُكتفى بلامين فقط، مثلُ: "اللَّبن منافعُ كثيرة، ولِلحمِ فوائدُ ومَضارُّ، واللَّبن أنفعُ من اللحم.

وهكذا إذا اجتمعت ثلاثُ لاماتٍ في كلمة، اكتفيتَ باثنتين، فتقولُ في (اللَّذانِ واللَّتان واللاّتي واللاّئي واللَّواتي)، إذا دخلت عليهنَّ اللام: "أَحسنتُ لِلذَين اجتهدا، وللتين اجتهدتا" الخ.

(3) تُحذفُ الألف في كلماتٍ هذه اشهرها:
1- الله.

2- الرحمن، مُعَرَّفاً بالألف واللام. وقَيَّدَ بعضهم الحذف في حال العلمية، وأثبتها في غيرها: وقيده بعضهم في البسملة، واثبتها فيما عداها. 

3- إله، نكرةً ومعرفةً، مثلُ: (إنما إلهكم إلهٌ واحد - أَجَعلَ الآلهة إلها واحداً). واما إلاهة والإلاهة، فتثبت أَلفهما، كما رأيت. وقُرِئَ في الشذوذ: "ويذرك وإلاهتك"، وفي غير الشذوذ: "(والهتك)، وبالجمع. 4- الحرث، علماً مقترناً بأل، ومنهم من يكتبه "الحارث" بإثبات الألف.

5- لكن.
6- لكنَّ.
7- سموات، جمع سماء. ومنهم من يكتبها في غير القرآن الكريم: "سماوات". بالألف.

8- يا، حرف النداءِ، قبلَ "أَيها" مثلُ: "يأيها الذينَ آمنوا، وقبلَ "أَهلٍ"، مثلُ: "يأهلَ الكتابِ، وقبلَ كلِّ عَلَمٍ مبدوءٍ بهمزةٍ، مثلُ: "يإبراهيم". ويجوز في غير القرآن الكريم، إثباتُ ألف (يا)، وهو المشهور بين الكتاب: مثلُ: يا أيها، يا أهل، يا إبراهيم".

9- منهم من يحذف الالف من كل علم مشتهر. كإسحق وإبرهيم وإسمعيل وهرون وسليمن وغيرها. والافضل إثباتها، في غير القرآن الكريم.

10- منهم من يحذفها في الجمع السالم مذكراً ومؤَنثاً: كالصلحين والقنتين والصلحت والقنتت والحفظت. تبعاً لحذفها في المصحف الأمِّ. والأفضل إثباتها. كالصالحين والقانتات والحافظات، لأن خطَّ المصحف لا يقاس عليه.

(4) تُحذفُ الفُ (ها) التَّنبيهيّةِ، إذا دخلت على اسم الإشارة، مثل: "هذا وهذه وهؤلاء".

(5) تُحذف الفُ (ذا) الإشاريَّة، إذا لحقتها اللامُ، مثلُ: "ذلك وذلكما وذلكم وذلكنَّ" ومنهم من يثبتها في غير (ذلك).

(6) كلُّ حرفٍ يُدغمُ في حرفٍ مثلهِ، او مخرجه، يُحذفُ خطاً ويُعَوضُ عنه بتشديد الحرف الذى ادغمَ فيه مثلُ: "شدَّ، والنساءُ أَمِنَّ واستعنَّ، ونحنُ أمِنَّا واستعنَّا، وآمنّي، ولم يُمكنِّي، ومِمنِ وغَمن، وإلا تجتهدْ تندمُ، وإما تجتهد تنجحْ، وأُحبُّ ألاّ تكسلَ ونِعمّا تفعلُ"، ونحو ذلك. ومنهم من يُثبتُ نون "أن"، إذا جاءَ بعدها "لا": احبُّ ان لا تكسلَ".

ما خالف رسمه لفظه - ما يلفظ على خلاف رسمه.. كل ما رسم ياء مما تلفظ ياؤه أَلفاً

ما خالف رسمه لفظه - ما يلفظ على خلاف رسمه:
ذلك نحو: "إيجَل": فعل أمرٍ من "وَجِلَ يَوْجَلُ". وأصله: "إوْجَلْ، قلبت واوه ياءً لسكونها وانكسارِ ما قبلها.

فإذا وقت "إبجَلْ" في درج الكلام، بعد حرفٍ مضموم، مثل: "يا فلانُ إيجَل"، فلا يغيَّرُ رسمُ الياءِ، لكنها تُلْفظ واواً، هكذا: "يا فلانُ إِوجَلْ".

ومثله كلُّ أَمرٍ من المثال الواوي، المفتوح العين في المضارع كوَدَّ، والأمر منه "إيدَدْ" فإذا قلتَ: (يا فلان إيدَدْ)، لفظت ياءَه واواً.

وكلُّ ما رسم ياءً، مما تُلْفظ ياؤه أَلفاً، كرمى وادَّعى واستدعى والرَّحى والهُدى والمسعى والمصطفى والمستشفى، فهو مما يلفظ على خلاف رسمه.

أنواع الهمزة في أول الكلمة.. همزة الأصل. همزةُ المخبر عن نفسه. همزة الاستفهام. همزة النداء. همزة الوصل. همزة الفصل

الهمزة أول الكلمة، على ستةِ أنواعٍ:

- الأولى: همزة الأصل، وهي التي تكون في بِنْيةِ الكلمة: كهمزة "أَخذ وأَبٍ وأُمٍ وأُختٍ وإنَّ وإنْ وإذا".

- الثانيةُ: همزةُ المخْبرِ عن نفسه، وهي التي تكون أول المضارع المُسند إلى المتكلم الواحد: كهمزة "أَكتُبُ وأَقرأُ وأُحسِنُ".

- الثالثة: همزة الاستفهام، وهي كلمةٌ برأسها، يُؤْتى بها للاستخبار عن أَمرٍ مثل: "أَتكون من الفائزين"؟.

- الرابعةُ: همزةُ النداءِ، وهي كلمةٌ برأْسها أيضاً، يؤتى بها لنداء القريبِ. مثل: "أعبدَ الله"، تُناديه وهو منك قريبٌ.

- الخامسة: همزة الوصل.
- السادسة: همزة الفَصْل (وتسمى همزةَ القطع أيضاً).

حالات كتابة الهمزة.. حرف لا صورةَ له في الخط وإنما يكتب غالبا بصورةِ الألف أو الواو أو الياء

الهمزةُ: هي التي تقبلُ الحركاتِ: فإن رُسمت على ألفٍ، سُميت (الألف اليابسة) أيضاً: كأعطى وسأل والنّبأ. وتقابلها الألفُ اللينةُ، وهي التي لا تقبلُ الحركاتِ، كألف "قال ودعا ورمى".

والهمزة تقعُ في أول الكلمة: كأعطى، وفي وسطها: كأل، وفي أخرها: كالنبأ.
والألفُ الليّنة تقعُ في حشو الكلمة: كقال، وفي آخرها: كدعا. ولا تقعُ في أَوَّلأها. لأنها لا تكون إلا ساكنة وأول الكلمة لا يكون إلا متحركاً.

والهمزةُ حرفٌ لا صورةَ له في الخط، وإنما يُكتبُ غالباً بصورةِ الألفِ أو الواوِ أو الياءِ، لأنها إن سُهِّلتِ انقلبت إلى الحرف الذيُ كتبت بصورته.

لذلك نرى أنهم لم يراعوا في كتابتها هجاءَها، إلا إذا ابتُدئَ بها. أما إن تَوسطت أو كانت في موضع الوقف، فلم يراعوه، بل راعَوْا ما تُسهّل إليه في الحالتين، فكتبوها على ما تُسهّل إليه من ألفٍ او واوٍ او ياءٍ والتي لم تُسهَل لم يكتبوها على حرف، بل رسموها قطعةً منفردةً هكذا: (ء).

فالقياسُ في كتابة الهمزةِ أَن تُكتبَ بالحرف الذي تُسَهَّلُ إليه إذا خُفَّفَت في اللَّفظِ، فالهمزةُ في مثل: "سألَ وَقرأ ويَسأل ويقرأ" في مثل: "سؤالٍ وزُؤَامٍ ولُؤْمٍ ومُؤَن ولؤلؤ" تُكتب بالواو، لأنها إذا خففَت تُلفظُ واواً، فتقولُ: "سُوالٌ وزُوامٌ ولُومٌ ومُوَنٌ ولُوُلو"، وفي مثل: ذِئابٍ وخطيئةٍ ومئةٍ وفِئةٍ ولآليءَ، تكتبُ بالياءِ، لأنها تُسهَّلُ إليها، فتقول: "ذيابٌ وخَطيَّة وميَةٌ ولآلي".
والهمزةُ، إما أَن تكون في أَوَّل الكلمةِ، أو في وسطها، او في آخرها.

وتَوَسطُها إما أن يكون حقيقيًّا كما في "سأل ويَرْؤُف ومسألةٍ"، وإما أَن يكون عارضاً، وذلك إذا تَطرَّفتْ، واتَّصلت بضميرٍ، او علامةِ تأنيث أَو تثنيةٍ، او جمعٍ، او نسبةٍ، او أَلفٍ المُنَوَّن المنصوب.

