رغوة يابسة.. جسـد مستلق من فرط الانوثـة

من شرك السرِّ
فـرّا معاً
باتجاه السرير
وعلي مرآي ومسمع المرايا
وفي غفلة الجدران
هامسَها:
الفراش امتـدَّ لأجلنا بالغوايةْ
دوري كما تشتهين بـي
ولتأتِ الخطيئــــــة !!
مُــــــــذْ غادراه
توســـدهُ اليباس
صار نعشاً ذاك السرير
لقبلاتٍ مؤجلـةْ 
دأبـــا يقصفانِ عليهمــا
من القبـلات
استلقيـا علي حافة الشهوة
وفي ارتعاشة السرير
أمسيـا جسداً واحـداً
فيما الوقتُ انساب دفقةً دفقةْ
في سيل البياض 
للحظة البياض الأولـــــي
الجسدانِ يخلعانِ العشيرة
يطيحان بالظل والعمود
يركلان الرمل والسراب
ويمطران التقاليد
بوابلٍ من (الخطيئـة)!!
هنا حشدٌ من الرغبات
يومـيء في فضاء الفراش
وهنا أسرابٌ من القبلات
علي أهبة الهبوط ،
هنا أنتِ
وهنا أنا
جسدانِ
علي مسافةٍ واحـدةٍ
من الغوايـةْ،
جسـدٌ مستلقٍ من فرط الانوثـة
وآخــــــــر منتصب وحسبْ!!
الجدران ظلتْ واقفة علي استحياء
الضوء الخافت تدلّـي خجلاً
الوسادة ترقبُ، تنتظر دورها بشغف
والشرشف الشبق استعدَّ لمنازلةٍ
لاخاسرَ فيها سواه ،
وبياض دافق يخرجُ من بين
الشكِّ والشوك ... 
جسدانِ عاريانِ
تماماً 
حتي من الكبرياء
أحدهما ينحني للآخـر
في الفراش فقط 
سيرتانِ من الحرمان
يسطّـرهما السرير
بأحرف من بياض 
بعدَ أقل من نصف زفير وشهقتين
سيخضـع الكل..
السرير ومايضم
لرغوة الغُـبار 
مرةً
حاول ابتكار بديلاً للشهوة
كي يمتدَ بهما الوقتُ
أطول .. فأطولْ
لكنْ ما أنْ بدأَ عصف الأنامل 
حتي أعلنَ السريـر
عن مناوشاتٍ تُنـذر
برعشةٍ وشيكـةْ 
من قبل 
تعاهدا أنْ لا يشاركهما
أحد...
ظلَّ العهدُ حبراً...
وصار الاثنان 
ثلاثةْ!!
لـهُ العشرات منكــــــنَّ
في الفراش،
وليس لك إلاّ هو 
وتعويـذة عاطلـةْ 
ما أنْ وقعا في شباك 
النظرة الأولــي
تعثَّرتْ بهما اللحظاتْ
فما عادَ بينهمـا
سِـوي ارتباك ساكنْ
وايماءة ملتاعة
فـرَّتْ منهما في الزحام
فوق فراشٍ قاحلٍ
خانـهُ النعاس
لحظةَ ما استحضر
امرأةً لا تجـــيء 
ليس في كفـّــــه سِــواه،
إلـي جنبه امرأةٌ
تجترها الذاكرةْ
صهيلٌ طافحٌ في أعالي دمه
ملّـهُ ،
ملَّ كفَّـــــــــــهُ 
وملَّ رغوتــَـــهُ اليابسةْ 
في رعشـةٍ ما 
تعدو بمائك
تضرب بعصاك الجد ب
وبكل الجسد الأعزل
تسمو فوق تضاريس ملتهبةْ 
لا تصعّـر جسدكَ في الفراش
فلا عقل يعي المسافةَ بيننا
لحظةَ ما تعدّنـا الشهوةُ 
للاشتباك..
عباس مزهـر السـلامي

طرق الجنة تحتاج إلى صبر ومصابرة وجهد ومشقة وبذل للوقت والمال

كثيرات يتمنين أن يكن داعيات دون جهد، وكثيرات يتمنين أن يكن مجاهدات دون صبر، إنها طرق الجنة تحتاج إلى صبر ومصابرة وجهد ومشقة وبذل للوقت والمال.
كانت معلمة في المرحلة المتوسطة، معلمة دعوية علمت أن الابتسامة طريق للوصول إلى قلوب الطالبات فكانت كذلك، تسلم وتسأل وتناقش برحابة صدر وسعة بال، تسأل عن تلك وتقضي حاجة الأخرى.
وعندما تغيبت إحدى طالباتها عن الحضور سألت عنها فجاءها العذر المتكرر: إنها متعبة، وعندما مرت أيام أعادت السؤال وألحت في طلب الإجابة حتى سألت أختها التي تكبرها وهي في المرحلة الثانوية، فأعلمتها أنها مع بداية خروج الطالبات عثرت قدمها في درج المدرسة الخارجي وأصابها ألم شديد في قدمها، وطلبت من أبي أن يذهب بها إلى المستشفى، ولكنه رفض بحجة أن هذا من عدم المبالاة عند المشي وقال لأمها: دعيها تتعلم المشي.
بعد أسبوع من الغياب طلبت المدرسة هاتف المنـزل وحدثت الوالدة عن عدم ذهابهم بها إلى الطبيب وعن تغيبها عن المدرسة وضياع بعض الدروس والحصص عليها، وبعد إلحاح شديد من الأم ذهب بها والدها إلى المستوصف القريب ثم طلبوا تحويلها إلى المستشفى، وبعد تحاليل وتقارير طويلة، فإذا بسرطان في القدم قد أصابها.
لازمت السرير في المستشفى وكانت المدرسة الداعية خير عون لها في محنتها تعزيها وتواسيها وتكرر عليها آيات الصبر واليقين ولم تتركها يومًا واحدًا، بل كانت كل يوم تذهب لها متحملة المشقة في ذلك.
وكانت زيارتها كالبلسم للمريضة ذات الخمسة عشر عامًا فهي تحمل إليها شريطًا أو كتابًا، ولم يقف الأمر عند حد وقت الزيارة بل كانت تهاتفها هل قرأت الكتاب؟ وهل مررت بالفائدة التي في صفحة كذا؟.
وهكذا ملأت عليها الفراغ وجعلتها امرأة سلكت طريق الصبر والاحتساب علمتها الرقية الشرعية وكانت تقرأ عليها وهي ممسكة بموضع الألم.
في إحدى الزيارات لاحظت المدرسة أنها تتأخر عن صلاة الفجر فكان أن وعدتها أن توقظها لصلاة الفجر، وتعيد الاتصال بعد خمس دقائق لتتأكد أنها قد استيقظت تمامًا.
بعد خمسة عشر يومًا تثاقلت بالمريضة الأيام وبدأ الوهن يسري إلى جسمها حتى توفيت، خمسة عشر يومًا جعلتها المعلمة بابًا من أبواب الدعوة فربما كانت سببًا لإنقاذ هذه الطالبة من النار، هونت عليها الأيام الأخيرة وجعلتها أكثر إيمانًا وأكثر محافظة على الصلاة استرجعت ودمعة وسط العين تحور، كم لدينا من المرضى والمبتلين والمصابين، إنهم يحتاجون إلى وقفة وتعزية وسلوان، إنها الأخوة الصادقة في الله.
عبد المالك القاسم

رؤساء متأنقون وآخرون يفتقرون إلى الذوق .. القذافي وتشافيز ونجاد نموذجا للتخلف الفكري ورداءة الذوق

بعيدا عن مواقفهم السياسية المتشابهة، يتفق الزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس الإيراني أحمدي نجاد، والفنزويلي هوغو شافيز، والبوليفي ايفو موراليس، والكوري الشمالي كيم جونغ إيل والزعيم الكوبي فيدل كاسترو ورئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين في جانب مختلف وهو سوء المظهر، طبعاً بحسب تقييم مجلة "تايم" الاميركية.. التي رأت أن الرئيس الأميركي أوباما وزوجته استطاعا أن يطيحا بنجوم هوليوود بعد أن احتلا الصدارة ضمن قائمة الشخصيات الأكثر أناقة.
ونقلت جريدة "لوبارسيان" الفرنسية عن استطلاع أجرته مجلة "تايم" الأميركية أن الزعماء الستة ضمن قائمة ضمت 10 زعماء اعتبرتهم الأسوأ من حيث المظهر العام، علما بان هذه القائمة شملت رؤساء سابقين من الصين وروسيا وإفريقيا الوسطي وتشيلي.
وجاء في مقدمة هؤلاء رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ إيل الذي دائما ما يرتدي بزة كاكي تشبه تلك التي تستخدم في رحلات السفاري إضافة إلى نظارة شمسية كبيرة الحجم دائما ما تغطي عينيه وحذاء يرتفع 5 بوصات عن سطح الأرض لزيادة طول الزعيم الضئيل الحجم.
وذكرت "تايم" أن بزات الرئيس الكوري الشمالي تكشف بوضوح عن كرش هذا الزعيم. وحل في المرتبة الثانية رئيس وزراء روسيا والرئيس السابق لها فلاديمير بوتين الذي يأتي دائما في مناسبات عدة وهو عاري الصدر.. في حين حل الرئيس الشيلي السابق اوغيستو بينوشيه الذي قام بانقلاب عسكري على حكومة شيلي في المرتبة الثالثة.
حيث كان ما يرتدي زيا عسكريا يتناسب مع منصبه وتاريخه الدموي. وقالت المجلة أن "بينوشيه تميز بشيء واحد هو أن حذاءه دائما ما كان يلمع . كما أنه يرتدي من حين لآخر أغطية الرأس".
و جاء في المرتبة الرابعة الرئيس الليبي معمر القذافي الذي وصفته المجلة بأنه دائما يخشى سكنى البنايات ويسكن الخيام.
ودائما ما يحيط نفسه بحرس يحمل البندقية. وقالت: "عادة ما يرتدي القذافي عباءات بدوية، يكون شكل بعضها أحيانا كستائر حريرية تتلون بألوان قوس قزح المختلفة وبعضها يكون من جلود الحيوانات كي يعكس انتماءه الإفريقي" وهو ما جعله حسب المجلة يحظى بملك ملوك إفريقيا.
وجاء في المرتبة الخامسة الرئيس البوليفي إيفو موراليس وهو عادة ما يرتدي سترات صوفية مفتوحة عند الرقبة أو جاكت من الجلد. و تلاه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وهو مثل أغلب الإيرانيين لا يرتدي رابطة عنق حتى لا يساهم في نشر الثقافة الغربية، وهو عادة ما يلبس قمصان قطن بسيطة ومعطف صناعة صينية يشتريه من سوق طهران. هذا المعطف يطلق عليه جاكت أحمدي نجاد.
و في المرتبة السابعة حل الزعيم الكوبي فيدل كاسترو الذي دائما ما كان يرتدي الزي العسكري، بل وحتى خلال فترة مرضه رفض ارتداء ملابس المستشفى النموذجية، مفضلا عليها زيا رياضيا من ألوان الابيض والأحمر والأزرق.
وجاء الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز في المرتبة الثامنة، حيث إنه يستخدم اللون الأحمر في كل شيء يرتديه بداية من ربطة العنق خلال زياراته الرسمية أو قبعة الرأس، وهو اللون الذي يربط شافيز نفسه وفنزويلا دائما بالشيوعية حتى في مظاهراته وأنشطته السياسية وحل في المرتبة التاسعة الزعيم الصيني السابق ماو تسي تونغ الذي كان يرتدي في بداية الثورة الصينية الجاكيت البروليتاري الذي يتكون من أربع جيوب، لكنه أصبح يرتدي خلال الثورة الثقافية بدلة زرقاء أو رمادية أو خضراء أصبحت الزي المفضل لأتباعه من الشباب.
أما المرتبة العاشرة كانت من نصيب إمبراطور أفريقيا الوسطي جين بيدل بوكاسا والتي كانت تتسم ملابسه دائما بأنها كانت لامعة وطريفة.
في المقابل، استطاع الرئيس الأميركي أوباما وزوجته أن يطيحا بنجوم هوليود بعد أن احتلا الصدارة ضمن قائمة الشخصيات الأكثر أناقة و التي ترعاها مجلة "فانيتي فير" كل عام، و على غير العادة ضمت المجلة أيضا شخصيات رئاسية أخرى من بينهم: سيدة فرنسا الأولى كارلا بروني، الأميرة ليتيسيا ورئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبيرغ.

إشعار الطفل بالمحبة لعلاج الحسد.. السماح للأخ الكبير بالمساعدة في شؤون الطفل الجديد عند إلباسه أو تغسيله أو إطعامه

إشعار الطفل بالمحبة هو ما كان عليه الصلاة والسلام يفعله،ويأمر أصحابه به،ويحضهم عليه ويراقب تنفيذه هنا وهناك.
وإليكم بعض الأمثلة:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ -e- يَخْطُبُ فَجَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ - رضى الله عنهما - وَعَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ فِيهِمَا فَنَزَلَ النَّبِىُّ -e- فَقَطَعَ كَلاَمَهُ فَحَمَلَهُمَا ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ قَالَ « صَدَقَ اللَّهُ (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ) رَأَيْتُ هَذَيْنِ يَعْثُرَانِ فِى قَمِيصَيْهِمَا فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قَطَعْتُ كَلاَمِى فَحَمَلْتُهُمَا ».[1]
وعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ،قَالَ:دَخَلْتُ عَلَى عَلَى النَّبِيِّ e وَهُوَ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعَلَى ظَهْرِهِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا،وَهُوَ يَقُولُ:" نِعْمَ الْجَمَلُ جَمَلُكُمَا،وَنِعْمَ الْعِدْلانِ أَنْتُمَا ".[2]
 وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ e فَقَالَ:أَتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ،فَقَالَ النَّبِيُّ e:" أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ ؟ "[3]
وعَنْ صَعْصَعَةَ عَمِّ الأَحْنَفِ قَالَ دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا فَأَعْطَتْهَا ثَلاَثَ تَمَرَاتٍ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً ثُمَّ صَدَعَتِ الْبَاقِيَةَ بَيْنَهُمَا.قَالَتْ فَأَتَى النَّبِىُّ -e- فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ « مَا عَجَبُكِ لَقَدْ دَخَلَتْ بِهِ الْجَنَّةَ ».[4]
 وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،قَالَ:جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَسْأَلُ وَمَعَهَا صِبْيَانٌ،فَأَعْطَتْهَا ثَلاثَ تَمْرَاتٍ،فَأَعْطَتْ كُلَّ صَبِيٍّ تَمْرَةً تَمْرَةً،وَأَمْسَكَتْ لِنَفْسِهَا تَمْرَةً،فَأَكَلَ الصِّبْيَانُ التَّمْرَتَيْنِ،فَعَمَدَتْ إِلَى التَّمْرَةِ،فَشَقَّتْهَا نِصْفَيْنِ،فَأَعْطَتْ كُلَّ صَبِيٍّ لَهَا نِصْفَ تَمْرَةٍ،فَجَاءَ النَّبِيُّ e،فَأَخْبَرَتْهُ،فَقَالَ:وَمَا يُعْجِبُكَ مِنْهَا ؟ لَقَدْ رَحِمَهَا اللَّهُ بِرَحْمَتِهَا صَبِيِّهَا"[5]
وينبغي ألا يغرب عن البال أن الأخذ بالاحتياطات اللازمة للحيلولة دون اشتداد الحسد عند مقدم طفل جديد من أهم ما ينبغي أن يعتني به المربون ولاسيما الأم.
هذه الاحتياطات يجب أن تبدأ قبل عدة أشهر من الولادة كتغيير سرير الطفل الأكبر، أو إرساله إلى الروضة.. ولا بأس بالسماح للأخ الكبير بالمساعدة في شؤون الطفل الجديد عند إلباسه، أو تغسيله، أو إطعامه، ولا بأس كذلك بالسماح له بأن يلاعب أو يداعب أخاه الصغير ولكن مع شيء من المراقبة مخافة إيذائه،وعندما تحمل الأم الوليد لإرضاعه،فيستحسن من الأب أن يداعب أخاه الأكبر،ويحادثه ويلاطفه ليشعره بالمحبة والعطف والاهتمام..
والمقصود على العموم إشعار الأخ الأكبر بأنه محبوب، وأنه المراد، وأنه محل العطف والعناية كأخيه الوليد سواء بسواء.
وهذا ما كان يوجه إليه المربي الأعظم (ص) في الأحاديث التي مر ذكرها،وسبق تعدادها..
ألا فلينهج المربون طريقة رسول الله (ص) في إشعار الطفل بالمحبة إن أرادوا تكوين شخصيات أطفالهم على الحب والتعاون والإيثار، وتحريرهم من الحقد والأثرة والأنانية.
[1] - سنن النسائي- المكنز - (1424) صحيح
[2] - المعجم الكبير للطبراني - (3 / 87) (2595) ضعيف
[3] - الْأَدَبُ الْمُفْرَدِ لِلْبُخَارِيِّ (90 ) صحيح
[4] - سنن ابن ماجه- المكنز - (3799 ) صحيح -صدع:شق
[5] - المستدرك للحاكم (7349) صحيح

استقالة مذيعات الجزيرة وتوظيفها للسب والقذف في حق المحطة الإخبارية

أثار نشر صحيفة 'الأهرام' الرسمية المصرية موضوعاً تناول التطورات الأخيرة بقناة 'الجزيرة' القطرية على خلفية استقالة مذيعات من الشبكة، وتضمن سباً وقذفاً لعدد من قيادات القناة أزمتين، الاولى داخل المؤسسة المصرية العريقة بعد أن تقدم عدد من صحافيي 'الأهرام' بمذكرات إلى رئيس مجلس الإدارة عبد المنعم سعيد ورئيس التحرير أسامة سرايا يطالبونهما بالتحقيق في الموضوع الذي أساء للصحيفة، والثانية بين شبكة 'الجزيرة' و'الاهرام.' 
ورفعت قناة 'الجزيرة' دعوتين قضائيتين على جريدة 'الأهرام' المصرية بسبب قيامها بسب وقذف عدد من قياداتها على خلفية استقالة خمس من مذيعات القناة مؤخراً، مطالبة بتعويض قدره 5 ملايين إسترليني.
وحسب مصادر قانونية فقد رفعت 'الجزيرة' الدعوى الأولى أمام المحاكم المصرية، فيما رفعت الدعوى الثانية أمام المحاكم البريطانية، (المعروفة بتشددها في قضايا السب والقذف). وعن المبررات القانونية لرفع الدعوى أمام القضاء البريطاني، أشارت المصادر إلى أنه يوجد مكتب لـ'الأهرام' بلندن، كما تطبع الأهرام نسخة دولية من هناك تضمنت 'السب والقذف ذاته' بحق قيادات 'الجزيرة'. وتخشى 'الأهرام' أن يتم الحجز الإداري على مكتبها بلندن في حال صدور حكم لصالح قناة 'الجزيرة'، كما أن الحكم قد يشمل منع صحافييها من دخول الأراضي البريطانية.
وكانت 'الأهرام' قد تناولت قضية استقالة خمس من مذيعات قناة 'الجزيرة' بطريقة وصفها الكثيرون بـ'المسيئة'، وأجمع خبراء وفقهاء القانون على أن الموضوع المنشور تنطبق عليه كافة أركان قضايا السب والقذف، لأنه كلام 'دون أية مستندات'، وتضمن 'ألفاظاً بذيئة خادشة للحياء' زعم أنه ورد على لسان بعض قيادات ومذيعات القناة.
وحاول الصحافي 'عاطف حزين' المشرف على ملحق 'عالهواء' بصحيفة 'الأهرام' كاتب الموضوع الذي أحدث الأزمة، تبرير موقفه من خلال برنامج 'مانشيت' على فضائية 'أو.تي.في' المصرية، مدعياً أن ما نشره 'لا يتجاوز عشرة بالمئة من الحقيقة'.
الجدير بالذكر ان 'الجزيرة' اعادت المذيعة اللبنانية إلسي ابي عاصي الى العمل بعد ان كانت قد استقالت قبل عام تقريباً. وقال مصدر في 'الجزيرة' لـ'القدس العربي' ان سياسة المحطة تتمثل في توظيف مذيعات شابات طموحات وتحويلهن الى نجمات وليس من عادتها 'استيراد' نجمات من محطات اخرى مشهورة، واذا حدث استثناء فهو نادر، وغالبا ما تأتي المذيعات الصاعدات من محطات محلية.
وعلمت 'القدس العربي' ان ادارة 'الجزيرة' اعتبرت صفحة المذيعات المستقيلات 'مطوية' تماما، ولا تريد الحديث عنها، الا ان مصدرا في المحطة قال ان اثنتين منهما ستكونان موضع ترحيب للعودة، من بينهما جمانة نمور شريطة ان تقدم طلبا جديدا للعمل في المحطة.
واكد المصدر نفسه ان شبكة 'الجزيرة' مقدمة على خطوات تطويرية عديدة في مختلف محطاتها، من بينها اجراء تغييرات ادارية، واستقطاب كفاءات جديدة، ونشرت الشبكة اعلانا كبيرا يوم الاثنين الماضي في الملحق الاعلامي لصحيفة 'الغارديان' البريطانية الشهيرة يتضمن العديد من الوظائف الجديدة في مختلف المجالات للعمل في قناة 'الجزيرة الدولية' التي تبث باللغة الانكليزية.
وكانت شبكة 'الجزيرة' قررت بث قناة 'الجزيرة الانكليزية' على النظام الرقمي البريطاني الحر 'فري فيو' في المملكة المتحدة اكبر سوق للمحطات الناطقة بالانكليزية لقنوات التلفزيون المجانية.
وسيكون بامكان شبكة 'الجزيرة' التي تفرعت الى عدة قنوات وموقع على الانترنت منذ تأسيسها كقناة اخبارية عربية مستقلة في عام 1996 الوصول الى 80 في المئة من المنازل البريطانية.
ومن المتوقع ان تأتي عمليات التوسع والتطوير في الشبكة بشكل عام استعدادا لقطع الطريق على المحطة الاخبارية الجديدة التي سيطلقها الملياردير السعودي الامير الوليد بن طلال، ويتوقع ان تحاول اغراء بعض المذيعات والمذيعين في الجزيرة للانضمام اليها.

