إمارة صاصون - حزو.. من أبناء عم حكام بدليس من خلاط عاصمة أرمينية

 إمارة صاصون الذين أشتهروا باسم حزو:
 ويقال يرجع نسبهم الى الملوك الأكاسرة ولكن الصحيح أنهم من أبناء عم حكام بدليس الذين  كانوا في الأصل أخوين هما (عز الدين وضياء الدين)، قدما من (خلاط) عاصمة أرمينية إلى بلدة بدليس، وتمكنا بعد مدة من أنتزاع بلدة (صاصون) من الكرج فتولى حكمها عزالدين.

إمارة مرادسي.. إمارة أكيل - بلدوقآني أميرها بولدوق بير بدر. إمارة بالو. إمارة جرموك وأميرها حسين بن محمد

إمارة مرادسي:
يقال ان نسب حكام مرادسي يرجع الى سيدنا العباس عم النبي عليه السلام وأول أميرحكمها هو بير منصور بن سيد حسين الأعرج وهم ثلاثة شعب:
أ- إمارة أكيل الذين يلقبون ببلدوقآني وأميرها بولدوق بير بدر.
ب- إمارة بالو ان نسل امراء هذه الأمارة يرجع الى الأمير تيمور تاش بن الأمير محمد بن ابراهيم بن بولدق.
ت- إمارة جرموك وأميرها حسين بن محمد.

حكام جمشكزك.. مجنكرد لمحمدي بك النجل الأكبر لبير حسين بك. إمارة برتك. إمارة سقمان

حكام جمشكزك:
 ويرجع نسبهم وبحسب زعم علماء التأريخ إلى الخلفاء العباسيين ويصل الى شخص اسمه ملكيش من أولاد الخلفاء العباسيين وفي رواية أخرى الى الأمير(سليق بن علي بن قاسم) من فروع السلطنة السجوقية، وأنه في عهد الأمير (آلب بن أرسلان السلجوقي) كان صاحب أرزن الروم وحواليها. وهم ثلاثة شعب:
أ- مجنكرد: أقطعت ناحية مجنكرد بمرسوم من السلطان سليمان بطريق السنجقية إلى محمدي بك النجل الأكبر لبير حسين بك.
ب- إمارة برتك وكان أميرها رستم بك النجل الثاني لبير حسين بك.
ت- إمارة سقمان وكان أميرها كيخسرو بك بن حسين بك.

أمراء الجزيرة.. العزيزية، نسبة الى أميرها مير عبد العزيز بن سليمان. أمراء كوركيل، جردقيل المدينة التي استقرت عليها سفينة النبي نوح. أمراء فنيك وأميرها أبدال بن سليمان

أمراء الجزيرة:
يؤخذ من أقوال بعض المؤرخين أن نسبهم يرجع الى الصحابي خالد بن الوليد، لكنه جاء في تأريخ الدول والأمارات الكوردية طبعة القاهرة سنة (1945 ص364) أن عشائر الجزيرة ينحدرون من الشعب (الخلدي - الكلدي) القديم وأنهم كانوا يعتنقون النحلة اليزيدية.   وأن خالد بن الوليد مدفون في (حمص) والمتواتر من الأخبار أن سليمان بن خالد قد قتل في حرب صفين، ويقول صاحب كتاب (أسد الغابة) أنه لم يبقى أحد من ذرية خالد لموتهم بمرض الطاعون، ولذلك ورث أملاكهم في المدينة (أيوب بن سلمة) ويؤيده في ذلك صاحب كتاب (نهاية الأرب) وأن من يدعي الأنتماء اليهم فقد كذب.
وأن أول شخص وصل الى حكم الجزيرة كان يدعى سليمان بن خالد وكان يعتنق النحلة اليزيدية ثم أستسلم فكيف يكون من نسل خالد ابن الوليد، ولكن يبدوا أنه تشابه بالأسماء فضلاً عن حب الكورد للإسلام والقادة المسلمين.
وحكام الجزيرة ينقسمون الى ثلاثة شعب:
أ- حكام الجزيرة الذين أشتهروا باسم العزيزية، نسبة الى أميرها مير عبد العزيز بن سليمان.
ب- أمراء (كوركيل = جردقيل) وهي المدينة التي استقرت عليها سفينة النبي نوح عليه السلام وأميرها مير حاجي بدر بن سليمان.
ت- أمراء فنيك وأميرها أبدال بن سليمان.

حكام بهادينان.. القدوم من قلعة طارون من ولاية شمس الدينان وبناء عماد الدين زنكي بن آقسنقر والي الموصل وسنجار قلعة العمادية

حكام بهادينان:
حسب زعمهم يعود نسبهم الى الخلفاء العباسيين، وعلى رواية بعض نقلة الأخبار الأقدميين ان نسبهم ينتهي الى رجل اسمه (عباس) كان من مشاهير الأعيان في عصره لذلك اشتهروا ببني العباس وانهم في الأصل كانوا من ولاية (شمدينان = شمس الدينان) حيث كان جدودهم قبل قدومهم من قلعة (طارون) من ولاية شمس الدينان والرجل الذي جاء من قلعة طارون إلى العمادية كان يدعى بهاء الدين، لذا أشتهر حكام العمادية ببهادينان وقلعة العمادية بناها (عماد الدين زنكي بن آقسنقر) والي الموصل وسنجار، كانت هذه الأمارة: تشمل أقضية شمال الموصل الحالي الجبلية الخمسة (زاخو، دهوك، عقرة، عمادية، زيبار).

حكام حكاري.. انتهاء الأمير تيمور كوركان من فتح بايزيد وزحف نحو قلعتي وان ووسطان وإعادته عز الدين شير حاكما وواليا على حكاري

 حكام حكاري:
ويقال ان نسبهم ينتهي الى الخلفاء العباسيين ولكن لم يذكر أحد الى أي خليفة ينتهي نسبهم، يقول شرف الدين علي اليزدي في كتابه (ظفرنامة)، أن الأمير تيمور كوركان الفاتح الشهير حينما انتهى من فتح بايزيد وزحف نحو قلعتي (وان ووسطان) في سنة 1385 م كان عز الدين شير حاكمها ووالياً على حكاري فتحصن في البداية في قلعة وان ولكنه سرعان ما استسلم ولكن تيمور أعاد اليه ملكه الموروث عن أبائه وأجداده.
ويتحدث شرف خان عن حكام حكاري ويقول إنه رأى مرسوماً بالخط الأويغوري عند الحكاريين من السلاطين الجنكيزية بتمليك الأيالة لهم مدى العمر ومع ذلك فقد كانت هذه الإمارة حائرة بين الترك والفرس .

حكام أردلان.. استيلاء بابا أردلان على شهرزور في أواخر عهد الدولة الجنكيزية بعد الإقامة طويلا في طائفة الكوران. القزلباش أقوى فرق الجيش الصفوي الفارسي وفرقة الباطنية الشيعية في تركيا

حكام أردلان:
وعاصمتها سنة وهي تتصل بإمارة بابان.
ويرجع نسبهم الى أحمد بن مروان مؤسس الدولة (المروانية) الكوردية التي قامت في ديار بكر والجزيرة ومؤسسها (بابا أردلان) قد استولى على شهرزور في أواخر عهد الدولة الجنكيزية بعد أن اقام طويلاً في طائفة الكوران ويقول (حمد الله المستوفي) في تاريخ كزيدة: ان حكام شهرزور كانوا دائما من الكورد ومن أمراء أردلان فقد كانوا يستولون عليها بالقوة  لكنهم كانوا حائرين بين العثمانيين والصفويين ( القزلباش ).
وفي ذلك الوقت كان القزلباش أقوى فرق الجيش الصفوي الفارسي والترك يطلقون هذه التسمية على الفرس عامة وتطلق كلمة القزلباش كذلك على فرقة الباطنية الشيعية في تركيا.

كردستان في عهد سلاطين مصر والشام والمشهورون بآل أيوب.. شادي بن مروان غزا الكرج والروس والأبخاز من النصارى كرجستان وأران وكوردستان

سلاطين مصر والشام والمشهورون بآل أيوب :
إن جد ملوك مصر والشام هو (شادي بن مروان) وكان في الأصل من كورد (رونده دوين أذربيجان) وهم كورد قد هاجروا مع من هاجر من المسلمين من شمال كوردستان الى جنوبها حين غزا الكرج والروس والأبخاز من النصارى كرجستان وأران وكوردستان.

الحكومة الفضلوية في كردستان.. اللر الكبير - لر بزرك. تلقيب أبو طاهر بن محمد بن علي بن ابي الحسن فضلوي نفسه بالأتابك ورفع لواء الاستقلال

الحكومة الفضلوية:
والمشهورين باللر الكبير (لر بزرك)، وأول من حكم فيها مستقلاً هو أبو طاهر بن محمد بن علي بن ابي الحسن فضلوي حيث لقب نفسه بالأتابك ورفع لواء الاستقلال سنة (550 هـ = 1155 م) وتوفى سنة 1160 م. وانتهت هذه الحكومة بعد مقتل اخر حاكم فيها وهو شاه حسين بن احمد سنة (827 هـ = 1423 م). على يد الشاه ميرزا ابراهيم بن ميرزا شاه رخ.

الدولة المروانية والحكومة الحسنوية في كردستان.. عهد القادر بالله أحمد بن أسحاق بن المقتدر وركن الدولة بن حسن بن بويه الديلمي

الدولة المروانية:
إن اول من حكم في كوردستان مستقلاً هو أحمد بن مروان، حيث علا شأنه في عهد الخليفة العباسي (القادر بالله أحمد بن أسحاق بن المقتدر) وقد عاش ثمانين عاماً وحكم أثنين وخمسين عاماً حكماً مستقلا ًوتوفى سنة (453 هـ = 1061 م)، وحكم ديار بكر والجزيرة.
الحكومة الحسنوية:
وهم حكام  الدينور وشهر زور الذين أشتهروا بأسم الحسنوية، مؤسسها حسنوية بن حسين، كان معاصراً لركن الدولة بن حسن بن بويه الديلمي وقد توفى سنة (369هـ = 979 م ).

الشيخ محمد أبو هلال.. تعلم الدين على يد الشيخ محمد أبو عبادة وبرع فيها وسافر إلى بلاد الشام ليتعلم الفقه والحديث على أيدي العلماء السوريين

- هو الشيخ محمد أبو هلال وقد لقب بالشيخ وقد ولد في بلدة الشعيرة الواقعة في منطقة وادي التيم القريبة من راشيا الوادي,دفن في قرية عين عطا وقد كان يرعى بعضا من العنزات ورثها عن أهله, ولم يتزوج بل نذر نفسه للدين والعبادة والتقى واشتغل في حياته بالزراعة مع الشيخ محمد أبو عبادة.
- اكتسب الشيخ الفاضل-ر- علمه الأول في اللغة باجتهاده الشخصي من خلال كل ما صادفه في حياته فتعلم الأبجدية بواسطة "القلابة" فقد اقتناها لنفسه فتعلم الدين على يد الشيخ محمد أبو عبادة وبرع فيها وسافر إلى بلاد الشام ليتعلم الفقه والحديث على أيدي العلماء السوريين وبعد رجوعه حفظ القران الكريم ولم ينقطع بعد هذا عن الاطلاع والتبحر في الحكمة الشريفة حتى أصبح أحد علماء الطائفة الكبار.
* صفاته:
- كان قمحي اللون,عيناه غائرتان, منتصب القامة وقوي البدن, صائب الإرادة,تحكم بنفسه ولم يسمح لها أن تتحكم فيه فقد كان أول من طبق شروحات الحكمة الشريفة التي وضعت على يد الأمير السيد -ق- ويعتبر الشيخ الفاضل في المنزلة الدينية الثانية بعد الأمير السيد وبعد الأنبياء.

خطبة الأمير السيد جمال الدين عبدا لله التنوخي (ق) يوم وفاة ولده

يفتتح الأمير السيد –ق- خطبته بتذكير الناس أن الموت أمرا محتم ولا فوت منه ويذكرهم أيضا أن في قدرة الناس التوجه إلى عمل الخير أو التوجه إلى عمل الشر ولكن في النهاية ليتذكر كل منا أن الجميع في قبضة الله فهو الذي ينجي الناس من المهالك ويذكر الناس أن عليهم أن يتقبلوا أوامر الله بطاعة وصبر وأن يطلبوا دائما رحمته سرا وعلنا ويقول : " فطوبى لمن قبل أوامر الله بالطاعة وجعل مدة الحياة ساعة,وركب جواد القناعة وقيد نفسه قيد وديعة وجعل من حق الموت أمانة الرضا بتسليم الوديعة"
ويشدد الأمير السيد –ق- أنه لا يجوز للعبد أن يتعرض على مشيئة الله وأن يغضب على ما قسم له الله وأن يرفض ما أمرنا به الله وأن لا يعتقد أنه يستطيع أن تكون لديه القدرة على الارتداد عن مشيئة الله.
يحاول الأمير السيد أن يشرح للسامعين أن صبره على فقدان ولده هو ليس جهلا منه ولا ضلالة منه بل لأنه لا ينسى علمه وحزمه وحلمه وأفضاله ورفقه وصدقه وطاعته وصبره واحتماله ويشدد عليهم أن الصبر مطية من ارتقى والرضا والتسليم هو منارة من اتقى.
يذكر الأمير السيد –ق- الناس أن الله سبحانه وتعالى خلقنا وأعطانا النعم وطلب من التعامل بالحق ونهانا عن الباطل وحذرنا من العقاب وأعطانا أسمائه لتفتح علينا أبواب المعرفة ويشبهنا كسمكة خلقها الله وأعطاها البحور والمحيطات ولكن هي مقيدة بمشيئته.
ويذكرنا أيضا أن الله خلقنا من غير شيء ولكنه غمرنا بالرحمة وفتح علينا الدنيا بنعمه, ويذكرنا أن علينا أن نرضى به وبما أعطانا الله الرفيق القادر والقاهر المعطي المانع والحاكم بالعدل والإنصاف ويقول أيضا أنه إذا اعترضنا أوامره وحكمته لن نبلغ مرادنا أبدا وأنه أهملنا طاعته لن نخلص من العقاب فيشبهنا مجددا بالطائر المسجون الذي يفتش عن الهواء ولكنه مسجون في قفص الإرادة.
وأخيرا يذكر الأمير السيد الناس أنه في نهاية المطاف سنصل إلى يوم القيامة وهناك الله سبحانه وتعالى هو الحكم وهناك سيحصل كل منا على جزائه حسب أعماله.
أن أهم العبر التوحيدية التي نأخذها من الخطبة: الصدق*الصبر والشجاعة*الرضا والتسليم*الأيمان*القناعة والأنصاف.

مراحل حياة الأمير جمال الدين عبدا لله التنوخي.. القائد الروحي للطائفة الدرزية الذي بسبب عدم رضائه عن تصرفات الناس وأقربائه ترك بيته وتوجه إلى بلاد الشام

نستطيع أن نقسم حياة الأمير جمال الدين عبدا لله التنوخي إلى ثلاث مراحل:
- المرحلة الأولى: نشأته في قرية عبيه وتوبته حتى أصبح القائد الروحي للطائفة الدرزية ويقال أنه في نهاية هذه الفترة وبسبب عدم رضائه عن تصرفات الناس بشكل عام وأقربائه بشكل خاص فقد ترك بيته وتوجه إلى بلاد الشام.
- المرحلة الثانية: توجه إلى بلاد الشام طالبا العلماء والفقهاء ليتعلم منهم وقد كان ذلك برفقة ولده سيف الدين عبد الخالق الثاني حيث يقال أيضا أن سيف الدين نفسه في هذه المرحلة والتي استمرت قرابة أل 12 عاما بأنه أيضا وصل إلى درجة عالية من العلم والفقه.
- المرحلة الثالثة: وصل الأمير السيد (ق) إلى درجة الذروة (القمة) حتى أصبح مرجعا دينيا بحيث بلغ السنام الأعلى من الإشراق ولكن في هذه المرحلة أيضا امتحنه الله للمرة الرابعة مع زوجته في وفاة ابنه سيف الدين عبد الخالق الثاني في حادثة مأساوية يوم زفافه. ويقول ابن سباط عن الأمير السيد يوم وفاة ابنه: "ولما دفن ولده وقف للعزاء وكان للتعزية هيبة وجلال ثم عاد إلى منزله وأمر بإحضار الطعام وتضرع جلباب الصبر ولبس لربه حلل الطاعة ورضي بأخذ الوديعة وسلم تسليم المؤمنين واعتصم بالحق اليقين ووعظ بآيات الله وأخبار الأنبياء وتبع سيرة الأولياء وجعل موت ولده أدبا وعبرة".