رسم / كتابة الهمزة المبدوءِ بها.. متحركةً محققة النطق بها يجب إثباتها في الخطِّ على صورةِ الألف بأية حركة تحركت وفي أية كلمة وقعت

الهمزةُ المبدُوءُ بها لا تكونُ إلا مُتحركةً محقَّقة النطقِ بها. ويجبُ إثباتها في الخطِّ على صورةِ الألف بأيَّةِ حركةٍ تحرَّكتْ، وفي أيَّةِ كلمةٍ وقعتْ، وذلك مثلُ: "أمَلٍ وإبلٍ وأحُدٍ واقعُدْ وأخذ وأجلَسَ وأَخٍ وإخوةٍ وإسمٍ وإصبعٍ وإحسانٍ" ونحو ذلك.

فإن وقعت هذه الهمزةُ المبدوءُ بها بعد همزةٍ من كلمةٍ أخرى، بَقيت على حالها من الخطّ، كما لو كانت مبدوءاً بها، مثلُ: (يجب أَن ينشأ أَولادنا على العمل لإِحياءِ آثارِ السّلفِ الصالح).

وإذا وقعت همزاتُ القطعِ والأصلِ والمُخبرِ عن نَفسهِ بعد همزة الاستفهام، كُتبت بصورةِ الألف، كما لو وقعت ابتداءً، قال تعالى: {أَأَنتم أشدُّ خلقاً؟ - أَإِلهٌ معَ الله - أَإِذا مِتنا؟}. وتقول: (أَأَجيئُكَ أَم تجيئُني؟). ويجوز أن تزيد بين الهمزتين ألفاً لا تُكتبُ وإنما تُعوَّضُ عنها بِمدَّةٍ بينهما، فتقولُ: (آأَنتَ فعلتَ هذا؟) قالَ ذو الرَّمَّةِ:
فَيا ظَبْيَةَ الوَعْساء بَيْن جُلاجِلٍ -- وَبينَ النَّقا، آأنتِ؟ أَمْ أُمُّ سالِمِ؟

وإذا وقعت بعدها همزةُ الوصل أسقطتْ همزةُ الوصلِ من الكتابة، كما تَسقطُ من اللَّفظ، لضعفها وقوَّةِ همزةِ الاستفهام.

وليس في هذا الإسقاط التباسٌ، لأن همزةَ الاستفهامِ مفتوحةٌ، وهمزةَ الوصلِ مكسورةٌ، قال تعالى {أتخذناهم سِخْريّا، أَم زاغت عنهم الأبصارُ! - أَطَّلعَ على الغَيبِ؟} وتقولُ: "ابْنُكَ هذا أَم أَخوك؟"، وتقولُ: "أسمُكَ حَسنٌ أَم حُسَينٌ؟" ومن ذلك قولُ ذي الرِّمةِ:
أَسْتَحْدَثَ الركْبُ عن أَشياعهِم خَبَراً -- أَمْ راجَعَ القَلْبَ من أَطْرابهِ طَرَبٌ؟

ولا تجري همزةُ "أَلْ" هذا المجرى، وإن كانت للوصل، لأنها مفتوحةٌ، وهمزة الاستفهام مفتوحة، فتلتبسُ الهمزتانِ إحداهما بالأخرى. وحينئذ يختلط الإخبار بالاستخبار (أَي الكلامُ الخبري بالكلام الاستفهامي)، فلو قلت: "الشمس طلعت" فلا يدري السامعُ: "أَأَنتَ تخبرُ عن طلوع الشمس؟ أَم أَنت تستفهم عن طلوعها" والوجه أن تُبدل همزةُ "أَل" أَلفاً ليّنة في اللفظ، يُستغنى عنها بالمدَّة، فتقولُ: "آلرجلُ خيرٌ أَم المرأَةُ؟".
قال تعالى: {آللهُ أَذِنَ لكم؟ - آلذَّكرينِ حَرَّمَ أم الأنثيَيْن؟ - آلآنَ وقد عَصَيْتَ قبلُ؟".

هذا ما يراه الجمهور الأعظم من النحاة في اجتماع همزة الاستفهام وهمزة "أل".
وفي كتاب (الكتّاب) لابن درستويه ما يدل على أنه لا فرق بين همزة "أل" وغيرها من همزات الوصل وعلى أنها تجري هذا المجرى، وإن كانت مفتوحة، لأنها أكثر استعمالا من سائر ألفاظ الوصل وما قاله هو القياس.

وأما التباس الإخبار بالاستخبار، فقرينة الكلام تعين المراد. ولا يكون هذا الاختلاط إلا في بعض المواضع. فليكن المنع حيث لم يؤمن اللبس.

على أنهم لم يجروا على القياس، حذر الالتباس، فكان عليهم أن لا يجيزوا حذف الاستفهام من الكلام، وقد أجازوها اعتماداً على قرينة لفظية، مثل: "ما أدري: في ليل رحل القوم، أَم في نهار؟ أي: أَفي ليل؟ وكقول عمر ابن أبي ربيعة:
بدا ليَ مِعصم حين جمَّرت -- وكفٌ خضيبٌ زُينت ببنان
فوالله ما أدري وإن كنت داريا -- بسبع رمين الجمر أَم بثمان؟

أَي: أبسبع؟ والقرينة اللفظية هنا هي "أم"، التي تكون بعد همزة الاستفهام في السؤال عن أَحد الشيئين. وقد يكون الحذف اعتماداً على قرينة معنوية، يعتمد فيها على فطنة السامع كقول الكميت:
طربت، وما شوقاً إلى البيض أطرب -- ولا لعباً مني، وذو الشوق يلعب
أي: "أو ذو الشوق يلعب؟".

ومنه قول المتنبي:
أحيا؟ وأيسر ما قاسيت ما قتلا -- والبين جار على ضعفي، وما عدلا
أراد: "أَأَحيا؟". وفي الحديث: "وإن زنى؟ وإن سرق؟"، أي: "أو إن زنى أو إن سرق؟" وفي شرح المغني للدماميني: نقلا عن الجني الداني لابن قاسم: إن حذفها مطرد إذا كان بعدها "أَم": لكثرته نظما ونثراً.

قال الدماميني: "قلت: وهو كثير مع فقد "أَم". والاحاديث طافحة بذلك". وتحقيق قول ما قاله الاخفش من ان حذفها جائز اختياراً في نظم أَو نثر، إذا أَمن اللبس. فإن أدى الحذف إلى الالتباس، فلا يجوز قولاً واحداً. 

فأنت ترى أَنهم أجازوا حذف همزة الاستفهام. ومنعوا حذف همزة "أل" بعد همزة الاستفهام. والمسألتان واحدة. فإذا قد أَجازوا أَن تحذف همزة الاستفهام، حيث يؤمن اختلاط الإخبار بالاستخبار، فينبغي أَن يجيزوا حذف همزة "أل" بعد همزة الاستفهام حيث يؤمن الالتباس، قياساً على غيرها من همزات الوصل والحق أَن حذفها، بعد همزة الاستفهام، جائز قياساً عند أَمن اللبس. وقد تقدم القول فيما جنح اليه ابن درستويه في كتاب (الكتّاب) من جواز ذلك).

رسم / كتابة الهمزة المتطرفة.. ما قبلها ساكن أو متحرك. حكم الحرف الساكن لأنها في موضع الوقف من الكلمة

حُكمُ الهمزةِ المتطرِّفة حكمُ الحرفِ الساكن، لأنها في موضع الوقفِ من الكلمة، والهجاءُ موضوعٌ على الوقف.
وهي إما أَن يكون ما قبلها ساكناً أو متحرّكاً:

فإن كان ما قبلها ساكناً، كتِبت مُفردةَ بصورةِ القطعِ هكذا: (ء)، مثلُ: "المَرْءِ والجزءِ والدفءِ والخَبْءِ والشيءِ والنَّوءِ والنشْءِ والعبْءِ، ويَجيءُ ويَسوءُ والمَقروءِ والمشنُوءِ والهنيءِ والمَريءِ والبريءِ والسوءِ والضياءِ والوضوءِ، وجاءَ وشاءَ".

وإنما لم تكتب بصورة حرف من أَحرف العلة يكون كرسياً لها، لأنها تسقط من اللفظ إذا خففت عند الوقف، لالتقاء الساكنين. إذا جاز حذفها عند الوقف فلا ترسم، ولانها تبدل من حرف العلة قبلها وتدغم فيه مثل: "الشيء والنوء والمقروء والهنيء"، فيقال: "الشي والنو والمقرو والهني".

وإن كان ما قبلها متحركاً، كُتبت بحرفٍ يناسبُ حركةَ ما قبلها، مهما كانت حركتُها، لأنها إن خُففت في اللفظ موقوفاً عليها، نُحيَ بها مُنحى ذلك الحرف:

فترتكز على الألف في مثل: "الخطأ والنبأ وقرأ ويقرأُ ولم يقرأ واقرأ وتوَضَّأ ويتَوَضَّأ ورأَيتَ امرَأَ القَيْس".

وعلى الواو في مثل: "التهيُّؤِ والتَّواطؤِ والأكمُؤ واللؤلؤ والجُؤجُؤ والتَّنَبء وجَرُؤَ ومَرُؤَ ورَدُؤَ، وهذا امرُؤُ القيس".