محاولات الجزيرة اللقاء مع أيمن الظواهري لابتزاز الحكومة المصرية !!

اتصال غريب:
مساء أحد الأيام في رمضان من عام 1418 للهجرة الذي صادف في الأسبوع الأخير من شهر كانون الثاني عام 1998م تلقيت مكالمة هاتفية من مسئول في قناة الجزيرة تفيد بأن أحد كبار المذيعين في المحطة ومصوريِن آخرين في طريقهما تلك الليلة إلى إسلام أباد وأنهم سيصلون في الصباح، وطلب مني المساعدة في نقلهم إلى فندق كونتيننتال  الذي قال محدثي إنه في إسلام أباد، فصححت له المعلومة بأن الفندق في مدينة راولبندي المجاورة للعاصمة الباكستانية وأن إسلام أباد لا يوجد فيها أي فندق كونتيننتال على الإطلاق، وعلمت من محدثي أن الزملاء القادمين من الدوحة لهم موعد مهم وأنهم سيقابلون شخصية هامة في إسلام أباد لكنه رفض الإفصاح عنها. فقلت له لا تقلق. سأعمل كل ما بوسعي وسأقدم لهم كل ما يريدون من خدمات لإنجاز مهمتهم. وقد  طلب نفس المتصل من السفارة القطرية في إسلام أباد تأمين نفقات الفندق والإقامة على أن يتم إرسال هذه النفقات للسفارة عن طريق الخارجية القطرية فيما بعد.
وفي مساء يوم وصول بعثة الجزيرة التقيت بمسئول من السفارة القطرية جاء لزيارة بعثة الجزيرة، وسأل مذيع الجزيرة عن الهدف من الزيارة، والشخصية التي سيقابلها في رحلته إلى باكستان، فكانت الإجابة: بأنهم سيقابلون رئيس الوزراء الباكستاني (آنذاك) نواز شريف!! فنظر إلي الدبلوماسي في السفارة القطرية مستغرباً وضحك! كما ضحكت أنا حين سمعت اسم رئيس الوزراء على أنه الشخصية التي سيقابلونها. وقال مسئول السفارة لمذيع الجزيرة يبدو أن جمال أراد أن يعيق عملكم من خلال هذا الترتيب وتوقيت زيارتكم إلى إسلام أباد!! فاستغرب المذيع الأمر وقال علام تضحكون؟ فقلت لمسئول السفارة: أولاً أنا لا دخل لي بترتيبات الزيارة أو الهدف منها، ولم أعلم أن فلاناً ومرافقيه قادمون إلا حين استقلوا الطائرة وكنت ولا زلت أجهل الهدف من الزيارة.وتوجهت بالحديث إلى مذيع الجزيرة فقلت: أما بالنسبة لسبب ضحكنا واستغرابنا حول قولكم إن المقابلة ستكون مع رئيس الوزراء فإنه عائد لأمرين: أولاً أنكم قلتم إن رئاسة الوزراء الباكستانية  طلبت منكم النزول في فندق كونتيننتال، مع أن رئاسة الوزراء تعلم أن الفندق ليس قريباً من مكتب نواز شريف وإنما يحتاج النزيل فيه مدة لا تقل عن  أربعين دقيقة للوصول إلى بوابة رئاسة الوزراء مع وجود فندق فخم آخر أقرب منه ولا يبعد سوى ثلاث دقائق عن رئاسة الوزراء! الأمر الآخر هو أن كل من في باكستان وحتى السفارات تعلم أن رئيس الوزراء غادر البلاد بالأمس في جولة خارجية تستغرق ثمانية أيام وأعلن عنها في الصحف المحلية قبل بدئها بأيام فكيف يعطيكم ديوان رئيس الوزراء موعداً في مثل هذا التوقيت وهم يعلمون أن رئيس الوزراء غائب عن البلاد؟!
فجاءت الإجابة على سبب الاستغراب والمعلومات التي أفدناهم بها لتزيد من حراجة موقف الضيوف حيث قال المذيع إن الشيخ حمد بن ثامر رئيس مجلس إدارة الجزيرة هو الذي طلب منا السفر إلى باكستان في هذا الوقت على أن يتصل هو برئيس الوزراء أثناء وجودنا في باكستان ليبلغه برغبة الجزيرة في مقابلته!!!
الاتصالات بين بعثة الجزيرة في إسلام أباد ومقرها الرئيسي في الدوحة لم تتوقف ساعة، فكان المذيع المنتدب من الجزيرة لهذه المهمة لا ينفك عن الاتصال بأحد الزملاء في الدوحة ليبلغه أن الانتظار صعب وأنه لا أحد من الجهة الأخرى سأل عنه، مشدداً عليه بضرورة الاتصال بشخص في دولة أوروبية للعمل على إتمام الأمر بالسرعة الممكنة حتى تتم المقابلة وترجع بعثة الجزيرة إلى الدوحة.
وقد أوحت هذه الاتصالات بشيء عن طبيعة المهمة التي جاءوا من أجلها وإن كانت حتى الآن لم تتضح الصورة كاملة .
في اليوم التالي كانت بعثة الجزيرة في وضع نفسي لا تحسد عليه. فالانتظار قاتل! والجلوس في الفندق دون عمل لمن اعتاد الحركة والنشاط يعتبر أمراً صعباً للغاية. وقد علمت من خلال وجودي مع بعثة الجزيرة بعض الوقت اسم الشخص الذي كانوا يتصلون به في الدولة الأوروبية ، كما علمت في وقت لاحق اسم الشخص الذي كانوا ينوون مقابلته، وهو الدكتور أيمن الظواهري أمير جماعة الجهاد المصرية والذي قيل إنه قدم إلى أفغانستان خصيصاً لهذه المقابلة حيث كان يقيم في دولة أخرى. وأبلغني مذيع الجزيرة أنه طلب منه من قبل  الشخص المقيم في أوروبا ألا يعلمني بهذه المهمة مطلقاً وألا أرافقه في رحلته لمقابلة الدكتور أيمن الظواهري!!!
 فأبلغته بأنني سأتصرف وكأنني لم أعلم شيئا عن المهمة والهدف منها، مبديا في نفس الوقت استعدادي لتقديم أي خدمة يريدونها من إسلام أباد لإتمام مهمتهم.
في اليوم التالي دعوت بعثة الجزيرة على إفطار رمضاني في منزلي في إسلام أباد، وكان مذيع الجزيرة متردداً في قبول الدعوة لإمكانية اتصال الدوحة أو الوسيط في أوروبا به في أي وقت، فعملنا على الترتيب مع إدارة الفندق بتحويل أي مكالمة قادمة له إلى رقم هاتفي النقال لحين عودتنا إلى الفندق.
مكالمة من الدوحة:
في طريقنا من الفندق إلى منزلي قبيل الإفطار تلقينا مكالمة هاتفية من أحد المسئولين في الجزيرة تفيد بأن الطرف الآخر ذهب إلى الفندق وإلى نفس الغرفة التي أعطي رقمها لنقل بعثة الجزيرة من هناك، لكن لم يجدوا أحداً وأن هذا الكلام مضى عليه أكثر من ثلاث ساعات، وأنهم استفسروا من إدارة الفندق عن وجود ضيوف من الجزيرة، لكن الإدارة أكدت لهم عدم وصول أي عربي أو من يحمل تلك الأسماء التي أوردوها مستفسرين عن أصحابها. فأعطينا رقم الغرفة مجدداً للمتصل ليبلغهم أن يأتوا إليها بعد ساعة من الزمن.
واتصال من أوروبا:
في نفس الليلة جاء اتصال آخر من الوسيط في أوروبا يؤكد أن إدارة الفندق أبلغت الطرف الآخر أن أياً من وفد الجزيرة لا يقيم في الفندق، أو وصل إليه حتى ذلك الوقت. وقد انتهى هذا الجدال حين طلب الوسيط في أوروبا معرفة بعض التفاصيل عن إقامتهم في الفندق فأبلغ بأنهم يقيمون في فندق الكونتيننتال في مدينة راولبندي المجاورة للعاصمة الباكستانية إسلام أباد، الأمر الذي أثار استغرابه ودهشته، موضحا أن الاتفاق كان على أن يقيموا في الكونتننتال في العاصمة الأفغانية، ومن هناك يأتي من يأخذهم إلى مكان إقامة الدكتور أيمن الظواهري في أفغانستان لإجراء المقابلة المتفق عليها. ولما كنت أول من أجاب على المكالمة الهاتفية من أوروبا بسبب أنها جاءت على هاتفي النقال عرفت بنفسي للمتصل الذي قال إنه يعرفني وأعرفه حين كان في باكستان يوما ما، وأفصح لي عن اسمه، وطلب مني أن أساعد الزملاء من الجزيرة في الوصول إلى كابل إن احتاجوا إلى تأشيرة أو استئجار سيارة، وأن أرافقهم إن سمحت ظروفي بذلك لمعرفتي طبيعة البلد والأشخاص الذين كانوا يرغبون برؤيتهم، لكنني أبلغته أن الزملاء من الجزيرة قالوا لي إن الطرف الآخر طلب منهم عدم إخباري بمهمتهم أو القدوم معهم، ونقلوا هذا الكلام عنكم شخصياً، لأنهم يريدون مذيع الجزيرة فقط في المقابلة والأماكن التي سينزلونه بها. وقد أنكر الوسيط في أوروبا صحة هذه المعلومات وشدد على أن أرافقهم إن أمكنني ذلك بقوله :( لقد أبلغناهم أن يذهبوا إلى فندق الكونتيننتال في كابل، لا راولبندي، وأنهم حين يصلون إلى إسلام أباد فإن جمال يمكن أن يساعدهم على فهم المنطقة وطبيعتها لمعرفته بها وبالسفارة الأفغانية وبالأشخاص في أفغانستان أثناء دراسته في جامعة بيشاور ، فأبديت له استعدادي للمساعدة في نيل التأشيرة إلى أفغانستان وتأمين وسيلة مواصلات سواء عبر طائرة من إسلام أباد إلى كابل أو عبر استئجار حافلة أو سيارة خاصة لفريق الجزيرة، لكنني طلبت من الوسيط في أوروبا أن يبلغ هذا الكلام بنفسه لمذيع الجزيرة حتى لا يكون هناك أي حرج أو لبس في الموضوع، وقد فعل ذلك مباشرة.
واتصال آخر من أفغانستان:
في نفس الليلة جاءنا اتصال آخر على هاتفي النقال من شخص يقيم في أفغانستان ومن طرف الدكتور أيمن الظواهري يستفسر عن الذي حصل معنا، ولماذا تأخر فريق الجزيرة في الوصول إلى كابول، وأوضح المتصل أن الاتفاق كان على أن يأتي فريق الجزيرة إلى كابل من يومين وأن مرافقي الدكتور أيمن الظواهري راجعوا الفندق أكثر من مرة دون جدوى، فأبلغت المتصل بالإشكالية التي حصلت، وربما الالتباس الذي وقع حول الفندق وأنه في العاصمة الباكستانية أو الأفغانية، فأكد أن الكلام كان واضحاً مع الوسيط ومع المذيع من الجزيرة بأن عليه أن يصل إلى الفندق في كابل وبعدها تكون مهمتنا في نقله وإعادته ليس إلى الفندق فحسب وإنما للحدود مع باكستان إن أراد ذلك. وطلب مني المتصل من أفغانستان أن أشرح لمذيع الجزيرة الظروف التي تمنع الدكتور أيمن الظواهري وأنصاره من القدوم إلى باكستان أو الاقتراب من حدودها، لا سيما بعد توقيع باكستان اتفاقية للتبادل الأمني مع الحكومة المصرية، وتسليمها عدداً من المصريين إلى حكومة بلادهم وما تعرضوا له بعد ذلك.
الخوف من السفر إلى أفغانستان لما يسمعه المرء عن أوضاعها، كان مفهوماً، لكنني أوضحت لفريق الجزيرة ـ الذي لم يكن قبل تلك الرحلة زار حتى باكستان ـ بأن الأوضاع في العاصمة الأفغانية الآن آمنة جداً وأنها حسب ما رأيته من زياراتي لأفغانستان، (خاصة مناطق طالبان) أكثر أمنا من العديد من الدول الأوروبية والعربية بالنسبة لحياة الإنسان وعرضه وماله، وأن مسألة السفر إلى هناك ليست صعبة. وبالنسبة للتأشيرة فيمكن الحصول عليها في الصباح من السفارة الأفغانية، وبالنسبة لوسيلة السفر فأنتم تختارون ما ترغبون، وبينت لهم الظروف المحيطة بوسائط النقل من طائرات للأمم المتحدة أو الحافلات والسيارات الخاصة التي تسافر عادة من بيشاور إلى أفغانستان وأن عليهم أن يعدوا أنفسهم إن كانوا سيسافرون براً لتحمل مصاعب الطريق، حيث أفغانستان بلد دمره الغزو الخارجي والاقتتال الداخلي خلال عشرين عاماً، وأما المسائل الأخرى من ناحية الأمن والمطعم والمشرب فلا تشغلن بالكم لأنها متوفرة وجيدة، وعلى كل فأنتم صحافيون ومن حياة الصحافي المغامرة، وإن ذهبتم فلن تندموا أبدا ، وقد تكون فرصتكم الذهبية ليس للشهرة من خلال مقابلات وإنما أيضا من خلال كتاب تسطرونه فيما بعد.
كان الخوف يعتري مذيع الجزيرة ومرافقيه من الأوضاع التي عليها أفغانستان، ومما يمكن أن يترتب من آثار لاحقة لهذه الزيارة حيث سيتم ختم جواز سفرهم بالتأشيرة إلى أفغانستان، وهذا قد يقود إلى مساءلة من بعض الدول، خاصة العربية منها. كما أن ما بثته وسائل الإعلام من أخبار حول طالبان وحكمها وما تقوم به من إجراءات ألقت بظلالها على الصورة التي وضعها فريق العاملين في الجزيرة في ذهنه لهذا البلد وأوضاعه. وكانت الحجة التي لم يتزحزح عنها مذيع الجزيرة في رفضه الذهاب إلى كابل أو أي مكان في أفغانستان هي المسألة الأمنية، وحاول معي كثيراً أن أساعده في إقناع الطرف الآخر (الدكتور أيمن الظواهري وأنصاره) بالقدوم إلى بيشاور إن لم يكن إسلام أباد، فقلت له إن بيشاور مثل إسلام أباد من الناحية الأمنية والقانونية بالنسبة للطرف الآخر إن لم تكن أسوأ، حيث أن شكل الدكتور أيمن معروف لدى كثيرين في بيشاور وهذه المدينة ومنذ الغزو السوفيتي لأفغانستان وهي تعج بكل المخبرين لكل الأجهزة الأمنية العالمية بمن فيها الأجهزة المصرية!! وهذا يجعل من المستحيل على الدكتور أيمن الظواهري وأنصاره القدوم إليها. فأشار إلى منطقة القبائل الباكستانية المحاذية للحدود الأفغانية وأنها لا تحتاج تأشيرة على الجواز فلماذا لا نقوم بإجراء المقابلة هناك؟!
لم يكن فريق الجزيرة يدرك فيما يبدو الخطورة في إحضار الدكتور أيمن الظواهري إلى أي جزء من باكستان ، ولم يقدروا حجم الخطر الممكن حدوثه في حال قرر الدكتور أيمن الوصول إلى باكستان، هذا الخطر المتمثل بإمكانية القبض عليه في أي منطقة في باكستان وتسليمه للسلطات المصرية أو الأمريكية (رغم أنه لم يكن مطلوبا للولايات المتحدة حتى ذلك الوقت). وقد حاولت جاهداً إيضاح هذه الصورة لفريق الجزيرة الذي كان مصراً وبشدة عجيبة على أن يقوم بالمقابلة على الأرض الباكستانية وأنه لا مجال للسفر مطلقاً إلى أفغانستان حتى لو دفع لفريق الجزيرة أي مكافأة على هذه المقابلة.
أجهزة للبث المباشر !!
من خلال الحديث مع فريق الجزيرة علمت أنهم أحضروا أجهزة بث مباشر معهم لبث المقابلة عبر الأقمار الصناعية من أفغانستان وهو ما أثار أسئلة ليس فقط حول إمكانية قبول الطرف الآخر بهذا، وإنما قد يثير تساؤلات حول الهدف من وراء إحضار مثل هذه الأجهزة التي سيتم رصد بثها وتحديد موقع الدكتور أيمن الظواهري وربما الشيخ أسامة بن لادن إن قرر الحضور لمقابلة مع الجزيرة (الجزيرة في هذه المحاولة لم تكن تسعى مطلقاً لمقابلة الشيخ أسامة بن لادن وإنما كانت تلح وبشدة على مقابلة الدكتور أيمن الظواهري!!) وكان مقتل الرئيس الشيشاني السابق جوهر دوداييف بعد رصد مكانه من قبل الأقمار الصناعية الأمريكية وتسريب هذه المعلومات للروس الذين أطلقوا صواريخهم عليه لا زال ماثلاً في الأذهان ولم تنسه الذاكرة. وقد أبديت مخاوفي من أن الطرف الآخر قد يلغي المقابلة كلها إن علم بوجود هذه الأجهزة لاعتبارات أمنية، ولقناعته بأن هذا قد يوقع به في يد الأمريكان، الذين كانوا ولا زالوا يرصدون أي اتصال من داخل الأراضي الأفغانية لتحديد مكان الشيخ أسامة بن لادن والدكتور أيمن الظواهري، وذلك للعمل على اصطيادهم وقصف أماكن وجودهم.
أموال من الجزيرة لأنصار الظواهري !!
 بعد جدال ومناقشات استمرت عدة ساعات، كان رأي فريق الجزيرة أن على الطرف الآخر الالتزام بما يراه فريق الجزيرة سيما وأن الوسيط المقيم في أوروبا ـ وحسب كلام فريق الجزيرة ـ طلب مبلغاً من المال (لقاء تأمين اللقاء، بحجة أن هذا المبلغ سينفق على تنقلات الدكتور أيمن الظواهري ومجموعته الأمنية التي ستوفر الحماية له ولفريق الجزيرة، إضافة إلى تأمين نفقات السفر خارج أفغانستان والعودة إلى المكان الذي كان يقيم فيه، وأن الدكتور أيمن الظواهري جاء خصيصا إلى أفغانستان لهذه المقابلة).
وقد احتد النقاش بين موفد الجزيرة والوسيط الأوروبي حول المبلغ المطلوب وأن الجزيرة وعدت بهذا المبلغ لتأمين اللقاء ومتطلباته، وأن الطرف الآخر يلح في طلب هذا المبلغ.
الجزيرة تطالب الظواهري القدوم إلى حتفه:
بقيت مسألة قدوم الدكتور أيمن الظواهري إلى باكستان هي الشغل الأساس لبعثة الجزيرة، بينما كان رأي الطرف الآخر أن على الجزيرة أن تأتي كما وعدت إلى كابل. وقد احتد النقاش حول هذه المسألة على الهاتف مع الطرف الآخر، وبيني وبين فريق الجزيرة، وكان ضمن الكلام الذي قاله فريق الجزيرة أن على الطرف الآخر أن يقدر أن الجزيرة ستفتح له المجال ليؤدي رسالة هو في أمس الحاجة إلى إيصالها وإسماعها للعالم العربي خاصة الشعب المصري!! وأن هذا قد يؤدي إلى مصاعب ومشاكل سياسية بين قطر والحكومة المصرية وضغوط على قناة الجزيرة، وأن على الطرف الآخر لذلك تقديم بعض التنازلات من جانبه لإتمام المقابلة، لكن الجواب القادم من الجهة الأخرى كان حاسماً ومختصراً :
(المسألة الأمنية وحياة إخواننا أهم عندنا بكثير من عرض تقدمه الجزيرة باستضافتنا والظهور على شاشتها وإعطاء مقابلة يتم فيها توضيح موقف جماعة الجهاد المصرية بشكل خاص، والتيار الإسلامي المقاتل بشكل عام، رغم أهمية هذه المسألة لنا).
 وطلب مني المتصلون من الطرف الآخر المساعدة في إقناع فريق الجزيرة في السفر إلى كابل وإتمام المقابلة داخل الأراضي الأفغانية، بينما طلب مني فريق الجزيرة المساعدة في إقناع الطرف الآخر القبول بوجهة نظرهم. واستعد الطرف الآخر للتقدم إلى الحدود الأفغانية الباكستانية وإلى أقرب نقطة من الحدود يعتقد أن أمنه لا يمكن أن يتعرض فيها إلى أي خطر.
أمام هذه الوقائع حاولت جاهداً إقناع فريق الجزيرة بألا يضيع فرصة اللقاء إن كان يريد حقاً مقابلة الدكتور أيمن الظواهري، وأبلغتهم أن هناك فرصة لمقابلة الشيخ أسامة بن لادن، وهو من ناحية إعلامية وعالمية محط انتباه واهتمام أكثر من الدكتور أيمن الظواهري، فيضربوا عصفورين بحجر، وأبديت استعدادي لعمل كل ما يلزم من نيل التأشيرة وعلى ورقة خارج جواز السفر إن أرادوا، وإحضار مرافق معنا، والسفر بالطائرة إلى كابل لاختصار الوقت وتفادي المتاعب في السفر براً ، وأنني على استعداد للسفر معهم حتى يتم الأمر إن كانوا لا زالوا متخوفين من الناحية الأمنية.
 برز تخوف لدى فريق الجزيرة من أن الحكومة الأفغانية لا تعلم بهذه المقابلة وأن سفرنا عبر الطائرة ووجود معدات تصوير لدينا قد يوقعنا في حرج مع الحكومة الأفغانية التي لا تسمح بالتصوير في مناطق سيطرتها، وقد أكدت لفريق الجزيرة أن هذه المسألة يمكن إيجاد حل لها من خلال الاتفاق مع الطرف الثاني على مقابلتنا في مطار كابل، وأن موظفي الحكومة الأفغانية لن يتعرضوا لمعداتنا بشيء إلا إذا قمنا بتصوير ما لا يسمحون به وفي أماكن عامة. أما إن أخذنا معداتنا من المطار إلى الفندق فإنني شخصياً أضمن عدم تعرضها لأي مكروه، وأنا أعرف قيادات طالبان ومسئوليهم ولغتهم ويمكنني التفاهم معهم بما يبقي على ثقتهم بأننا لن نقوم بعمل مخالف لقوانينهم.
لكن الهاجس الأمني لدى فريق الجزيرة وأوضاع أفغانستان وتخلفها وما سمعوه عنها، أو ما دار في خلدهم عن أوضاعها، كل هذا كان العقبة الكأداء التي لم نستطع إيجاد حل لها. وكان فريق الجزيرة يرى في وصوله إلى باكستان لإجراء مقابلة مع الدكتور أيمن الظواهري خدمة كبيرة ولا تعوض من الجزيرة تقدمها للدكتور أيمن الظواهري وجماعته!! لا يمكن لأي جهة في العالم أن تجرؤ على تقديمها مطلقاً! وأن هذا قد يقود إلى محاولات لإغلاق قناة الجزيرة بسبب الضغوط التي قد تتعرض لها من قبل العديد من الدول وفي مقدمتها الحكومة المصرية، وأن على الدكتور أيمن في المقابل أن يستجيب لطلب الجزيرة في القدوم إلى إسلام أباد أو بيشاور أو على الأقل منطقة القبائل الباكستانية، وأن فريق الجزيرة لن يجتاز الحدود إلى أفغانستان حتى لو أعطي أي مكافأة مالية أو كانت الشهرة التي لا تجارى هي نتيجة هذه المقابلة.
عند ذلك كان لا بد من حسم الأمر وإنهاء الجدل واتخاذ قرار في هذه المسألة.
كنت ومن خلال وجودي في بيشاور للدراسة، والعمل الصحفي فيها فيما بعد، تعرفت على كثير من الأشخاص الذين قدموا لمساعدة المجاهدين الأفغان إبان الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، وتعرفت أيضا على فكر الجماعات الإسلامية المختلفة وطريقة تفكير أصحابها، وأصبح لدي ما أحسبه خبرة ومعرفة في هذا الشأن.
كانت المسألة الأمنية لأفراد العديد من الجماعات أهم بكثير عندهم من العمل الإعلامي الذي لا ينكرون أهميته وضرورته لنشر وجهة نظرهم وتوضيح موقفهم وما يدعون له وما يتهمون به من قبل الحكومات والجهات المختلفة، ومن خلال ما حدث في باكستان خلال السنوات الأخيرة من حملات ضد العرب، وتسليم بعض الرعايا خاصة المصريين إلى حكومة بلادهم، ازداد الهاجس الأمني لدى أفراد الجماعات الإسلامية، وأصبحوا يتحسسون من القدوم إلى باكستان أو المكوث فيها.
ورغم ما في مقابلة الجزيرة للدكتور أيمن من أهمية إعلامية وإمكانية لطرح فكره ووجهة نظره ودفاعه عما يتهم به شخصياً أو جماعته من أعمال وتوضيح موقفهم منها، إلا أنه كان من المستحيل على شخص مثل الدكتور أيمن أو أي من أفراد الجماعات الإسلامية أو غيرها يمكن أن يواجهوا الظروف المحيطة بالدكتور أيمن الظواهري ومنها طلب الحكومة المصرية له وحكمها عليه بالإعدام غيابياً، لا يمكن لأحد أن يغامر بالقبول بإجراء مقابلة مع أي جهة كانت إن كان ثمن المقابلة حياته أو إمكانية تعرضه للاعتقال وتسليمه للدولة التي تطلب القبض عليه.
اتفقنا على التفكير في المسألة ملياً قبل اتخاذ قرار نهائي فيها وكان من ضمن الأمور التي اتفقنا عليها أن يتصل فريق الجزيرة بالإدارة العليا للقناة في الدوحة، وأن يكرروا الاتصال بالوسيط في أوروبا وأن نبقي خط اتصال مع الناس داخل أفغانستان قبل اتخاذ قرار نهائي في المسألة.
في المساء طلب مني فريق الجزيرة الحضور إلى الفندق الذي كانوا يقيمون فيه للتشاور في المسألة. وكان من ضمن الفريق أحد المصورين الأجانب وقد أبدى رئيس الفريق(مذيع الجزيرة) والمصور الأجنبي عدم الموافقة مطلقاً على السفر إلى أفغانستان حتى لو كان ذلك يقتضي إلغاء المقابلة. وطلبوا رأيي في المسألة ، والمساعدة في البحث عن حل مقنع للطرف الآخر حتى يتقدم خطوة ويعبر الحدود إلى باكستان.
حسم المسألة وفشل المحاولة:
بعد برهة من الوقت قلت لمذيع الجزيرة وفريق التصوير المرافق له: سأقول لكم باختصار خلاصة موقفي من هذه المسألة.
أولاً:أنتم قمتم بالاتصال بشخص في أوروبا لتأمين اللقاء، وإذا أخذنا كل ما سمعته من الطرفين عن مكان اللقاء وما أعرفه عن الدكتور أيمن وظروفه، فلا يمكن مطلقاً في ظني أن يأتي الدكتور أيمن أو أي من المقربين منه خاصة ممن يحملون جواز السفر المصري إلى باكستان بسبب الظروف الأمنية المتعلقة بهم، وإمكانية اعتقال أي منهم في أي مكان وتسليمه مباشرة إلى الحكومة المصرية.
ثانياً:إن قبلتم هذه الحقيقة وأحببتم أن تمضوا في مشروعكم لإجراء المقابلة فهذا لا زال ممكناً، ويمكنني المساعدة في تأمين التأشيرات ووسيلة النقل ومرافقتكم إلى كابل أو أي مكان آخر تريدونه حتى تشعروا بالأمان، ونرجع معاً بعد ذلك ومن إسلام أباد تعودون إلى الدوحة.
ثالثاً وهو الأهم: إن كنتم مصرين على إحضار الدكتور أيمن وأنصاره إلى الأراضي الباكستانية، لإجراء المقابلة سواء في إسلام أباد أو بيشاور أو منطقة القبائل المحاذية للحدود الأفغانية فهذا غير ممكن مطلقاً، ولن يتم، حتى لو جن الطرف الآخر ووافق على القدوم إلى الشريط الحدودي!لأنني سأمنع هذا بكل ما أوتيت من قوة وجهد.
كانت الجملتان الأخيرتان كالقنبلة تفجرت أمام فريق الجزيرة، وممن؟ من مراسل الجزيرة في باكستان الذي يفترضون أن يكون رأيه من رأيهم وموقفه من موقفهم. وقد بادرني أحد أعضاء فريق الجزيرة بسؤال متوقع عن السبب في هذا الموقف.
فقلت له إن ما تخشون منه ويخشاه الدكتور أيمن هو ما دفعني لقول ما قلت.
فلو وافق الدكتور أيمن الظواهري على القدوم للقائكم في باكستان وحدث أن اعتقل، فإن العالم كله سيعرف أنه كان ينوي إجراء مقابلة مع قناة الجزيرة في الأراضي الباكستانية، ولو قيل في التحقيق إن مراسل الجزيرة في باكستان كان آخر من يعلم بمثل هذه المقابلة وترتيباتها، فإن أحدا لن يصدق هذا الكلام. وإن صدقته الأجهزة الأمنية والرسمية، فإن أحدا من الجماعات الإسلامية لن يصدق مثل هذا الكلام، خاصة وأن مذيع الجزيرة وفريق التصوير المرافق معه ليسوا محسوبين على الإسلاميين، كما هو مراسل الجزيرة، ولم يسبق لهم أن كانوا في باكستان لتحديد مكان ملائم للمقابلة، بينما مراسل الجزيرة في إسلام أباد كان له معرفة سابقة بالدكتور أيمن وغيره من أفراد الجماعات الإسلامية الذين قدم بعضهم إلى بيشاور أثناء وجودي بها.وهذا قد يقود إلى اعتقاد أفراد من الجماعات الإسلامية أو ممن يناصرونهم في أي مكان في العالم بأن مراسل الجزيرة في إسلام أباد هو الذي رتب كل هذا الأمر للإيقاع بالدكتور أيمن  الظواهري وعدد من مرافقيه بالاتفاق مع أجهزة أمن محلية أو أجنبية، وهو ما يمكن أن يؤدي قطعاً إلى تشويه السمعة والمكانة (وهذا أقل شيء) وهي رأسمال الحر، إضافة إلى أنه قد يؤدي إلى قيام أحد من أنصار الجماعات الإسلامية إلى اتخاذ قرار بحقي ربما يؤدي إلى تصفيتي اعتقاداً منه أنني المسئول عما يمكن أن يحدث لو قدم الدكتور أيمن إلى باكستان، وأنا لا أريد أن أخسر حياتي في مسألة مثل هذه، وأن يعيش أطفالي من بعدي وقد شوهت صورة والدهم أمامهم ولا يستطيعون مواجهة العالم لما قد يقال عن والدهم. لذا فإنني حتى لو وافق الدكتور أيمن أو أنصاره على فكرة القدوم إلى أي جزء من الأراضي الباكستانية فسأمنع هذا بكل ما أوتيت من وسائل حتى لو اقتضى الأمر منعكم من الوصول إلى منطقة القبائل قرب الحدود الأفغانية التي يحتاج الأجنبي إلى تصريح خاص للدخول إليها يبين فيه أسباب زيارته، والمكان الذي يقصده من هذه المنطقة المترامية الأطراف. وأنا أفضل ألا تجرى المقابلة مطلقاً إن كانت هناك إمكانية لتعرض الطرف الأخر للخطر واحتمال أن تلقى المسئولية في هذا الأمر على الجزيرة ومراسلها والفريق الذي أرسلته لهذه المهمة.
تساؤلات حول الأجهزة:
وزد على ذلك ، قلت لهم إنكم تقولون أنكم أحضرتم أجهزة بث مباشر على أن تبث المقابلة من أفغانستان على الهواء مباشرة، وهذا من ناحية أمنية غير مقبول عند الطرف الآخر، لأنه سيكشف مكانه لأجهزة الرصد عبر الأقمار الصناعية ولن يسمح الطرف الآخر لكم باستخدام أجهزة البث هذه من أفغانستان، هذا إن سمح أصلاً باستخدامكم للكاميرات التي أحضرتموها من الدوحة. وأقصى ما يمكن أن يقبل به الطرف الآخر ـ حسب ظني ـ  هو القدوم إلى أقرب نقطة داخل أفغانستان للحدود الباكستانية، والسماح لكم بإجراء المقابلة مع الدكتور أيمن بواسطة كاميرات قد تكون بحوزته، وتأمين عودتكم إلى باكستان لنقل المقابلة إلى الجزيرة بالطريقة التي تريدونها فيما بعد. كما أن إحضاركم أجهزة بث مباشر يطرح تساؤلات حول نوايا الجزيرة وما تريده من الطرف الآخر، وإن حدث شيء بعد المقابلة فإن الجزيرة بل ودولة قطر ستتحملان ما لا طاقة لهما به، وقد نكون كلنا ضحية لما قد يحدث من آثار مستقبلية، ولن تسال عنا الجزيرة أو غيرها وقتئذ.
كان هذا آخر ما يرغب فريق الجزيرة سماعه من زميل لهم في باكستان أريد تغييبه عن هذه المقابلة لأسباب أتركها لهم وللقارئ الكريم، وقد جرى نقاش في الليل بيني وبين فريق الجزيرة في مكان إقامتهم، واستقر رأي مذيع الجزيرة وأحد المصورين المرافقين له على العودة إلى الدوحة وإبلاغ إدارة الجزيرة بأن الطرف الثاني أخل بما وعد به، وأنه لا يمكن دفع أي مبلغ للوسيط في أوروبا الذي علمت من فريق الجزيرة أنه كان يطالب بخمسين ألف دولار أبلغهم إنها نفقات سفر وحراسات للدكتور أيمن الظواهري وأنصاره الذين كانوا يتحركون معه من أجل تأمين المقابلة!!!
العودة بخفي حنين:
عاد وفد الجزيرة وعلمت فيما بعد أنهم تحدثوا لمديرها وإدارتها عن إخلال الطرف الثاني وتحميله المسئولية في إفشال المقابلة وعدم القدوم إلى نقطة اللقاء المتفق عليها!!
ورغم أن الجزيرة وفريقها يعلمون يقينا أن الطرف الثاني لم يخل بما كانوا اتفقوا عليه مع الوسيط في أوروبا أو الأشخاص المقيمين في أفغانستان، فإن العادة درجت في كثير من التصرفات على إلقاء المسئولية على الآخر خاصة إن كان الطرف الآخر لا يملك لظروف خاصة نفي هذه المسئولية أو توضيح موقفه لأصحاب الشأن ومن له علاقة، وأن نتنصل من أي مسئولية حيال أي أمر!!!
لم نطلب أموالاً من أحد !!
علمت فيما بعد حين تمكنت من إجراء مقابلة مع الدكتور أيمن الظواهري في 23 كانون الأول 1998م أنه لم يطلب مطلقا أي مبلغ له أو لمرافقيه للتنقل من الدولة التي كانوا فيها إلى أفغانستان، وأنه لا علم له إن كان الوسيط في أوروبا قد طلب هذا المبلغ باسمهم وأن كل ما كان يهم الدكتور أيمن في هذا الشأن أن يتحدث في المقابلة مع الجزيرة بوجهة نظره ويوضح موقفه وموقف (التيار الإسلامي المقاتل) من الحكومة المصرية وما يحدث من مواجهات مسلحة بين بعض الشبان وأجهزة الأمن المصرية أحياناً. وكانت الجزيرة وحرصا على تأمين مقابلة في ذلك الوقت مع الدكتور أيمن الظواهري على استعداد لدفع مبالغ أكثر من هذا ليس لوسطاء خارج أفغانستان ولكن لبعض الناس في أفغانستان ممن هم مقربون من الدكتور وذلك فقط لإغاظة الحكومة المصرية، أو ربما للوصول إلى الدكتور لأمور أخرى !!!
توقيت المقابلة:
الوقت الذي حاولت الجزيرة فيه مقابلة الدكتور الظواهري كان نهاية كانون الثاني من عام 1998 ، وكانت العلاقات القطرية المصرية تشهد توتراً لم تعهده من قبل ، وقد تبادلت الدولتان الاتهامات حول عدد من المسائل ، منها المحاولة الانقلابية ضد الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر والتي قيل إن عدداً من الضباط المصريين العاملين في الجيش والأجهزة الأمنية القطرية كانوا على علاقة بها، وأن الحكومة المصرية كانت تدعم الحاكم السابق لقطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني والد الحاكم الحالي الذي أطاح به ابنه صيف عام 1995.
وإجراء مقابلة مصورة وعلى قناة الجزيرة مع الدكتور أيمن الظواهري سيكون بالنسبة للحكومة المصرية أشد تأثيراً وأكثر إيلاماً من أي حملة إعلامية تشنها وسائل الإعلام في دولة قطر . كما أن بث المقابلة عبر الجزيرة يعطي الحكومة القطرية فرصة للقول بأنه ليس لها شأن في هذا الأمر، لأنها كانت ولا زالت تصر على القول إنه لا علاقة لها بسياسة الجزيرة أو خطها الذي تنتهجه! وأن قناة الجزيرة أحرجت الحكومة القطرية وعلاقاتها مع العديد من الدول الشقيقة والصديقة ( حسب تصريحات وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في أكثر من مناسبة) .
جمال عبداللطيف إسماعيل