إصلاح التنوخي للمجتمع.. جعل من بلدته عبيه منارة هدى وإرشاد ومركزا يقصده جميع الناس من أبناء الطائفة الدرزية ومن غيرها

التنوخي يصلح المجتمع حسب تاريخ ابن سباط:
يقول عجاج نويهض: إن أفضل المؤرخين وأكثرهم دقة في وصف الأمير السيد وصفاته ومذهبه ومسلكه  كان حمزة ابن سباط.
يستنتج نويهض من تاريخ ابن سباط أن الأمير السيد كان يطبق رسالته بين كل الناس بغض النظر عن انتمائهم العرقي والديني فيقول: ابن سباط "لقد قصده القاصي والداني من أهل الذمة (النصارى واليهود) للاحتكام إليه فيما صدر بينهم من شجارات وكان بطريقته العذبة الواعظة غير المائلة إلى طرف على حساب الآخر.وكان يقرب القلوب وكان يجعل من المختصمين مطبقين وقابلين لرأيه ولقضائه وانه لم يتحيز لأحد مهما كانت قرابته إليه.
جعل الأمير السيد (ق) من بلدته عبيه منارة هدى وإرشاد ونقصد بذلك أنها أصبحت مركزا يقصده جميع الناس من أبناء الطائفة الدرزية ومن غير أبناء الطائفة ليصلح الأمير بينهم وليستفيدون من علمه ومعرفته وفضيلته حيث كان يتعامل مع الجميع بالمساواة التامة دون تمييز بين عنصر وآخر ولا يزال ضريح الأمير السيد (ق) ولا تزال قرية عبيه أيضا مزارا مهما يقصده جميع الدروز خاصة في سوريا ولبنان.

مولد وحياة الأمير جمال الدين عبدا لله التنوخي.. والدته الأميرة ريما بنت الأمير شهاب الدين أحمد التنوخي وزوجنه عائشة المشهورة بلقب سيدة العيش وست الناس

ولد الأمير السيد (ق) في قرية عبيه في لبنان وتوفي فيها, أسمه الكامل جمال الدين عبد الله بن سليمان بن محمد بن يوسف بن خضر بن محمد بن جمال الدين حجي التنوخي واختصارا جمال الدين عبد الله التنوخي. والدته الأميرة ريما بنت الأمير شهاب الدين أحمد التنوخي أما زوجنه فهي السيدة عائشة المشهورة بلقب "سيدة العيش" وأيضا "ست الناس وهي ابنة الأمير سيف الدين أبي بكر التنوخي وهي قرية الأمير السيد في جدهما الأكبر سعد الدين خضر.
رزق الأمير السيد ثلاثة أبناء:
1- سيف الدين عبد الخالق الأول وتوفي صغيرا.
2- محمد ناصر الدين وتوفي صغيرا أيضا.
3- سيف الدين عبد الخالق الثاني الذي توفي يوم زفافه وقد كان وصل إلى سن العشرين بعد أن سافر مع والده إلى دمشق (بلاد الشام)وبقي بها 12 سنة حتى وصلت منزلته إلى أعلى منازل العلماء والفقهاء في ذلك العصر.
يقول ابن سباط أن الأمير السيد (ق) "قد ربي يتيما" وقال الأشرفاني:"نشأ نشئا حسنا يتيما" أي أنه تيتم من جهة والده وهو صغيرا وربي على يد والدته تربية صالحة.

المؤرخون الذين كتبوا للأمير جمال الدين عبدا لله التنوخي ووالده.. صالح بن يحيى التنوخي. الشيخ أبو علي مرعي. حمزة ابن سباط. محمد مالك الأشرفاني. الشيخ بدر الدين العنداري

أهم المؤرخون الذين كتبوا عن الأمير السيد كانوا:
1- صالح بن يحيى التنوخي: وهو صاحب كتاب "تاريخ بيروت وأخبار الأمراء البحتريون" ولكن كتاباته قد اختصت بوالد الأمير السيد (ق).
2- الشيخ أبو علي مرعي: وكان من أهم تلاميذ الأمير السيد (ق).
3- حمزة ابن سباط: وكان أيضا من تلاميذ الأمير السيد (ق).
4- محمد مالك الأشرفاني: وهو صاحب كتاب "عمدة العارفين" ولكنه قد نقل أخبار الأمير السيد ووالده ممن سمعهم فقد انتهى من وضع كتابه في سنة 1659 أي في نهاية الأمارة المعنية.
5- الشيخ بدر الدين العنداري: وهو قد كتب أن للأمير السيد 14 خصلة من خصال الأنبياء.

أعمال دروز سوريا للحفاظ على هويتهم.. إصدار كتب بنو معروف في التاريخ ومجلة المزرعة المعركة بين الثوار الدروز بقيادة سلطان باشا الأطرش ضد الفرنسيين

أعمال دروز سوريا للحفاظ على هويتهم:

عمل دروز سوريا على الحفاظ على هويتهم من خلال العديد من الأعمال، منها:
  • الحفاظ على تراثهم وحضارتهم.
  • تعزيز الوحدة بين أبناء الطائفة.
  • المساهمة في بناء المجتمع السوري.

الحفاظ على تراثهم وحضارتهم:

عمل دروز سوريا على الحفاظ على تراثهم وحضارتهم من خلال العديد من الأعمال، منها:
  • إنشاء المؤسسات الثقافية والعلمية التي تعنى بالتراث الدرزي.
  • جمع ونشر التراث الدرزي من خلال الكتب والدراسات.
  • إقامة المهرجانات والاحتفالات الثقافية التي تبرز التراث الدرزي.

تعزيز الوحدة بين أبناء الطائفة:

عمل دروز سوريا على تعزيز الوحدة بين أبناء الطائفة من خلال العديد من الأعمال، منها:
  • عقد المؤتمرات والندوات التي تتناول القضايا التي تهم الطائفة.
  • تأسيس الجمعيات والنوادي التي تسعى إلى تعزيز الوحدة بين أبناء الطائفة.
  • نشر ثقافة التسامح والاعتدال بين أبناء الطائفة.

المساهمة في بناء المجتمع السوري:

عمل دروز سوريا على المساهمة في بناء المجتمع السوري من خلال العديد من الأعمال، منها:
  • المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية السورية.
  • الدفاع عن حقوق الطائفة الدرزية في سوريا.
  • تعزيز التعايش بين أبناء الطوائف السورية.

أهمية أعمال دروز سوريا للحفاظ على هويتهم:

تساهم أعمال دروز سوريا في الحفاظ على هويتهم من خلال:
  • تعزيز الهوية الدرزية وشعور أبناء الطائفة بالفخر والاعتزاز بها.
  • تقوية الوحدة بين أبناء الطائفة.
  • تعزيز مكانة الطائفة الدرزية في سوريا والعالم.

أمثلة على أعمال دروز سوريا للحفاظ على هويتهم:

فيما يلي بعض الأمثلة على أعمال دروز سوريا للحفاظ على هويتهم:
  • إنشاء المجلس الأعلى للطائفة الدرزية في سوريا عام 2007.
  • إنشاء معهد التراث الدرزي في سوريا عام 2010.
  • إقامة مهرجانات التراث الدرزي في سوريا بشكل سنوي.
  • تأسيس العديد من الجمعيات والنوادي الثقافية والاجتماعية التي تعنى بالتراث الدرزي.
  • مشاركة دروز سوريا في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية السورية.

تحديات تواجه دروز سوريا في الحفاظ على هويتهم:

يواجه دروز سوريا العديد من التحديات في الحفاظ على هويتهم، منها:
  • النزاعات والحروب التي تشهدها سوريا منذ عام 2011.
  • الهجرة والنزوح التي تعرض لها دروز سوريا.
  • التيارات الأصولية التي تستهدف الهويات الطائفية والثقافية.

استجابات دروز سوريا للتحديات:

استجاب دروز سوريا للتحديات التي تواجههم في الحفاظ على هويتهم من خلال العديد من الأعمال، منها:
  • التركيز على تعزيز الوحدة بين أبناء الطائفة.
  • المحافظة على تراثهم وحضارتهم.
  • نشر ثقافة التسامح والاعتدال بين أبناء الطائفة.

مستقبل الهوية الدرزية في سوريا:

يواجه مستقبل الهوية الدرزية في سوريا العديد من التحديات، إلا أن هناك العديد من المؤشرات على أن دروز سوريا سيواصلون العمل على الحفاظ على هويتهم من خلال العديد من الأعمال والجهود.

خاتمة:

يواصل دروز سوريا العمل على الحفاظ على هويتهم من خلال العديد من الأعمال، التي تساهم في تعزيز الهوية الدرزية وشعور أبناء الطائفة بالفخر والاعتزاز بها، وتقوية الوحدة بين أبناء الطائفة، وتعزيز مكانة الطائفة الدرزية في سوريا والعالم.

المؤتمر العالمي لمندوبي الجاليات الدرزية.. إنشاء معهد عالمي للدراسات التوحيدية وتعميم كتب المحكمة الدرزية إلى جميع البلاد التي يهاجر إليها الدرزي

عقد في كانون الثاني سنة 1980 مؤتمر في بيروت للدروز في لبنان وهو بمثابة مؤتمر تحضيري للمؤتمر العالمي لمندوبي الجاليات الدرزية الذي سيعقد في شهر أب نفس السنة وفي نهاية هذا المؤتمر التحضيري تلا الدكتور سامي مكارم المسؤول عن هذا المؤتمر التوصيات التي يقدمونها للمؤتمر العالمي لأخذها بعين الاعتبار.
ويقتر هذا المؤتمر التحضيري على المؤتمر العالمي أن يتبنى ورقة عمل التي أقترحها المجلس الدرزي للبحوث والإنماء ,أما التوصيات فهي:
1- نشر كتب وتسجيلات صوتية وأفلام مختلفة في اللغات العربية والبرتغالية والأسبانية والانجليزية من اجل شرح العقيدة الدرزية للأطفال الذين ولدوا في المهجر ولا يعرفوا لغتهم.
2- إصدار كتب خاصة ومبسطة للناشئة الدروز عن تاريخهم وطائفتهم ومبادئ ديانتهم وعاداتهم وتقاليدهم.
3- إنشاء معهد عالمي للدراسات التوحيدية.
4- تشجيع البحث والنشر في جميع الموضوعات التي تبرز تراث الدروز الديني والاجتماعي والأخلاقي.
5- تعميم كتب المحكمة الدرزية إلى جميع البلاد التي يهاجر إليها الدرزي لتكون في متناول يد كل من يريد التدين والاستجابة.
6- ترجمة بعض الكتب التي تتحدث عن الدروز إلى مختلف اللغات التي بتكلمها المغتربون في مهاجرهم.
7- تأسيس مكتبة عامة تضم جميع المؤلفات التي لها علاقة بالدروز
8- تأسيس متحف يضم نماذج من الأعمال الفنية الشعبية الخاصة بالدروز وغيرها من الأدوات المادية التي تمثل تراثهم المادي.
9- إقامة أندية للشباب والشابات في بلدان الاغتراب من أجل الحفاظ على الروابط الاجتماعية والدينية بينهم.

دروز المهجر والحفاظ على الهوية.. الحفاظ على مذهبهم وهويتهم ومعتقداتهم من تيارات التمدن والتيارات الاقتصادية العلمانية تطبيقا لفريضة حفظ الإخوان

عمل دروز المهجر من أجل الحفاظ على هويتهم ومن أجل أبقاء العلاقة قوية مع بلادهم الأم تطبيقا لفريضة حفظ الإخوان على مسارين:
1- عملوا على الحفاظ على مذهبهم وهويتهم ومعتقداتهم من تيارات التمدن والتيارات الاقتصادية العلمانية.
2- قام دروز المهجر بفعاليات عديدة تطبيقا لحفظ الأخوان فقد جمعوا التبرعات وأسسوا جمعيات اعتنت بتقديم المساعدات للدروز في الوطن وقد بعثوا بهذه المعونات إلى الدروز خاصة في لبنان فمثلا: مساعدة مؤسسة بيت اليتيم الدرزي أو المؤسسة للرعاية الاجتماعية,كما أن الدروز في المهجر استمعوا إلى قول ودعوة الشيخ المرحوم محمد أبوا شقرا الذي دعاهم لتقديم المساعدة لإخوانه حيث قال: "حرام على القادر على الدفع أن لا يدفع وحرام على الذي لا يقدر على الدفع ويدفع"
ينهي فواز كمال كلامه بأبيات شعر من الشاعر المصري حافظ إبراهيم وبهم يصف الدروز بأوصاف الشجاعة وحب الحياة وعدم الصبر على الذل والأهانة والظلم حتى لو كان ظلمهم من الجن أو من الأنس.
عافوا المذلة في الدنيا وعندهم           عز الحياة وعز الموت سيان
لا يصبرون على ضيم يحاوله         باغ من الإنس أو طاغ من الجان

تاريخ الدروز.. الملاحقات بسبب إيمانهم ومعتقداتهم في العهد العثماني والانتداب الفرنسي. محنة إنطاكيا والملاحقات العسكرية من الدولة العثمانية - التجنيد الإجباري

يفتتح د. فواز كمال كلامه بقول مقتبس من الدكتور عمر فروخ "التاريخ في حوض البحر الأبيض المتوسط هو تاريخ الدروز" ويقصد بذلك أن الدروز لديهم تاريخا حافلا في العديد من الأحداث التاريخية الهامة التي كان لهم بها رأيا وموقفا فلذلك ورغم قلة عددهم فقد كان لهم تأثيرا على مجريات الأمور في الشرق الأوسط وكما يقول د. فواز كمال أن الدروز مروا في مراحل تاريخية صعبة ومصيرية حيث عانوا الكثير من الملاحقات بسبب إيمانهم ومعتقداتهم خاصة في "العهد العثماني" والانتداب الفرنسي والأجنبي" فمثلا عانى الدروز من "محنة إنطاكيا" ومن ثم من الملاحقات العسكرية من الدولة العثمانية (التجنيد الإجباري" ومن بعد العثمانيين الانتداب الفرنسي والبريطاني الذي حاربوه وخاصة الانتداب الفرنسي (حملة سلطان باشا الأطرش" هذه أيضا من أسباب هجرة الدروز إلى المهجر.
لكن يقول فواز كمال أن الدروز وفي كل مكان ذهبوا أليه قد حافظوا على ثلاثية مقدسة: الدين* الأرض* العرض.
يستشهد الكاتب بحفاظ الدروز على كيانهم وهويتهم وعلى خصالهم بقول الشاعر أحمد شوقي (أمير الشعراء):
وما كان الدروز قبيل شر            وأن أخذوا بما لم يستحقوا
ولكن ذادة وقراة ضيف              كينبوع الصفا خشنوا ورقوا
ويقصد الشاعر بأقواله هذه أن الدروز أينما كانوا وأينما ذهبوا لم يقبلوا بأن يظلمهم أحد فقد كانوا دائما يحاربون من كان يتعامل معهم بالطريقة التي يستحقونها ويصفهم بينبوع الصفا فهم يستطيعون أن يكونوا خشنين ولكن في نفس الوقت أن يكونوا رقيقي القلب وذلك يتعلق بطريقة تعامل الآخرين معهم.