وعلى الياء في مثل: يَتَّكىءُ ويستهزِئُ وصَدِيءَ وضِئْضيء وناشيء وقاريء، ومررتُ بامرئ القيس".

رسم / كتابة الهمزة المتوسطة الساكنة.. تكتب على حرف يناسب حركة ما قبلها

رسم الهمزة المتوسطة الساكنة:
إذا تَوسَطت الهمزة ساكنةً، كُتبت على حرف يناسبُ حركة ما قبلها:

تُكتبُ على الألف في مثل: "رأْسٍ وكأْسٍ ويأْمُل - ولم يقرأْه ولم يَشأْهُ ونشأْتُ وقرأْنا".

وتُكتبُ على الواو مثل: "لُؤْمٍ ويُؤمِنٍ ومؤمِنْ واؤْتُمِنْ ولؤلؤ - ولم يَسؤْهُ وبُؤْتُ وجَرُؤْتُ وجَرُؤا ويجرُؤْنَ".

وعلى الياءِ في مثل: "بِئرٍ وذِئْبٍ وائْتِ وائْذَن - وجِئْتُ وجِئْنا ويَجِئْنَ وأَنبِئْه ولم يُنبِئه".

رسم / كتابة الهمزة المتوسطة المفتوحة.. بعد حرف متحرك. توسطت الهمزة مفتوحة بعد حرف ساكن. إذا لزمَ من كتابتها ألفاً اجتماع ألفين

رسم الهمزة المتوسطة المفتوحة:
1- إن توسطت الهمزة مفتوحةً، بعد حرفٍ متحرك، كُتبت على حرفٍ يُجانسُ حركةَ ما قبلها.

فتُكتبُ على الألف في مثل: "سألَ ورأَبَ وسآمةٍ وضآلة ومآل - وخَطآنِ حِدَآت وأصلحتُ خَطَأهُ وسمعتُ نبأهُ ورأَيتُ حِدَأَة وقرأا ويقرأانِ وبدأا ويَبْدَأانِ.

وعلى الواوِ في مثل: "مؤنٍ وتُؤدةٍ ومُؤَوِّل ويُؤمَلُ ومُؤَرّخ وسُؤالٍ وامرؤَانِ ولُؤْلؤَينِ ولُؤلؤاتٍ واشتريتُ لُؤلؤةً وأكلت أكمُؤَةً وجَؤُؤا يجْرُؤانِ".

وعلى الياءِ في مثل: "ذِئابٍ ورئاسةٍ وافتئاتٍ وفِئَةٍ ومِئَةٍ ومِئاتٍ وفِئاتٍ وقارِئانِ وقارئاتٍ ورأَيتُ قارئةُ وقارئَيْه ومُنشِئَهُ ومُنشِئَيهِ".

2- إذا توسطت الهمزةُ مفتوحةً بعد حرفٍ ساكن، توَسطاً حقيقيًّا، كتبت على الألف (إن لم تُسبق بألف المدّ) مثلُ: "يَيْأسُ ويسألُ ومسألةٍ وجَيْأل والسمَوْأل ومَلأمةٍ وتَوأَم ومَلآنَ وظمآن والقُرآن" فإن سُبقت بألفِ المدِّ، كُتبت منفردة، مثل: "ساءَلَ وتساءَلَ وساءَلوا ويتساءَلُ".

فإن كانت شبهَ متوسطةٍ، كُتبت منفردة بعد حرف انفصال، مثل: "جاءَا وشاءَا وجُزءَانِ وضَوْءَانِ ومخبوءَينِ ومخبُوءَات وقرأَ جُزءَهُ ورأَى ضوءَه وكساءَه". وعلى شبه ياء بعد حرف اتصال، مثلُ: "شيئانِ وعِبئان وشيئينِ وعِبئَينِ ورأَيت شيئَهُ وفَيئَهُ وعِبئَهُ ونَشْئَهُ وخَبيئَهُ".

3- إذا لزمَ، من كتابة الهمزة ألفاً، اجتماعُ ألفينِ: الهمزِ، وأَلفِ المدِّ، فإن سبقت أَلفُ المدِّ أَلفَ الهمزِ، كتبتَ ألفَ المدِّ وحدَها، ورسمتَ ألف الهمز قطعةً منفردةً بعدها، مثلُ: "تضاءَل وتساءَمَ وتَثاءَب" وإن سبقت أَلفُ الهمزِ أَلفَ المدِّ، كتبتَ أَلفَ الهمزِ وطرحتَ أَلفَ المدِّ مُعَوّضاً عنها بمدَّة، تُكتبُ على طرف أَلف الهمز، مثلُ: السآمةِ والشآمِ والقرآن والملآن والنَّبآن والملجآنِ".

ويُستثنى من ذلك أَن تكون أَلفُ المدّ أَلفَ الضمير، فتُكتب هيَ وأَلفُ الهمزِ معاً، مثل: "قَرأا واقرأا ويَقْرأانِ ولم يَقرَأا". هذا رأْيُ جمهور العلماء.

ومنهم من يحذفُ ألفُ المدّ مُعَوِّضاً عنها بالمدَّة، مثلُ: "قرآ واقرآ ويقرآنِ ولم يَقْرَآ". وهذا هو القياس. وهو أَيسرُ على الكاتب ومنهم من يكتب الهمزَة منفردةً، لا على الفٍ، ويُثبتُ الف الضمير بعدها، مثلُ: قَرَءَا واقرَءَا ويَقْرءَان ولم يَقْرَءَا".

اما إثباتهم الألفين في الفعل، مع استكراههم ذلك في نحو "سآمة وظمآن وخَطآنِ" فلعلَّهم فرقوا بين أن تكونَ الفُ المدّ ضميراً او غيرَ ضمير، لأن الألفَ هنا ضميرُ الفاعل. والفاعلُ أشدُ لُصوقاً بالفعل من غيره، فلا يُستغنى عنه فكتبوها لذلك.

كتابة الألف المتطرفة.. آخر الفعل. اسم معرب عربي. اسمٍ مبني. آخر حرف. آخر اسم أعجمي

ما هي الألف المتطرفة؟

الالفُ المتطرفةُ، إما أن تكونَ آخرَ فعلٍ: كدعا ورمى وأعطى، وإما أن تكون آخرَ اسم مُعربٍ عربيّ: كالفتى والعصا والمصطفى.
وإما أن تكون آخرَ اسمٍ مَبنيٍّ: كأنا ومهما.
وإما أن تكون آخرَ حرفٍ: كعَلى ولولا.
وإما أن تكون آخرَ اسم أعجمي: كموسيقا.

أنواع وأحكام الألف المتطرفة:

فهي خمسة أنواع ولكلّ نوع حكمهُ في الرسم. وإليك بيان كلّ نوع منها:

(1) و (2) إن تطرَّفت الألفُ في فعل او اسم مُعرب.

  • فإن كانت رابعةً فصاعداً، كتبتها ياءً مطلقاً. والحرفُ المشدَّد يُحسب حرفين، وكذلك الهمزة التي فوقها مدَّةٌ مُعوَّض بها عن أَلفٍ محذوفة، مثل: "حُبلى ودعوى وجُلَّى وجُمادى ومستشفى - وأَعطى وأَملى ولبّى وحلَّى وآتى وآخى واهتدى وارتضى واستولى واستعلى".
  • وإلا إِذا لزِمَ، من كتابتها ياءً، اجتماعُ ياءَين، فتكتب ألفاً، مثل: "استحيا وأحيا وسجايا ويحيا وزوايا وريّا ودُنيا.
  • وقد كتبوا "يحيى وريّى" علمين، بياءَينِ، للتفرقة بين ما هو علمٌ أو فعلٌ أو صفة. والقولُ في نحوهما كالقول فيهما.
  • وإن كانت ثالثة، فإن كانت منقلبةً عن الواو، كتبتها ألفاً، مثل: "العصا والقفا والدُّجا والرُّبا والذُّرا والعِدا - ودعا وغزا وعفا وعلا وسما وتلا".
  • وإن كانت منقبلةً عن ياءٍ كتبتها ياءً، مثل: "الفتى والهوى والنَّوى والرَّحى والحمى - ورمى ومشى وهدى وهوى وقضى".
  • وما كان من ذلك ممدوداً، فقصرَته: كالبيضاء والجدعاء، أو مهموزاً، فسهَّلته: كتوضأ وتجزأ ومَلجأ ومُلتجأ، فلا يكتب بالياء، بل يكتبُ بالألف التي صارت آخراً، مثلُ: "البيضا والجدعا وتوضا وتجزا وملجا وملتجا".

واعلم أن من النحاة من يكتبُ البابَ كله بالألف، حملاً للخط على اللفظ، سواءٌ أكانت الألف ثالثةً أم فوق الثالثة، وسواءٌ أكانت منقلبة عن واو أم عن ياءٍ. قالوا: وهو القياس، وهو أنفى للغلط.
وهذا ما اختاره أبو علي الفارسي، كما في شرح أدب الكاتب لابن السيد البطليوسي. وهو مذهبٌ سهل، لكنه لم يشتهر، ولم ينتشر. والكتَّاب قديماً وحديثاً على خلافه.