استقالات مذيعات الجزيرة القناة التي باتت تابعة لتنظيم القاعدة ويسيرها مدير عام من تنظيم الإخوان المسلمين

بدا رئيس اللجنة المشرفة على انتخابات مجلس الشورى المستشار انتصار نسيم، كما لو كان من القلائل في جمهورية مصر العربية الذين لا يملكون 'دشا'.. بكسر الدال، لان ضمها سيغير المعنى تماما، وإذا كان 'الدش' بالكسر يعني طبقا لاقطا للفضائيات، فانه بالضم يعني هذا الجهاز المستخدم في صب الماء، فتقول أخذت 'دُشا'، فيقال لك: 'حمام الهنا'.. أو الهناء حتى لا يغضب أساتذة اللغة العربية.
الفضائيات غابت عن المؤتمر الصحافي الذي عقده المستشار ابتسام نسيم، ليعلن نتائج الإعادة في انتخابات التجديد النصفي لما يسمى بمجلس الشورى، وحضر التلفزيون المصري، وقيل ان إحجام مندوبي الفضائيات عن الحضور مرده الى انه لم توجه لهم دعوة من سعادة المستشار، الذي اكتفى بدعوة التلفزيون المصري، فبات عندي من القلائل الذين يهتمون بحضور هذا التلفزيون، الذي لم يعد هناك احد يشاهده، ويمكن استخدامه في كتم الأسرار، لان أحدا لم يعد يشاهده، إلا قلة قليلة من كبار السن، الذين لم يصلهم بعد نبأ الأطباق اللاقطة، والذين لا يستطيعون ضربا في الأرض.
مراسلو الفضائيات قالوا ان أحدا لم يوجه لهم الدعوة بالحضور، وفي تقديري أنهم تعاملوا مع ذلك على طريقة 'بركة يا جامع'، فلا جديد تحت الشمس، وفي الجولة الأولى وقفت الفضائيات على مساخر من العيار الثقيل، تمثلت في منع المصورين من القيام بمهام عملهم، ربما سترا للعورات التي تبدت في هذا اليوم، عندما جرى التزوير الفاضح، والذي لم يعرفه العالم في أي مرحلة من مراحل تطور البشرية، ومنذ عصر الإنسان الحجري، وقد شاهدنا كيف قامت السلطة بالتزوير لأربعة من المعارضين الرسميين، ليحصل الواحد منهم على عدد من الأصوات لم يحصل عليها الرئيس مبارك نفسه من هذه الدوائر، على الرغم من العزوف الجماهيري.
بعد ان تم إلغاء الإشراف القضائي، وما عرف بنظام قاض لكل صندوق، تم اختراع اللجنة القضائية المشرفة، والتي ينبثق منها فرع في كل محافظة، وفي غيبة القضاة حصل المرشحون على أصوات تتجاوز المئتي ألف صوت.. وزير الأوقاف ربما وبحكم موقعه الديني، استدعى الطير الأبابيل لتصوت له، فحصل على 285 ألف صوت.
ومع هذا فان رئيس اللجنة المشرفة، وهو رئيس محكمة استئناف القاهرة، كان يؤكد على نزاهة العملية الانتخابية، علما بأن الإشراف الحقيقي عليها كان لوزارة الداخلية، ودور لجنته هو للاستهلاك الدولي.. أهل الحكم ليسوا معنيين بالاستهلاك المحلي، لأنهم تصرفوا في هذه الانتخابات كما لو كان هذا الزحام لا احد، وكما لو كان الشعب المصري مات.
هذه انتخابات لم تنل حظها من التجريس الفضائي، لأنها كانت في اليوم التالي للاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية، وانشغال العالم بهذا العمل الجبان.
في الإعادة تراوحت الأصوات التي حصل عليها الذين نجحوا ما بين 10 الاف الى 50 الف صوت.. فالتزوير فيها كان وفق المعدل المتعارف عليه تاريخيا، وربما خشيت اللجنة المشرفة من ان يقوم مراسلو الفضائيات بالمقارنة بما جرى في الجولة الأولى وفي جولة الإعادة، فاكتفت بدعوة التلفزيون الرسمي، وربما كان رئيس اللجنة لديه 'دش'، ولكنه يعرف ان تلفزيون الريادة الإعلامية هو 'ستر وغطاء'، لانصراف المشاهد عنه، فتقررت دعوة كاميراته لاستكمال الشكل، وعلى أساس ان الله حليم ستر، فلم يرد القوم أن يعلنوا معصية التزوير على الملأ، باعتبار ان الله يغفر للجميع إلا المجاهرين.
عموما لن نطيل في الحديث عن التلفزيون الرسمي، إعمالا للنصيحة الخالدة: ارحموا عزيز قوم ذل!
 عبد اللطيف لا ينافس  'لطيف' رئيس قطاع الأخبار بتلفزيون الريادة الإعلامية خالد الذكر عبد اللطيف المناوي، او 'عب لاتيف مناوي'، حسب النطق الاستشراقي للإعلامية سلمى الشماع.. شاهدت المذكورة طفلا، فشابا، وبائسا، ويائسا (نسبة لسن اليأس) وأوشكت ان أحال على التقاعد، ومع هذا لا تزال كما هي لم تتعلم العربية، وتتعامل مع حروفها كما الخواجات!
عبد اللطيف له من اسمه نصيب، لذا فهو 'لطيف'، وثبت زيادة رقعة 'اللطف' المكونة لكرات الدم البيضاء لديه، عندما قال ان مهمته ليست منافسة 'الجزيرة' أو 'العربية'.. يبدو انه قرر ان ينافس تلفزيون بوركينا فاسو، مع أني لست متيقنا من ان الشعب البوركيني الشقيق عنده تلفزيون!
المذكور، الذي هو عبد اللطيف المناوي، تم جلبه من خارج مبنى التلفزيون، بعد العجز عن المنافسة، وبعد ان أصبح تلفزيون مصر كهذا الذي ان تحمل عنه يلهث وان تتركه يلهث.
ضربوا باللوائح والروتين عرض الحائط وطوله، وأوقفوا سياسة التدرج الوظيفي، واستوردوا لقطاع الأخبار بالتلفزيون رئيسا من الخارج، ومن الصحافة المكتوبة، وكان الهدف هو المنافسة، ومنحت له صلاحيات كاملة في أن يتصرف في القطاع تصرف المالك فيما يملك، يُقصي ويبعد، ويجتبي ويختار، وتم منحه إمكانيات مالية لم تمنح لأحد من قبل، والهدف ان ينتشل التلفزيون من الضياع، وينافس 'الجزيرة' و'العربية' وغيرها.. ثم بعد هذا نكتشف ان سيادته لم يأت لكي ينافس، وإنما ليراوح مكانه.
لقد ناضل رؤساء قطاع الأخبار السابقين، من اجل الاستحواذ على قناة 'النيل' للأخبار، او قناة مصر الإخبارية (حسب اسمها الجديد) وضم القناة لقطاع الأخبار، فلم يتم تمكينهم من هذا، وتحقق المراد لعبد اللطيف المناوي، ربما ليمنحوه الفرصة ليؤكد قدرته الخارقة على الفشل.
قالوا ان الهدف هو تطوير القناة لتنافس 'الجزيرة'، وبعد ان تحقق لصاحبنا ما أراد وتم الجمع بين الضرائر: القناة والقطاع، قالوا ان المنافسة منوطة بقناة جديدة يتم التخطيط لها بليل، ومن المقرر ان يعمل بها عمرو عبد الحميد، ومنى سلمان، وحافظ المرازي، ويسري فوده، وربما حسين عبد الغني.
عندما تم افتتاح (أستوديو 11)، والذي تم إنفاق الملايين عليه من دم الشعب المصري (لم يعلنوا كم تكلف هذا الأستوديو) فان عبد اللطيف المناوي بشحمه ولحمه هو من صرح، وكان في حالة نشوة فتاكة، بأن هذا الأستوديو قادر على منافسة اقوى الفضائيات العربية، وخص بالذكر 'الجزيرة' و'العربية'!
تصريحات لحظة النشوة، لا ينبغي ان يحاسب عليها أصحابها، فالمنافسة لا تكون فقط بالاستوديوهات الحديثة. لكن وبعيدا عن هذه اللحظة، فأظن ان ما ينفق على التلفزيون الرسمي ليس من 'زكاة مال' رجل الحديد والتقوى احمد عز أمين التنظيم بالحزب الحاكم، ولا من المصروف الشخصي لوزير الإعلام انس الفقي، ولكنه من دافعي الضرائب، ومن بينهم العبد لله.. الفقراء في بلدي هم من يدفعون الضرائب، أما الأغنياء فلديهم طرقهم للتهرب منها.
وبعيدا عن لحظة النشوة فاعتقد ان الهدف من هذا الإنفاق المهول هو المنافسة، إلا إذا كان عبد اللطيف المناوي له رأي آخر، ويعتقد مثلا انه تم تكريمه بالمنصب باعتبار ان هذه 'مكافأة نهاية الخدمة'.. إذن لا تثريب عليه ان قعد مع القاعدين.
 استقالات 'الجزيرة'  أكتب مشيدا بجمانة نمور، فتهتف ضدي القبائل: ويحك. واكتب مطالبا بقبول استقالتها، فتهتف ضدي القبائل: ويحك.. أقول إنها جميلة، فيقولون: ويحك. وأقول ليست جميلة فيعلقون: ويحك، وبشكل يجعلني في حيرة من أمري.
بداية الكتابة عنها كانت عندما ظهرت بملابس 'فوق الركبة' في برنامج 'ما وراء الخبر'، فثار ضدي الثائرون بحجة انني أتغزل فيها، وبعض النساء وبدافع الغيرة النسائية المتوارثة أرسلن لي يعتبن على فساد ذوقي، فقد رأينها رأي العين، وهي نحيفة وقصيرة، وعلى عكس شكلها على الشاشة، وكأني أريدها طويلة، وسمينة، لأني احتاج لها لفض الاشتباك بين عائلات الصعيد المتناحرة.
سكت فقالوا لماذا توقفت عن الكتابة عن الجميلة 'جمانة نمور'، وكتبت فقيل لي 'ثكلتك أمك'، وعلمت بخبر استقالتها هي وأربع أخريات 'لونة، ولينا، وجلنار'.. ورابعة تبدو انها جديدة، ولم اعلق، فعلق المعلقون لقد انتظرنا رأيك، وكتبت رأيي فألبت علي،بما كتبت، ثوار المنطقة.. احدهم كتب ان رأيي في موضوع الحشمة متخلف، وآخر قال انه نسي اني صعيدي، وثالث قال ان سبب الاستقالة مرده للرسالة الإعلامية وان الإدارة تعلن موضوع الحشمة للمداراة على الموضوع الرئيسي.
بعض الصحف المصرية الحكومية قالت ان الاعتراض من قبل المذيعات على ان القناة باتت تابعة لتنظيم القاعدة، باعتبار ان مديرها العام إخواني.. مع ان تنظيم القاعدة ضد الإخوان، وللرجل الثاني ايمن الظواهري كتاب غير منشور عنوانه 'الإخوان المسلمون . الحصاد المر' قال فيهم ما قال مالك في الخمر. ولا اعرف ماذا قال مالك على وجه التحديد؟ لكن يبدو انه كان شديد المراس على العكس من الإمام أبو حنيفة.. واعلم على اية حال ماذا قال.
تضاربت الآراء حول أسباب الاستقالة، والمذيعات الخمس لم يعلن أسباب ذلك، ومن تصرح منهن تطلب عدم ذكر اسمها على النحو الذي جاء في خبر وكالة الصحافة الفرنسية، وعلى لسان واحدة منهن والتي أرجعت سبب الاستقالة الى تراكمات خمس او ست سنوات وبسبب سياسة لا تحترم القواعد المهنية، مشيرة الى ' مزاجية بعض المسؤولين'.. وأضافت ان بعض المسؤولين في القناة يوجهون لنا انتقادات خارجة عن حدود اللياقة وخارج الإطار المهني والأخلاقي.. ' نحن مذيعات الجزيرة محتشمات ويراد منا ان نكون أكثر احتشاما'.. وهذا يمس كرامتنا. سلامة كرامتكن من المس، قبل أسابيع مس كاتب كويتي ذات الأمير فدخل السجن.
المذيعات قلن ان الاستقالة لا رجعة فيها، وأظن أنها 'للتهويش'.. ، وقد اقبل التضحية بهن إلا واحدة هي 'لينا زهر الدين' .. ومنعا للقيل والقال، فلأنها تكتب أحيانا لـ 'القدس العربي'، فالانحياز لها يأتي في إطار التزامي بسياسة حسن الجوار ليس إلا، مع ان هناك مبررات أخرى يأتي على رأسها انها مذيعة جميلة، ورقيقة، ومثقفة. بحسب قانون العقوبات المصري فان وصف امرأة بالجميلة يدخل في باب التحرش وعقوبته السجن والغرامة، لكني اعتصم بالقانون الدولي، وشارون سبق له ان تغزل في سيقان كونداليزا رايس ولم ير احد في ذلك خروجا عن القانون، وان كان بعد شهادته الزور في حق سيقان المذكورة راح في غيبوبة جزاء وفاقا.
سليم عزوز

تقارير قناة الجزيرة.. الوصول إلى قلب الحقيقة والصورة الكاملة يفرض إحلال نظام المراسلين المتخصصين بين مراسلي غرفة الاخبار

أهم ما يميز قناة الجزيرة هو التقارير التي يعدها المحررون من غرفة الاخبار التي أعتقد أن من يشاهدها مؤكد ان يصل الى قلب الحقيقة والصورة الكاملة و المتابع لها يتقن سياسة في أقرب فرصة ممكنة ما جعل مراسلي غرفة الاخبار يصبحوا نجوما فوق العادة أكثر من مراسلي الميدان في كثير من الاحيان.. من أمجد الشلتوني وماجد عبد الهادي وكاتيا ناصر ومريم أوباييش و فوزي بشرى و الآخرون بلا استثناء ما يدعو الآن الى العمل على احلال نظام المراسلين المتخصصين بين مراسلي غرفة الاخبار للقيام بالمهام التحليلية للأخبار العاجلة و التغطيات الخاصة من غرفة الاخبار.

نظام المراسلين المتخصصين في المؤسسات الصحفية وتبني الجزيرة له لتحسين الاستفادة من مراسلي غرفة الاخبار

نظام المراسلين المتخصصين Specialized Correspondents متبع في المؤسسات الصحفية الدولية الكبيرة حول العالم من البي بي سي الى السي ان ان الى باقي المحطات الاميركية والصحف الدولية حول العالم ولكن ما يساعد عليه هو الحرية الكبيرة المعطاة لهذه المؤسسات وكذلك عراقتها و اعتقد أن الجزيرة بما بنته لنفسها على مدى عشر سنوات لها الحق في تطبيق ذلك النظام لأول مرة في الشرق الاوسط لتحسن الاستفادة من مراسلي غرفة الاخبار في كل وقت.
من أمثال المهمات في النظام كبير المراسلين الدوليين.مراسل الشئون السياسية.المحرر الدبلوماسي وغيرها
أعتقد انه يجب الاشارة الى المراسلين بإستخدام عملية Reporting Show والبعد عن التصوير في نهاية التقارير بوضع Steady Camوالعمل على تحريك الكاميرا في ختام التقرير و التخفيف من توتر المراسلين بتحريك ايديهم امام الكاميرا و اخذ الثقة الكاملة بالنفس.
إلى أن نصل لمرحلة يصلح فيها كل مراسل للعمل كمذيع لوحده.

مراسلو الجزيرة للمهمات الخاصة من النزاعات والكوارث والاحداث السياسية الكبيرة حول العالم

يجب على الجزيرة أن تعمل على تكوين فريق من المراسلين للمهمات الخاصة من النزاعات والكوارث والاحداث السياسية الكبيرة حول العالم و عدم الاكتفاء بالإعتماد على المراسلين في الموقع نفسه في كل شيء بل الزيادة من سياسة ايفاد المراسلين حول العالم لزيادة خبرة هذا الفريق ومهاراته.
يجب الاعتماد بشكل رئيسي على المراسلين في النشرات الاخبارية طوال اليوم.
يجب أن يتم التواصل مع جميع المراسلين حول العالم ان لم يكن القمر الصناعي فبالهاتف المرئي الذي يجب تعميمه على المناطق الساخنة والمعزولة من آسيا وافريقيا وبخاصة في افغانستان والصومال وعدم ايفاد أي مراسل الا ومعه وسيلة اتصال مرئية فورية.
يجب الاشارة على المراسلين بارتداء الواقي الصدري في المناطق الساخنة لما له من أثر على الشكل العام للتغطية وحماية المراسل في الاساس وبخاصة في الصومال وأفغانستان وفلسطين ولنا مثال في ما حدث مع صهيب جاسم في ديلي والشكل الرائع الذي ظهر عليه،فقد رأينا العديد من الاحداث التي فيها القصف والضرب ولا يرتدي المراسل الواقي وحدث ذلك في سجن اريحا و ايهاب الالفي وسامر علاوي.. أعلم أنه ثقيل بعض الشئ ولكنه ضروري.

جزر المدخل الجنوبي لمضيق باب المندب.. جزيرة الشيخ سعيد. جزيرة سوقطرة

يشرف على المدخل الجنوبي لمضيق باب المندب عدد من الجزر من أهمها:
1- جزيرة الشيخ سعيد: وتقع على مضيق باب المندب وهي قريبة من مدينة عدن، إلى الجنوب الغربي من جزيرة ميون وتبلغ مساحتها 1622كم2 وهي ذات تربة غنية.
2- جزيرة سوقطرة: تقع في المحيط الهندي وتبعد 150كم عن رأس جوارد فول على الساحل الإفريقي و500كم عن عدن. وتسيطر على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر. طول الجزيرة 75 ميلا وعرضها 23 ميلا ومساحتها 1400ميلا مربعاً.
وتبعد عن باب المندب حوالي 320ميلا إلى الجنوب الشرقي يبلغ عدد سكانها نحو 40ألف نسمة وهي تتبع لجمهورية اليمن.