التوعية الروحية للموحدين الدروز.. إقامة الدورات التدريسية بشكل منتظم ودائم على يد نوادي وجمعيات درزية موجودة في المهجر

إن المهاجر الدرزي يختلف عن المهاجر من أبناء الطوائف الأخرى بأنه من جهة واحدة سريع التأقلم رغم الصعوبات التي يواجهها ومن جهة أخرى يشعر برغبة عميقة وشديدة للحفاظ على تراثه, وقد أصبحت الهجرة هي السبب الأول التي أثرت وغيرت في عادات وتقاليد هذا المهاجر ولذلك أدخل المهاجر الدرزي نمطا جديدا إلى حياته يختلف جذريا عن عادات وتقاليد وطنه الأم.
إن اللوم في وضع الدروز في المهجر وانخراطهم في ذلك المجتمع يقع في الأساس على عاتق أصحاب الشأن والمسؤولين في البلاد الأم, ففي هذه البلاد لم يتبنى أحدهم معالجة قضية الشرح الروحي النوراني لهذه الشبيبة التي تهاجر أنما اقتصرت على محاولاتهم فقط على تعيين أئمة مأذونين واقتصرت وظيفتهم على أقامة مراسيم الزواج والطلاق وصلاة الميت.
من جهة أخرى فإن أحد أسباب عدم تعيين أناسا مسئولين عن هذا المجال تتعلق بطبيعة مذهب التوحيد الذي منع التبشير فالمذهب الدرزي منذ أقفال الدعوة في القرن أل 11 يدعو الناس الموحدين إلى التفتيش عن المعرفة وبموجب مذهب التوحيد فأن العلاقة بين الخالق والعابد تتعلق بمدى أرادة الموحد على التعمق في الين التوحيدي .
أذا ما هو المطلوب الآن؟ والسؤال المطروح بالفعل هو : ما عسانا نفعل حتى نعطي هذا المهاجر الموحد الخطوط الأساسية من المعرفة لمذهبه وأصوله؟
إن القليل من المحاولات في هذا المجال نجحت وأنه لتحقيق هذا الهدف يجب العمل وفق خطة منظمة ذات هيكلية خاصة تعني وتهتم بإقامة الدورات التدريسية بشكل منتظم ودائم على يد نوادي وجمعيات درزية موجودة في المهجر وتكون تحت أشراف المسئولين, كما ويتوجب على هذه المنظمات أن تضع هذا الموضوع على رأس سلم أولوياتها.

أسباب عدم تأقلم الدروز في المهجر.. إهمال اهتمام مشايخ الدين وعدم وجود مؤسسات أو منظمات وجمعيات لتحتضن المهاجر وخلوات وأماكن للصلاة خاصة بالموحدين

أسباب عدم تأقلم الدروز في المهجر:
1- هاجر الموحد الدرزي غير السن لا يعرف شيئا عن أصول دينه لأنه لم يتصل بالدين بعد فلذلك نراه يتجه نحو مجموعات وديانات أخرى لكي يتمكن من الحياة في المهجر.
2- عدم اهتمام مشايخ الدين بإيصال الدين والمعلومات الحقيقية لشباب وكذلك الأهل لم يهتموا بهذه الخطوة والأسباب هي: لأن الدين فلسفة ولا يمكن أن يستوعبه شاب صغير السن وذلك خوفا على الباب والشابات فهم الدين خطأ وأيضا الخوف من تصرفات الشباب بإفشاء ما لا يسمح به دينيا.
3- عدم معرفة المهاجر لغة البلاد التي هاجر إليها.
4- عدم وجود مؤسسات أو منظمات وجمعيات لتحتضن المهاجر حتى يدبر أمره.
5- عدم وجود خلوات وأماكن للصلاة خاصة بالموحدين لذلك يتوجه المهاجر إلى ديانات أخرى مثل: المسيحية واليهودية والإسلامية.

أسباب ونتائج الفوضى في الطائفة الدرزية ووسائل القضاء عليها.. الجهل المذهبي في المتعلمين ودور مشيخة العقل في القضاء على مشيخة العقل

هذه الفوضى الطائفة بالطائفة
الشيخ هاني باز مجلة الضحى تشرين الثاني سنة 1971

تطرق الشيخ هاني باز الى أسباب ونتائج الفوضى بين أبناء الطائفة ونشر هذا المقال في مجلة الضحى وتشرين ثاني سنة 1971 ويبحث أمور الطائفة التي بدأت تسيطر عليها الفوضى ويقول :

بأن أسباب الفوضى هي:
1- انحلال العقائد الدينية واستبدال المذاهب الاقتصادية بدلا عنها وسيطرت المادة على حياتنا.
2- انطلاق الغرائز في الإنسان بدون مانع ولا رادع بما معناه أن تصرفات الإنسان على مزاجه وكيفما يريد.
3- الحرية المزيفة وهي الحرية التي لا حدود لها وهي مزيفة وغير حقيقية وإنما عابرة.
4- التيار المادي الإلحادي العاصف والجارف الذي يصيب الشعوب الضعيفة ويؤدي بها إلى انحلال عقائدها وتقاليدها وتضيع كيانها وتنحل شخصيتها ويزيد ضعفها.
5- أصاب هذا الإعصار (الفوضى) وبني معروف في الصميم لأنها مجتمع مغلق ونظام عشائري مدة 10 قرون أي عدم استغلال الحضارة كما يجب والجمود المسيطر على المسئولين من رجالات الدين والدنيا.
6- أتصاف رجال الدين بالجمود وعدم المرونة وعدم تفهم نفسيات الشباب والشابات.
7- تدخل السياسة في الأمور الدينية وهذا يعكس السلبيات.
1- الابتعاد عن الدين وعن العادات والتقاليد السليمة.
2- ازدياد الحواجز والفوارق بين الطبقات وخاصة بين الأمهات والبنات والأدباء والأبناء والأغنياء والفقراء وإذا بقي الحال هكذا سنصبح في خبر كان.
3- نحن فينا داءان:
أ- قلة العلم في المستجبين.
أ- الجهل المذهبي في المتعلمين.
والمعنى هنا أن المتدينين غير متعلمين والمتعلمين غير متدينين وهذه النتيجة هي سبب أيضا.
الحلول المقترحة:
دور مشيخة العقل في القضاء على مشيخة العقل:
1- على  مشيخة العقل أن تبسط وتشرح وتقرب الدين من أهله الموحدين وخاصة لشباب والشابان.
2- على مشيخة العقل نشر التوحيد بين أبنائه وبان تغذي نفوسهم الطاهرة بالغذاء الروحي (الديني) وفي النفس تتجسد إنسانية الآدمي كما قال الشاعر:                                              
عليك بالنفس فاستكمل فضائلها     فأنت بالنفس لا بالجسم أنسانا
 والمعنى هنا أنك إنسان وعليك أن تهذب نفسك وتستكمل فضائلها لأنك تقدر حسب نفسك وليس حسب جسمك. فعلينا أن لا نحكم على الإنسان مجرد نظرتك الأولى أنما أحكم علي بعد معاملتك معه, لأن" الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا هم ما بأنفسهم" ومن هنا نرى أن التوحيد هو القلعة الحصينة المصونة المصانة المصانة التي تحمينا  من جميع التيارات المهددة بانحلالنا والتوحيد هو الدواء الشافي لجميع أمراضنا الاجتماعية والسياسية والطبقية.
3- على مشيخة العقل المحترمة أن تفهم الدين والعادات والتقاليد لأبنائها خاصة الذين قصروا في واجبهم أو لم يتعلموا. ويقول الشيخ هاني باز: بأن المتصلين بالدين يتناقص عددهم بسرعة وقد لا يتجاوز أل 5% من مجموع الطائفة ويتوقع بأن يأتي اليوم ويصبح عدد العقال 1% وعندها يقول على الدين وعلى بني معروف السلام فلذلك يريد اقتراحات لمشيخة العقل.
4- على مشيخة العقل أن تقيم المحاضرات ونشر وندوات في دار الطائفة أو في غيرها لأنها هي المرجعية الأولى والأخيرة للمحافظة على أبناء التوحيد ولأن التوحيد فيه أخوة وأخوان وعندها نقول : الجميع أخوان وخلان" بالإضافة إلى أن الجمود والسكون المسيطر هما من علامات الموت والحرارة والحركة هما شعار الحياة والتوحيد وكل إنسان يستطيع أن يعيش في ماضيه مقتنعا ويخطط مستقبله بحسب ما يراه مناسبا,فلقد انتشر الجهل المذهبي بين أبناء بني معروف بسرعة الصاروخ وسيأتي يوم به أذا أستمر هذا الحال على ما هو عليه عندها نقول على بني معروف السلام.
أما دور الأهل في القضاء على الفوضى:
1- الاهتمام والمحافظة على العادات والتقاليد  والإيمان بدون الانجراف خلف التيار المادي الذي يهدد بانحلالنا.
2- على الأهل بالتربية الصالحة لنضمن مستقبل أولادنا.
3- يجب علينا أن نوصل ما أخذناه وورثناه من الآباء والأجداد من عادات وتقاليد سليمة وبأن نوصي أولادنا بأن يعملوا بموجبها وبان يورثوها لأولادهم وعلينا أن نقوم بدورنا لان الله " لا يغير ما بقوم حتى يغيروا هم ما بأنفسهم".

الآثار الناتجة عن الأمطار الحمضية.. تحمض البحيرات وتدني القدرة الإنتاجية للتربة وانخفاض خصوبتها وتغيير خصائصها الفيزيائية والكيميائية

إن الآثار الناتجة عن الأمطار الحمضية كثيرة ومتنوعة، وتشمل مناطق كثيرة وواسعة من العالم، وتلحق الأذى بالكثير من الأنظمة البيئية ومكوناتها، فالأمطار الحمضية تسبب ظاهرة تحمض البحيرات في كندا والولايات المتحدة والدول لاسكندنافية وغيرها، والكثير من هذه البحيرات أصبحت تعاني من التحمض ومن خلل النظام البيئي فيها، وأصبحت شبه ميتة وخالية من الأسماك ولاسيما الأسماك الصغيرة، ومن الكثير من الكائنات الحية. وتعد الأمطار الحمضية التي تسقط في فصل الربيع (فصل هطول الأمطار والثلوج) مشكلة بيئية خطيرة لأنها تؤدي إلى انتقال سريع وبعيد للمواد الحمضية المتجمعة في مياه الأمطار والثلوج وانتقالها إلى التربة والمياه السطحية والجوفية.
وتؤدي الأمطار الحمضية التي تهطل على سطح التربة، إلى تدني القدرة الإنتاجية للتربة، وانخفاض خصوبتها، وإحداث تأثير سلبي في قدرتها على امتصاص المواد المغذية، وعلى سرعة تحلل المواد العضوية وتفتتها، كما أنه في الأوساط الحمضية تنخفض القدرة الإنتاجية للبكتريا المثبتة للآزوت. وبشكل عام فإن زيادة تحمض التربة يؤدي إلى تغيير خصائصها الفيزيائية والكيميائية، وإلى غسل بعض المعادن الثقيلة والمفيدة فيها مثل الكالسيوم والبوتاسيوم وحرمان التربة منها، في حين قد تؤدي إلى زيادة تركيز بعض المواد والمعادن الأخرى السامة والضارة بالتربة مثل الألمنيوم والمنغنيز. مع الإشارة إلى أنه يمكن تعديل حموضة التربة بإضافة كربونات الكالسيوم إليها CaCO3 مما يساعد في إعادة تحسين خواص التربة وخصوبتها.
وتسبب الأمطار الحمضية، خفض قدرة النباتات على النمو وتعرضها للمرض والموت، والكثير من النباتات والأشجار والغابات في مناطق واسعة من العالم تتعرض للمرض والهلاك، وقد تعرض نحو 100 ألف هكتار من الغابات دائمة الخضرة في وسط أوروبة للموت كليا بسبب الأمطار الحمضية، ومما لا شك فيه أن تضرر  الغطاء النباتي يسبب خسائر اقتصادية، وإيكولوجية، وصحية، ووراثية جينية، وجمالية وغيرها مما لا يقدر بثمن. كما أن الأمطار الحمضية تسبب  تخريش الكثير من الأوابد والمعالم الأثرية والتاريخية والنصب التذكارية وتخريبها، ولاسيما تلك المصنوعة من الرخام أو الحجارة أو المعادن التي تتخرش وتتهشم بفعل تأثير المواد الحمضية.
وتؤثر الأمطار الحمضية في النبات والحيوان والإنسان من خلال تناول مياه الشرب أو المواد الغذائية التي تحوي مواد حمضية، وتسبب تهيج الجهاز التنفسي والعيون والجلد، وتسبب ضيق التنفس والربو واحتقان البلعوم وغير ذلك، وكذلك التأثير على الطيور والدواجن وعلى بيوضها المعرضة للتلوث بالأمراض الحمضية، وعلى الكائنات الحية البرية.

الاحتباس الحراري - عامل البيت الزجاجي.. زيادة نسبة الغازات الملوثة للغلاف الجوي خاصة غاز ثاني أكسيد الكربون وزيادة درجة حرارة الغلاف الجوي القريب من سطح الأرض

الاحتباس الحراري - عامل  البيت الزجاجي (Green House Effect):
إن الغلاف الجوي له دور يشبه دور البيت الزجاجي، في حبس الحرارة بالقرب من سطح الأرض، ولكن في حدود معينة، وزيادة حجز الحرارة ومنع انطلاقها أو عودتها إلى الفضاء يؤدي إلى حدوث عواقب سلبية، ويقدر أن كمية ثاني أكسيد الكربون المتصاعد إلى الغلاف الجوي تتزايد بمعدلات تصل إلى 3000 مليون طن سنوياً.
وقد تزايدت كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من 260 جزء بالمليون (PPM) قبل الثورة الصناعية إلى نحو 320 (PPM) في منتصف الستينيات من القرن العشرين، وأصبحت نحو 390 - 400 (PPM) عام 2000 م، ونتج هذا بالدرجة الأولى بسبب تزايد الأنشطة البشرية الصناعية وغيرها.
إن النشاط البشري المصطنع من العوامل المؤثرة في دورة ثاني أكسيد الكربون حيث ينتج سنويا بنتيجة عمليات النشاط الاقتصادي 15 - 25  طن من غاز ثاني أكسيد الكربون في السنة، وتزيد هذه الكمية بمعدل 100 - 200 مرة عن الكمية المتشكلة طبيعيا والبالغة 0.15×10  طن/ سنة، وبشكل عادي يتشكل في عملية الدورة البيوكيميائية حوالي 267×10  طن / السنة من هذا الغاز عن طريق تنفس النباتات والإنسان والكائنات الدقيقة والحيوانات الخ.
وتعود ظاهرة الاحتباس الحراري إلى زيادة نسبة الغازات الملوثة للغلاف الجوي بخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون، هذه الغازات والجزيئات تمتص جزءاً من حرارة الشمس، وتسمح لأشعة  الشمس بالنفاذ والوصول إلى سطح الأرض، ولكنها تمنع عودة هذه الأشعة إلى الغلاف الكوني، مما يؤدي إلى زيادة درجة حرارة الغلاف الجوي القريب من سطح الأرض.
إن ارتفاع درجة حرارة الأرض عملية بطيئة لا تلحظ بسرعة، ويقدر أن درجة حرارة كوكب الأرض قد تزايدت بمقدار نصف إلى واحد درجة مئوية في القرن العشرين، وهذه الزيادة في حال استمرارها فإنها ستؤدي إلى عواقب بيئية خطيرة، وحتى الآن فإن هذه العواقب غير معروفة أو محددة بدقة، وهي مثار جدل ومحط أبحاث الكثير من مراكز البحث العلمي العالمية، ولكن يعتقد أن ارتفاع درجة حرارة الأرض سيؤدي إلى ذوبان الجليديات في المناطق القطبية، وبالتالي ارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات  وغرق الكثير من المناطق الساحلية المنخفضة، والقضاء على السكان وعلى الكائنات الحية في هذه المناطق، وكذلك حدوث تغير في ظروف الطقس والمناخ، لأن زيادة درجة الحرارة يسبب ارتفاع درجة حرارة المياه السطحية وهذا يؤدي إلى زيادة التبخر، وزيادة سرعة الرياح، وقد تتعرض المناطق المطيرة للجفاف، وعلى العكس تتعرض المناطق الجافة للأمطار والأعاصير والفيضانات.
وفي كل ذلك يجب أن لا نتجاهل مسألة الترابط الوثيق بين الغلاف الجوي والبحار والمحيطات التي تشكل منظومة مترابطة تنظم عملية توزيع غاز ثاني أكسيد الكربون بينهما وتوازن دورة هذا الغاز بشكل عام.