(3) إذا تطرَّفت الألفُ في اسمٍ مبني:

  • كتبت ألفاً، مثلُ: "أنا ومهما"، إلا خمس كلمات منها، كتبوها فيها بالياء، وهي: "أنّى ومتى ولدى والألى" (اسم موصول بمعنى الذينَ) وأولى (اسم إشارة للجمع، كأولاءِ).

(4) إذا تطرفتِ الألفُ في حرف من حروف المعاني:

  • كتبت ألفاً، مثل: "لولا وكلاّ وهلاّ"، إلا أربعةَ أحرف، كتبوها فيها بالياء. وهي: "إلى وعلى وبلى وحتى". 

 (5) إذا تطرَّفت الألفُ في اسم أعجمي:

كتبت ألفاً مطلقاً، ثلاثياً كان، أو فوق الثلاثي. ولا فرق بين أن يكون من أسماء الناس أو البلاد أو غيرهما، مثلُ: "بُغا ولوقا وتمليخا وزليخا وبحيرا" (وهي أعلامُ أناس)، وأريحا ويافا وحيفا وطنطا والرُّها (وهي أسماءُ بلدان) وببْغا (وهي اسم طير)، وموسيقا وارتماطيقا "وهما من مصطلحات الفنون والعلوم".
وكتبوا (بخارى)، من أسماء البلدان، بالياء. وكتبوا أربعة من أعلام الناس بالياء أيضاً، وهي موسى وعيسى ومتَّى وكسرى.
ومنهم من يكتب "متّى" باللف هكذا: "مَتّا".

رسم / كتابة الهمزة المتوسطة مع علامة التأنيث.. ما قبلها مفتوحا أو ساكنا صحيحا أو مضموما أو مكسورا أو ياء ساكنة أو أَلفا أو واوا

رسم الهمزة المتوسطة مع علامة التأنيث:
الهمزة المتوسطةُ بإلحاق علامةِ التأنيث بها، لا تكونُ إلا مفتوحة.

فإن كان ما قبلها مفتوحاً أو ساكناً صحيحاً، كُتبت على الألف، مثل: "حَدَأةٍ وخَطَأةٍ ونَشْأةٍ ونَبْأةٍ ومَلأى وظَمْأى".

وإن كان مضموماً، كُتبت على الواو، مثل: "لُؤلؤَةٍ".

وإن كان مكسوراً أو ياءً ساكنةً، كُتبت على الياءِ، مثل: "مِئَةٍ وفِئَةٍ وتهنئةٍ ومَرزِئَةٍ وهَيْئةٍ وبِيئِة وخطيئةٍ وبريئةٍ".

وإن كان ما قبلها أَلفاً أو واواً، كتبت منفردة، مثل: "ملاءَةِ وقراءَةِ ومُرءَةٍ وسَوْءَةٍ وسَوءَى وسَوْءَاءَ".

الوصل والفصل.. مواضع وصل ما حقه أن يكتب منفصلا. ما صح الابتداء به والوقف عليه

من الكلمات ما لا يصح الابتداء به، كالضمائر المتصلة ومنها ما لا يصح الوقفُ عليه، كالحروف الموضوعة على حرف واحدٍ ومنها ما يصح الإبتداء به والوقف عليه، وهو كل الكلمات، إلا قليلا منها.

فما صح الابتداء به والوقف عليه، وجب فصلُه عن غيره في الكتابة، لأنه يستقل بنفسه في النطق، كالأسماء الظاهرة، والضمائر المنفصلة، والأفعال والحروفَ الموضوعة على حرفين فأكثر.

وما لا يصحُّ الابتداء به، وجبَ وصلُهُ بما قبلهُ، كالضمائر والمتصلة، ونوني التوكيد، وعلامةِ التأنيث، وعلامةِ التَّثنية، وعلامة الجمع السالم.

وما لا يصحُّ الوقفُ عليه، وجب وصلُه بما قبله، كالضمائر، ونوني التوكيد، وعلامة التأنيث، وعلامةِ التَّثنية، وعلامة الجمع السالم.

وما لا يصحُّ الوقفُ عليه، وجب وصلُه بما بعده، كحروفِ المعاني الموضوعة على حرفٍ واحدٍ، والمركب المزجيِّ، وما رُكّب مع المائة من الآحاد: كأربعمائة، والظُّروفِ المضافة إلى "إذٍ" المُنَوَّنةِ: كيومئذٍ وحينئذٍ. فإن لم تُنَوَّنْ، بأن تُذكر الجملة المحذوفة المعوَّض عنها بالتنوين، وجبَ الفصلُ مثلُ: "رأيتك حين إذْ كنتَ تخطبُ".

وكلا النوعينِ (أي ما يصحُّ الابتداءُ به، وما لا يصح الوقف عليه) يجب وصله، كما رأيتَ، لأنه لا يستقلُّ بنفسه في النطق. والكتابةُ تكون بتقدير الابتداء بالكلمة والوقف عليها، كما علمتَ في أول فصل الخط.

وقد وصلوا، في بعض المواضع، ما حقّهُ أن يكتب منفصلا، كأنهم اعتبروا الكلمتين كلمةً واحدة. وإليك تلك المواضع:

1- وصلوا "ما" الإسميّة بكلمة "سِيٍّ" مثلُ: "أحبُّ أصدقائي، ولا سِيَّما زُهيرٍ"، وبكلمة "نِعْمَ" إذا كُسرت عينُها، مثلُ: "نِعِمَا يَعِظُكم به"، فإن سكنت عينها، وجب الفصلُ، مثلُ: "نِعْمَ ما تفعل".

2- ووصلوا "ما" الحرفية الزائدة أيًّا كان نوعها، بما قبلها، مثلُ: "طالما نصحتُ لك، {إنما إلهكم إلهٌ واحدٌ}، أتيتُ لكنما أُسامةُ لم يأت. {عمّا قليل لَيُصبِحُنَّ نادمين}. {مما خطيئاتِهم أُغرقوا}. {أيّما الأجلينِ قضيتُ}. فلا عدوان عليّ. أينما تجلسْ إجلس. إما تجتهدْ تنجح. {إنه لحقٌّ مثلما أنكم تنطقون}. اجتهدْ كيما تنجح".

3- وصلوا "ما" المصدرية بكلمة "مثل" مثل: "اعتصمْ بالحق مثلما اعتصم به سَلَفُكَ الصالح"، وبكلمة "رَيْثَ"، مثل: "انتظرني رَيْثنما آتيك"، وبكلمة "حين" مثل: "جِئتُ حينما طلعت الشمسُ"، وبكلمة "كل" مثل: "{كلما أضاءَ لهم مَشَوْا فيه}. كلما زرتني أكرمتك". "وما" بعد كلٍّ" مصدرية ظرفية.

4- وصلوا "مَنْ" استفهاميةً كانت، أو موصوليّةً، أو موصوفيةً، أو شرطيَّة، بمن وعن الجارَّتين فالاستفهاميّة مثل: "مِمن أنت تشكو؟" والموصوليَّة مثلُ: "خُذِ العلمَ عمَّن تَثقُ به". والموصوفيّةَ مثل: "عَجبتُ ممّن مُحبٍ لك يؤْذيك"، أي من رجلٍ محبٍّ لك. والشرطيّةُ مثلُ: مِمّن تَبتعدْ ابتعدْ، وعَمّن ترضَ أرضَ"، أي من تبتعدْ عنه أَنتَ أَبتعد عنه أَنا، ومن ترضَ عنه أَرضَ عنه.
وصلوا (مَن) الإستفهاميّة بفي الجارَّة، مثل: "فيمن ترغبُ أن يكون معك؟. فيمن ترى الخير؟".

5- وصلوا "لا" بكلمة "أن" الناصبة للمضارع، مثل: {لئلا يعلم أهلُ الكتاب} "ويجبُ ألا تدَعَ لليأس سبيلا إلى نفسك". ولا فرق بين أن تسبقها لامُ التعليل الجارَّة وألا تسبقها، كما رأيت.

هذا مذهب الجمهور. وذهب أبو حيّانَ ومن تابعه إلى وجوب الفصل قال: وهو الصحيح، لأنه الأصل، مثل: "يجب أن لا تهمل".

فإن لم تكن "أن" ناصبة للمضارع، وجب الفصل، كأن تكون مخففة من "أن" المشددةِ، مثل: "أشهَدُ أَن لا إِلهَ إلا اللهُ" أي أنه، أن تكون تفسيرية، مثلُ: "قُلْ له: أن تخفْ".

6- وصلوا "لا" بكلمة "إن" الشرطية الجازمة، مثلُ: {إلا تفعلوه تكن فتنةٌ، إلا تَنصرُوه فقد نَصرهُ الله}.

7- منهم من يصلُ "لا" بكلمة "كي"، مثلُ: "لكيلا يكون عليك حرجٌ، ومنهم من يوجب الفصل. والأمران جائزان. وقد جاء الوصلُ والفصلُ في القرآن الكريم، وقد وُصلت في المصحف في أربعة مواضع، منها: {لكيلا يكون عليك حرجٌ} ومن الفصل قوله تعالى: {لكي لا يكون على المؤمنين حرجٌ} وقوله: {كي لا يكون دولةً بين الأغنياء منكم}.