مجموعة جزر حنيش الكبرى والكبرى.. غير مأهولة بالسكان في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر تجاه جزيرة ميون بين الشواطئ اليمنية والسواحل الارتيرية

مجموعة جزر حنيش تقع في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر تجاه جزيرة ميون، وهي غير مأهولة بالسكان، وتشمل هذه المجموعة.
أ- حنيش الكبرى Hanish Al- Kabir
تبعد 140كم عن جزيرة ميون، طولها 18-20كم، وتمتد من الشمال إلى الجنوب الغربي وتبعد عن الشواطئ اليمنية حوالي 25كم والمسافة نفسها تقريباً عن السواحل الارتيرية. وتوجد إلى الغرب منها مجموعة صغيرة من الجزر يزيد عددها عن عشرين جزيرة. يبلغ ارتفاع أعلى القمم فيها 1320قدماً عن سطح البحر وهي تشرف على مدخل البحر الأحمر.
ب -حنيش الصغرى:
تبعد حوالي 20كم عن حنيش الكبرى و40كم عن السواحل اليمنية و70-80كم عن السواحل الارتيرية. وتوجد بالقرب منها مجموعة جزر صغيرة يزيد عددها على خمسين جزيرة.

مجموعة جزر الزبير اليمنية.. الجزر السوابع تتوسط السواحل اليمنية والشواطئ الايريترية

مجموعة جزر الزبير هي مجموعة من الجزر يطلق عليها أهل اليمن الجزر السوابع.
وتبعد عن الشواطئ اليمنية 50-60كم وعن السواحل الارتيرية 150كم.
ويوجد إلى جانبها 3جزر صغيرة يبلغ طول أكبرها وهي جبل الزبير ما بين 5-7كم.

كيفية إعداد جذاذة (بطاقة) لدرس التعبير الشفهي .. طرح أسئلة حول الوضعية التواصلية لإنتاج الحوار

التاريخ: يحدد                رقم البطاقة: يحدد                                                         
المادة: التعبير الشفهي
الموضوع:   يحدد
المستوى: يحدد
المدة: تحدد                                  
الهدف الخاص (راجع المذكرة الأولى)
الأهداف الإجرائية (راجع المذكرة الأولى)
الوسائل: (راجع المذكرة الثانية)
الطريقة:  (راجع المذكرة الثانية)
مراحل وخطوات سير الدرس:
1- التقديم:
ويكون بعرض صورة، أو منظر، أو قصة، أو تمثيل موقف، أو حكاية حدث لجذب انتباه المتعلمين.
2- الإنتاج والتثبيت، ويكون بما يلي:  
- طرح أسئلة حول الوضعية التواصلية لإنتاج الحوار
- مساعدة المتعلمين على إنتاج وتركيب جمل الحوار.
- تمثيل الحوار
- التكرار المكثف لتثبيت الحوار
3- الاستغلال:
ويكون  بتمثيل حوار جديد بين التلاميذ في وضعية مماثلة لوضعية الانطلاق.

تغيير تصور المدرس للجذاذة.. خطاطة يحدد فيها المدرس وضعيات التعلم باعتبارها وضعيات ـ مشكلات تتيح تشكل الكفايات لدى المتعلم

لم تعد الجذاذة خطاطة تحدد فيها الأهداف الإجرائية لعمليات الدرس ولكنها أصبحت خطاطة يحدد فيها المدرس وضعيات التعلم باعتبارها وضعيات ـ مشكلات تتيح تشكل الكفايات لدى المتعلم, عبر إنجازه للمهام لأجل حل هذه المشكلات وكل ما كان على شاكلتها.

الشيخ أحمد سحنون.. الدعوة إلى تحكيم الإسلام وتخريج تخريج مجموعات من الدعاة والعلماء

الشيخ أحمد سحنون، أحد تلاميذ الإمام عبد الحميد بن باديس، وقد شارك في حرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، ودعا بعد الاستقلال إلى تحكيم الإسلام؛ لأن الجزائر دولة إسلامية، وتولى تخريج مجموعات من الدعاة والعلماء. وبعد توقيعه على البيان الآنف الذكر. اعتقل ووضع رهن الإقامة الجبرية حتى عام 1984م.

الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر.. اعتماد توجه إسلامي للاقتصاد ورفض الاختلاط في المؤسسات وإدانة الفساد

في 12 نوفمبر 1982م اجتمع مجموعة من العلماء منهم: الشيخ أحمد سحنون والشيخ عبد اللطيف سلطاني والدكتور عباسي مدني ووجهوا نداءً من 14 بنداً يطالب بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية ويشجب تعيين نساء وعناصر مشبوهة في القضاء، ويدعو إلى اعتماد توجه إسلامي للاقتصاد، ويرفض الاختلاط في المؤسسات، ويدين الفساد، ويطالب بإطلاق سراح المعتقلين ويندد بوجود عملاء أعداء للدين في أجهزة الدولة.. إلخ.

الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر.. جماعة الإخوان الدوليين. جماعة الإخوان المحليين. جماعة الطلبة أو جماعة مسجد الجامعة المركزي أو أتباع مالك بن نبي

في نهاية السبعينات بدأ الظهور العلني لشباب الإسلام في الجامعات الجزائرية وغيرها وتقاسم العمل الإسلامي المنظم في مدة ما قبل 1988م ثلاث جماعات وهي: جماعة الإخوان الدوليين بقيادة الشيخ محفوظ نحناح وجماعة الإخوان المحليين بقيادة الشيخ عبد الله جاب الله، وجماعة الطلبة أو جماعة مسجد الجامعة المركزي أو أتباع مالك بن نبي بقيادة الدكتور محمد بوجلخة ثم الشيخ محمد السعيد.

الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر.. العودة على الإسلام باعتباره السبيل الوحيد للإصلاح والقادر على إنقاذ الجزائر مما تعانيه من أزمات

الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر حركة إسلامية سلفية في جوهرها، تنادي بالعودة على الإسلام، باعتباره السبيل الوحيد للإصلاح والقادر على إنقاذ الجزائر مما تعانيه من أزمات اجتماعية، واقتصادية، واستعمار فكري وثقافي، والمؤهل للحفاظ على شخصية الشعب الجزائري المسلم بعد احتلال دام 132 سنة وترك انعكاسات حضارية عميقة لفّت البلاد كلها بظاهرة التغريب والفَرْنَسة، الأمر الذي حفز ثلة من العلماء آلمهم تردِّي الأحوال إلى التحرك لإثارة الضمير الجزائري والاتجاه إلى الإصلاح الديني والسياسي والاجتماعي.

الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر.. تأسيس رابطة الدعوة التي مثلت مظلة للتيارات الإسلامية كلها

تم تأسيس (رابطة الدعوة) 1989م برئاسة الشيخ أحمد سحنون وذلك لأنه أكبر الأعضاء سناً حيث كان عمره 83 عاماً وكانت الرابطة مظلة للتيارات الإسلامية كلها، ومن بين أعضاء رابطة الدعوة: محفوظ نحناح، وعباسي مدني، وعبد الله جاب الله، وعلي بلحاج، ومحمد السعيد.

أهداف رابطة الدعوة بالجزائر.. تحسين الاقتصاد المنهار والنضال على مستوى الفكر

من أبرز أهداف رابطة الدعوة بالجزائر ما يلي:
ـ إصلاح العقيدة.
ـ الدعوة إلى الأخلاق الإسلامية.
ـ تحسين الاقتصاد المنهار في الجزائر.
ـ النضال على مستوى الفكر.

عباسي مدني.. تشكيل رابطة الدعوة ثم الجبهة الإسلامية للإنقاذ والمطالبة بالإصلاح وتطبيق الشريعة الإسلامية

الدكتور عباسي مدني: ولد سنة 1931م في سيدي عقبة جنوب شرقي الجزائر، ودرس في المدارس الفرنسية في صغره إبان الاستعمار الفرنسي، ثم في مدارس جمعية العلماء، وتخرج من كلية التربية، ثم انخرط في جهاد المستعمر الفرنسي، واعتقل وقضى في السجن سبعة أعوام، وبعد الاستقلال وخروجه من السجن أرسلته الحكومة إلى لندن 1975 ـ 1978م ليحصل على الدكتوراه في التربية المقارنة. ثم عاد إلى الجزائر ليقوم بالتدريس في الجامعة، وقد شارك العلماء في النداء الذي وجهوه إلى الحكومة في 1982م، مطالبين بالإصلاح وتطبيق الشريعة الإسلامية..
وشارك في الأحداث في العام نفسه فاعتقل وسجن.. وقد شكل مع بعض العلماء رابطة الدعوة، ثم الجبهة الإسلامية للإنقاذ، بعد مظاهرات الخبز عام 1988م ـ كما أطلق عليها. وأخيراً اعتقل مرة أخرى هو وكثير من العلماء. ثم أطلق سراحه أخيرًا.

علي بلحاج.. نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ الذي اعتبر تشيع بعض الجزائريين خطراً على الدعوة الإسلامية

الشيخ علي بلحاج: ولد في تونس عام 1956م، ثم استشهد والداه في الثورة ضد الاستعمار الفرنسي. درس العربية ودرَّسها، وشارك في الدعوة الإسلامية منذ السبعينات وسجن خمس سنوات 1983م/ 1987م بتهمة الاشتراك وتأييد حركة مصطفى بويعلي الجهادية. تأثر بعلماء من الجزائر ومنهم عبد اللطيف سلطاني وأحمد سحنون وكذلك درس كتابات الشيخ حسن البنا وسيد قطب وعبد القادر عودة وغيرهم.
- انتمى إلى التيار السلفي، ولذلك لم يتحمس للثورة الإيرانية، وانتقد كتابات الخميني، واعتبر تشيع بعض الجزائريين خطراً على الدعوة الإسلامية يجب التصدي له.
- انتخب نائباً للرئيس في الجبهة الإسلامية للإنقاذ واعتقل بعد المظاهرات التي قامت في الجزائر سنة 1988م. ثم أطلق سراحه ثم اعتقل مرة أخرى بعد الإضراب العام الذي دعت إليه الجبهة.

مبادئ الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر.. المطالبة بالاستقلال الثقافي وإدانة إفراغ التربية والثقافة من المضمون الإسلامي

تتضح أفكار الجبهة ومبادئها في النداء الذي وجهه بعض العلماء كالدكتور عباسي مدني قائد الجبهة، وهو ما أطلق عليه (نداء 12 نوفمبر 1989م)، وكذلك من بيانات الجبهة الموجهة للحكومة وللشعب الجزائري، ويمكن إيجازها فيما يلي:
ـ ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع المجالات الاجتماعية والسياسية والتربوية وغيرها.
ـ توفير الحرية للشعب ورفع الظلم والاستبداد.
ـ اعتماد الاقتصاد الإسلامي ومنع التعامل بالحرام.
ـ إعمال الشريعة في شأن الأسرة ورفض الأسلوب الفرنسي الداعي إلى التحلل.
ـ المطالبة بالاستقلال الثقافي، والتنديد بتزوير مفهوم الثقافة.
ـ إدانة إفراغ التربية والثقافة من المضمون الإسلامي.
ـ شجب استخدام الإعلام من قبل الدولة في مواجهة الصحوة الإسلامية.
ـ معاقبة المعتدين على العقيدة وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
ـ النهوض بالشعب إلى النموذج الإسلامي القرآني السني.
ـ الإشعاع على العقول بأنور الهداية وإنعاش الضمائر بالغذاء الروحي الذي يزخر به القرآن والسنة، وشحذ الإرادة بالطاقة الإيمانية الفعّالة.
ـ العمل بالدين القويم لإنقاذ مكاسب الشعب التاريخية وثرواته البشرية والطبيعية دون إضاعة للوقت.
ـ العمل على وحدة الصف الإسلامي، والمحافظة على وحدة الأمة. قال تعالى: (وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون). [سورة الأنبياء: الآية: 92] وقال صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً".
ـ تقديم بديل كامل شامل لجميع المعضلات الأيديولوجية والسياسية والاقتصادية، والاجتماعية في نطاق الإسلام. قال تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام) [سورة آل عمران: الآية: 19) وقال تعالى: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم).[سورة الإسراء، الآية:9].
ـ الإنقاذ الشامل، أسوة بالرسول صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: (وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها). [سورة آل عمران: الآية: 103].
ـ تشجيع روح المبادرة وتوظيف الذكاء والعبقرية وجميع الإرادات الخيرة في البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والحضاري.

البرنامج السياسي والاجتماعي للجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر.. استقلال القضاء وإصلاح النظام التعليمي

قدمت الجبهة مذكرة إلى رئيس الجزائر في 7 آذار مارس 1989م تتضمن مبادئها وبرنامجها السياسي والاجتماعي، وتحوي المذكرة ما يلي:
ـ ضرورة التزام رئيس الدولة بتطبيق الشريعة الإسلامية طالما أنه يحكم شعباً مسلماً.
ـ استقلال القضاء بغرض الحسبة.
ـ إصلاح النظام التعليمي.
ـ حماية كرامة المرأة الجزائرية وحقوقها في البيت ومراكز العمل.
ـ تحديد مجالات للإصلاح، ووضع جدول زمني لذلك.
ـ حل الجمعية الوطنية، والدعوة إلى انتخابات في غضون ثلاثة أشهر.
ـ تشكيل هيئة مستقلة لضمان نزاهة الانتخابات المحلية.
ـ إعادة الاعتبار لهيئة الرقابة المالية.
ـ إعادة النظر في سياسة الأمن.
ـ إلغاء الاحتكار الرسمي لوسائل الإعلام.
ـ وقف عنف الدولة ضد المطالب الشعبية.
ـ وضع حد لتضخم البطالة وهجرة الكفاءات وانتشار المخدرات.
ـ حماية المهاجرين الجزائريين وضمان التعليم الإسلامي لهم وتسهيل شروط عودتهم.
ـ التدخل لدى الصين والهند والاتحاد السوفيتي (سابقاً) وبلغاريا لوضع حد لاضطهاد المسلمين.
ـ وضع خطة لدعم الانتفاضة الفلسطينية ونجدة المجاهدين الأفغان.

معتقدات الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر.. نموذج فكرها هو التيار السلفي في التاريخ الإسلامي

- تعتقد جبهة الإنقاذ أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، ويشمل جميع مجالات الحياة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها... وتلتقي الجبهة مع حركة الإخوان المسلمين في بعض مبادئها.
- تؤكد الجبهة أن إطار حركتها ودعوتها هو الكتاب والسنة، في مجال العقيدة والتشريع والحكم. لذا فإن نموذج فكرها هو التيار السلفي في التاريخ الإسلامي.

الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر والسياسة.. الفوز بالانتخابات البلدية وتحريض الجيش على التمرد

- خاضت الجبهة الانتخابات البلدية في عام 1990م، وحققت فوزراً كبيراً في 856 بلدية، وبعد هذا الفوز بدأ الحزب الحاكم في الجزائر وهو ـ جبهة التحرير ـ يشعر بخطر الجبهة على وجوده في الحكم. وبدأت حكومة الجزائر تضع العراقيل في طريق تقدم الجبهة وأصدرت نظاماً جديداً للانتخابات.
- على إثر ذلك قامت مظاهرات كبيرة تطالب بالإصلاح، انتهت بمصادمات دامية بعد أن قابلتها بإطلاق النار، واعتقل على إثرها عباسي مدني ونائبه بلحاج بتهمة التآمر على أمن الدولة.
- وعلى الرغم من اعتقال زعماء الجبهة، خاضت الجبهة الانتخابات التشريعية لاختيار مجلس الشعب في الجزائر في 26/12/1991م، وحصلت على 188 مقعداً من أصل 228 في المرحلة الأولى، بينما لم يحصل الحزب الحاكم إلا على 16 مقعداً فقط.
ـ عد فوز الجبهة في الانتخابات التشريعية خطراً يهدد الغرب كله (انظر الصحف الفرنسية والإنجليزية في 1990م).
ـ بدأت المؤامرات تحاك في الخفاء ضد الجبهة من قبل القوى الصليبية، وبدأت وسائل الإعلام حملة تشويه مركزة على جبهة الإنقاذ.. والمستقبل الأسود الذي ينتظر الجزائر إن حكم رجال الجبهة.
ـ وكان أهم أهداف القوى المعادية للإسلام عدم إتمام المرحلة الثانية من الانتخابات.
- اعتقل الشيخ عبد القادر حشاني الرئيس المؤقت للجبهة في 18 رجب 1412هـ (22/1/1992م) بتهمة تحريض الجيش على التمرد.
ـ ثم بدأت اعتقالات عامة في الجبهة حيث تم اعتقال الآلاف، وهنا دخلت الجبهة الإسلامية للإنقاذ في محنة وصراع مع القوى المعادية للإسلام في الجزائر وخارجه.

الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر والعلاقة مع الغرب.. جر المجتمع الجزائري المسلم للتغريب والإبقاء على الثقافة الفرنسية بكل أشكالها

وقفت الجبهة في وجه مصالح الغرب عامة وفرنسا خاصة وهذه المصالح تتمثل في:
ـ إبعاد الإسلام عن السياسة تماماً.
ـ فتح الأسواق للبضائع الأوروبية والأمريكية.
ـ جر المجتمع الجزائري المسلم للتغريب والإبقاء على الثقافة الفرنسية بكل أشكالها.

الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر وتصويت الشعب ضد الديمقراطية.. تدخل الجيش وفرض الارتداد عن نهج تسليم السلطة سلميًّا للطرف الفائز في الانتخابات

كان فوز الجبهة في المجالس التشريعية خطراً حقيقيًّا من وجهة نظر الغرب على هذه المصالح، وصرح سيد أحمد غزالي عندما وصلته نتائج الاقتراع "إن الشعب صوّت ضد الديمقراطية"فكان من نتيجة ذلك إلغاء الانتخابات لأنهم يريدون ديمقراطية بدون إسلام، وكذلك تدخل الجيش وفرض الارتداد عن نهج تسليم السلطة سلميًّا للطرف الفائز في الانتخابات وتشكيل جهاز جديد للحكم وتشكيل سلطة مدعومة عسكريًّا، وبدأ اعتقال عناصر الجبهة القيادية والشبابية وإيداعهم في سجون نائية في قلب الصحراء حتى يتوقف المد الإسلامي. وأصدرت المحكمة الإدارية قراراً بحل الجبهة وسحب البساط من تحت أقدامها حتى يمكن اتخاذ كافة الإجراءات لمصادرة نشاطها، ولكن قادة الجبهة يعلنون أن الدولة الإسلامية في الجزائر قائمة لا محالة بهم أو بغيرهم اليوم أو غداً إن شاء الله، وقد استقال الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد بعد الفوز الساحق للجبهة، وتولى الحكم الرئيس محمد بوضياف الذي اغتيل ولا زالت الأحداث تتوالى سراعاً؛ حتى تولى الحكم أخيرًا عبدالعزيز بوتفليقة الذي هدأت الأمور في عهده.

الجذور الفكرية والعقائدية الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر.. الرجوع إلى الكتاب والسنة ونهج السلف الصالح

تعد آراء جمعية العلماء في الجزائر منذ ابن باديس وحتى الإبراهيمي الجذور الفكرية لجبهة الإنقاذ من حيث الرجوع إلى الكتاب والسنة ونهج السلف الصالح، وكذلك كتابات حسن البنا وسيد قطب وغيرهما من القواعد الفكرية للنهضة الإسلامية التي تعتمدها الجبهة.

مآخذ على الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر.. تبنيها فكر التهييج والثورة المخالف لمنهج أهل السنة في الدعوة

انشغلتالجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر بأمور السياسة على حساب التربية، ونشر العقيدة الصحيحة والعلم النافع بين أفراد المجتمع، إضافة إلى تبنيها فكر (التهييج) و(الثورة) المخالف لمنهج أهل السنة في الدعوة. ولعل مآل الأحداث في الجزائر يدفعها إلى إعادة النظر في هذا المسلك الخاطئ، ويعيدها إلى التروي والحكمة والصبر، مع الاستمرار في نشر الخير إلى أن يستريح بر أو يستراح من فاجر.

الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر.. تحكيم الإسلام في شتى مجالات الحياة وضرورة التزام رئيس الدولة بتطبيق الشريعة الإسلامية

الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر حركة إصلاح إسلامية سلفية في مجملها، فيها بساطة الإسلام، دعت إلى تحكيم الإسلام في شتى مجالات الحياة، ورأت ضرورة التزام رئيس الدولة بتطبيق الشريعة الإسلامية طالما أنه يحكم شعباً مسلماً، مع إصلاح النظام التعليمي والأمني والإعلامي في ضوء عقيدة الإسلام السمحة. وقد وقفت الجبهة في وجه مصالح الغرب عامة وفرنسا خاصة، وهي المصالح التي تتمثل في إبعاد الإسلام عن السياسة تماماً وفتح الأسواق للبضائع الأوروبية والأمريكية وجرِّ المجتمع الجزائري المسلم صوب التغريب والإبقاء على الثقافة الفرنسية بكل أشكالها وهو ما يرفضه المجتمع الجزائري. ويأخذ عليها الاستعجال وتصعيد الخطاب وصرف المراحل.

ثورة شباب مصر.. إسرائيل تبكي الحليف الفقيد وأمريكا تفقد أداة التنفيذ والسلطة الفلسطينية تحس باليتم من جديد

من يريد تحسس ملامح العهد الجديد الذي بدأ في مصر يوم الجمعة الماضي، بإجبار الرئيس حسني مبارك على الرحيل، فإن عليه ان يتابع قنوات التلفزة المصرية ـ والانقلاب الكبير الذي حدث في برامجها ولهجتها ونوعية ضيوفها.
فمن كان يصدق انه سيرى في يوم من الايام الاستاذ محمد حسنين هيكل جالسا في استوديو محطة دريم 'ضيفا' في برنامج المذيعة اللامعة منى الشاذلي، او يشاهد الزميل الاستاذ حمدي قنديل الذي هاجر الى محطات عديدة على طول الوطن العربي وعرضه بحثا عن مكان 'لقلم رصاصه' يكون ضيفا على قناة 'المحور' او الفضائية الرسمية؟
هذه القنوات المصرية كانت تدار من قبل منظومة حكومات محور الاعتدال العربي، ووفق قائمة سوداء تضم اسماء عديدة من الاعلاميين والكتاب المصريين والعرب، وبمجرد انهيار محور الارتكاز الاساسي لهذه المنظومة في القاهرة، تغيرت الصورة بالكامل واصبحنا امام مرحلة جديدة بوجوه جديدة، واعلام جديد سيغير الخريطة الفضائية ومن بعدها السياسية العربية حتما، فالإعلام هو الذي يضع الاجندات السياسية هذه الايام وليس العكس مثلما كان يحدث على مدى الستين عاما الماضية.
الثورة الشعبية الكبرى التي اندلعت في مصر ونظيرتها التي سبقتها في 'تونس الكرامة'، اعادتا صياغة المنطقة، ورسمتا خريطة جديدة، لشرق اوسط جديد ولكن بعيون عربية، ترى المستقبل من ثقب المصالح الوطنية، وبمنظار عربي اسلامي، وليس بعيون امريكية او ديكتاتورية توريثية.
زمن الاحكام العرفية، والدول البوليسية، وافساد القضاء، ونهب ثروات الفقراء المحرومين، وحصر الوظائف، والمناقصات، والمناصب العليا في اطر الأسر الحاكمة وبطانتها الفاسدة في طريقه الى الانقراض وبسرعة قياسية، وفي اكثر من بلد عربي.
مصر تشهد حاليا 'عملية تنظيف' تبدأ من ارض ميدان التحرير، وعلى ايدي شباب الثورة، لتنطلق الى كل رموز الفساد المسؤولة عن 'تقزيم' مصر ودورها الريادي الطليعي، في مؤسسات الدولة، في البرلمان المزور، في مجلس الشورى المفبرك، في الوزارات، في الاعلام، في السفارات.. في كل مفاصل الدولة.
الرابحون من هذا الزلزال الاكبر في تاريخ المنطقة كثر، ابرزهم فقراء الشعب المصري واحراره وشرفاؤه، الذين عانوا كثيرا على مدى السنوات الاربعين الماضية تقريبا، ومعهم مئات الملايين من العرب الذين عاشوا الذل والهوان بعد انسحاب مصر من المواجهة مع المشروع العدواني الاسرائيلي، والانتقال من المعسكر التقدمي الى المعسكر الامريكي رافعة الراية البيضاء اسيرة لفتات المساعدات.
الخاسرون كثر ايضا، وعلى رأسهم الغالبية الساحقة من الزعماء العرب الذين استمرأوا احتقار شعوبهم، وحولوا بلدانهم الى 'عزب' لهم ولاولادهم واحفادهم وكل من تفرع عن نسلهم، فهؤلاء يرتعدون خوفا وهم يرون الادارة الامريكية تنحاز مكرهة الى الثوار في ميدان التحرير، وتتخلى عن زعيم (مبارك) كان خادما وفيا لمصالحها، مشاركا بحماس في حروبها، حاميا مخلصا لحدود حليفها الاسرائيلي.
الولايات المتحدة الامريكية خسرت في الرئيس مبارك ونظامه، الثقل الحقيقي لسياستها الخارجية، ومشاريعها في الهيمنة على المنطقة، مثلما خسرت حليفاً قوياً في حربها المقبلة ضد ايران والحالية في كل من افغانستان والعراق، فالحلفاء العرب الباقون في المملكة العربية السعودية والخليج والاردن وشمال افريقيا يظلون هامشيين بالمقارنة مع مصر، ولم يخوضوا حرباً واحدة بمفردهم ومن دون الاستعانة بالقوات الامريكية (اخراج العراق من الكويت)، او التصدي للثورة الايرانية الخمينية (من خلال النظام العراقي السابق).
النفوذ الامريكي في المنطقة في حال انحسار متسارع، وهو نتيجة منطقية لسياسات جسدت النفاق الامريكي الغربي في ابشع صوره، فكيف لامريكا الدولة التي تدعي قيادة العالم الحر ان تدعم انظمة بوليسية تحت مسميات الاستقرار، ومحاربة وهم التطرف الاسلامي؟
سماسرة السلام المغشوش لا يمكن ان يحققوا استقراراً، لان ما يهم هؤلاء هو ملء جيوبهم بالاموال، والحصول على دعم وحماية الذين يسمسرون لهم على حساب شعوبهم، وتعاليم دينهم وعقيدتهم، ومبادئ امتهم الاخلاقية العريقة.
ولعل اسرائيل هي الخاسر الاكبر، ومعها السلطة الفلسطينية من انهيار نظام الرئيس مبارك، فقد كان الحضن الحنون للطرفين، والدرع التي توفر لهما الأمان والبقاء والشرعية.
حجيج بنيامين نتنياهو وايهود باراك وفؤاد بن اليعازر وتسيبي ليفني وشمعون بيريز وغيرهم الى منتجع شرم الشيخ حيث السجاد الاحمر والاستقبال الحار، والضيافة العربية الاصيلة، هذا الحجيج سيتقلص ان لم يكن سيتوقف نهائياً، ولن تستطيع تسيبي ليفني اعلان الحرب على غزة وهي تقف الى جانب رئيس مصر العظيمة، ولن يتباهى وزير مصري بتكسير عظام الشرفاء المحاصرين في قطاع غزة، فهذه السنّة غير الحميدة انكسرت، وربما الى غير رجعة.
السلطة الفلسطينية في رام الله يجب ان تعود الى ثوابتها، وتعيد النظر في كل مواقفها وسياساتها، فقد ذهب الرئيس المصري الذي وفر لها الدعم والملاذ على مدى العشرين عاماً الماضية، ذهب الى المجهول تطارده ارواح الشهداء الذين مزقت اجسادهم الطاهرة رصاصات امنه، ولن تجد هذه السلطة رئيساً مصرياً منتخباً يقف في خندقها بعد ان يطلع على مسلسل تنازلاتها في القدس المحتلة وحق العودة.
فعندما يرحب الرئيس الامريكي باراك اوباما بانخراط الاخوان المسلمين في الحوار مع حكومة مبارك في الدقائق الاخيرة من عمرها، فلا يوجد اي سبب لكي لا يرحب بحوار حكومته مع حركة 'حماس'، ورفع 'الفيتو' المفروض عليها من قبل اسرائيل، ولن نستغرب ان يتخلى اوباما وغيره عن هذه السلطة مثلما تخلى عن راعيها الابرز حسني مبارك، فالمنطقة تتغير، والمنطق يتغير، وكذلك امريكا ايضاً.
الزحف الوطني الديمقراطي انطلق من تونس الكرامة، وحط رحاله في ارض الكنانة، وسيقفز منها حتماً الى محطة جديدة، ستكشف لنا الايام او الاسابيع المقبلة عن اسمها، وما اكثر المحطات العربية التي تتلهف على استقبال هذا الزحف المقدس. فالمثل الشعبي العربي يقول 'لقد كرّت السبحة' والايام المقبلة ايام عزة وكرامة وتغيير انتظرته الشعوب طويلا، ألم نقل لكم؟!
عبد الباري عطوان

انقسامات النظام في مصر تجعل توريث جمال مبارك أكثر صعوبة

أثارت الانتخابات التي يقترب موعدها جدلا بشأن ما اذا كان جمال ابن الرئيس المصري حسني مبارك سيخلفه وكشفت عن انقسامات داخل المؤسسة الحاكمة حول ما اذا كان أهلا للمنصب. وحين ظهرت ملصقات في أفقر أحياء القاهرة تشير الى جمال (46 عاما) كزعيم مستقبلي لمصر لم تمض سوى أيام حتى تم تمزيق الكثير منها وتشويهه برذاذ الطلاء. وربما يعير أنصار جمال اهتماما لهذا.
وأثارت حملة الملصقات تساؤلات بشأن ما اذا كان جمال يتمتع بالشعبية او القوة الكافية لكسب الجيش الى صفه وضمان دعم ركائز السلطة الأخرى. ويقول اقتصاديون إن مسألة من سيحكم بعد مبارك سببت حالة من عدم اليقين للمستثمرين لكن هذا ليس كافيا في الوقت الحالي للتفوق على عناصر الجذب في سوق تنمو بمعدل يتجاوز خمسة في المئة في العام في حين أن الصورة في أسواق عالمية أخرى أقل تفاؤلا. وقال مصطفى السيد المتخصص في العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة جمال يتعارض مع المزاج العام.
'اذا استمرت حالة الاستياء... سيكون من الصعب جدا على الأمن والقوات المسلحة دعمه. انهم يريدون مرشحا يستطيع الحفاظ على القانون والنظام'.
وربما لا تأتي المعارضة لجمال من الجيش وحده اذا قرر الرئيس المصري (82 عاما) الا يرشح نفسه لولاية سادسة مدتها ست سنوات في انتخابات الرئاسة التي تجري العام القادم. ويبدو الحزب الحاكم منقسما اذ يشعر الحرس القديم بالقلق من جيل جديد يتبنى تحرير الاقتصاد ينتمي اليه مسؤولون تنفيذيون بقطاع الأعمال يقف وراء جمال الذي كان يعمل بأحد البنوك الاستثمارية.
وقال دبلوماسي أوروبي 'هناك انقسام في الرأي في الطبقة السياسية بالقاهرة'.
وقال دبلوماسي غربي آخر 'لا أرى أي أدلة من خلال الحديث مع المحيطين به (الرئيس مبارك) على أن من سيخلفه واضح في أذهانهم'.
وتزخر الحوائط الافتراضية وهي قناة متنامية للمعارضة بالنداءات. وظهرت عشرات المجموعات على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي على الانترنت تؤيد جمال لكن عددا مساويا من المجموعات تسعى الى منع التوريث في مصر.
وقالت مجموعة على فيسبوك تحمل اسم (جمال مبارك: غير مرغوب فيك انت وابوك) 'في عصركم اختفت موارد مصر خسرنا النيل والغاز - مفيش ولا قمح ولا قطن ولا الكهربا حتى مكفية.. كفاية انجازات'.
ومما يهدد التوريث - وهو شيء ينفيه الاب والابن - حملة للمدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الذي قال إنه قد يخوض انتخابات عام 2011 اذا تم تغيير الدستور ليفتح المجال.
ومن غير المرجح أن تجرى التعديلات بما يسمح بترشح البرادعي لكنه أظهر أنه قد يكون هناك بديل بالنسبة لمصر حيث يلقي الكثير من الفقراء باللائمة على حلفاء جمال في سياسات يقولون إنها لم تفد الا الأثرياء.
وقال الدكتور حسن ابو طالب من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الذي تموله الدولة إن من غير المعقول أن نقول للناس إنه لا يوجد من هو مناسب لهذا الدور سوى ابن الرئيس.
ولا يشعر المستثمرون بالقلق حتى الآن. وقال تركر حمزة اوغلو كبير الاقتصاديين المتخصصين في شؤون تركيا والشرق الأوسط ببنك اوف امريكا ميريل لينش إن النمو المرن في مصر شيء نادر نسبيا على مستوى العالم. ولا يملك المستثمرون 'رفاهية' تجاهله بسبب سيناريو سياسي ربما لا يزال بعيدا نوعا ما.
لكن الانتخابات البرلمانية التي تجري في تشرين الثاني/ نوفمبر وانتخابات الرئاسة في عام 2011 لا تزالان من الموضوعات المتكررة في المذكرات البحثية للبنك.
وربما لا يزال اسم جمال الأكثر ترددا عند الحديث عن منصب الرئيس لكن هناك بعض الاسماء التي تطرح. وينتشر الحديث عن عمر سليمان مدير المخابرات العامة بوصفه بديلا محتملا وهو في السبعينات من عمره ومقرب من مبارك وله الخلفية العسكرية التي يفتقر اليها جمال. وتشمل الاحتمالات الأخرى وزير الدفاع محمد حسين طنطاوي فضلا عن اسماء أخرى من الجيش او بعض السياسيين الكبار. وليس لمبارك خليفة محدد ولم يعين نائبا له وهو المنصب الذي كان يشغله قبل أن يصبح رئيسا.
لكن حتى تحديد أين تكمن السلطة او من الذين سيرجحون كفة مرشح الرئاسة القادم مسألة صعبة في مصر التي كانت آخر مرة اختبر فيها النظام حين اغتيل الرئيس الراحل انور السادات عام 1981 وأصبح مبارك رئيسا للبلاد.
وعلى الرغم من أن البلاد تجري الآن انتخابات رئاسية يشارك بها عدة مرشحين يقول محللون إن الظروف مهيأة لصالح مرشح الحزب الحاكم. ويقول مسؤولون إن الانتخابات حرة ونزيهة.
وحين تولى مبارك الحكم كان الجيش آنذاك القوة السياسية الأبرز. لكن هذا كان بعد أقل من عشر سنوات من حرب تشرين الأول/ اكتوبر عام 1973 مع اسرائيل وكانت سيناء في مرحلة إعادتها لمصر بعد اتفاق السلام الذي أبرم عام 1979.
وقال الدبلوماسي الأوروبي 'قبل بضع سنوات لم يكن هناك سوى مركز واحد للقوة هو الجيش'. وأضاف أن عليه الآن مشاركة ولو جزء من الفضاء السياسي مع آخرين مثل زعماء الحزب الحاكم وأن يضع في اعتباره النفوذ المتزايد لقطاع الأعمال. ويريد الضباط من أي خليفة لمبارك أن يضمن الامتيازات مثل المكافآت السخية لكبار الضباط عند خروجهم من الخدمة.
وربما يتوقف مصير جمال على ما اذا كان مبارك الذي كانت حالته الصحية موضع شائعات كثيرة منذ الجراحة التي خضع لها في المانيا لإزالة الحوصلة المرارية في آذار/ مارس سيتنحى او ستوافيه المنية وهو لا يزال في الحكم.
وفي حين حملت ملصقات المؤيدين عبارة 'المستقبل هو جمال' فإن أعضاء بحركة شباب 6 ابريل المعارضة يضعون علامة 'خطأ' على وجهه باستخدام رذاذ الطلاء.
وقال أحمد ماهر الذي يقود احدى المجموعات ويشكو من التحرشات التي تتعرض لها حملاتها إن الرسم برذاذ الطلاء وسيلة للتعبير عن الرفض لحملة جمال.
وينفي الحزب الحاكم لعب دور في الحملة المؤيدة لجمال لكن البعض يرصد موافقة ضمنية لأن الدولة سارعت الى إخماد حملة أخرى تؤيد سليمان مدير المخابرات. ووقفت وراء هذه الحملة مجموعة تقول إنها تريد منع التوريث. وقال دبلوماسي آخر إن الجيش وغيره على الأرجح سينتهون الى دعم جمال او اي مرشح آخر يختاره مبارك. وأضاف 'ربما يكون هناك في كل مكان من قد يعتقدون أن جمال ليس المرشح الأقوى... لكن هذا لا يعني أنهم سيرغبون في منعه'. (رويترز)

وزراء مبارك يستقرون في زنزاناتهم في انتظار قدوم ملهمهم وأبيهم الروحي

قضى وزراء الداخلية والإسكان والسياحة، السابقون، بالإضافة إلى رجل الأعمال أحمد عز، ليلتهم الأولى فى سجن مزرعة طرة، مساء السبت.
وقالت مصادر مطلعة من داخل السجن أن الأربعة سيطرت عليهم حالة من "الذهول وعدم التصديق" منذ لحظة دخولهم السجن، حتى إن "عز" طلب أن يُحبس فى زنزانة انفرادية، إلا أن إدارة السجن رفضت الاستجابة لطلبه، حسبما ذكرت صحيفة "المصرى اليوم".
وأكدت المصادر أن هشام طلعت مصطفى، رجل الأعمال المحكوم عليه فى قضية قتل المطربة سوزان تميم، استضاف حبيب العادلى، وزير الداخلية السابق، فى زنزانته. وقالت المصادر إن "هشام" لم يحاول استضافة وزيرى السياحة والإسكان، مرجعة حرارة الاستقبال التى أبداها "هشام" تجاه "عز" إلى أنها نوع من "الشماتة"، وهو ما أدركه "عز"، فرفض مصافحته.
وأشارت المصادر إلى أن "عز" محبوس حالياً فى زنزانة "عمرو جرانة"، المحبوس فى قضية القتل المعروفة إعلامياً باسم "مذبحة أركاديا"، والمفارقة أن "عز" نام على نفس السرير الذى كان ينام عليه الدكتور هانى سرور، الذى سبق اتهامه فى قضية "أكياس الدم الفاسدة".
وأضافت المصادر أن "عز"، هو الوحيد الذى رفض التريض، وهى ساعة تمنحها إدارة السجن يومياً للتجول خارج الزنزانة، كما رفض الأطعمة الخاصة بالسجن فأعطته الإدارة "كوبونات" للحصول على طعام من "الكانتين".
وأشارت المصادر إلى أن إدارة السجن وافقت على ارتداء عز "تى شيرت، وبنطلون أبيض" بدلا من ملابس السجن، بعد اكتشافها أن أصغر مقاس لدى السجن أكبر بكثير من مقاس "إمبراطور الحديد".