تأثير تلوث الغلاف الجوي في غاز الأوزون.. وصول الأشعة فوق البنفسجية إلى سطح الأرض وتعريض الكائنات الحية عليها للخطر والمرض

يتكون غاز الأوزون من اتحاد ثلاث ذرات  أكسجين، وله لون أزرق خافت أو باهت، وله رائحة مميزة يشعر بها الإنسان عند توافر الأوزون بشكل مناسب في الهواء النظيف (العليل)، ونسبته قليلة في الغلاف الجوي لا تتعدى 0.00006 % من حجم الهواء الجوي، أو تبلغ نحو (6× 10)- 5  % من حجم الغلاف الجوي، ومع ذلك فإن هذا الغاز على درجة كبيرة من الأهمية، ويشكل الدرع الواقي للحياة على سطح الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، وغاز الأوزون ينتشر في كامل الغلاف الجوي، ولكن التركيز ألأعظمي له يوجد في طبقة الستراتوسفير خاصة على ارتفاع بين 20 - 30 كلم.
ومن المفيد الإشارة إلى أن الأوزون عندما يتوافر في حدوده المناسبة يكون مفيدا وذا تأثير إيجابي على الإنسان والكائنات الحية، وعلى العكس فإن زيادته أو نقصانه لهما  تأثير سلبي على البيئة والإنسان، وكميته المناسبة والمثالية للإنسان بحدود 15 - 20 ملغ / م3، والتركيز المسموح به يصل إلى 100 ملغ / م3.
وقد بينت الكثير من الدراسات والأبحاث أن غاز الأوزون يتعرض للتناقص والتخريب، وأنه يوجد ثقب في طبقة الأوزون Ozone Hole، فوق منطقة القطب الجنوبي، ويحدث هذا الثقب في فصل الربيع بشكل خاص. ويعتقد أن ثقبا مشابها يحدث فوق القطب الشمالي في فترات مختلفة من السنة، وإذا كان غاز الأوزون قد تم اكتشافه نحو عام 1880م، وعلم من فوائده ومحاسنه ما علم، فإنه بعد نحو مائة عام فقط تبين وجود ثقب كبير فيه، مما سمح ويسمح للأشعة فوق البنفسجية من المرور والوصول إلى سطح الأرض، وتعريض الكائنات الحية عليها للخطر والمرض.

انعكاسات تخريب طبقة الأوزون وإجراءات حمايتها.. تنظيم الحرارة الواصلة إلى سطح الأرض وعلى الفيتوبلانكتون أو العوالق النباتية. تقليل انبعاث الملوثات المخربة خاصة الكلوروفلوروكربون

أصبح من المعروف أن تخريب طبقة الأوزون له انعكاسات سلبية كبيرة على المناخ العالمي، لأن للأوزون دور مهم في تنظيم الحرارة الواصلة إلى سطح الأرض، وعلى النباتات وخاصة الفيتوبلانكتون أو العوالق النباتية، وعلى المحاصيل الزراعية وتقليل قدرتها الإنتاجية، وعلى الكائنات الحية بما فيها الإنسان وإصابته ببعض الأمراض وأهمها السرطانات، والتهاب وحساسية العيون والأغشية المخاطية، والتأثير السلبي على التحف الفنية والآوابد التاريخية، وعلى البيئة بشكل عام.
وأهم الإجراءات التي يمكن اتباعها لحماية طبقة الأوزون، هي الالتزام بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية طبقة الأوزون، وتقليل انبعاث الملوثات المخربة له، وخاصة الكلوروفلوروكربون، واستخدام مواد بديلة عنها لا تسبب مخاطر بيئية محتملة أو ممكنة أو معروفة.

أسباب تخريب طبقة الأوزون.. غاز الكلوروفلوروكربون. عوادم الطائرات النفاثة. صواريخ الفضاء. تجارب التفجيرات النووية. أكاسيد النتروجين في صناعة الأسمدة الآزوتية

بينت الدراسات أن أسباب تخريب طبقة الأوزون كثيرة ومتعددة، ومن هذه الأسباب:
1- التلوث بغاز الكلوروفلوروكربون (ك ف ك  CFC)، أو ما يسمى با لفريون 11 و 12.
2- الطائرات النفاثة التي تنفث من عوادمها مواد تؤدي إلى تدمير طبقة الأوزون.
3- صواريخ الفضاء التي تطلق مواد تساهم في تخريب الأوزون.
4- تجارب التفجيرات النووية، خاصة التي تجرى في الغلاف الجوي.
5- أكاسيد النتروجين الناتجة من صناعة واستخدام الأسمدة الآزوتية وغيرها من الصناعات.
إن التلوث بغاز الكلوروفلوروكربون (ك ف ك  CFC)، أو ما يسمى بالفريون 11 و 12 وهي مادة تستخدم في صناعة الثلاجات والمكيفات، وكغازات دافعة ومذيبة في علب العطور ومثبت الشعر، وعلب الآيرسول التي تحتوي بعض المبيدات الحشرية، وفي صناعة الاسفنج الصناعي والألياف الصناعية، وهذا الغاز له متوسط عمر طويل، يتراوح بين 75 - 100سنة، ويقدر أن كل ذرة من الكلوروفلوروكربون، يمكنها تحطيم مائة ألف جزيء من الأوزون قبل أن تفقد فاعليتها.
وكما هو واضح فإن جميع هذه المصادر  تتسبب في إطلاق أكاسيد الآزوت والكلور والميتان وبخار الماء وغيره، وهذه المواد وتحت تأثير الأشعة فوق البنفسجية (hv) يحدث بينها وبين غاز الأوزون تفاعلات كيمياضوئية تؤدي إلى تدميره وتخريب طبقته، ومن هذه التفاعلات نذكر:
- تفاعل الأوزون بتأثير الأشعة فوق البنفسجية  Ox + O2  O3  hv
- تفاعل الأوزون مع الأكسجين:   O3 + O  O2 + O2
- تفاعل الأوزون مع النتروجين:    O3 + NO  NO2 + O2
- تفاعل الأوزون مع الهيدروجين:   O3 + 2OH  H2O + O2
- تفاعل الأوزون مع الكلور:   O3 + CL CLO + O2
وجميع هذه التفاعلات تتم بوجود الأشعة فوق البنفسجية (hv).

الآثار والظاهرات المرتبطة بتلوث الغلاف الجوي.. ثقب الأوزون. الضبخان. عامل البيت الزجاجي (الدفيئة). الأمطار الحمضية

إن تأثير التلوث في الغلاف الجوي والكائنات الحية يختلف باختلاف عدة أمور منها:
- اختلاف نوعية الملوثات.
- اختلاف التركيب الكيميائي والتفاعلات المشتركة للملوثات.
- اختلاف كمية الملوثات.
- اختلاف مدة  بقائها في الجو.
- اختلاف أماكن تركيزها.
ويرتبط بتلوث الغلاف الجوي عدد من الظاهرات، مثل ثقب الأوزون، والضبخان، وعامل البيت الزجاجي (الدفيئة) وكذلك الأمطار الحمضية.

تلوث الاستخدامات الطبية والعلمية للمواد المشعة.. التصوير الشعاعي والومضاني والطب النووي والبحوث والتجارب العلمية لتطوير طرائق الاستفادة من النواة والذرة

تستخدم المواد المشعة في التشخيص والعلاج الطبي، كالتصوير الشعاعي و الومضاني، وفي الطب النووي وغيره، كما تستخدم المواد المشعة في البحوث والتجارب العلمية من أجل تطوير طرائق الاستفادة من النواة والذرة وآلياتها في المجالات المختلفة، كما تستخدم المواد المشعة في عمليات حفظ الطعام وغير ذلك.

وسائل النقل وتلوث الهواء.. عوادم السيارات كأول وثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النتروجين والهيدروجين وبخار الماء والرصاص والميتان والبروبان والايتيلين

أصبح من المعروف أن وسائل النقل والمواصلات لها دور إيجابي مفيد ومهم في خدمة البشرية وتطورها، ومن فوائد وسائل النقل وإيجابياتها:
- أنها أسهمت في تسريع التطور البشري.
- اختصرت الأزمان والمسافات، حيث نقلت البشر والبضائع من مكان إلى مكان بسرعات قياسية لم يكن يتخيلها الإنسان في السابق.
- أسهمت في التقليل من تلف المواد الغذائية المنقولة.
- أسهمت في حوار الحضارات، وتبادل الأفكار بين الشعوب.
 وغير ذلك من الفوائد، لكن وسائل النقل بالمقابل تسببت في الكثير من المعاناة والمشكلات البيئية والبشرية ومن هذه المشكلات:
- تعد المصدر الأول للحوادث التي تسبب وفاة ألاف الأشخاص سنويا، وإصابة الآلاف أيضا بعاهات وتشوهات مختلفة.
- تعد المصدر الأول للتلوث بالضجيج، خاصة في المدن، والكبرى والمزدحمة منها على وجه الخصوص حيث تزيد شدة الضوضاء عن 80 ديسبل.
- تعد من المصادر الهامة لتلوث الهواء والغلاف الجوي، خاصة في المدن. حيث  يقدر أن نحو 60 % من ملوثات الهواء في أجواء المدن سببه وسائل النقل.
- أهم الملوثات والمواد المنطلقة من عوادم السيارات هي: أول وثاني أكسيد الكربون، وأكاسيد النتروجين، والهيدروجين، وبخار الماء، والرصاص، ومواد كثيرة أخرى مثل الميتان والبروبان والايتيلين، وبعض هذه الملوثات سامة وخطيرة وتضر بالبيئة والإنسان.
- تستهلك وسائل النقل الكثير من الأكسجين، وهي تنافس الإنسان وغيره من الكائنات الحية في ذلك، وذلك بسبب احتراق الوقود في محركاتها وإطلاق الملوثات خاصة CO - CO2.

عوامل اختلاف نسب الملوثات المنطلقة من عوادم السيارات ونوعيتها.. نوعية الوقود ومحرك السيارة ونموذجه وصيانته والظروف التضاريسية ومدى مناسبتها لعمل السيارات

تختلف نسب الملوثات المنطلقة من عوادم السيارات ونوعيتها، باختلاف عوامل كثيرة ومنها:
أ - نوعية الوقود المستخدم (البنزين، المازوت أو الديزل، الغاز الطبيعي، الوقود الكحولي أو غيره).
ب- نوعية محرك السيارة ونموذجه.
ج- عمر المحرك ونظام عمله.
د - مدى القيام بالصيانة الدورية للمحرك.
ه- - نوعية الطرق ودرجتها.
و - الظروف التضاريسية ومدى مناسبتها لعمل السيارات.
ومن المهم القيام بالعديد من الإجراءات التي من شأنها التخفيف من التلوث الناجم عن عوادم السيارات، بما في ذلك تحسين نوعية الوقود والمحركات والطرقات والقوانين وغيرها.

الصناعات الكيميائية والبتروكيميائية.. أكاسيد الكربون والكبريت والنتروجين وكبريت الهيدروجين والنشادر والكلور والفلور

الصناعات الكيميائية والبتروكيميائية هي صناعات ملوثة للبيئة وللغلاف الجوي بشكل كبير، وينتج عنها ملوثات مختلفة عضوية وغير عضوية مثل، أكاسيد الكربون والكبريت والنتروجين، وكبريت الهيدروجين، والنشادر والكلور والفلور وغير ذلك من الملوثات، وبعضها ضار وسام وذو رائحة كريهة، يشعر بها الإنسان مباشرة عند اقترابه من هذه المصانع، ولاسيما مصانع تكرير البترول.

صناعة الأسمنت ومواد البناء.. انطلاق كثيف للغبار يلوث الهواء والمناطق المحيطة بهذه الصناعة

صناعة الأسمنت ومواد البناء يرافقها انطلاق كثيف للغبار الذي يلوث الهواء والمناطق المحيطة بهذه الصناعة، وهي تنتشر في معظم دول العالم، ويتسع انتشارها بشكل كبير في الدول النامية، بسبب عزوف الدول المتقدمة عنها، لأنها من الصناعات الملوثة للبيئة، والضارة بصحة الإنسان.

الصناعات التعدينية وتلوث الهواء.. صهر الحديد تخلف أكسيد الكبريت والمنغنيز والفوسفور والزرنيخ والرصاص

الصناعات التعدينية لها أنواع كثيرة ومتنوعة، وجميعها تؤدي إلى تلوث الهواء والبيئة بملوثات مختلفة، ومن هذه الصناعات مثلاً، صناعة صهر الحديد (وبحسب نوفيكوف 1987)، فإن صناعة طن واحد من الحديد الزهر تطلق إلى الهواء 4.5 كلغ من جزيئات الغبار، و2.7 كلغ من أكسيد الكبريت، ونصف كلغ من المنغنيز، وكميات أخرى من الفوسفور والزرنيخ والرصاص وغيرها.

التلوث الإشعاعي.. الأشعة الكونية في الفراغ الكوني والأشعة الأرضية في صخور القشرة الأرضية كاليورانيوم والأشعة قرب سطح الأرض كالرادون والكربون المشع

إن المواد المشعة توجد في الطبيعة بشكل دائم، ولها مصادر متعددة منها، الأشعة الكونية الموجودة في الفراغ الكوني، والأشعة الأرضية الموجودة في صخور القشرة الأرضية كاليورانيوم، والأشعة الموجودة بالقرب من سطح الأرض كالرادون والكربون المشع، وهذه الأشعة المختلفة تنتقل إلى الماء والغذاء وتصل إلى جسم الإنسان، وقد تكون بمعدلات مقبولة وغير خطرة على صحة الإنسان، وقد تتجاوز المعدلات المقبولة والمناسبة للصحة البشرية.

تلوث الهواء بالبكتريا والجراثيم والأحياء الدقيقة.. الإصابة بأمراض بيئية مختلفة كالكوليرا والجمرة الخبيثة والطاعون والدرن

إن وجود البكتريا والجراثيم والأحياء الدقيقة في الهواء قد يكون عرضياً ونسبياً باختلاف الظروف المناسبة لذلك، وهي توجد على هيئة خلايا حرة أو طليقة أو مختلطة مع الغبار أو غيره، وعموماً فإن البكتريا والجراثيم والفطريات توجد بشكل دائم في البيئة، في الهواء والتربة والماء، وخاصة في الأماكن المغلقة، أو الملوثة. والبكتريا كائنات صغيرة كثيرة الأنواع منها ما يعيش حرا ومنها ما يعيش طفيلياً، وهي من الكائنات وحيدة الخلية، ومن الصعب تصنيفها، ووجود البكتريا والجراثيم يؤدي إلى الإصابة بأمراض بيئية مختلفة منها، الكوليرا والجمرة الخبيثة والطاعون والدرن وغيره.

تلوث الغلاف الجوي.. وجود مواد غازية أو صلبة أو سائلة أو جزيئية، بكميات وتراكيز أكثر من الحالة الطبيعية. يقاس بالميكروغرام أو الميلي غرام في المتر المكعب أو الوزن

يمكن تعريف تلوث الغلاف الغازي بأنه وجود مواد غازية أو صلبة أو سائلة أو جزيئية، بكميات وتراكيز أكثر من الحالة الطبيعية، ولفترات طويلة، مما يؤدي إلى إحداث خلل في النظام البيئي، وأضرار بصحة الإنسان وغيره من الكائنات الحية، وتلوث الهواء يقاس بعدة أشكال منها، الميكروغرام أو الميلي غرام في المتر المكعب، أو الوزن (أي غرام أو كلغ أو طن) على وحدة المساحة (م2 أو كلم2 أو هكتار)، أو جزء في المليون ppm، أو جزء في البليون (المليار) ppb، أو جزء في التريليون ppt.

طبقة التروبوسفير.. الطبقة النوئية التي تحدث فيها مختلف ظواهر الطقس (النوء) تنخفض درجات الحرارة فيها مع الارتفاع ويوجد بخار الماء وتتشكل السحب

طبقة التروبوسفير (Troposphere):
أهم ميزات هذه الطبقة ما يلي:
- تشكل الجزء الأسفل من الغلاف الغازي، وارتفاعها الوسطي من 10 - 12 كلم.
- تحدث فيها مختلف ظواهر الطقس (النوء)، لذلك تسمى أحيانا بالطبقة النوئية.
- تحوي نحو 80 % من كتلة الجو العامة.
- تنخفض درجات الحرارة فيها مع الارتفاع بمعدل 6مْ / كلم، لتصبح 60 تحت الصفر عند سقفها العلوي تقريباً.
- يوجد فيها معظم بخار الماء، وتتشكل فيها مختلف أنواع السحب.