المبني والمعرب من الأفعال.. الفعل كله مبني. ولا يعرب منه إلا ما أشبه الاسم وهو الفعل المضارع الذي لم تتصل به نونا التوكيد ولا نون النسوة

الفعل كله مبني. ولا يُعرَبُ منه إلا ما أشبه الاسم، وهو الفعل المضارع الذي لم تتصل به نونا التوكيد ولا نون النِّسوة.

وهذا الشبه إنما يقع بينه وبين اسم الفاعل. وهو يكون بينهما من جهتي اللفظ والمعنى.

أما من جهة اللفظ، فلأنهما متفقان على عدد الأحرف والحركات والسكنات فيكتبُ: على وزن (كاتب) ومُكرِمٌ على وزن (يُكرَمُ).

وأما من جهة المعنى فلأنَّ كلاًّ منهما يكون للحال والاستقبال وباعتبار هذه المشابهة يسمّى هذا الفعل (مُضارعاً)، أي مشابهاً، فإن المضارعة معناها المشابهةُ، يُقال: "هذا يُضارعُ هذا"، أي يشابهه.

فإن اتصلت به نون التوكيد، أو نون النسوة، بُني، لأن هذه النُّونات من خصائص الأفعال، فاتصالُهُ يهنَّ يُبعِدُ شَبههُ باسم الفاعل فيرجعُ إلى البناء الذي هو أَصل في الأفعال.

علامات بناء فعل الأَمر.. السكون. حذف آخره. حذف النون. الفتح. إذا اتصلت نون التوكيد المشددة بضمير التثنية أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة

يُبنى الأمر على السكون وهو الأصل في بنائه، وذلك إن اتصل بنون النسوة، نحو: (اكتبن)، أو كان صحيح الآخر ولم يتصل به شيء: كاكتبْ.

وعلى حذف آخره، إن كان معتل الآخر، ولم يتصل به شيء: كانجُ واسعَ وارمِ.

وعلى حذف النون، إن كان متصلا بألف الاثنين، أو واو الجماعة، أو ياء المخاطبة: كاكتبا، واكتبوا، واكتبي.
وعلى الفتح، إن اتصلت به إحدى نوني التوكيد: كاتُبَنْ واكتُبَنّ.

وإذا اتصلت نون التوكيد المشددة بضمير التثنية، أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة في الأمر ثبتت الألف معها، وكسرَت النون نحو: "اكتبانَّ"، وحذفت الواو والياء، حذراً من التقاء الساكنين، نحو: "اكتبُنَّ واكتبِنَّ".

ويبقى الأمر مبنياً على حذف النون. والضمير المحذوف لالتقاء الساكنين هو الفاعل.

وكذا إن اتصلت النون المخفَّفة بالواو أَو الياء، كاكتُبنْ واكتُبِن. أما بالألف فلا تتصل، فلا يقالُ: اكتبان.

علامات بناء الفعل الماضي.. الفتح. الضم. السكون. اتصال الفعل المعتل الآخر بالألف بضمير رفع متحرك

يبنى الماضي على الفتح، وهو الأصلُ في بنائه، نحو: "كتب". فإن كان معتلَّ الآخر بالألف، كرمى، ودعا، بني على فتحٍ مقدَّر على آخره. فإن اتصلت به تاء التأنيث، حُذف آخرُه، لاجتماع الساكنين: الألفِ والتاء، نحو: "ردتْ ودعتْ" والأصل "رماتْ ودعاتْ". ويكون بناؤه على فتح مقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين.

وليست حركة ما قبل تاء التأنيث هنا حركة بناء الماضي على الفتح، لأن حركة البناء - كحركة الإعراب - لا تكون إلا على الأحرف الأخيرة من الكلمة والحرف الأخير هنا محذوف كما رأيت.

وإن كان معتل الآخر بالواو أَو الياء، فهو كالصحيح الآخر - مبني على فتح ظاهر: كسرُوَتْ ورضيَتْ.

ويبنى على الضم إن اتصلت به واو الجماعة، لأنها حرفُ مَد وهو يقتضي أن يكون قبلهُ حركةٌ تجانسهُ، فيبنى على الضم لمناسبة الواو نحو: "كتبوا".

فإن كان معتلَّ الآخر بالألف، حذفت لالتقاء الساكنين، وبقي ما قبل الواو مفتوحاً، كرَموْا ودَعوْا، والأصل: "رَماوا ودعاوْا" ويكون حينئذ مبنياً على ضم مُقدر على الألف المحذوفة.

وليست حركة ما قبل الواو حركة بناء الماضي على الفتح، لأن الماضي مع واو الجماعة يبنى على الضم، ولأن حركة البناء كما قدمنا، إنما تكون على الحرف الأخير والحرف الأخير هنا محذوف كما علمت.

وإن كان معتلّ الآخر بالواو، أو الياء، حُذف آخرُه وضمَّ ما قبله بعد حذفه، ليناسب واو الجماعة، نحو: "دُعُوا وسرُوا ورَضُوا"، والأصل: "دُعيُوا وسروُوا ورَضيُوا" وبوزن "كُتِبوا وظَرُفوا وفرِحوا".

استثقلت الضمة على الواو والياء فحذفت، دفعاً للثقل، فاجتمع ساكنان: حرف العلة و واو الجماعة، فحذف حرف العلة، منعاً لالتقاء الساكنين، ثم حرك ما قبل واو الجماعة بالضم ليناسبها.

فبناء مثل ما ذكر، إنما هو ضم مقدر على حرف العلة المحذوف لاجتماع الساكنين، فليست حركة ما قبل الواو هنا حركة بناء الماضي على الضم وإنما هي حركة اقتضتها المناسبة للواو، بعد حذف الحرف الأخير. الذي يحمل ضمة البناء.

ويبنى على السكون إن اتصل به ضمير رفع متحرك، كراهية اجتماع أربع حركات متواليات فيما هو كالكلمة الواحدة، نحو: كتبتُ وكتبتَ وكتبتِ وكتبنَ وكتبنا".

وذلك لأن الفعل والفاعل المضمر المتصل كالشيء الواحد، وإن كانا كلمتين، لأن الضمير المتصل بفعله يحسب كالجزء منه. وأما نحو: "أكرمت واستخرجت" مما لا تتولى فيه أَربع حركات، أن بني على الفتح مع الرفع المتحرك "فقد حمل في بنائه على السكون على ما تتوالى فيه الحركات الأربع، لتكون قاعدة بناء الماضي مطردة.

وإذا اتصل الفعلُ المعتلُ الآخر بالألف، بضمير رفع متحرك، قلبت أَلفه ياء، إن كانت رابعة فصاعداً، أو كانت ثالثة أصلها الياء. نحو: "أعطيتُ واستحيَيتُ وأَتيتُ. فإن كانت ثالثة اصلها الواو ردَّت اليها، نحو: "علوتُ وسموتُ".

فإن كان معتلّ الآخر بالواو او الياء، بقي على حاله، نحو: "سروتُ ورضيتُ".

إعراب المضارع وبناؤه.. لفظي أو تقديري أو محلي. إذا ولي نون النسوةِ نون التوكيد المشدة وجب الفصل بينهما بألف كراهية توالي النونات

إذا انتظم الفعل المضارع في الجملة، فهو إما مرفوع أو منصوب، أو مجزوم. وإعرابُه إما لفظي، وإما تقديري، وإما محلي.
وعلامة رفعه الضمةُ ظاهرةً، نحو: (يفوزُ المتقون)، أو مقدَّرَة نحو: "يعلو قدرُ من يقضي بالحق"، ونحو: "يَخشى العاقل ربّهُ".

وعلامة نصبه الفتحة: ظاهرة، نحو: "لن أقول إلا الحق"، أو مقدرة، نحو: "لن أخشى إلا الله".
وعلامة جزمه السكون نحو: "لم يَلدْ ولم يُولدْ".

وإنما يعرب المضارع بالضمة رفعاً، وبالفتحة نصباً، وبالسكون جزماً إن كان صحيح الآخر، ولم يتصل بآخره شيء.

فإن كان معتل الآخر غير متصل به شيء جزم بحذف آخره نحو: "لم يَسعَ، ولم يرمِ، ولم يدعُ". وتكون علامة جزمه حذف الآخر.

وإن اتصل بآخره ضمير التثنية أو واو الجماعة، أو ياء المخاطبة، فهو معربٌ بالحرف، بالنون رفعاً، نحو: "يكتبان ويكتبون وتكتبين" وبحذفها جزماً ونصباً، نحو: "إن يَلزَمُوا معصية اللهِ، فلن يفوزوا برضاه".

وإن اتصلت به إحدى نوني التوكيد، أو نون النسوة، فهو مبني، مع الأوليَينِ على الفتح نحو: "يكتُبَنْ ويكتَبنَّ"، ومع الثالثة على السكون نحو: "الفتيات يكتْبنَ: ويكون رفعه ونصبه وجزمه حينئذ محلياً. 

فإن لم يتصل آخرُه بنونِ التوكيدِ مباشرةً بل فصِلَ بينهما بضمير التثنية، أو واو الجماعة، أو ياءِ المخاطبةِ، لم يكن مبنياً، بل يكونُ مُعرباً بالنون رفعاً، وبحذفها نصباً وجزماً.

ولا فرق بين أن يكون الفاصلُ لفظيًّا، نحو: "يكتبانّ" أو تقديريًّا نحو: "يكتُبُنَّ وتكتُبِنَّ، لأن الأصل "تَكتبونَنَّ وتكتُبينَنَّ".