مصر مبارك: إرهاب وجنس ورشاوى وعمولات سلاح.. وسية الماما والسي السيد والعيال الجدعان

ثمانية أسطر ملزوزة، بخط عصبي تحت تصنيف 'سري جدا' و'للمرسل اليه فقط'، هي التي تُحدث العاصفة. يتهرب النائب العام للدولة، الدكتور عبد المجيد محمود. يرفض تصديق التفصيلات لكنه لا ينكر ايضا. المدعي العام هشام بدوي يسير في طريقه.
لكن الساحة السياسية عاصفة سواء أكانت الوثيقة حقيقية أم مزيفة. والعاصفة تندفع الى كل ركن. جرى تقديم عشرات الاستئنافات على أيدي اعضاء مجلس الشعب ومحامين طالبين التحقيق فيما ورد في تلك السطور الثمانية ـ وهي الوثيقة الأشد زعزعة التي تم الكشف عنها في مقر قيادة مباحث أمن الدولة المصرية قبل اسبوعين. والدعوة الى محاكمة جمال مبارك ابن الرئيس المخلوع باعتباره مسؤولا عن موت 88 مواطنا وسائحا وجرح مئات في ثلاث عمليات ارهابية في شرم الشيخ.
الوثيقة تتحدث من تلقاء نفسها، في 25 حزيران ( يونيو) 2005، على الورقة الرسمية لوزير الداخلية، لخص رئيس جهاز الأمن حسن عبد الرحمن، اللقاء السري الذي تم في شرم الشيخ بين اربعة رجال جُندوا للمهمة وهي تفجير الفنادق ومواقع الاستجمام التي يملكها رجل الاعمال حسين سالم، الوسيط المصري في صفقة الغاز مع اسرائيل. الهدف: تصفية حساب جمال مبارك مع سالم الذي لم يجهد نفسه ليحرز من اجله عمولة تبلغ 10 في المئة من الصفقة. استشاط جمال الذي اضطر الى الاكتفاء بـ 2.5 في المئة فقط، غضبا. ولم تساعد مئات ملايين الدولارات التي وضعها في جيبه بفضل الـ 2.5 في المئة تلك على تسكين نفسه.
ساعة البدء، في الثالث والعشرين من تموز ( يوليو) 2005، في الواحدة ليلا، لم تُختر صدفة: فهذه هي الذكرى السنوية لثورة الضباط الأحرار في مصر، وهي العيد الوطني الذي يغرق المدن الكبرى بعشرات الاحتفالات. عرف المخططون للمهمة في سيناء سلفا ان الانتباه ونشر القوات المعززة من اجهزة الامن سيكونان محصورين في القاهرة، حول الرئيس ووزراء الحكومة ورجال الحياة العامة والهيئة الدبلوماسية. كان الافتراض ان لا تطرأ مشكلة خاصة في ادخال الشاحنات التي تحمل المتفجرات في شبه الجزيرة. تضمن الوثيقة ايضا لوزير الداخلية حبيب العادلي ان 'جميع المشاركين يعرفون جيدا التفاصيل العملياتية ويعلمون بالضبط كيف يجب عليهم العمل في الساعة المحددة'.
جرت المهمة بنجاح. جرى تنفيذ سلسلة العمليات بحسب التخطيط مع احداث أضرار شديدة بالممتلكات، واصابة اشخاص، وضربة مفاجئة لفرع السياحة. تمت مطاردة خلية الارهاب اياما طويلة، وأسرعت اجهزة الامن الى اتهام القاعدة. لم يتأثر أحد بعلامات السؤال التي أُثيرت إثر نجاح الارهابيين في تهريب شاحنات تحمل متفجرات عن طريق الحواجز الامنية والتفتيشات المشددة في سيناء. ولم يُصغ أحد ايضا الى عشرات البدو الذين اعتُقلوا وأصروا قائلين في التحقيق معهم: 'نحن أبرياء'.
كنوز ماما سوزان
يصعب أن نصدق انه لم يمر سوى شهرين منذ حدث الخلع الدراماتي لحسني مبارك. ويصعب ايضا ان نصدق كيف أُديرت مصر، بقبضة حديدية والى أي ذرى بلغ الفساد. الرئيس، وزوجته سوزان، والابنان علاء وجمال منطوون معزولون في الفيلا البيضاء داخل نطاق فندق 'موفنبيك' في شرم الشيخ. يزعم شهود عيان ان وضع مبارك تدهور وانه يحتاج الى مساعدة على السير. وفريق طبي من المانيا يلازمه.
أول أمس رُميت قضية جديدة الى وسائل الاعلام: فرقية ابنة الرئيس السادات تتهم مبارك بقتل أبيها في أوج العرض العسكري في تشرين الاول (اكتوبر) 1981. ويلتزم ابن الأخ ايضا عصمت السادات الإتيان بشهود يُجرمون مبارك. قبل سنتين عندما حاول عصمت الايماء الى القضية زُج به في السجن.
في اثناء ذلك أخذت موجة الاستئنافات تحتل العناوين الصحافية ومبارك وابناه صامتون، لكن المجلس العسكري الأعلى يُبين انه لا توجد نية لمحاكمة مبارك محاكمة عسكرية. مُنع الرئيس المخلوع من الخروج الى خارج البلاد ويوصى بحزم ألا يظهر. جرى الحجر على حساباته المصرفية وجرى وضع اليد على ممتلكاته التي تساوي عشرات ملايين الدولارات، وتجثم طائرته 'الاير باص' الرئاسية يتيمة في مهبط قرب القاهرة. وقد أعلنت سلسلة طويلة من المحامين المشاهير رفضهم تمثيل العائلة في عشرات الدعاوى القضائية التي تجمعت فوق طاولة النائب العام. جرى الكشف من جملة ما تم الكشف عنه، عن الألاعيب المالية لـ 'ماما سوزان'، الزوجة التي اكتسحت بحساباتها أكثر من 150 مليون دولار من تبرعات جُمعت لمكتبة الاسكندرية. وتبين ايضا ان الماما طلبت وحصلت على آثار نادرة من المتحف الوطني وحُلى ذهبية ثمينة جدا. وكل ذلك موثق في وثائق جمعها 'شباب الثورة'. 
كل يوم يمضي يجر الى غرف التحقيق أو الى غرف الاعتقال في سجن طرة مشاهير سابقين، واصحاب مراتب رئيسية في سلطة مبارك التي دامت ثلاثين سنة. ستة وزراء و120 رجل اعمال وموظفون كبار، ورؤساء اجهزة، ومحررو صحف وكل من أخذ لجيبه اموالا عامة.
ينتظر النائب العام اللحظة التي يُسلم فيها الانتربول صاحب الملايين حسين سالم، رجل الشركات الوهمية للرئيس السابق لصفقات السلاح وحسابات المصارف السرية في الخارج. لوحظ سالم الذي هرب الى دبي بطائرته الخاصة في اليوم الثاني من المظاهرات ثم انطلق من هناك الى جنيف، في هذا الاسبوع في لندن واختفى مرة اخرى. عندما تضاءلت احتمالات القبض عليه، أصدر النائب العام أمرا بفتح حساباته المصرفية والبحث عن تحويلات وايداعات في حسابات عائلة مبارك. شهادة سالم حيوية من اجل الربط بين الأطراف في قضية سلسلة العمليات الارهابية ومشاركة جمال مبارك.
وثيقة بجنيهين
قبل لحظة من دهم مئات المتظاهرين مقر المباحث في القاهرة في حي نصر، اجتهد ضباط وموظفون في احراق الأدلة المُجرمة، طُرحت وثائق في النار وجُشت ودُست في أدراج خفية. لكن آلاف الاوراق وجدت طريقها الى الخارج، وأصبحت تُباع منها نسخ مصورة في الميدان المركزي في القاهرة بجنيهين مصريين (أقل من شيكل واحد).
الخميس أعلن 'المجلس العسكري الأعلى' الذي يفاجأ كل صباح من جديد بمقدار الفساد والعفن في النظام السابق، حل المباحث وانشاء 'مجلس الأمن القومي'. يمكث جميع قادة المباحث المصرية الآن في السجن. وتم اقتحام 40 فرعا للمنظمة التي أدارت السلطة الحديدية تحت غطاء قانون وضع الطوارىء والاعتقالات التعسفية.
ينتظر وزير الداخلية المطرود العادلي محاكمة مُظهرة لاطلاقه سراح 23 ألف سجين ثقيل من السجون بعد ان نشبت المظاهرات التي أسقطت مبارك وارسالهم لضرب المتظاهرين في الميادين حتى الموت. تم اعتقال عشرة آلاف منهم فقط وأُعيدوا، أما الباقون على حسب وثيقة اخرى فما زالوا يسرقون البيوت السكنية ويبحثون عن الانتقام بسبب السنين الطويلة من التعذيب في التحقيق، والاغتصاب وتزييف القضاة المجندين للأحكام. التزم وزير الداخلية الجديد الكف عن اعمال التنصت، والتعقب الخفي، والنميمة بواسطة الجواسيس والزيارات المباغتة لرجال النظام في منتصف الليل.
في احدى الوثائق المصنفة بأنها 'في الدرجة العليا من السرية'، يُشرك رئيس المباحث المصرية الجنرال حسن عبد الرحمن رؤساء الأقسام الثلاثة الرفيعة في شعبة العمليات فيما يقلقه. يؤكد بخطوط سوداء قائلا: 'يجب ان نضمن سلفا ان يكون المعتقلون الذين يؤتى بهم الى المحاكم أنقياء من العلامات. في المدة الاخيرة كشف كثيرون جدا من المعتقلين في المحكمة عن ندوب وجروح عميقة أثرت في أجسامهم في التحقيق، وأوصي بأن يظل المعتقلون غير الأنقياء في السجون مدة أطول وألا يؤتى بهم الى المحاكم في حضور أبناء العائلة ووسائل الاعلام حتى يُشفوا تماما'.
تكشف مئات الوثائق التي نُقلت الى صفحة التسريبات المصرية في الفيس بوك وحظيت بمئات الردود الغاضبة، عن سلطة رعب تعقبت الشخصيات الرئيسية في السياسة وفي عالم الاعمال وفي الحياة الثقافية حتى ممثلي السينما. من الذي أصدر الأمر؟ وزير الداخلية المخلوع. والى من قدم التقارير؟ بحسب شهادات مقربي مبارك لم يكن الرئيس في الصورة في السنين الاخيرة منذ أن مرض بالسرطان.
تشير شهادتان جديدتان الى عيني جمال مبارك المفتوحتين. فقد أمر في 2004 بأن تُنقل اليه نسخ جميع التقارير الاستخبارية وتقارير المباحث قبل أن يرى أبوه الاوراق الأصلية.
تتذكر اسرائيل ايضا وثيقة سرية كتبت في أوج المظاهرات. يكتب فريق محققي المباحث رأيا استشاريا معللا الى وزير الداخلية ومستشاريه في سؤال من الذي أحدث الاضطرابات حقا ومن الذي يسعى الى اسقاط مبارك. كُتب في الوثيقة: 'بحسب علمنا وتقديرنا الذي يعتمد على معلومات استخبارية، دبرت اسرائيل والولايات المتحدة المظاهرات قصدا الى زعزعة الاستقرار الداخلي، والاضرار بمكانة مصر الدولية والعربية واضطرارها الى اقامة علاقات تطبيع وتعاون تام مع اسرائيل'.
أُبلغ يوم الخميس ليلا ايضا عن اعتقال 'مواطن اردني عمل في مصر في خدمة الاستخبارات الاسرائيلية'. يزعم متحدث رسمي في القاهرة ان 'الشاباك' استعمل بشار أبو زيد في مصر منذ اليوم الذي نشبت فيه المظاهرات، 'مع خلع مبارك مباشرة أُرسل لجمع معلومات عن قادة السلطة الجديدة وعن النشاط الذي يجري حول صفقة الغاز المصرية لاسرائيل'.
وتكشف وثيقة اخرى 'سرية جدا' ايضا عن ان المباحث أجرت تعقبا لصيقا لمبارك داخل الفيلا في الشرم. 'نحن نسمع مما نتنصت عليه ان المخلوع ما زال يسلك كأنه يُدبر شؤون الدولة'، يُبلغ المراقب مصطفى م. نائب وزير الداخلية. 'مبارك لا يتنازل: فهو يهاتف رجال حياة عامة ويطلب اليهم ان يؤيدوا الامين العام في الحزب الحاكم الجديد وان يُبلغوه ما يحدث في مكاتب الادارة'.
ويحقق النائب العام الآن في شكوى جديدة على مبارك فحواها انه حاك في الشرم 'عملية المظاهرات المضادة' وأرسل بلطجية الى ميدان التحرير والاسكندرية في محاولة لاخافة شباب الثورة. 'في ضوء كل ذلك لم يعد احتمال لأن يُرى وجه مبارك للجمهور'، يُبين طارق ح.، وهو اكاديمي أُبعد عن حلقة المقربين من القصر. 'اذا ظهر فجأة فان المظاهرات ستتجدد وتخرج عن السيطرة'.
رجل الاعمال والأميرة
استعمل جهاز المباحث آلاف العملاء والمُبلغين والمصورين السريين والمُنبئين. وهكذا تعقبوا المنافس في الرئاسة الدكتور محمد البرادعي، وسجلوا المكالمات الهاتفية التي أجرتها زوجته. ولم يخجلوا ايضا من التنصت على رئيس الحكومة والوزراء لضبطهم في نقاط ضعف مثل اعمال فساد وقضايا جنس وعلاقات بجهات خارجية ـ لابتزازهم. ومن لم يحظ بالتنصت عليه جند نفسه للمهام أو اضطر الى التعاون مع الجهاز القوي. تكشف وثيقة آسرة عن تسجيلات تنصت على اعضاء مجلس الشعب، ورجال اعمال وأدباء، تبين انهم يرفضون التعاون وحظوا برد عنيف: فقد تسلل تقنيون الى بيوتهم وركبوا عدسات تصوير ومعدات تنصت في غرف النوم كي يوثقوا اعمالهم في الأسرة ويبتزوهم عند الحاجة.
كان هذا مصير رجل اعمال مصري متزوج معروف وأميرة من الكويت، تم تصويرهما زمن اقامة علاقات جنسية، وكي لا تنشر العلاقة الساخنة استُدعي الاثنان الى مقر المباحث في الاسكندرية وحصلا على قائمة مهام.
الآن يطلب رئيس مجلس القيادة العسكرية الأعلى والحاكم الفعلي في مصر، وزير الدفاع حسين طنطاوي من المتظاهرين اعادة الوثائق التي تشتمل على تفاصيل غرامية. في مقابلة ذلك يأتي مستعملو موقع التسريبات 'ويكيليكس' الى بيوت من يملكون الوثائق طالبين وضع أيديهم على الكنز المخبوء. لكن شباب الثورة ردوهم خائبين وقالوا 'الوثائق لنا وستُستعمل شهادة تجريم للسلطة الفاسدة'.
تكشف وثيقة اخرى كتبت في ذروة المظاهرات عن الخطة لوقف المظاهرات باللطف. فقد تلقى الامين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، الذي ينافس على الرئاسة، توجها شخصيا عاجلا من نائب رئيس المباحث للخروج الى ميدان التحرير وتسكين الشباب. زار موسى الميدان مرتين لكنه لم ينجح في اقناع الجماهير بالعودة الى بيوتهم.
دفع الثمن عن هذه الصلة: فبعد ان تم الكشف عن الوثيقة مباشرة أعلن قادة حركة 'شباب الثورة' انهم يحولون تأييدهم الى المرشح الثاني، البرادعي. تكشف الوثائق ايضا عن مشاركة الاجهزة في تزوير نتائج الانتخابات لمجلس الشعب في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي لمنع أحزاب المعارضة والاخوان المسلمين من موطىء قدم. يبلغ قادة الفروع في الاسكندرية والمدن البعيدة عن القاهرة في فخر كيف أفسدوا أوراق التصويت ومنعوا دخول ناخبين مُعلمين اشكاليين الى صناديق الاقتراع.
كذلك وُصم مسار تعيين قضاة: فمن أُعلموا بأنهم 'ليسوا منا' لم يحظوا بالتعيين أو وُقفت ولايتهم بمرة واحدة. وفي مقابلتهم حظي القضاة الذين أظهروا طاعة الاوامر ولا سيما في تحريف قرارات الحكم في المحاكمات الجنائية، بتسخين مقاعدهم الوثيرة سنين طويلة.
تتناول وثيقة مثيرة اخرى صفوت الشريف الذي بدأ حياته المهنية موظفا في مقر الاستخبارات، وانتقل الى وزارة الاعلام، وأُهبط ليتولى رئاسة الحزب الحاكم، وأصبح متحدث مبارك وهو الآن معتقل في سجن طرة. تبين ان الولاء الذي أظهره شريف طوال السنين ذو جدوى فقد جمع ثروة كبيرة وأبعد وقرّب رجال اعمال بحسب مصالح وبحسب كبر الرشوة ونجح في اثارة غضب الاجهزة.
كلفه ذلك ثمنا باهظا: فقد صوره فريق تعقب خفي بصحبة مذيعة تلفاز مشهورة أصغر منه سنا بثلاثين سنة، متوجهين بالسيارة الفخمة نحو بيت معزول قريب من الاهرام. 'يصلان دائما في ساعة متأخرة من الليل'، كما أبلغ رئيس فريق التصوير، 'ويتركان على حدة في الصباح الباكر، مع ابتسامة مثيرة'.
اعذرونا
لا ينجح أحد في الخروج نقيا من الرائحة الكريهة التي تنشرها الوثائق. فقد حظي رجال الاعلام الرواد في التلفاز وصحف المؤسسة بذيل خفي ايضا. تكشف واحدة من الاوراق عن ان مذيعي برامج الضيافة تلقوا على الدوام 'توصيات' ـ بمن يحسن اجراء مقابلة معهم ومن يُحرَّم ذلك عليهم. ومن حاول التذاكي وأصر على منح معارضي النظام فرصة الكلام، فاجأه ان تبين له مقعد فارغ في الاستوديو.
يخرج محررو الصحيفة اليومية 'الاهرام'، التي كانت بوق السلطة سابقا، ويدخلون الآن غرف التحقيق. 'أطلب معذرة ضخمة من القراء'، قال المحرر عبد المنعم سعيد في مقالة افتتاحية درامية وكأنه يجلد نفسه على ذنبه. 'ضللناكم كثيرا طوال السنين، إغفروا لنا أننا لم ننقل صورة وضع حقيقية ولم نقم بواجبنا المهني'.
لكنه يصعب عليهم في مصر أكثر من كل شيء ان ينعشوا انفسهم من المعلومات التي كُشفت عن السجون السرية. فقد كُشف عن انه احتُجز في ثمانية منها، 9413 سجينا سياسيا ما زال 213 منهم لم يؤت بهم للمحاكمة. عمل أحد مواقع السجن هذه في الطابق السفلي لمبنى الحزب الحاكم ولم يكن ذلك صدفة، وآخر في مقرات المباحث.
لهذا وبرغم غضب المتظاهرين ما زالوا يحذرون في هذه الاثناء من احراق فروع اجهزة الامن. اذا استثنينا الوثائق السرية فلسنا نعلم كم من معارضي السلطة الذين اختفوا مرة واحدة ما زالوا محتجزين في الأقبية المظلمة.
يديعوت 25/3/2011