أهمية الغلاف الجوي.. حماية الكائنات الحية من الأشعة فوق البنفسجية وشظايا الشهب والنيازك والمذنبات. توزيع الضوء على سطح الأرض. الهواء المحمل بالأكسجين

خلق الله سبحانه وتعالى الكون كله بما فيه من مجرات ونجوم وكواكب، ونظمه بهذه الطريقة الرائعة التي تدل على عظيم قدرته وحكمته، ولكل مكون أو عنصر من عناصر الكون وظيفة ودور، وتتجلى أهمية الغلاف الغازي في الكثير من الأمور التي نعرفها، وربما الكثير منها التي لم تتيسر معرفتها لنا بعد، وللغلاف الجوي ومكوناته دور مهم في جميع العمليات والظواهر التي تحدث في الغلاف الجغرافي، ومن أهميته ما يلي:
1- يشكل درعاً واقياً، يحمي الكائنات الحية من الأشعة فوق البنفسجية وغيرها من الأشعة الكونية الضارة.
2- يشكل درعاً واقياً، يحمي الأرض والكائنات الحية من شظايا الشهب والنيازك والمذنبات.
3- يشكل منظماً حرارياً، ينظم توزيع الحرارة على سطح الأرض بين الليل والنهار، وبين فصول السنة.
4- يشكل منظماً ضوئياً، ينظم انتشار وتوزع الضوء على سطح الأرض.
5- يعطي السماء لونها الأزرق، المعروف بالسماوي، وهذا يرتبط بالجزيئات والعناصر الموجودة في الغلاف الجوي.
 6- بفضل الغلاف الجوي تتشكل الغيوم والرياح والأمطار وغيرها من ظواهر الطقس المعروفة.
7- يحوي الهواء المحمل بالأكسجين الضروري للحياة.

أسباب التصحر.. الموقع الجغرافي. الظروف المناخية المؤثرة في الكتل الهوائية والضغوط الجوية. استنزاف الموارد الطبيعية. الرعي الجائر. التملح. غسل التربة. التعرية المائية والريحية

يرى البعض أن سبب التصحر هو التعرية الريحية للأراضي الرعوية الرملية، أو الأراضي البعلية, بينما يرى آخرون أن السبب هو الرعي الجائر، ويرى فريق آخر أن السبب الرئيس للتصحر هو تغير الظروف المناخية وتحول المناخ إلى الجفاف. وهنا يمكن التمييز بين الصحاري الطبيعية والصحاري المفتعلة، فالأولى جميلة وهي تحتوي على تشكيلة متنوعة من النباتات والحيوانات، أما الثانية فهي ليست جميلة، وهي بسبب ما تعرضت له أصبحت تفتقر إلى النباتات والحيوانات المتنوعة.
ولكن كيف تنشأ الصحاري، وما أسباب التصحر ؟
إن طبيعة التصحر يمكن أن تكون معقدة وتحدث نتيجة أسباب وآليات معقدة تتضافر في إحداث عمليات التدهور البيئي، الذي يؤدي بالنتيجة إلى حدوث التصحر. وهكذا فإن الصحاري الواسعة تنشأ في جميع قارات العالم، لعدة أسباب طبيعية وبشرية، أي ليس بفعل عوامل طبيعة فقط ولكن بسبب أعمال الإنسان ونشاطاته الخاطئة التي تحول الكثير من الأراضي المنتجة إلى فقيرة وقليلة الإنتاج، وينعكس ذلك سلبا في البيئة وعلى مختلف مكوناتها، إن أسباب التصحر كثيرة ومتنوعة ومنها:
أ- الموقع الجغرافي، حيث تكون الصحاري داخلية، أو معزولة عن الرطوبة بسبب التضاريس والمسافة.
ب- الظروف المناخية السائدة، المؤثرة في الكتل الهوائية والضغوط الجوية، والتي تسبب الاضطرابات الجوية وتساعد على سيطرة الجفاف.
ج- أسلوب الإنسان المتبع في استغلال الأرض، إذ يتم زراعة الأراضي الهامشية، واستغلال أراضٍ غير قادرة أصلاً على تحمل الزراعة أو الرعي، والنظام البيئي فيها هش وغير معقد أو متوازن بدرجة كافية، وهذا الأمر يلاحظ بالدرجة الأولى في الدول النامية، والأرض غير قادرة على تحمل هذا العبء لمدة طويلة، ومع الزمن تصبح التربة سيئة التغذية ومتدهورة إلى حدِ خطير وأكثر مما يجب.
د- استنزاف الموارد الطبيعية، بسبب تزايد أعداد السكان وتزايد حاجاتهم ومتطلباتهم من البيئة، وهذا ساعد في زيادة حدة التصحر،  فقد عمل الإنسان منذ وجوده على سطح الأرض على استخدام الموارد الطبيعية والاستفادة منها، وكان عدد السكان قليلاً، واستغلال الموارد بطيئاً والآثار السلبية الناتجة عنه بسيطة، نتيجة تواضع حاجاته ومتطلباته من الطبيعة في تلك الأزمان. وإذا كان التصحر يمكن أن يحدث بسبب الظروف الطبيعية والتغيرات المناخية، فإن التصحير (كما يحلو للبعض تسميته) هو التصحر الناجم عن التأثيرات البشرية المختلفة.
هـ - الرعي الجائر، خاصة بسبب زيادة عدد الحيوانات الرعوية عن طاقة المراعي، ولذلك فكثيراً ما صار يوصف البدوي بأنه أبو الصحراء وليس ابنها كما كان يوصف سابقاً.
و- قطع وحرق الأشجار والنباتات الخشبية، فالغطاء النباتي هو انعكاس للظروف الطبيعية.
ز- التعرية المائية والريحية، التي هي نتيجة وسبب في آن معاً، وتختلف شدة التصحر وخطورته بحسب شدة هذا التأثيرات وخطورتها.
ح- غسل التربة وفقدان العناصر المفيدة فيها، جراء السيول التي تحدث أحياناً، لأن قطع وحرق الغطاء النباتي يؤدي إلى تعرية التربة وانجرافها، وبالتالي إذا هطلت الأمطار أخيراً لا تجد نباتاً أو تربة لإبقاء الماء والمحافظة عليه، لذا يحدث الفيضان، وتنجرف جزيئات التربة وتتقاذفها الريح وتغسلها المياه بعيداً.
ط- التملح، الذي تتعرض له التربة، خاصةً بسبب أعمال الري غير الصحيحة، ويقدر أن نصف مساحة الأراضي المروية في حوض الفرات في سوريا تعاني من التملح وإعادة التملح، وكذلك الحال في بلدان عربية أخرى، ودول في مختلف قارات العالم.
وبحسب معطيات هيئة الأمم المتحدة فإن 12 % من مساحة أفريقية شمال خط الاستواء تعاني من التعرية والنحت المائي، وأن 17 % من أراضي الشرق الأوسط تعاني من التخريب والتصحر، والسبب الرئيس لهذه الظواهر اعتماد أساليب وطرائق زراعية غير صحيحة. ويقدر أنه في السنوات الأخيرة فإن النحت والرعي الجائر والقضاء على الغطاء النباتي واستخدام الزراعة الكثيفة خاصة في المناطق القريبة من مصادر المياه، كل هذا أدى إلى حدوث خسائر كبيرة في الأقاليم الجافة وشبه الجافة في أفريقية وآسيا وأمريكا اللاتينية وغيرها.

تعريف التصحر.. زيادة مساحة الأراضي الصحراوية والتحول إلى ظروف أشد جفافا وتدهور في فاعلية المناطق الجافة وشبه الجافة ودون الرطبة بتأثير العامل البشري السلبي

تعد ظاهرة التصحر مشكلة بيئية على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة، وخطرها لا يقل عن خطر تلوث الماء أو الهواء أو التربة، أو القضاء على الغابات.
إن التصحر هو زيادة مساحة الأراضي الصحراوية والتحول إلى ظروف أشد جفافاً، والتصحر لا يعني بالتحديد تحول هذه المنطقة أو تلك إلى صحراء قاحلة كما يفهمه البعض، وإنما أي تدنٍ أو تراجع في المردود الاقتصادي الزراعي، أو تغير في العناصر البيئية، بسبب الاستغلال المكثف لها من قبل الإنسان وبشكل سلبي  يمكن أن نطلق عليه تعبير التصحر.
 لقد عرّف برنامج الأمم المتحدة للبيئة التصحر بأنه تدهور في فاعلية المناطق الجافة، وشبه الجافة، ودون الرطبة، بتأثير العامل البشري السلبي. ويعد هذا التعريف الصادر عام 1991 نسخة منقحة عن صيغة  التعريف الصادر عام 1977 الذي أصدره مؤتمر الأمم المتحدة للتصحر. وينص هذا التعريف على وصف التصحر، بأنه قصور أو تدهور في البنية البيولوجية الكامنة للأرض، الأمر الذي يؤدي بالضرورة إلى الشكل الصحراوي الذي تتخذه الأرض، وقد يكون التصحر فرض ظروف صحراوية على منطقة ما كانت قبل ذلك قادرة على إعالة الحياة النباتية والحيوانية، وهذا يعني الاتفاق حول اعتبار التصحر عملية تدهور حالة الأراضي مهما كانت الأسباب.

تعريف الصحراء.. شح الرطوبة ونقص المياه السطحية يعيق نمو النبات. وجود النباتات والكائنات الحية التي تتحمل الجفاف

يظن الكثيرون أن الصحراء  بقعة جغرافية خالية من جميع أشكال الحياة تقريباً، خالية من المياه والحيوانات والنباتات إلا ما ندر ! ولكن هذا ليس صحيحاً، ونظرة فاحصة للصحراء تبين ذلك، فهي غنية إلى حدٍ ما بالتنوع الحيوي، ففيها الثعابين والسلاحف والسحالي والزواحف، والعنكبوت والبوم والفئران، وأنواع من النمل والقراديات، وبعض أنواع الثدييات والطيور، والكثير من الحشرات وغيرها.
وجميع هذه الكائنات استطاعت أن تستفيد من الموارد المتاحة في الصحاري وأن تتأقلم مع الظروف السائدة فيها، ومما لا شك فيه أن لكل صحراء خصائصها وكائناتها المميزة لها التي قد لا توجد في صحاري وأماكن أخرى، وعند الحديث عن الصحاري أول ما يتبادر إلى الذهن هو حاجة هذه الصحاري للمياه، وكلما كانت المياه أوفر كلما كان الوضع أفضل، وذلك لأن المشكلات التي تعاني منها الصحاري سببها نقص المياه التي تنعكس فقراً ومرضاً على سكان هذه المناطق.
 والأمر باختصار كما يراه البعض أن أعطِ الصحراء مياهاً تعطيك الزهر والزرع، وفي هذا الأمر شيئ من الحقيقة، ولكن ليس الحقيقة كلها! فواقع الحال أكثر تعقيداً من ذلك.
إن المياه في تصورنا مرتبطة بالحياة والحركة والعطاء، وظهور الكثير من المجتمعات، وقيام الكثير من الحضارات عبر التاريخ ارتبط بالماء، وهكذا نرى أن المياه هي إحدى أهم متطلبات الحياة.
ولذلك يظن للوهلة الأولى أن الصحراء تحوي كل شيء لإنتاج محصول جيد فيما لو توافرت لها المياه، وإن كان هذا الأمر صحيحاً في مكان ما أو صحراء ما، فإنه ليس صحيحا في صحراء أخرى، وهذا الفهم الخاطئ لخصائص الصحراء أدى إلى خسائر فادحة في الماضي القريب والبعيد أيضاً، وأدى إلى زيادة التصحر واتساع رقعة الصحاري عندما تم جر المياه وزراعة بعض المناطق الصحراوية، كما حدث في بلدان آسيا الوسطى، وبعض البلدان العربية، وفي بعض مناطق أفريقية وغيرها.
لأن زراعة الأماكن الجافة وشبه الجافة تؤدي إلى زيادة حدة التصحر، والمشكلة هنا لا تنحصر في جانب واحد فقط وإنما في جوانب متعددة، وتختلف باختلاف الظروف من مكان لآخر، فالصحراء كما تعاني من نقص المياه يمكن أن تعاني من زيادتها في الوقت نفسه، ليس من زيادة المياه بالتحديد وإنما من التأثيرات السلبية الناجمة عن استخدامها، التي يتعرض لها النظام البيئي في المناطق الصحراوية، وتظهر هذه التأثيرات في التملح والنحت والغسل وغيره.
والصحاري تشكل نحو 45 % من سطح اليابسة، وقد قدم الكثير من الباحثين تعريفات معينة للصحاري والصحراء عبّرت عن تخصصاتهم العلمية المختلفة، ويمكن تعريف الصحراء بأنها عبارة عن وسط بيئي مميز، وهي مساحات من الأرض، شديدة الجفاف، ومرتفعة الحرارة، والمدى الحراري اليومي والسنوي فيها كبير، وقليلة الأمطار، وشديدة التبخر (باستثناء الصحاري الجليدية)، والصحاري هي مناطق قاحلة يتكون سطحها من خليط من الرمال والصخور والحجارة مختلفة الأحجام والأشكال.
والصحاري تعاني من شح الرطوبة ونقص المياه السطحية مما يعيق نمو النبات، وفيها توجد أنواع معينة من النباتات والكائنات الحية التي تتحمل الجفاف، كالنباتات الحولية التي تستطيع المرور بدورة النمو من البذرة إلى النبتة خلال فترة المطر الصحراوي القصيرة التي قد لا تتجاوز عدة أيام أو أسابيع، وكذلك النباتات التي تتكيف مع الظروف الصحراوية كشجيرات الصبار والسنط والعجرم، وبعض النباتات التي تتفادى الجفاف وتتكيف معه على شكل درنات أو بصلات تحت سطح التربة.
وكذلك الكثير من الكائنات الحية الأخرى، ولا ننسى الجمل أو سفينة الصحراء كما يسمى، الذي يختزن الماء في جسمه لفترات طويلة، ويفقد الماء ببطء، ويختزن الدهون في جسمه لكي تمده بالطاقة اللازمة عند الحاجة، ويملك فراء وجلداً سميكاً يعمل عازلاً حرارياً، وأقدامه مهيأة للسير والحركة في الصحاري.

استنزاف التربة.. الزراعة الكثيفة واستخدام الأسمدة المعدنية والمبيدات الكيميائية بشكل مفرط وعدم اتباع الدورات الزراعية الصحيحة، والتوسع العمراني الريفي والحضري

إن أشكال استنزاف التربة وتخريبها متنوعة وكثيرة جداً، منها القيام بالزراعة الكثيفة واستخدام الأسمدة المعدنية والمبيدات الكيميائية بشكل مفرط، وعدم اتباع الدورات الزراعية الصحيحة، والتوسع العمراني الريفي والحضري على حساب الأراضي الزراعية أو الصالحة للزراعة، وكذلك الإنشاءات الأخرى كالجسور والطرق والمطارات والمناطق الصناعية وغيرها، أضف إلى ذلك إشغال التربة بالنفايات والقمامة الصلبة، ومخلفات الصرف الصحي، المختلفة الأنواع والمصادر، وتخريب التربة وتجريفها وتدميرها بالحروب المختلفة والمتزايدة، وكل هذه الأمور تسبب استنزافاً للتربة وخروج الكثير من مساحاتها من دائرة الترب المنتجة والمفيدة.

تصلب التربة.. أساليب الزراعة غير الصحيحة وتحرك بعض الآلات الثقيلة فيها عندما تكون موحلة أو غدقة مما يؤدي إلى تصلبها وتحولها إلى كتل صلبة

تعاني التربة من مشكلات كثيرة، ومنها ظاهرة التصلب، بسبب أساليب الزراعة غير الصحيحة، وخاصة اللجوء إلى فلاحة التربة، أو تحرك بعض الآلات (الثقيلة خاصة) فيها، عندما تكون موحلة أو غدقة مما يؤدي إلى تصلبها وتحولها إلى كتل صلبة، يصعب استصلاحها وحراثتها وتهويتها، وتتحول إلى ترب قاسية متصلبة ومتصحرة وغير صالحة للزراعة، وهذه الظاهرة تنتشر في بعض ترب ومناطق العالم.