حذفت نون الرفع، كراهية اجتماع ثلاث نونات: نون الرفع ونون التوكيد المشددة ثم حذفت واو الجماعة وياء المخاطبة، كراهية اجتماع ساكنين: الضمير والنون الأولى من النون المشددة.

واعلم أنَّ نونَ التوكيدِ المشدَّدةَ، إن وقعت بعدَ ألف الضمير، ثبتتِ الألفُ وحُذفت نون الرفع، دفعاً لتوالي النوناتِ، غيرَ أن نونَ التوكيدِ تُكسَرُ بعدَها تشبيهاً لها بنون الرفعِ بعدَ ضمير المُثنَّى، نحو: "يكتُبانِّ".

وإن وقعت بعدَ واو الجماعة، أو ياء المخاطبةِ، حُذفت نون الرفعِ دفعاً لتوالي الأمثال. أما الواو والياء، فإن كانت حركةُ ما قبلَهما الفتحَ ثبتتا، وضُمّت واوُ الجماعة، وكسِرت ياء المخاطبة، وبقِي ما قبلهما مفتوحاً على حاله، فتقولُ في يَخشَوْن وتَرضَين: "تخشَوُنَّ وترضِينَ".

وإن كان ما قَبلَ الواو مضموماً، وما قبل الياء مكسوراً حُذِفَتا. حذراً من التقاء الساكنين، وبَقيَتْ حركةُ ما قبلهما، فتقولُ في تكتُبونَ وتكتُبينَ وتغزونَ وتغزين: "تكتُبينَّ وتكتبِنَّ وتغزُنَّ وتغزِنَّ".

وإذا وَلي نونَ النِّسوةِ نونُ التوكيد المشَّدةُ وجب الفصلُ بينهما بألفٍ، كراهية توالي النونات، نحو: "يكتبْنانِّ" أما النونُ المخففةُ فلا تَلحَقُ نونَ النسوة.

وحكم نوني التوكيدِ، معَ فعل الأمر، كحكمهما معَ المضارع في كل ما تقدمّ.

حالات رفع الفعل المضارع.. التجرد من النواصب والجوازم. الرفع إما لفظا وإما تقديرا وإما محلا

المضارع المرفوع:
يُرفع المضارعُ، إذا تجرَّدَ من النواصب والجوازمِ. ورافعُهُ إنما هو تجرُّده من ناصبٍ أو جازمٍ. 

فالتجرد هو عامل الرفع فيه، فهو الذي أوجب رفعه.
وهو عامل معنوي، كما أن العامل في نصبه وجزمه هو عامل لفظي لأنه ملفوظ.

وهو يُرفعُ إما لفظاً، وإما تقديراً، كما سلف، وإما محلاًّ، إن كان مبنيًّا، نحوُ: "لاجتهدنَّ" ونحو: "الفتياتُ يجتهدْن".

المضارع المنصوب ونواصبه.. أنْ. لن. إذن. كي

يُنصبُ المضارعُ إذا سبقتهُ إحدى النواصب.
وهو يُنصبُ إما لفظاً، وإما تقديراً، كما سلفَ، وإما محلاًّ، إن كان مبنيًّا مثل: "على الأمهاتِ أن يَعنينَ بأولادهنَّ".
ونواصبُ المضارع أربعةُ أحرفٍ، وهي:

(1) أنْ، وهي حرفُ مَصدرِيةٍ ونصبٍ واستقبال، نحوَ: {يُريدُ اللهُ أَن يُخففَ عنكم}.
وسميت مصدرية، لأنها تجعلُ ما بعدها في تأويل مصدر، فتأويل الآية: "يريد الله التخفيف عنكم": وسميت حرف نصب، لنصبها المضارع.

وسميت حرف استقبال، لأنها تجعل المضارع خالصاً للاستقبال. وكذلك جميع نواصب المضارع تمحضه الاستقبال بعد أن كان يحتمل الحال والاستقبال".

ولا تَقعُ بعد فعلٍ بمعنى اليقينِ والعلمِ الجازم.
فإن وقعت بعدَ ما يدُلُّ على اليقين، فهيَ مُخفَّفةٌ من "أنَّ"، والفعل بعدها مرفوعٌ، نحو: {أفلا يَرَوْنَ أنْ لا يَرجِعُ إليهم قولاً}، أي أنهُ لا يَرجع.

وإن وقعتْ بعدَ ما يدُلُّ على ظنٍّ أو شبههِ، جازَ أن تكون ناصبة للمضارعِ، وجازَ أن تكونَ مخفَّفةً من المشدَّدَة، فالفعلُ بعدَها مرفوعٌ.

وقد قُرِئَتِ الآيةُ: {وحَسِبوا أَلاّ تكونَ فتنةٌ}، بنصب "تكون"، على أنّ "أنْ" ناصبةٌ للمضارعِ، وبرفعه على أنها مخففةٌ من "أن".

والنصب أَرجح عندَ عَدمِ الفصلِ بينها وبين الفعلِ بلا، نحو: {أحسِبَ الناسُ أن يُترَكوا} والرفعُ والنصبُ سواءٌ عند الفصل بها، كالآية الأولى. فإن فُصِلَ بينهما بغير "لا" كقَدْ والسين وسوفَ، تعيَّنَ الرفعُ، وأن تكونَ "أنْ" محفَّفةً من المُشدَّدة، نحو: "ظننت أَنْ قد تقومُ، أَو أَن ستقومُ، أَو أَنْ سوفَ تقومُ".

واعلمْ أنَّ "أَن" الناصبةَ للمضارع، لا تُستعملُ إلاّ في مقام الرجاء والطَّمعِ في حصولما بعدها، فجاز أن تقعَ بعد الظنّ وشِبهه، وبعد ما لا يدل على يقين أو ظن، وامتنع وقوُعها بعد أفعالِ اليقين والعلم الجازم، لأن هذه الأفعالَ إنما تتعلقُ بالمحقَّق، لا يناسبُها ما يدلُّ على غير محقَّق، وإنما يناسبُها التوكيدُ، فلِذا وجب أن تكون "أن" الواقعةُ مُخفِّفة من المُشدَّدة المفيدةِ للتوكيد.

(2) لنْ، وهي: حرفُ نفيٍ ونصبٍ واستقبال، فهي في نفي المستقبل كالسين وسوفَ في إثباته. وهي تفيدُ تأكيدَ النفي لا تأييدَهُ وأما قولهُ تعالى: لَنْ يَخلُقوا ذُباباً، فمفهوم التأييدِ ليس من "لن"، وإنما هو من دلالة خارجيّة، لأنَّ الخلقَ خاص بالله وحدَهُ.

وهي على الصحيح، مركبة من "لا" النافية و "أَنْ" المصدرية الناصبة للمضارع وصلت همزتها تخفيفاً وحذفت خطاً تبعاً لحذفها. وقد صارتا كلمة واحدة لنفي الفعل في الاستقبال.

(3) إذَنْ، وهي: حرفُ جوابٍ وجزاءٍ ونصبٍ واستقبالٍ، تقولُ: "إِذَنْ تُفلِحَ"، جواباً لمن قال: "سأجتهدُ". وقد سميتْ حرفَ جوابٍ لأنها تقعُ في كلام يكون جواباً لكلام سابقٍ. وسميت حرفَ جزاء، لأن الكلام الداخلة عليه يكون جزاءً لمضمون الكلام السابق.

وقد تكون للجواب المحض الذي لا جزاءَ فيه، كأن تقولَ لشخصٍ: "إني أحبك"، فيقول: "إذنْ أَظنك صادقاً"، فظنكَ الصدقَ فيه ليس فيه معنى الجزاء لقوله: "إني أحبكَ".

(4) كي، وهي: حرف مَصدريَّةٍ ونصبٍ واستقبال. فهي مثل: "أنْ"، تجعل ما بعدها في تأويل مصدر. فإذا قلتَ: "جئتُ ليك أتعلَّمَ"، فالتأويلُ: "جئتُ للتعلُّم" وما بعدها مؤَوَّل بمصدرٍ مجرورٍ باللاّمِ.

والغالبُ أن تسبقها لامُ الجرّ المُفيدةُ للتعليل، نحوُ: {لكيلا تأسَوْا على ما فاتكم}. فإن لم تسبقها، فهي مُقدَّرةٌ، نحو: "استقِم كيْ تُفلحَ" ويكون المصدرُ المؤوَّلُ حينئذ في موضع الجرّ باللام المقدَّرة، أَ يكونُ منصوباً على نزع الخافض.

الحروف التي تقدر بعدها (أن) جوازا.. لامُ كي - لامَ التعليل. لام العاقبةِ. الواو والفاءُ وثم وأو

تقَدَّر "أنْ" جوازاً بعد ستةِ أحرفٍ: 
(1) لامُ كي (وتسمى لامَ التعليل أيضاً، وهي: اللام الجارّة، التي يكونُ ما بعدها علةً لما قبلها وسبباً له، فيكون ما قبلها مقصوداً لحصول ما بعدها، نحو: "وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس".

وإنما يجوزُ إضمار (أن) بعدها إذا لم تقترن بلا النافية أو الزائدة.
فإن اقترنت باحداهما، وجب إظهارُها. فالنافية نحو: "لئلا يكون للناس على الله حُجَّةٌ" والزائدة نحو: "لئلا يعلم أهلُ الكتاب".