ثورة الشعب المصري بين فعالية الدور الأمريكي وادعاءات لصوص المواقف والبطولات

تذكرت أن فضائية 'روسيا اليوم'، لم يعد لها وجود على جهاز تلفزيوني، ربما من أيام الثورة، عندما بدأ النظام البائد العبث بإشارة 'النايل سات' من اجل التصدي لإرسال قناة 'الجزيرة'، فإذا بأكثر من عشر فضائيات تنقلها للعالمين. سقط النظام ولم تعد 'الجزيرة'، التي أشاهدها عبر'العرب سات'!.
القيادة الليبية الحكيمة قامت بالتشويش أيضاً على الفضائية القطرية، كما قامت بالتشويش على 'العربية' فطارت هي الاخري ولم يعد لها وجود، واستعنت بصديق لضبطها على التردد الجديد لكن لا حياة لمن تنادي.. لا بأس فلن يموت المرء لأنه لم يعد يشاهد ريما صالحة. 
وقد كان آخر عهد لي بالعربية في الحوار الذي أجرته راندا أبو العزم مع أحمد عز رجل الحديد والصلب، وبعدها شرف سيادته في السجن، أما بيان الرئيس المخلوع حسني مبارك فقد شاهدته خارج المنزل.
 تكاثرت القنوات الإخبارية، حتى لم يعد المرء ينتبه إلي أن قناة منها سقطت، وربما السب في عدم إحساسي بالغياب راجع إلى أن 'روسيا اليوم' لم تترك بصمة على النحو الذي يجعلنا نشد إليها الرحال، فاكتشفت عدم وجودها في لحظة الغياب!.
لكن فيديو يتم الترويج له عبر مواقع 'اليوتيوب' و'الفيس بوك'، ويحوي لقطات من برنامج بالقناة الروسية الرصينة، كان سبباً في تذكري لهذه المحطة، التي تم اطلاقها ليقول الإخوة الروس انهم هنا.
البرنامج يستضيف شخصية أمريكية، تبدو مرموقة من حيث الشكل، وهو يتحدث بثقة العالم ببواطن الأمور، وهو يعلن في ثقة غريبة ان الثورة المصرية أمريكية الصنع، فقد غضبت الولايات المتحدة الأمريكية على حسني مبارك لأنه توجه نحو إيران.
ويأتي هذا البرنامج في لحظة تم الإعلان فيها عن أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت، ومنذ ثلاث سنوات، بتقديم عشرات الملايين في إطار خطتها لنشر الديمقراطية في مصر، وان السفارة الأمريكية بالقاهرة ساعدت سريا عدداً من القادة لتغيير نظام الحكم، وأن شاباً بعينه تم التقاطه لحضور اجتماعات في نيويورك لهذا الهدف، مع إخفاء هويته.
هذا الشخص نظرت إلى ظهوره المفاجئ على مسرح الأحداث بريبة منذ البداية، وبدا واضحاً ان هناك محاولات للنفخ فيه، منذ ظهوره في برنامج 'العاشرة مساء' عندما تذكر شهداء الثورة، حيث بكي وترك الأستوديو، وبكت مقدمة البرنامج منى الشاذلي وهرولت خلفه، وفي اليوم التالي شاهدت في 'ميدان التحرير' من ترفع لافتة مكتوب عليها ان منى الشاذلي انضمت إلي الثوار.
في البداية قيل ان الفتى هو من دعا لأن يكون يوم الثلاثاء 25 يناير هو يوم الغضب، وذلك عبر صفحة 'كلنا خالد سعيد' على 'الفيس بوك'، وأثير جدل واسع حول صاحب هذه الصفحة، فقد جرى التسليم في البداية انه من يملكها، ثم تبين ان صاحبها شاب من الإسكندرية، وقد اخفى اسمه، لأنه يقضي فترة التجنيد في القوات المسلحة. وكان لافتاً عندما تم تغيب الفتى سالف الذكر بالاعتقال ليلة 'جمعة الغضب'، أن تعليقات كانت تنشر على الصفحة، حتى في أوقات انقطاع الانترنت عن مصر، وقد قيل بعد ذلك أن صفحة 'كلنا خالد سعيد' كانت ببيانات فتاة مصرية تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية.
المؤتمرات المريبة
اللافت هنا، ان الفتى المذكور، لم يشارك في 'يوم الغضب' لأنه كان خارج مصر، ولم تكن الصفحة هي التي دعت لجمعة الغضب بعد ذلك، لأن هذه الدعوة أطلقها الذين شاركوا في الوقفات الاحتجاجية في يوم الأربعاء 26 يناير، بعد أن تمكنت قوات الأمن من إخلاء ميدان التحرير بالقوة، بعد رسالة وزيرة الخارجية الأمريكية الواضحة، التي أعلنت فيها انحيازها للنظام المصري، وتم التعامل معها على أنها تعني ان جميع الخيارات مفتوحة في التعامل مع المتظاهرين، ولهذا كان الاستخدام المفرط للقوة يوم 'جمعة الغضب'، لدرجة انه تم استخدام الرصاص الحي في التعامل مع المواطنين العزل!.
وقد تلقف الجميع الدعوة لجمعة الغضب وتم الترويج لها، وأذكر أنني كتبت على صفحتي 'لتكن الجمعة يوما لمواجهة فرعون وهامان'، ووضحت بأني أعني بالأخير حبيب العادلي وزير الداخلية، وكذلك فعل الآلاف، ومعظمهم من الخصوم التقليديين للولايات المتحدة الأمريكية، فلم يتسولوا على أبواب سفارتها، ولم يشاركوا في مؤتمراتها المريبة!
في 'العاشرة مساء' كان الفتى قد ذكر أنه لم يتعرض للتعذيب، وفي برنامج آخر قال انه قام بتقبيل الضباط الذين قاموا بتعذيبه عندما صدر قرار الإفراج عنه، وكأنه المسيح عليه السلام. وفي البداية قال انه بنجاح الثورة سيتوقف عن ممارسة العمل السياسي، لكنه لم يف بما وعد.
لا أعرف 'الصفة التشريحية' لخبير فضائية 'روسيا اليوم'، لكن من الواضح ان 'عقدة الخواجة' هي التي دفعت إلى استضافته، وإذا كنت لا اعرف جنسية المذيعة التي استضافته، فمهما يكن الأمر، فان القناة الروسية موجهة لنا ونحن ننظر إلى كلام 'الخواجات' على انه لا يأتيه الباطل من أي اتجاه!.
الخبير الجبار قال ان الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم القاعدة في ليبيا وفي كل المناطق التي لا تستطيع ان ترسل لها قوات برية.
وقال ان ما حدث في مصر هو انقلاب قصر مع بعض الممثلين في الشوارع كانوا يؤدون بعض الأدوار. وهنا قاطعته المذيعة: لقد رأينا الملايين خرجوا للشوارع في مصر يطالبون بالحرية.
وسخر سيادته، فيمكنها ان تعتبرهم ملايين إذا صدقت كاميرا قناة 'الجزيرة' لكنهم لم يكونوا كذلك في الواقع.. فهم لم يتجاوزوا المئة ألف متظاهر، على حد قوله.
عندها قلت آن لابن عزوز ان يمد قدميه، وفي الواقع أنني قلت هذا بمجرد ان قال إن أمريكا انقلبت على مبارك وقررت التخلص لأنه سار في اتجاه إيران، وعندها اختمرت في ذهني فكرة توقيع الكشف الطبي على ضيوف الفضائيات، للتأكد من سلامة قواهم العقلية.
فقد تقربت إيران بالنوافل إلى نظام مبارك، من اجل فتح صفحة جديدة فلم يفعل، وعندما تم التعلل بذريعة شارع خالد الاسلامبولي قاتل السادات في طهران تم تغيير اسمه، لكن قد أسمعت لو ناديت حياً، وعادى مبارك كل ما له صلة بإيران من قريب أو بعيد، ومارس القمع ضد الشيعة المصريين، وهم لا يمثلون خطراً من أي نوع لأنهم قلة يخافون ان يتخطفهم الناس. حتى ليظن الجاهل ان هذا يأتي لأنه إمام أهل السنة والجماعة، مع ان مثل هذه الأمور ليست مطروحة على جدول أعماله!.
كاميرا الجزيرة
لقد كنت شاهد عيان على جانب في الثورة المصرية، هو الخاص بميدان التحرير، وهناك أكثر من عشر محافظات شاركت في الثورة منذ اليوم الأول، ويتجاوز عدد الذين شاركوا أكثر من عشرة ملايين مصري، وعندما كانت الدعوة لأول مليونية بالتحرير، تجاوز الحضور ثلاثة ملايين، حولوا منطقة وسط القاهرة كلها إلى 'ميدان للتحرير'، ولم أكن بحاجة لان أشاهد كاميرا 'الجزيرة' حتى أستطيع الحكم.
ان هناك محطات رئيسية في الثورة المصرية، تتمثل في يوم جمعة الغضب عندما التقي الجمعان، وفي يوم موقعة الجمل عندما دفع أهل الحكم بالخيل، والبغال والبلطجية لاقتحام الميدان وقتل المتظاهرين، وكانت المحطة الثالثة في حصار القصر الجمهوري في اليوم الأخير، ولم يكن هناك وجود لرجال أمريكا في أي موقعة، وبينما كان الآلاف من الثوار أمام القصر لحظة تنحي مبارك، ومثلهم أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وأضعافهم في 'ميدان التحرير' تبين ان رجل أمريكا القوي في شقته، وتم بث فيديو على 'الفيس بوك' باحتفائه ونفر من أصدقائه عندما أذاع عمر سليمان خبر التنحي.
ان هناك أكثر من ألف شهيد للثورة المصرية، وآلاف الجرحى، وهناك ألف مواطن فقدوا أبصارهم برصاص القناصة، ولم يكن من بين هؤلاء واحد من الذين استفادوا من التمويل الأمريكي، أو سافر لحضور المؤتمرات الأمريكية المريبة، أو كان من ضيوف السفارة الأمريكية بالقاهرة.
ان واشنطن تريد ان تسطو على الثورة المصرية، مع أنها كانت ومنذ البداية منحازة لحسني مبارك، وفقدت بسقوطه عميلاً معتبراً لن تعوضه أبدا.
أرض جو
قال رئيس قطاع الأخبار في التلفزيون المصري، ورئيس قناة مصر الإخبارية: سأجعل 'الجزيرة' هي التي تجري وراءنا.. وقد سبق لعبد اللطيف المناوي رئيس القطاع السابق ان قال نفس الكلام تقريبا في بداية توليه مهام منصبه.
مكتب 'بي بي سي' بالقاهرة، كان يصلح بالكاد غرفة لتربية الكتاكيت، ولم يكن به كرسي يصلح للاستخدام الآدمي سوى كرسي المدير، وقد كنت هناك قبل أسابيع، وخشيت ان أمد قدمي فيصطدم بها المارة بالشارع، فالمكتب ضيق للغاية، وجلست على الكرسي فترنح فظننت انه الزلزال.. الآن أصبح للقوم مكتب معتبر في القاهرة، بعد الثورة، وكنت أظن ان الوضع القديم مرتبط ببخل المالك، لكن من الواضح أن الاختيار الأول هو ليكونوا في حماية وكالة مملوكة لرجل أعمال كويتي. وبعد الثورة قرروا الاستقلال فليسوا بحاجة للحماية، فقد تم حل جهاز مباحث امن الدولة، وإلغاء وزارة الإعلام، ودخل الوزير السابق والأسبق السجن.
'بين السطور' هو جديد قناة 'المحور' ويقدمه الزميل سيد علي بعد منتصف الليل، وهو يقوم على قراءة الصحف عقب طباعتها مباشرة، ولا شك ان عشرات البرامج في القنوات المختلفة من هذه الفصيلة دليل على ان الصحافة المكتوبة لم تغادر عرشها إلى سجن مزرعة طرة، حيث كل أركان النظام المصري السابق، أو إلى مستشفى شرم الشيخ حيث يقيم الرئيس المخلوع شفاه الله وعافاه، فقد محا المرض أسباب العداوة بيننا.
'الجزيرة مباشر'، انتقلت من مرحلة 'سد الخانة'، إلى قناة حقيقية، وصارت صوت الشارع العربي، لا ينقصها سوى انتقال جميل عازر، وخديجة بن قنة، وفيصل القاسم، إليها، لنغادر 'الجزيرة' الأم إليها.
سليم عزوز

الثورة المصرية والمخاطر التي تتهددها: بقايا النظام السابق والديمقراطيون الجدد

الكتابة عن مصر كانت سهلة ميسرة في عهد الرئيس حسني مبارك، الامور واضحة نظام فاسد مستبد محاط بمافيا من رجال الاعمال، ومدعوم امريكيا واسرائيليا، ويشكل العمود الفقري لمحور الاعتدال المنحاز لعملية سلام مسمومة، الآن اختلفت الصورة كلياً بعد سقوط هذا النظام على أيدي شباب الثورة، واصبحت رمادية يحتاج المرء الى بلورة سحرية لكي يتحسس طريقه وسط تعقيداتها.
بمعنى آخر كنا نعرف ما يريده النظام السابق ونستقرئ سياساته وخطواته، ونتحسس مواقفه من القضايا جميعاً تقريباً، ونعلم عن ظهر قلب انه مرتهن لامريكا، ولكن يستعصي علينا فهم النظام الحالي بل وبعض القوى المصرية الرئيسية، فكيف نفهم الحوار الحالي او بالاحرى الغزل المتصاعد بين حركة الاخوان المسلمين والولايات المتحدة الامريكية، والاجتماعات واللقاءات المتواصلة بين الجانبين.
وما دمنا نتحدث عن حركة الاخوان، كيف نفسر اعلانها مقاطعة المظاهرة المليونية التي ستنطلق يوم غد الجمعة في ميدان التحرير وسط القاهرة احتجاجاً على المحاكمات العسكرية للمدنيين، وسوء ادارة المجلس العسكري الحاكم لعملية الانتقال السياسي الى الديمقراطية التي يشرف عليها، ثم تتراجع عن هذه المقاطعة قبل يومين من انطلاق الاحتجاج لتؤكد مجدداً مشاركتها فيها.
هناك الكثير من علامات الاستفهام حول موقف العسكر من قضايا عديدة، ابرزها طريقة التعاطي مع محاكمات رموز النظام السابق، والرئيس حسني مبارك على وجه الخصوص، فحتى هذه اللحظة لا احد يعرف طبيعة حالته الصحية، ونوع السرطان الذي يعاني منه... في البداية قالوا ان حالته المرضية على درجة من السوء بحيث لا تسمح بمثوله امام المحكمة لمواجهة قضايا القتل والفساد الموجهة اليه، الآن وبعد مرور ستة اشهر على نجاح الثورة مازال الوضع على حاله، الرئيس ينعم باقامة طيبة، ورعاية 'صحية' من درجة خمس نجوم، وكذلك حال ولديه ومعظم وزرائه ومساعديه الذين افسدوا البلاد والعباد.
ندرك صعوبة الاوضاع في مصر، والاقتصادية منها على وجه الخصوص، مثلما ندرك ان هناك عجــــزاً مالــياً مقداره 13مليار دولار نتيــجـــة حـــالة الشلل التي اصابت الاقتصـــاد المصري، وضربت الموسم السياحي أحد مصادر الدخل الرئيسية للخزانة المصرية، ولكن ما عــــلاقة هذا الأمر ببــــطء المحاكمات مثلاً، وابقاء قادة رجال الامن السابقين المتهمين بقتل المتظاهرين في مواقعهم، بل والافراج عن بعضهم بعد محاكمات مشكوك في نزاهتها، ونوايا قضاتها؟
الثورة تعني التغيير الشامل، وقلع جذور الفساد دون رحمة او شفقة، والتأسيس لنظام جديد يكرس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ويطلق الحريات، ويعيد للمواطن المصري المسحوق كرامته وآدميته بعد سنوات من القمع والاضطهاد ونهب المال العام على يد حفنة من حيتان البزنس لا تشبع من مص دماء الفقراء والمحرومين.
المؤسسة العسكرية المصرية الممثلة بالجيش حازت احترام الجميع عندما انحازت الى الشعب، وحسمت الامور لمصلحة شباب الثورة عندما امرت الرئيس مبارك بالرحيل عن السلطة، وبدأت في اعتقال رموز الفساد الواحد تلو الآخر بمن في ذلك نجلاه ووضع كبيرهم الذي علمهم السحر تحت الاقامة الجبرية في احد المستشفيات والتحقيق معه من على سرير المرض.
ولكن مع تراجع المؤسسة عن تلبية مطالب الثورة والثوار كاملة، والدفع بعجلة التغيير بالسرعة المطلوبة بات الكثيرون يفقدون حماسهم السابق ويتراجعون عن تأييدها المطلق، وما احتجاجات الغد المليونية الا احد وجوه التعبير الشعبي الصادق على فقدان هذا الحماس.
اندلاع الاشتباكات في القاهـــــرة يوم الاثنين الماضي احتجاجا على قرار المحكمة بالافـــراج بكفالة مالـــية عن ســـبعة من رجال الامن متهمـــين بقـــتل متظاهرين في السويس اثناء اندلاع فعاليات الثورة، ثم محـــاولة اقتحام مئات المتظاهـــرين لمبنى مديــــرية امن الســويس احتجــــاجا على رفـــض المحكمة طلب استـــئناف تقدمت به النيابة العامة للطعن في قرار الافراج عن الضباط السبعة، هما ابرز بوادر التوتر، واهتزاز صورة المؤسسة العسكرية في اذهان المواطنين، والتراجع التدريجي لشعبيتها في الشارع المصري.
ما نخشاه، ونتخــــوف منه، ان تكون المؤسسة العسكرية المصــــرية تراجعـــت عن مواقفها السابقة التي اتخذتها في بداية الثورة، من حيث تبني سياسات تمثل النقيـــض لسياسات النظام السابق بسبب الضغوط التي تمارس عليها من قبل الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول العربية النفطية الثرية.
فاللافت ان الدول الغربية، والولايات المتحدة على وجه الخصوص، تستخدم ورقة القروض والمساعدات المالية لتركيع الثورة المصرية، وحرفها عن اهدافها الوطنية الشريفة، واعادة مصر الى عصر الظلمات الذي عاشته لاكثر من اربعين عاما تحت حكم النظام المخلوع ورجالاته.
الثورة المصرية انطلقت من اجل انهاء عصر التبعية ووقف كل ممارسات الاستجداء لفتات الموائد الامريكية والعربية.. الثورة نجحت لان الشعب المصري يريد فجرا جديدا من الكرامة والقرار الوطني المستقل وبما يؤدي الى اعادة الريادة والقيادة لبلاده في محيطها العربي والافريقي، ويبدو ان محاولات عكس هذا التوجه المشرف بدأت تعطي ثمارها في اكثر من اتجاه، ابرزها التراجع عن المضي قدما في العلاقات مع ايران تحت تأثير الضغوط السعودية في وقت يوجه وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل دعوة رسمية لنظيره الايراني لزيارة الرياض للبحث في كيفية تحسين العلاقات بين البلدين.
تمسك مصر باستقلالية قرارها، والخط الوطني الذي اتبعته فيما يتعلق بالقضايا العربية المصيرية، ونصرة شعب فلسطين على وجه الخصوص، هي التي ستجبر امريكا والدول الغنية على مساعدتها ماليا، واحترام خيارات شعبها وقيادتها، اما اساليب التذلل تحت عناوين الواقعية والبراغماتية فستعطي نتائج عكسية تماما.
في ظل هذه المواقف الرمادية للمجلس الاعلى للقوات المسلحة تأتي اعتصامات واحتجاجات يوم غد الجمعة من قبل شباب الثورة خطوة منطقية بل وحتمية لاصــــلاح الاعوجاج الذي بدأ يطل برأسه في مسيرة الثورة المصرية.
استمرار الاحتجاجات الشعبية هو بوليصة التأمين الاقوى والانجع لمنع انحراف الثورة المصرية عن اهدافها، وتكريس كل معاني الوفاء لدماء الثوار الذين قدموا ارواحهم من اجل انجاحها لتوفير حاضر افضل للشعب المصري الكادح، ومستقبل اكثر اشراقا لاجياله القادمة.