أسباب تملح التربة.. الظروف المناخية والري غير الصحيح وعدم توافر نظام مناسب لتصريف المياه الزائدة، ومستوى أو عمق المياه الجوفية

إن الكثير من الترب في العالم تتعرض للتملح وإعادة التملح، وذلك يعود لأسباب متعددة منها، الظروف المناخية، والري غير الصحيح، وعدم توافر نظام مناسب لتصريف المياه الزائدة، ومستوى أو عمق المياه الجوفية. وكثيرا ما يحدث التملح أو إعادة التملح عندما ترتفع المياه الجوفية (خاصة تلك القريبة من سطح الأرض) إلى سطح الأرض بالخاصية الشعرية، ثم تتبخر هذه المياه تاركة الأملاح المذابة على سطح التربة، خاصة أملاح الصوديوم، كما يحدث التملح وإعادة التملح بسبب الري المفرط وغير الصحيح مما يؤدي إلى زيادة تراكم الأملاح على سطح التربة.
 ويقدر أن نحو نصف مساحة الأراضي المروية في العالم تعاني من التملح وإعادة التملح، مما ينعكس سلبا على خصوبتها، وقدرتها الإنتاجية، وصلاحيتها للزراعة، وخسائر اقتصادية باهظة. ومن الضروري العمل على حماية التربة من التملح وإعادة التملح عن طريق إتباع أساليب الزراعة والري الصحيحة، كالدورة الزراعية وإراحة الأرض والري بالرذاذ والتنقيط والري المحوري وعدم الري بالسيح، وإتباع طرق التصريف الصحيحة للمياه الزائدة وشق قنوات مناسبة لذلك.

التعرية الميكانيكية.. حركة الآلات الثقيلة والزراعية ووسائل النقل المستخدمة في الزراعة والحفر والتنقيب والبحث عن الثروات المعدنية والباطنية واستخراجها

تتحول التعرية الميكانيكية بالنتيجة إلى تعرية ريحية أو مائية، والسبب الرئيسي لهذه التعرية حركة الآلات الثقيلة (العملاقة أحياناً)، والآلات الزراعية، ووسائل النقل، المستخدمة في الزراعة والحفر والتنقيب والبحث عن الثروات المعدنية والباطنية واستخراجها، خاصة في المناطق الجافة والصحراوية، مما يؤدي إلى تفتيت جزيئات التربة وتحريكها، واقتلاع جذور النباتات.
وبشكل عام فإن جميع أنواع التعرية والنحت، الريحية والمائية والميكانيكية، تحدث أضراراً كبيرة بالتربة والنبات والحيوان، وصحة الإنسان والاقتصاد والبيئة.

التعرية المائية.. عمل المياه أثناء حدوث التهطال الغزير والمفاجئ خاصة والفيضانات والسيول وتسبب غسل التربة وحرمانها من العناصر المعدنية المفيدة

التعرية المائية هي التعرية التي تحدث من جراء عمل المياه، أثناء حدوث التهطال الغزير والمفاجئ خاصة، والفيضانات والسيول وغير ذلك، وأكثر ما تنتشر التعرية المائية في المناطق المكشوفة والسفوح، والمنحدرات الجبلية، والتعرية المائية هي أخطر أنواع التعرية وأكثرها انتشاراً، وهي تسبب غسل التربة وحرمانها من الكثير من العناصر المعدنية المفيدة.

التعرية الريحية.. تأثير الرياح والعواصف الريحية التي تعري وتذري الطبقة السطحية من التربة

التعرية الريحية هي التعرية الناجمة عن تأثير الرياح والعواصف الريحية، التي تعري وتذري الطبقة السطحية من التربة، ويمكن أن تحدث هذه الظاهرة في مختلف المناطق ولكنها تشتد في المناطق الجافة وشبه الجافة والمكشوفة، وهي ظاهرة معروفة في الكثير من مناطق العالم، وتسبب نقل ملايين الأطنان من جزيئات التربة من مكان لآخر، خاصة إذا كانت الظروف الأخرى مساعدة لذلك مثل القضاء على الغطاء النباتي، والحراثة غير الصحيحة، والتصحر والجفاف مما يؤدي إلى إثارة الغبار وحركة الرمال والكثبان الرملية.

تعرية التربة ونحتها.. انخفاض خصوبة التربة وقدرتها الإنتاجية بسبب الظروف الجيومورفولوجية والمناخية من رياح وأمطار وحرارة

إن عمليات تعرية التربة ونحتها تعد من المؤثرات الضارة جداً بالتربة والبيئة، حيث تنخفض خصوبة التربة، وتنخفض قدرتها الإنتاجية، وشدة التعرية ترتبط بعدة عوامل جغرافية منها، الوضع والظروف الجيومورفولوجية، والظروف المناخية من رياح وأمطار وحرارة وغيرها، ونوع التربة، وتركيبها، وخصائصها، ومحتواها من المواد العضوية، ولا ننسى دور الإنسان في ذلك، حيث يعد من العوامل المسببة للتعرية عندما يقوم بالرعي الجائر، ويقضي على الغطاء النباتي، ويمارس الزراعة غير الصحيحة وغير ذلك، وعمليات التعرية والنحت لها عدة أنواع بحسب مصادرها وأسبابها.

تلوث التربة بالكائنات الحية الدقيقة الممرضة.. الإصابة بالتيفوئيد والكزاز ومرض العصيات أو الانسمام الوشيقي وداء النخر العضلي أو الغانغرينا الغازية

تنتشر في التربة وفي أماكن مختلفة ولأسباب مختلفة الكثير من الكائنات الحية الدقيقة والجراثيم، التي قد توجد في التربة وتتكاثر فيها، أو توجد في أمعاء الإنسان، والحيوان ومنه تنتقل إلى التربة عن طريق البراز والبول والصرف الصحي، ومن التربة إلى النباتات والحيوانات والبشر من جديد، وتؤدي إلى الإصابة بعدد من الأمراض كالتيفوئيد، والكزاز، ومرض العصيات أو الانسمام الوشيقي (Botulisme)، وداء النخر العضلي أو ما يسمى الغانغرينا الغازية.
 وعلى سبيل المثال فإن الجراثيم المسببة لداء الكزاز، كثيرة الانتشار في الطبيعة وبخاصة في براز الإنسان والحيوانات كالبقر والخيل والكلاب، وعند طرحها في التربة تتحول إلى بذيرات شديدة المقاومة تنتشر في الطبيعة وتلوث التربة والحقول والنباتات، وتكثر بشكل خاص في الترب الكلسية.
كما أن التربة يمكن أن تتعرض للتلوث بالمواد البترولية، والأمطار الحامضية وزيادة نسبة بعض المعادن فيها وغير ذلك.

تلوث التربة بالقمامة والنفايات الصلبة.. المخلفات المنزلية كبقايا الطعام والألبسة والنسيج والبلاستيك والزجاج والمعادن والبطاريات والأخشاب والعلب والورق والكرتون

تتكون النفايات الصلبة من المخلفات المنزلية، كبقايا الطعام، والألبسة، والنسيج، والبلاستيك، والزجاج، والمعادن، والبطاريات، والأخشاب، والعلب والورق، والكرتون، والجلود، وكل المواد التالفة التي يتم التخلص منها في المنزل، وكذلك النفايات الصناعية والخردة وبقايا الآلات والسيارات ومخلفاتها، وكذلك المخلفات النباتية والحيوانية، والزراعية، ومخلفات الأسواق التجارية،
والنفايات الطبية أيضا حيث توجد أنواع متنوعة من المخلفات الطبية، بعضها نفايات غير خطرة أو معدية كبقايا الطعام والورق وبعضها خطرة ومعدية ناتجة عن المرضى المصابين بالأمراض المعدية مثل مخلفات الجراحة والضماد والأفلام والصور الشعاعية وعينات التحاليل ومخلفاتها، ولا بد من فرز النفايات الطبية ووضعها في حاويات خاصة، والتخلص منها بشكل علمي وسليم.
وبشكل عام فإن جميع هذه النفايات والمخلفات الصلبة في تزايد مستمر ولأسباب كثيرة، منها زيادة عدد السكان، وزيادة النفايات الناتجة عن كل فرد منهم، والعادات الاستهلاكية السلبية وغيرها الكثير، وعادة يتم تجميع هذه القمامة والنفايات، والتخلص منها بشكل سيئ، وعدم إتباع الوسائل العلمية الصحيحة في طمرها أو معالجتها، وأكثر ما نشاهد هذه النفايات في المناطق القريبة من المدن والتجمعات البشرية، وبالتأكيد فإن هذه النفايات تسبب تلوثا كبيرا للتربة، والمياه الجوفية، والبيئة، وتسبب مخاطر وأضرار صحية لا حصر لها.

تلوث التربة بمخلفات الصرف الصحي.. البول والغائط والمعادن والمواد البلاستيكية والكيميائية والبيولوجية والصناعية والطبية

إن معظم مخلفات الصرف الصحي، سواء المنزلي أو الصناعي أو الطبي أو غيره، تلقى إلى البيئة المجاورة دون معالجة، أو تعالج بشكل أولي، وتلقى في المنخفضات أو الوديان أو الأنهار المجاورة، وأحيانا كثيرة تستخدم لري الأراضي الزراعية، وهذه المخلفات تحتوي على ملوثات ومواد ضارة كثيرة، عضوية وغير عضوية، ومنها: البول والغائط والمعادن والمواد البلاستيكية والكيميائية والبيولوجية والصناعية والطبية، وهي تسبب تغيير في خصائص التربة، وتنتقل منها وعبرها إلى الكائنات الحية المختلفة بما فيها الإنسان.

تلوث التربة من المنشآت الصناعية ووسائل النقل.. المعادن الثقيلة كالرصاص والزئبق، والزنك والنيكل والكادميوم تقلل خصوبتها وتغير تركيبها الكيميائي والفيزيائي

تسبب المصانع والمعامل ومحطات توليد الطاقة ووسائل النقل وغيرها، تلوثا كبيرا للتربة، جراء ما تقذفه هذه المصادر من مخلفات ناجمة عن العمليات الصناعية المختلفة، واحتراق الوقود فيها، وغير ذلك، ويزداد هذا التلوث بشكل خاص، في المناطق القريبة من هذه المصادر، وأهم الملوثات الناجمة عنها، المعادن الثقيلة كالرصاص، والزئبق، والزنك والنيكل، والكادميوم، وكذلك التلوث بالمعادن الأخرى كالحديد، والنحاس، والمنغنيز، والألمنيوم وغيره، وهذه الملوثات تسقط  بشكل مباشر أو غير مباشر على التربة، وتسبب تلوثها وتدهورها وتقليل خصوبتها، وتغيير تركيبها الكيميائي والفيزيائي وغير ذلك.

تلوث التربة بالمخصبات والأسمدة المعدنية.. بقاء آثار الأسمدة الفوسفاتية والنتروجينية في التربة لفترة طويلة وتحولها إلى نتروآمين مسرطنة تؤدي إلى الوفاة

تطلب السعي لتأمين المواد الغذائية الكافية للأعداد المتزايدة من البشر والسعي للحصول على إنتاجية عالية من المحصول في وحدة المساحة، تطلب ذلك اللجوء إلى تكثيف الزراعة واستخدام المزيد من المخصبات سواءً العضوية كالدبال أو غيره، أو غير العضوية كالأسمدة المعدنية والكيميائية، بشكل كبير وفي معظم دول العالم، حيث تضاعف استخدام هذه الأسمدة عدة مرات على مستوى العالم خلال فترة قصيرة من الزمن، ورغم فوائد هذه الأسمدة في زيادة الإنتاج  في وحدة المساحة، إلا أنها تسببت في تلوث التربة، وتملحها والقضاء على بعض عناصرها.
كما هو الحال في الأسمدة الفوسفاتية والنتروجينية التي تبقى آثارها في التربة لفترة طويلة من الزمن، وحدوث عدد من المشكلات البيئية والصحية غير المحسوبة، كتلوث المياه، وحدوث بعض الاضطرابات في وظائف النباتات وفي نموها، والإضرار بالصحة البشرية لأن بعض الأسمدة مضر للصحة، وقد تشكل ارتباطات فوضوية مع الآمين الموجود في البيئة، فالنترات تتفاعل مع العناصر الأخرى وقد تؤدي إلى تسمم الدم وربما الموت، أو تصبح نتروآمين وهي مسرطنة وتؤدي إلى الوفاة أيضا.

تلوث التربة بالمبيدات الكيميائية.. معالجة الآفات والحشرات الضارة والقضاء عليها وزيادة الإنتاج الزراعي والاعتماد على المعالجة الحيوية للتخلص من الآفات والحشرات

من المعروف أن المحاصيل الزراعية تتعرض للكثير من الآفات والحشرات الضارة، مما دفع الإنسان إلى استخدام المبيدات الكيميائية المختلفة لمعالجة هذه الآفات والحشرات الضارة والقضاء عليها، وهذا أدى بالنتيجة إلى زيادة الإنتاج الزراعي بشكل كبير، وخفف إلى حدٍ كبيرٍ من الخسائر الناجمة عن هذه الآفات، ولكن زيادة استخدام المبيدات الكيميائية كماً ونوعاً، أدى إلى تلوث التربة بشكل خطير، لاسيما إذا أخذنا بعين الحسبان التحلل والتفكك البطيء للكثير من هذه المبيدات، وتركزها في النباتات والخضار والفاكهة حيث إن نسبة معينة من المبيدات تتركز داخل النباتات والثمار وتبقى فيها وهذا ما يسمى (الأثر المتبقي)، ولا يتم التخلص منه بالغسيل ولا بالطبخ أحياناً، وبالتالي فإنه ينتقل إلى الحيوان والإنسان عبر السلسلة الغذائية.
 وقد عثر على الأثر المتبقي من المبيدات الكيميائية في المياه، والحليب، واللحوم، وفي جسم الإنسان، كما أن الكثير من الحشرات أصبحت معندة ومقاومة للمبيدات، وظاهرة الحشرات أو البكتريا المعندة المقاومة للمبيدات أصبحت معروفة سواءً في المجال الزراعي أو الطبي، ويوجد الآن مئات بل آلاف الأنواع منها، ومن الضروري العمل على معرفتها وتحديدها ومعالجتها والتخلص منها بشكل علمي و صحيح. إن استخدام المبيدات الكيميائية لمعالجة الحشرات والآفات المعندة، يعني ببساطة أن هذه المبيدات أصبحت تقضي على الإنسان، وليس على الحشرات والآفات!، وخصوصا على الأطفال الذين تقدر أعداد من يموت منهم بسبب المبيدات والمواد الكيميائية  بمئات الآلاف سنويا ًخصوصا في الدول النامية.
كما أن بعض الحشرات تكون نافعة ومفيدة في البيئة، وللتربة والقضاء عليها قد يعني القضاء على ما يسمى بالعدو الحيوي، ومن المهم أيضا الانتباه إلى هذه المسألة، والاعتماد على المعالجة الحيوية للتخلص من الآفات والحشرات والتخفيف ما أمكن من استخدام المبيدات الكيميائية خاصة تلك التي ثبت خطورتها ويحظّر من استعمالها.

تلوث التربة.. زيادة استخدام الأسمدة والمبيدات الكيميائية والنفايات الصناعية والمنزلية والتجارية والإشعاعية

إن التربة كغيرها من الموارد الطبيعية، والعناصر البيئية تتعرض للتلوث بأشكال مختلفة، ومن مصادر مختلفة، وقد زادت شدة التلوث الذي تتعرض له التربة في الفترة الأخيرة باعتبارها جزءاً من التلوث البيئي بشكل عام، ولأسباب مختلفة منها، زيادة استخدام الأسمدة والمبيدات الكيميائية، والنفايات الصناعية، والمنزلية، والتجارية، والإشعاعية، التي تنتهي إلى التربة بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، من الجو أو مع المياه.