(2) لام العاقبةِ، وهي "اللام الجارَّة التي يكونُ ما بعدها عاقبة لما قبلها ونتيجة له، لا علةً في حصوله، وسبباً في الإقدام عليه، كما في لام كِي. وتسمى لام الصيرورة، ولامَ المآل، ولام النتيجة أيضاً"، نحو: "فالتقطَه آلُ فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً".

(والفعل. بعد هاتين اللامين، في تأويل مصدر مجرور بهما. و "أن" المقدرة هي التي سبكته في المصدر، فتدقير قولك: جئت لأتعلم: (جئت للتعلم). والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما. واعلم أن الكوفيين يقولون: إن النصب إنما هو بلام كي ولام العاقبة. لا بأن مضمرة. وهو مذهب سهل خال من التكلف. وعليه مشينا في كتبنا المدرسية، تسهيلا على الطلاب).

(3 و 4 و 5و 6 الواو والفاءُ وثم وأو العاطفات إنما ينصب الفعل بعدهن بأن مضمرة، إذا لزم عطفه على اسمٍ محضٍ، أي جامد غير مشتق، وليس في تأويل الفعل، كالمصدر وغيره من الأسماء الجامدة، لأن الفعل لا يُعطفُ إلا على الفعل، أو على اسم هو في معنى الفعل وتأويله، كأسماء الأفعال والصفات التي في الفعل فإن وقع الفعلُ في موضع اقتضى فيه عطفَه على اسمٍ محضٍ قُدّرت (أَن) بينه وبين حرف العطف، وكان المصدرُ المؤوّل بها هو المعطوف على اسم قبلها.

فمثالُ الواو: "يأبى الشجاعُ الفرارَ ويَسلمَ"، أي: "وأن يَسلمَ"، والتأويلُ: "يأبى الفرار، والسلامة"، ونحو: "لولا الله ويلطفَ بي لهلكتُ" أي: وأن يلطُف بي. والتأويل: لولا الله ولطفهُ بي. ومنه قولُ ميسون: 
وَلُبْس عُباءةٍ وتَقَرَّ عيْني -- أَحبُّ إليَّ مِنْ لُبْسِ الشفُوفِ
أي: لُبسُ عباءة وقرةُ عيني.

ومثالُ الفاء: "تعبُك، فَتنالَ المجدَ، خيرٌ من راحتك فتحرمَ القصدَ"، أي: "خيرٌ من راحتك فحرمانك القصدَ".
ومنه قول الشاعر:
ولولا تَوقعُ مُعْتَرٍّ فأُرضيَهُ -- ما كنت أوثِرُ إتراباً على تَرَبِ
أي: لولا توقع معتز فإرضاؤه.

ومثال: (ثم): "يرضى الجبانُ بالهوان ثم يَسلَم"، أي: "يرضى بالهوان ثم السلامةِ" ومنه قول الشاعر:
إني وقتْلي سُلَيْكا، ثم اعقِلَهُ -- كالثَّوْرِ يُضرَبُ لما عافت البقر
أي: قتلي سُليكا ثم عقلي إياهُ:

ومثال (أَو): "الموتُ أَو يبلغَ الإنسانُ مأمَلَهُ أَفضلُ" أي: "الموت أَو بُلوغهُ الأملَ أَفضلُ" ومنه قوله تعالى: {ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً، أَو من وراء حجابٍ، أَو يُرسِلَ رسولا}، أي: "إلا وحياً، أَو إرسالَ رسولٍ".

فإنْ في جميع ما تقدم، مقدَّرة. والفعل منصوب بها، وهو مؤَوَّلٌ بمصدر معطوف على الاسم قبلهُ، كما رأَيت.

إعراب الفعل بعد الفاء السببية وواو العطف

إن إعراب الفعل بعد الفاء والواو يتوقف على مراد القائل. فإن أراد السببية، فالنصب. وإن أراد العطف، فالإعراب بحسب المعطوف عليه. وإن لم يرد هذا ولا ذاك، بل أراد استئناف جملة جديدة، فالرفع ليس المراد بالاستئناف قطع الارتباط بين الجمل في المعنى بل المراد الارتباط اللفظي، أي الإعرابي.

واعلم ان المروي من ذلك، من آية أو شعر، ينطق به على روايته وقد تحتمل الأوجه الثلاثة في كلام واحد، وقد مثلوا له بقولهم: "لا تأكل السمك وتشرب اللبن".

فإن أردت النهي عن الجمع بينهما، نصبت ما بعدها، لأنها حينئذ للمعية.
وإن أردت النهي عن الأول وحده، وإباحة الآخر، رفعت ما بعدها لأنها حينئذ للاستئناف: ويكون المعنى: "لا تأكل السمك، ولك أن تشرب اللبن".

والواو والفاءُ هاتانِ لا تُقدَّر (أنْ) بعدهما إلا إذا وقعتا في جواب نفي أو طلبٍ فمثالُ النفي مع الفاء: "لم تَرحمْ فتُرحمَ" ومثال الطلب معها: "هل ترحمون فتُرحموا؟". ومثال النفي مع الواو: "لا نأمرُ بالخير ونُعرضَ عنه" ومثال الطلب معها: "هل ترحمون فتُرحموا؟". ومثال النفي مع الواو: "لا نأمرُ بالخير ونُعرضَ عنه" ومثال الطلب معها: "لا تأمروا بالخير وتعرضوا عنه".

فإن لم يسبقهما نفيٌ أو طلبٌ، فالمضارعُ مرفوعٌ، ولا تقدَّرُ (أنْ)، نحو "يُكرمُ الأستاذُ المجتهدَ، فيخجَلُ الكسلانُ"، ونحو: "الشمسُ طالعةٌ وينزلُ المطرُ".

وشرطُ النفيِ أن يكون نفياً محضاً. فإن كان في معنى الإثبات، لم تُقدَّرْ بعده (أن) فيكونُ الفعل مرفوعاً، نحو: "ما تزالُ تجتهدُ فتتقدَّمُ" إذِ المعنى أنت ثابتٌ على الاجتهاد. ونحو: (ما تيجئُنا إلا فنكرمُكَ). فالنفي منتقضٌ بإلاّ، إذِ المعنى إثبات المجيء.

ولا فرق بين أن يكون النفيُ بالحرف، نحو: (لم يجتهد فيُفلحَ: أو بالفعل، نحو: (ليس الجهل محموداً فتُقبلَ عليه)، أو بالإسم، نحو: الحلمُ غيرُ مذموم فتَنْفِرَ منه.

ويُلحَقُ بالنفي التَّشبيهُ المرادُ به النفي والإنكارُ، نحو: كأنَّك رئيسُنا فنُطيعَكَ!، أي: ما أنتَ رئيسنا. وكذا ما أفاد التَّقليل. نحو: (قد يجودُ البخيلُ فيُمدَحَ) أو النفيَ، نحو: (قلَّما تجتهدُ فتنجَح).

والمرادُ بالطَّلبِ الأمرُ بالصيغة أو باللامِ، والنهيُ، والاستفهام، والتّمنِّي والترجّي، والعَرْضُ، والتَّحضيضُ.

أما ما يَدلُّ على معنى الأمر بغير صيغة الأمر أو لامِ الأمر: (كاسم فعلِ الأمر)، نحو: (صَهْ، فينامُ الناسُ). أو المصدرِ النائبِ عن فعل الأمر، نحو: (سُكوتاً، فينامُ الناس). أو ما لفظُه خَبر ومعناهُ الطلب، نحو: "حَسبُكَ الحديثُ، فينامُ الناسُ")، فلا تُقدَّر "أن" بعده. ويكونُ الفعل مرفوعاً على أصحِّ مذاهبِ النحاة. وأجازَ الكسائيُّ نصبَهُ في كل ذلك. وليس ببعيد من الصواب.

والفعلُ المنصوب بأن مَضمَرةً وجوباً، بعد الفاءِ والواو هاتين، مؤَوَّل بمصدرٍ يُعطفُ على المصدرِ المسبوكِ من الفعل المتقدم. فإذا قلت: "زُرني فأكرمَكَ، ولا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مثله" فالتقديرُ: "لِيكنْ منك زيارةٌ لي فإكرامٌ مني إيَّاكَ، ولا يكن منك نهيٌ عن خلق واتيان مثلهِ".

واعلم أنه إذا سقطت فاء السببية هذه بعد ما يدل على الطلب، يجزم الفعل بعد سقوطها إن قصد بقاء ارتباط ما بعدها بما قبلها ارتباط فعل الشرط بجزائه. فإن اسقطت الفاء في قولك "اجتهد فتنجح"، قلت: "اجتهد تنجح".
ومنه قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم}. وقول امرئ القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل -- بسقط اللوى بين الدخول فحومل

فإذا أردت الاستئناف، رفعت الفعل، نحو: عدل، ينزل المطر). فليس المراد أن تعجل بنزول المطر.
وكذا إذا كانت الجملة نعتاً لما قبلها، كقولك "صاحب رجلا يدلك على الله.
ومنه قوله: {فهب لي من لدنك ولياً يرثني} أي: ولياً وارثاً لي.
وقد قرئت الآية بالجزم أيضاً، على معنى: "إن يهب لي ولياً يرثني".
وكذا إذا كانت الجملة في موضع الحال فإنك ترفع الفعل، نحو: "قل الحق لا تبالي اللائمين" أي: غير مبال بهم.
ومنه قوله تعالى: {ولا تمنن تستكثر}، أي: مستكثراً.