تعريف التربة.. وسط معقد غير متجانس تشكل الطبقة السطحية الرقيقة من سطح الأرض نتيجة علاقات متشابكة وطويلة الأمد بين الأغلفة الجغرافية، الغازي والحيوي والصخري

تعريف التربة Soil:
للتربة تعريفات كثيرة ومفاهيم متنوعة تختلف من شخص لآخر بحسب اختصاصه وعلاقته بالتربة، من الإنسان، العادي إلى الفلاح، إلى المهندس، إلى الجيولوجي، إلى الجغرافي، وبشكل عام تعد التربة خليطاً من المواد الصخرية والعضوية المفتتة، ومن الماء والهواء، وينمو عليها النبات، وتعيش فيها وعليها كائنات حية مختلفة، وعليها يعتمد الإنسان في حياته وتأمين غذائه وبناء مسكنه وغير ذلك.
وتعريف التربة بحسب عالم التربة الروسي دوكوتشايف (Dokochaiv)  تعد الجسد الرئيسي للطبيعة، وهي تتكون نتيجة علاقة معقدة ومتبادلة بين ستة عوامل هي:
1- الصخر الأم.
2- عناصر المناخ.
3- عالم النبات والحيوان.
4- شكل سطح الأرض.
5- عمر المكان ودرجة النضج الذي بلغه.
6- تأثير الإنسان ونشاطاته المختلفة (وهو عامل أضيف لاحقاً إلى العوامل السابقة).
من خلال ما سبق يتبين أن التربة وسط معقد غير متجانس تشكل الطبقة السطحية الرقيقة من سطح الأرض تكونت خلال ألاف وملايين السنين، نتيجة علاقات متشابكة وطويلة الأمد بين الأغلفة الجغرافية، الغازي والحيوي والصخري، والتربة بدورها تؤثر في هذه الأغلفة الجغرافية، وفي الغلاف المائي أيضاً.
والتربة وما عليها تشكل نظاماً إيكولوجياً معقداً تطورت دراسته بشكل كبير وأصبح للتربة علم خاص بها، يعرف باسم علم التربة (البيدولوجيا).
وما يهم أكثر من غيره في هذا الكتاب هو القسم الحيوي من التربة الذي تعيش فيه النباتات ومختلف الكائنات الحية. فالكائنات الحية تعيش على القشرة الأرضية المغطاة بحبيبات التربة، والتربة هي مصدر الغذاء والماء لحياة النباتات، وهي وسط تتراكم فيه بقايا السلسلة الغذائية، وتتحلل تلك البقايا بوساطة كائنات حية دقيقة مثل البكتريا والطحالب والفطريات، والتربة هي موئل للكثير من الحيوانات التي تعيش فيها وعليها في تجمعات محددة.

دراسة العلاقة بين البعد البيئ والبعد الاقتصادي.. تراكم المواد السامة وتزايد اثارها التراكمية نتيجة عدم الاهتمام بإدراج التكلفة الاجتماعية البيئية عند اتخاذ القرارات

بدأ الاهتمام بالعلاقة ما بين الاقتصاد والبيئة في التزايد خلال العقود الاخيرة من القرن العشرين، نتيجة لزيادة حدة المشكلات البيئية وتائثيراتها السلبية وتعاظم الاضرار الناتجة عنها، حيث يسود الاعتقاد خلال تلك الفترة بأن النشاط الاقتصادي ونموه  كما ونوعا، يعد من المصادر الاساسية لتلوث البيئة، وتراكم المواد السامة وتزايد اثارها  التراكمية، نتيجة عدم الاهتمام بادراج التكلفة الاجتماعية البيئية عند اتخاذ القرارات الخاصة او العامة وما يتبع ذلك من امكان تائثير تلك القرارات بالسلب على الموارد المتاحة، خاصة الشحيحة والبيئة عموما. وقد نتج عن شعور المجتمعات الاوربية التي سبقت الى التصنيع والنمو الاقتصادي دون النظر الى البيئة شعور متعاظم  بالمشكلات الصحية التي اثرت على انتاجية المجتمع في جميع مناحي التنمية. وصاحب ذالك ظهور احزاب الخضر وجماعات السلام الاخضر العالمية، وبدأ الربط بين تكلفة الحفاظ على الصحة والحد من التلوث عند المنبع ومعالجة الملوثات.
 يعتمد على الاقتصاد لتوفير الاحتياجات البشرية المتزايدة، على الموارد الطبيعية، أي ان النشاط الاقتصادي  يقوم بالدرجة الاولى على استغلال الموارد المتاحة في البيئة التي هي مصدر هذه الموارد، ومن ناحية اخرى  تمثل البيئة المجال الذي يتم فيه تصريف مخلفات العمليات الاقتصادية المختلفة سواء الانتاجية أو الاستهلاكية، وعادة ما تتمتع البيئة بقدرة ذاتية على التخلص من هذه المخلفات اذا كانت هذه المخلفات عند مستويات معقولة. كما نجد في المقابل ان البيئة  تعتمد على النشاط الاقتصادي  لتوفير الامكانات اللازمة لحماية البيئة، حيث تمكن الموارد الاقتصادية المتاحة الوسيلة التي يمكن التعامل بها مع المخلفات الناتجة من الانشطة السكانية المختلفة، فضعف النشاط الاقتصادي وعدم تحقيق معدلات نمواقتصادية مرتفعة يعنيان ان الاهتمام في الدولة منصب على توفير المتطلبات  الاساسية  دون الادارة الجيدة والاستفادة الكاملة لمخرجات عمليات توفير الغذاء والكساء. فقد وضحت تجارب العديد من الدول النامية أن اهمال الحفاظ على البيئة والاهتمام بالادارة الجيدة لمواردها ينعكس بمزيد من التدهور الاقتصادي على تنمية الدولة، حيث تتحمل مجتمعات الدول التي تهمل البيئة والحفاظ عليها  تكاليف باهظة تقوض دعائم جميع الانشطة  التنموية، حيث يحدث الضرر الصحي في القوى البشرية العاملة، نتيجة لعدم  قدرتهم على الانتاج مما يجعل محصلة الانشطة الانتاجية مطروحا منها  تكلفة الضرر الاقتصادي الواقع على هذه الانشطة سالبة  القيمة. وهذا يعني مزيدا منعدم تحقيق النمو الاقتصادي  المتوقع وفقدان  للموارد الطبيعية والبشرية التي تدفع  بعجلة  التنمية بمنظورها الاشمل في الدولة. وتنبع هنا الاهمية الاقتصادية لتبني  نظم الادارة البيئة المتكاملة  لجميع الانشطة وخاصة نظم الرعاية الصحية التي تتأثر دائما بالحالة البيئة  للدولة.

مدى إمكانية اعتبار حالة الضرورة سببا لإباحة إفشاء السر الطبي.. الاعتماد على حالة الضرورة لإباحة أو تبريرتسليم شهادات طبية للغير إفشاءا للسر تجد سندها في التشريع والفقه

تعرض المشرع المغربي في الفقرة الثانية من الفصل 124 من مجموعة القانون الجنائي لحالة الضرورة، فاعتبرها سببا من أسباب التبرير، حين نص على أنه "لا جناية ولا جنحة ولا مخالفة.. إذا اضطر الفاعل ماديا إلى ارتكاب الجريمة أو كان في حالة استحال عليه معها استحالة مادية اجتنابها وذلك  لسبب خارجي لم يستطع مقاومته". وعليه فإن عدم النص عليها في الفصل 446 من نفس القانون لا يمنع من اعتمادها كسبب لإباحة إفشاء السر الطبي.
ورغم اختلاف الفقه الفرنسي فيما إذا كان من الممكن الاستناد على نظرية الضرورة لتبرير إفشاء السر الطبي في الحالة التي يكتشف فيها الطبيب أن زبونه المقدم على الزواج مصاب بمرض معد ، فإن الأستاذة  "لارغوييي" تعتبر في أطروحتها السابقة  أن الشهادات الطبية المسلمة في حالة الضرورة تشكل إفشاءا مبررا للسر الطبي، سواء كان ذلك لتحقيق مصلحة الطبيب نفسه أو مصلحة المريض أو الغير. فقط يتعين على مصدر الشهادة قبل الإقدام على الإفشاء أن يحدد المصلحة العليا التي يجب أن لا يضحي بها، معتمدا في ذلك على التجربة والخبرة والقياس السليم، وآخذا بعين الاعتبار الآثار التي قد تنجم عن الإفشاء وعن السكوت.
لذلك فإن إمكانية الاعتماد على حالة الضرورة لإباحة أو تبريرتسليم شهادات طبية للغير إفشاءا للسر تجد سندها في التشريع والفقه، وإن كانت شروطها صعبة التحقـق عمليا.

إفشاء الطبيب للسر المهني بناءا على طلب من الغير.. إقامة المريض بمؤسسة للأمراض العقلية أو وضعه تحت الملاحظة الطبية تقتضي الاطلاع على شهادة صادرة عن طبيب مؤهل للأمراض العقلية

يجيز ظهير 30 أبريل 1959 بشأن الوقاية من الأمراض العقلية ومعالجتها وحماية المرضى المصابين بها، لكل شخصية عمومية أو خصوصية عاملة لفائدة المريض أو لفائدة أقاربه أو النظام العمومي طلب إقامته بمؤسسة للأمراض العقلية أو وضعه تحت الملاحظة الطبية. لكن بما أن الإقامة بالمؤسسة يقتضي الاطلاع على شهادة صادرة عن طبيب مؤهل للأمراض العقلية لا يكون من أقارب أو أصهار المريض من الدرجة الثانية أو من الشخص الذي  يطلب إقامته بالمستشفى، كما أن الوضع تحت الملاحظة يقتضي الإدلاء بشهادة طبية يمكن أن يسلمها حتى الطبيب الأقرب عند عدم وجود طبيب الأمراض العقلية، فإن هذا يعني  بالتأكيد الإذن للطبيب بأن يسلمهم الشهادة التي يطلبونها، فقط ينبغي أن يكون حذرا عند تحريرها، وقبل ذلك عند تقدير الحالة العقلية للمريض.

تبليغ الطبيب عن أفعال إجرامية أو سوء المعاملة أو الحرمان في حق أطفال.. تحسين الإطار القانوني لحماية الطفولة

لقد أضاف المشرع  المغربي  بمقتضى التعديل الذي أدخله القانون رقم 99 .11 على الفصل 446 من مجموعة القانون الجنائي مبررا آخر لإفشاء السر المهني بحيث أجاز للأطباء أن يبلغوا  السلطات القضائية أو الإدارية المختصة عن ارتكاب أفعال إجرامية أو سوء المعاملة أو الحرمان في حق أطفال دون سن الثامنة عشرة علموا بها بمناسبة ممارسة مهنتهم أو وظيفتهم.
وإذا كان هذا التعديل يهدف إلى تحسين الإطار القانوني لحماية الطفولة بتوفير حماية أكبر للطفل الذي يتميز بوضعية خاصة في المجتمع، فإن الملاحظ أنه أغفل مكونا آخر من مكونات هذا المجتمع  لا تقل وضعيته خصوصية عن وضعية الطفل، وهو المرأة التي تحتاج بدورها إلى حماية مماثلة، والتي بدأ المجتمع المدني المغربي يرفع مؤخرا شعار حمايتها من العنف.
إن الفصل 446 من  م. ق. ج.  ـ حتى بعد تعديله ـ لا يجيز للطبيب التبليغ عما علم به بمناسبة مزاولة مهنته أو وظيفته من أفعال إجرامية  أو سوء معاملة أو حرمان في حق امرأة، بحيث يعتبر مثل هذا التبليغ إفشاءا مجرما للسر المهني.  لذلك فإني أستغل هذه الفرصة لأقترح تعديلا جديدا للفصل المذكور يجعل هذا الإفشاء مبررا.

تبليغ الطبيب عن الإجهاض بمناسبة مزاولة مهنته لا يعاقب عليه بالعقوبات المقررة لجريمة إفشاء السر المهني

ينص الفصل 446 من مجموعة القانون الجنائي في فقرته الثانية على أن الأطباء لا يعاقبون بالعقوبات المقررة لجريمة إفشاء السر المهني "إذا بلغوا عن إجهاض علموا به بمناسبة ممارسة مهنتهم أو وظيفتهم، وإن كانوا غير ملزمين بهذا التبليغ".
وبالطبع فإن تبليغا ينصب على واقعة طبية عاينها طبيب بمناسبة ممارسة مهنته يعتبر  أيضا شهادة طبية. لكن ما ينبغي الانتباه إليه هو أن الإذن للأطباء بالتبليغ عن الإجهاض لا يمكن أن يقلل منه، دون البحث عن علاج فعال لأسبابه الاقتصادية والاجتماعية، خصوصا وأن هؤلاء غالبا ما يفضلون العناية بزبنائهم ومعالجتهم في صمت على إفشاء أسرارهم.
لذلك فإن تدخل المشرع لإجازة التبليغ عن الإجهاض من لدن طبيب علم به بمناسبة مزاولة مهنته هو تدخل غير مجد، بل وخطير، ما دام لا يمنح إلا ضمانة خادعة.

التصريح بالوفاة.. تحرير ضابط الحالة المدنية رسم الوفيات بناءا على شهادة واحد من الأقارب أو غيرهم ممن لهم إرشادات محققة تامة بقدر الإمكان

إن المشرع المغربي لم يحدد بالضبط الأشخاص الملزمين بالتصريح بواقعة الوفاة كما فعل بالنسبة للولادة، وإنما ذكر في الفصل 45 من ظهير 1915 بأن ضابط الحالة المدنية يحرر رسم الوفيات بناءا على شهادة واحد من الأقارب أو غيرهم ممن لهم إرشادات محققة  تامة بقدر الإمكان، وهو ما يعني أن الإلزام بالنسبة للمغاربة لا يمكن أن يشمل إلا الأشخاص الخاضعين لنظام الحالة المدنية  الذين لا يعتبر الطبيب واحدا منهم بالتأكيد. غير أنه إذا توفي أحد في المستشفيات أو محلات الطب المدنية أو العسكرية فيجب على المديرين أو الوكلاء أو أرباب المحلات المذكورة أن يعلموا  بذلك ضابط الحالة المدنية في ظرف أربع وعشرين ساعة. كما أن الأطباء في المغرب ومنذ 1965 ملزمون بتوجيه الجزء الغير المسمى من شهادة الوفاة إلى مصلحة الدراسات والإعلام الصحي بوزارة الصحة العمومية، وذلك استنادا على دورية صادرة عن وزارة الصحة العمومية بتاريخ 26 مارس 1965، وقع تغييرها بمقتضى دورية صادرة عن نفس الوزارة بتاريخ 6 يونيو 1995.

التصريح بالولادة.. عدم قيام الطبيب بالتصريح بالازدياد في الأجل القانوني عند عدم وجود الأب جريمة يعاقب عليها بالحبس

تعنى جميع الدول عناية كبيرة بضبط السجلات الخاصة بالمواليد. وقد لوحظ أن ترك التصريح بالولادة للأفراد يقابل في الكثير من الحالات بالإهمال أو سوء النية. لذلك يكون طبيعيا أن يلزم المشرع الطبيب الذي حضر  الولادة بالتصريح.
كما أن الدور الذي يقوم به الطبيب لصالح الجماعة من خلال التحقق من وفاة الإنسان وأسبابها قبل دفنه يقتضي الحديث عن مدى إلزامه بالتصريح بالوفيات .
التصريح بالولادة:
يلزم الفصل 22 من القانون المنظم للحالة المدنية  الطبيب الذي حضر الولادة بالتصريح بها عند عدم وجود أب المولود وأمه، بل إن الفصل 468 من القانون الجنائي جعل عدم قيام الطبيب بالتصريح بالازدياد في الأجل القانوني عند عدم وجود الأب جريمة يعاقب عليها بالحبس من شهر إلى شهرين وبغرامة من مائة وعشرين إلى مائتي درهم وذلك في الحالات التي يكون فيها التصريح واجبا.