شذوذ حذف أن.. حذفها ونصب الفعل بعدها

شُذوذ حذف أنْ:
لا تَعمل "أن" مُقدَّرة إلا في المواضع التي سبقَ ذِكرُها جـــوازا أو وجـــوبـــا.

وقد ورد حذفُها ونصب الفعلِ بعدها في غير ما سبق الكلام عليه، ومن ذلك قولهم: "مُرْهُ يَحفِرَها" و "خُذِ اللصَّ قبل يأخذَكَ"، والمثل: "تَسمعَ بالمُعَيدِيّ خيرٌ من أن تراه، وقول الشاعر: 
ألا أَيُّهذا الزَّاجِري أحضُرَ الوغى -- وأَنْ أَشهَدَ اللَّذَّاتِ، هَلْ أَنتَ مُخْلدي؟!

أي: طأن يحفرَها، وأن يأخذكَ، وأن تسمَع، وأن أحضُرَ" وذلك شاذّ لا يقاسُ عليه.

والفصيحُ أن يُرفعَ الفعلُ بعد حذفِ "أن"، لأنَّ الحرفَ عاملٌ ضعيفٌ، فإذا حذفَ بطلَ عملُه.

ومن الرفع بعد حذفها قوله تعالى: {ومن آياته يُريكمُ البرقَ خوفاً وطمعاً}، وقوله: {قُلْ أَفَغيرَ الله تأمروني أعبُدُ}، والأصلُ: "أن يريكم، وأن أعبد".

الحروف التي تقدر بعدها (أنْ) وجوبا.. لام الجحود. فاء السببِيّة. واو المعيّةِ. حتى. أو

إضمار "أن" وجوباً:
تُقدَّرُ (أنْ) وجوباً بعد خمسة أحرف:

(1) لام الجحود:
"وسماها بعضهم لام النفي، وهي لامُ الجر التي تقع بعد (ما كان) أو (لم يكن) الناقصتين"، نحو: "ما كان الله ليظلمَهم"، ونحو: {لم يكن الله ليغفرَ لهم}.

(فيظلم ويغفر: منصوبان بأن مضمرة وجوباً، والفعل بعدها مؤول بمصدرمجرور باللام. وخبر كان ويكن مقدر. والجار والمجرور متعلقان: بخبرها المقدر والتقدير: "ما كان الله مريداً لظلمهم، ولم يكن مريداً لتعذيبهم".

فإن كانتا تامتين، جاز (إظهار (أن) بعدها، لأنها حينئذ لام التعليل نحو: "ما كان الإنسانُ ليعصيَ رَبَّهُ، أَو لأن يعصيهُ"، أَي: ما وُجد ليعصيه.

(2) فاء السببِيّة:
"وهي التي تفيد أَن ما قبلها سببٌ لما بعدها، وأَن ما بعدها مسببٌ عما قَبلها"، كقوله تعالى: {كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوْا فيه فيحلَّ عليكم غضبي}.

 (فإن لم تكن الفاء للسببية، بل كانت للعطف على الفعل قبلها، أو كانت للاستئناف لم ينصب الفعل بعدها بأن مضمرة. بل يعرب في الحالة الأولى باعراب ما عطف عليه، كقوله تعالى: {لا يؤذن لهم فيعتذرون}، أي ليس هناك إذن لهم ولا اعتذار منهم: ويرفع في الحالة الأخرى، كقوله سبحانه: {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له: كن فيكون} أي: "فهو يكون إذا أَراده" فجملة "يكون" ليست داخلة في مقول القول، بل هي جملة مستقلة مستأنفة. ومنه قول الشاعر:
ألم تسأل الربع القواء فينطق -- وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق
(أَي: فهو ينطق إن سألته).

(3) واو المعيّةِ:
"وهي التي تُفيدُ حصولَ ما قبلها مع ما بعدها، فهي بمعنى (مَعَ) تُفيد المصاحبةَ" كقول الشاعر:
لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مِثْلَهُ -- عارٌ عليكَ، إذا فعَلتَ، عظيم

فإن لم تكون الواو للمعية، بل كانت للعطف، أو للاستئناف، فيعرب الفعل بعدها في الحالة الأولى، باعراب ما قبله، نحو: "لا تكذب وتعاشر الكاذبين"، أي ولا تعاشرهم. ويرفع في الحالة الأخرى، نحو: "لا تعص الله ويراك"، أي: وهو يراك. والمعنى: هو يراك، فلا تعصه. فالواو ليست لملعية، ولا للعطف، بل هي للاستئناف.

(4) حتى:
وهي "حتى الجارَّةُ، التي بمعنى "إلى" أو لامِ التعليل. فالأول نحو: "قالوا: لن نبرحَ عليه عاكفين حتى يَرجعَ إلينا موسى". والثاني نحو: "أطعِ الله حتى تَفوزَ برضاهُ" أي إلى أن يرجعَ، ولتفوز. وقد تكون بمعنى "إلاّ" كقولهِ:
ليْسَ العطاءُ من الفُضُولِ سَماحةً -- حتى تَجودَ وما لَدَيْكَ قَليل
أي: إلاّ أن تجودَ. والفعل بعده مؤول بمصدرٍ مجرورٍ بها. ويُشترط في نصب الفعل بعدها بأن مضمرة، أن يكون مستقبلاً، أمّا بالنسبة إلى كلام التكلم، واما بالنسبة إلى ما قبلها.

ثم إن كان الاستقبالُ بالنسبة إلى زمان التكلم وإلى ما قبلها. وجب النصبُ لأنّ الفعلَ مُستقبلٌ حقيقةً، نحو: صُمْ حتى تَغيبَ الشمس": فغياب الشمس مُستقبلٌ بالنسبة إلى كلام المتكلم، وهو أيضاً مستقبلٌ بالنسبة إلى الصيام, وإن كان الاستقبال بالنسبة إلى ما قبلها فقطْ، جاز النصب وجاز الرفع.

وقد قُرِئَ قوله: {وزُلزلوا حتى يقولَ الرسولُ} بالنصب بأن مضمرةً، باعتبار استقبال الفعل بالنسبة إلى ما قبله لأن زلزالهم سابقٌ على قول الرسول. وبالرفع على عدم تقدير "أن"، باعتبار، ان الفعل ليس مستقبلا حقيقةً. لأنَّ قول الرسول وقع قبل حكايةِ قوله، فهو ماضٍ بالنسبة إلى وقت التكلُّم. لأنه حكايةُ حالٍ ماضية و "أن" لا تدخل إلا على المستقبل. 

فإن أريدَ بالفعل معنى الحال، فلا تُقدَّر "أن، بل يُرفع الفعل بعدها قطعاً، لأنها موضوعةٌ للاستقبال، نحو: "ناموا حتى ما يستيقظون". ومنه قولهم: "مرض زيدٌ حتى ما يَرجونهُ" وتكون "حتى" حينئذٍ حرفَ ابتداءٍ والفعل بعدها مرفوعٌ للتجرد من الناصب والجازم. وحتى الابتدائية: حرفٌ تُبتدأُ به الجُمَلُ. والجملةُ بعدها متسأنَفة، لا محل لها من الإعراب.

وعلامة كون الفعل للحال أن يصلح وضعُ الفاء في موضع حتى. فإذا قلت: "ناموا فلا يستيقظون، ومرض زيد فلا يرجونه"، صحَّ ذلك.

(5) أو:
ولا تُضمَرُ بعدها (أن) إلا أَن يَصلُحَ في موضعها (إلى) أو (إلاّ) الاسثنائيّة، فالأول كقول الشاعر:
لأَّستَسْهلنَّ الصَّعْبَ أو أدْرِكَ المُنى -- فما انقادَتِ الآمالُ إلاَّ لَصابرِ
أي: إلى أن أدرك المنى، والثاني كقول الآخر:
وكُنتُ إذا غَمَزْتُ قناةَ قَوْمٍ -- كَسَرْتُ كُعوبَها أَو تَسْتَقِيما
أي: إلا أن تستقيم.

والفعلُ، المنصوب بأن مُضمَرةً بعد (أو)، معطوفٌ على مصدرٍ مفهومٍ من الفعل المتقدم، وتقديرُه في البيت الأول: (لَيَكونَنَّ مني استسهالٌ للصَّعبِ أو إدراكٌ للمنى)، وتقديرُه في البيت الآخر: ليكوننَّ مني كسرٌ لكُعوبها أو استقامة منها).

واعلم أن تأويل "أو" بإلى أو إلا. انما هو تقدير يلاحظ فيه المعنى دون الإعراب. أما التقدير الإعرابي باعتبار التركيب فهو أن يؤول الفعل قبل "أو" بمصدر يعطف عليه المصدر المسبوك بعدها بأن المضمرة. كما رأيت وانما أول ما قبل "أو" بمصدر لئلا يلزم عطف الاسم (وهو المصدر المسبوك بأن المقدرة على الفعل. وذلك ممنوع).