حالات التبليغ الإجباري عن بعض الأمراض والحوادث.. الأمراض الجاري عليها الحجر الصحي وذات الصبغة الاجتماعية والمعدية أو الوبائية والأمراض المهنية

يتعلق الأمر بثلاث حالات  ألزم المشرع المغربي الطبيب بالتبليغ عنها في ثلاث نصوص متفرقة:
1- يوجب الفصل الأول من المرسوم الملكي بمثابة قانون المتعلق بوجوب التصريح ببعض الأمراض واتخاذ  تدابير وقائية للقضاء عليها، على كل طبيب أثبت وجود حالة من حالات الأمراض الجاري عليها الحجر الصحي والأمراض ذات الصبغة الاجتماعية والأمراض المعدية أو الوبائية التي وقع تحديدها بقرار لوزير الصحة  العمومية صادر في 31  مارس 1995، كما وقع تتميمه بمقتضى قرار لوزير الشؤون  الاجتماعية، أن يصرح بها على الفور إلى كل من السلطة الإدارية المحلية والسلطة الطبية للعمالة أو الإقليم.
2- يوجب الفصل التاسع من ظهير 31 ماي 1943 المتعلق بالأمراض المهنية، على كل طبيب مزاول لمهنة الطب أن يقدم تصريحا بالمرض المهني أو المظنون أنه مهني الذي شاهده في أحد العملة، سواء كان ذلك المرض مبينا أو غير مبين في اللائحة التي تعين في قرار لوزير الشغل والشؤون الاجتماعية. ويتعين على الطبيب أن يشير في تصريحه إشارة دقيقة إلى نوع المرض ونوع المادة السامة التي سببته ومهنة المصاب، ويتم تقديم هذا التصريح إلى السلطة البلدية أو سلطة  المراقبة  المحلية، وهي التي ترسله بدورها إلى وزير الشغل والشؤون الاجتماعية.
3- يوجب الفصل الخامس  من القرار الوزيري المؤرخ في 5 مارس 1952 بشأن أجراء العمل فيما يخص  المعتقلين القائمين بخدمة حنائية، على الطبيب الذي يعالج المصاب بالجروح أن يرسل الشهادة الطبية الأولى وشهادة الشفاء في نظيرين إما إلى رئيس مؤسسة السجن وإما إلى السلطة المحلية للمكان الموجود فيه السجن .

الشهادات الطبية المسلمة بأمر من القانون.. استثناء القانون الجنائي معاقبة الطبيب على إفشاء سر أودع لديه في الحالات التي يوجب عليه فيها القانون التبليغ عنه

إن استثناء الشهادات الطبية المسلمة بأمر القانون من الخضوع للالتزام بالسر الطبي يجد سنده في الفقرة الأولى من الفصل  446 من القانون الجنائي التي تستثني صراحة من معاقبة الطبيب على إفشاء سر أودع لديه الحالات التي يوجب عليه فيها القانون التبليغ عنه. كما يجد هذا الاستثناء سنده أيضا في الفصل 124 من نفس القانون الذي يجعل أمر القانون أحد الأسباب  المبررة التي تمحو الجريمة بصفة عامة.
ويجد تدخل المشرع في هذه الحالات الاستثنائية تفسيره في ثلاث ظواهر أساسية هي تأكيد الثورة "الباستورية" على وجود  أمراض معدية يمكن تجنبها . وظهور  الحق في الصحة الذي يجد حدوده كأي حق آخر، في حقوق الآخرين. بالإضافة إلى أن الطبيب  هو أول من يمكنه معرفة مركز الأدواء، وهو أيضا من يحضر الولادة والوفاة فيكون من الطبيعي أن يكلفه المشرع بالتبليغ  عن الأولى  والتصريح بالثانية.

الشهادات الطبية التي يعتبر تسليمها للغير إفشاء مشروعا للسر المهني.. توفر أركان فعل الإفشاء. سرية الأمر الذي أودع لدى الجاني. الصفة الخاصة للجاني. القصد الجنائي

تقوم جريمة إفشاء السر المهني المنصوص عليها في الفصل 446 من مجموعة القانون الجنائي المغربي على أربعة أركان أساسية  وهي:
- فعل الإفشاء: ويقصد بالإفشاء كشف السر أو إطلاع الغير عليه مع تحديد الشخص المعني بكتمانه سواء كان هذا الإفشاء كليا أو جزئيا ومهما كانت الوسيلة المستعملة، بحيث  تعتبر الشهادة الطبية من أهم وسائل الإفشاء.
- سرية الأمر الذي أودع لدى الجاني: سواء ائتمنه عليه مريضه  أم لا، ما دام قد علم به بمناسبة ممارسة مهنته.
- الصفة الخاصة للجاني: ذلك أن الأشخاص الملزمين بكتمان السر حسب ما ينص عليه الفصل 446 من مجموعة القانون الجنائي هم "الأطباء والجراحون وملاحظوا الصحة وكذلك  الصيادلة والمولدات وكل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة".
وما دام مصدر الشهادة لا يمكن أن يكون إلا طبيبا أو طالبا في الطب يمارس المهنة في إطار عقد النيابة، فإن الإشكال لا يثار إلا بالنسبة لهذا الأخير.
يرى الأستاذ أسامة عبد الله قايد بأن طلاب كلية الطب يلتزمون بكتمان السر كالأطباء ويندرجون تحت طائفة الأمناء على السر بحكم الضرورة، ولا أعتقد أن القضاء المغربي الذي اعتبر أن مساعدي أصحاب المهن الحرة ملزمون أيضا بالمحافظة على السر، قد يسير في اتجاه مخالف.
- القصد الجنائي: ويكفي لتوافره أن يقدم الجاني على الإفشاء عن علم وإرادة دون تطلب توافر نية الإضرار.
غير أنه إذا كان الفصل 446 من مجموعة القانون الجنائي المغربي قد جرم  إفشاء الطبيب للسر المهني، فإنه أباحه بمقتضى نفس الفصل في الحالات التي يوجب عليه أو يجيز له فيها القانون التبليغ عنه.
لكن إذا كان أمر القانون وإذنه يبيحان الإفشاء بلا جدال، فإن ما يتداوله الفقه من إمكانية اعتماد حالة الضرورة ورضى المريض كسببين للإباحة يبقى محل نظر.

السر المهني ومنع الورثة من طلب شهادات طبية تخص مورثهم.. سر حميمي يمس بذكرى المورث أو الفكرة التي كان يريد أن يأخذها عنه المحيطون به

لقد ذهب القضاء الفرنسي في بعض قراراته إلى أن السر المهني يمنع الورثة من طلب شهادات طبية  تخص مورثهم، غير أنه إذا لم يكن للورثة الحق في طلب هذه الشهادات دائما فإنه لا يكون من المشروع رفض طلبهم هذا في جميع الحالات. ذلك أن تعبير المورث صراحة خلال حياته عن رضاه بتسليم شواهد تخص حالته الصحية لورثته يعطيهم الحق في طلب هذه الشهادات وبالمقابل  فإن رفضه الصريح يمنعهم من ذلك.
لكن وفي غياب  التعبير الصريح يشترط القضاء الفرنسي لقبول هذا الإفشاء أن يكون تسليم الشهادة الطبية الوسيلة الوحيدة للإثبات، وأن لا يتعلق الأمر بما يسميه هذا القضاء سرا حميميا من شأنه المساس بذكرى المورث أو الفكرة التي كان يريد أن يأخذها عنه المحيطون به، وأن يكون طلب الشهادة برضى الورثة، بحيث يمكن اعتبار هذه الشروط  الثلاثة  بمثابة الرضى الضمني للمورث.
وأعتقد أن كل واحد من هذه الشروط الثلاثة هو محل نظر. ذلك أن من شأن الشرط الأول أن يحرم القضاء عند وجود الشهود من الشهادة الطبية، مع أنه كان من الممكن الاكتفاء باشتراط كون الشهادة الطبية منتجة في الإثبات لتفادي إفشاء السر دون وجود مصلحة.
كما أن الشرط الثاني يثير مسألة الأمراض العقلية التي هي بالتأكيد تمس ذكرى الميت، في حين أنه إذا كان السر الطبي  يتحدد بالنسبة للشخص  العادي فيما يريد صراحة أو ضمنا إلزام الطبيب بكتمانه، فإنه بالنسبة للمريض العقلي لا يتحدد طبقا لإرادته وإنما تبعا لما تقتضيه حمايته حيا كان أو ميتا.
أما الشرط الثالث فيثير الحالة التي تكون فيه مصلحة بعض الورثة في إثبات مرض المورث متعارضة مع مصلحة البعض الآخر في إثبات  كمال صحته، فهل يتعين على الطبيب تسليم الشهادة المطابقة للحقيقة أم الامتناع  عن تسليم أي شهادة؟
إن رضى جميع الورثة في هذه الحالة غير متحقق، وبالتالي فإن الذي ينبغي أخذه  بعين الاعتبار هو مصلحة المورث.

الحالة الصحية لفاقد الأهلية أو ناقصها سرا بالنسبة لصاحب النيابة الشرعية عنه.. طلب شهادة طبية تخص المحجور دون أن يواجه بمقتضيات السر المهني

إن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو: هل تعتبر الحالة الصحية لفاقد الأهلية أو ناقصها سرا بالنسبة لصاحب النيابة الشرعية عنه، أم يمكن لهذا الأخير طلب شهادة طبية تخص محجوره دون أن يواجه بمقتضيات  السر المهني.
يجيب الفقـه الفرنسـي بـلا تـردد بأن السر المهني لا يسري بالنسبة للقاصر أو المريض عقليا في مواجهة من له النيابة  القانونية عنه، على اعتبار أن معرفة حالته الصحية فضلا عن كونها عملا عاديا فهي ضرورية لشخص مكلف برعاية صحة وأمن محجوره، كما أنها تعتبر أداة للحماية التعاقدية لهذا المحجور.
وبما أن سلطة طلب الشهادة الطبية لم يعترف بها لصاحب النيابة القانونية إلا لمصلحة المحجور فإن هذه السلطة  تجد حدودها في تلك المصلحة، وعليه يمكن للطبيب أن يتمسك بالسر المهني عندما تتعارض مصلحة النائب القانوني مع مصلحة محجوره.
لكن بالنسبة للنظام المغربي للنيابة الشرعية أو القانونية، فإن هناك فصلا بين النيابة في الشؤون الشخصية والنيابة في الشؤون المالية سواء فيمن يمارسهما أو في انتهائهما. ذلك أنه إذا كان للأب، وللأم الرشيدة عند وفاة الأب أو فقد أهليته، الولاية على شخص القاصر وعلى أمواله معا، فإن مهمة الوصي والمقدم  تقتصر على إدارة الشؤون المالية للمحجور عليه ولا تتعداها إلى الشؤون  الشخصية التي تعود النيابة بشأنها إلى العصبة  بالترتيب المعمول به في الإرث، وعند التساوي باختيار الأصلح من طرف القاضي.
كما أنه إذا كانت الولاية المالية تنتهي مبدئيا بإتمام سن الرشد القانوني الـذي هوعشرون عاما، فإن الولاية الشخصية تنتهي حسب فقهاء المذهب المالكي بمجرد بلوغ الشخص عاقلا، بل إن أهلية الزواج ـ الذي هو شأن شخصي ـ نفسها مختلفة بحيث تكتمل في الفتى بتمام الثامنة عشرة وفي الفتاة بتمام الخامسة عشرة من العمر.
وعليه ما دامت الشهادة الطبية تتعلق بالحالة الصحية التي هي شأن شخصي، كما أنها تعد في نفس الوقت  أداة لحماية المصالح المالية للمحجور، فإنه قد يحدث تنازع في الاختصاص بشأن طلبها بين الوصي أو المقدم  باعتباره صاحب النيابة عن الشؤون  المالية من جهة، وبين صاحب النيابة عن الشؤون الشخصية من جهة أخرى. كما قد يحدث نفس التنازع بين الأب  أو الأم عند وفاة هذا الأب أو فقد أهليته أو الوصي أو المقدم من جهة وبين المحجور البالغ من جهة أخرى.
وأعتقد أنه ينبغي رفع التنازع الأول لصالح صاحب النيابة في الشؤون  الشخصية، على اعتبار أن الجانب الشخصي للشهادة الطبية يغلب على الجانب المالي، وعلى اعتبار أن شخصية المحجور أهم من أمواله، حيث ينبغي أن تكون شؤونه الشخصية في خدمة شؤونه المالية لا العكس . وذلك طبعا باستثناء الحالات التي يكون فيها الغرض الوحيد ـ أو على الأقل  الرئيسي ـ من الشهادة هو الحصول على منافع مادية كالشهادات  المحررة بمناسبة حوادث السير.
أما فيما يخص التنازع الثاني فأعتقد أنه ينبغي التمييز بين شهادة الخلو من الأمراض المعدية المنجزة لأجل زواج المحجور الذي أتم الثامنة عشرة من عمره ولم يتم بعد العشرين وبين غيرها من الشهادات، بحيث يكون من غير المعقول أن نعترف للشخص بالحق في الزواج وأن نمنعه في نفس الوقت من تسلم شهادة طبية هي ضرورية  لممارسة هذا الحق، في حين يكون من الأفضل بالنسبة لباقي الشهادات الطبية أن يعترف للطبيب بسلطة تقديرية في هذا الشأن على اعتبار أن البلوغ في حد ذاته ليس كافيا للدلالة على حسن التصرف وأن الأمراض لا تتطلب جميعا نفس العناية.
إن هذا الوضع يؤكد ما سبق أن نادى به أستاذنا أحمد الخمليشي من ضرورة تدخل تشريعي يلزم إسناد النيابة في الشؤون الشخصية والشؤون المالية لشخص واحد نظرا لارتباطهما كما يوحد سن الأهلية لممارسة الشؤون الشخصية بما فيها الزواج والشؤون  المالية، خصوصا وأن مصالح القاصر مترابطة  ومتداخلة، وإذا كان جزء منها يغلب عليه الجانب الشخصي والجزء الآخر  يغلب عليه الجانب المالي فإن الثانية وسيلة حتمية لممارسة الأولى.

المريض الكامل الأهلية.. التزام الطبيب باحترام السر المهني لا يمنعه من أن يسلم لزبونه الشهادات الطبية التي يطلبها

يذهب الاتجاه الغالب فقها وقضاء إلى أن التزام الطبيب باحترام السر المهني لا يمنعه من أن يسلم لزبونه الشهادات  الطبية التي يطلبها، على اعتبار أنه لا وجود لهذا السر في مواجهة المريض المعني بالأمر. وذلك  خلافا لما ذهب إليه البعض استنادا على نظرية السر الطبي المطلق التي تجد أساسها في فكرة النظام العام ونظرية ضعف المريض وقصوره.
إن الأساس القانوني السليم للالتزام بالسر الطبي لا يقوم على فكرة النظام العام، وإنما على حماية مصلحة المريض وكذا المصلحة  العامة المرتبطة بالصحة العمومية، ولا أعتقد أن تسليم شهادة طبية للمريض بحالته الصحية قد يضر بإحدى المصلحتين، باستثناء بعض الحالات النادرة، كتلك التي تقتضي فيها خطورة التشخيص إخفاءه عن المريض. كما أن فكرة اعتبار المريض قاصرا قانونيا هي مردودة على أصحابها، لأن  المرض  في  حد ذاته  ليس  سببا مـن  أسباب  القصور  المحددة قانونا على سبيل الحصر، في حين  أن أحكام الأهلية من النظام العام.
وعليه فإن تسليم شهادة طبية للمريض لا يشكل إفشاءا للسرالمهني، وإنما هو التزام عقدي مفروض على الطبيب الذي لم يعبر صراحة عن رفضه قبل إبرام العقد الطبي، وذلك استنادا على الفصل 231 من ظ.ل.ع. الذي يجعل المتعاقد ملزما بكل ملحقات الالتزام التي يقررها القانون أو العرف أو الإنصاف وليس بما وقع التصريح به فحسب.
ويوجد مع ذلك  استثناءان لهذا الالتزام:
الاستثناء الأول هو مصلحة المريض، ذلك أنه قد يصاب شخص بمرض خطير يجهله ويجهل تبعاته ويطلب من طبيبه شهادة للإدلاء بها للغير، مع أن ذلك قد يلحق به أضرارا مأساوية، ففي هذه الحالة يتعين  على الطبيب أن يرفض هذا الطلب، بل إنه يتحمل مسؤولية الأضرار الناجمة عن الاستجابة له.
أما الاستثناء الثاني فهو الطلب التعسفي للشهادات، بحيث يجوز للطبيب أن يرفض تسليم شهادات متعددة وبدون جدوى، كما هو حال المريض الذي يريد أن يضخم  ملفه الطبي، فيطلب من طبيبه شهادة عن كل عمل أنجزه وعن كل معاينة أجراها . ذلك أنه إذا لم يكن من حق هذا الطبيب رفض تسليم شهادة جامعة تلخص مختلف هذه الأعمال والمعاينات، فإنه لا يكون ملزما بالاستجابة لطلب من هذا النوع.
لكن إذا كان هذا هو الحل الملائم بالنسبة للحالة التي يكون فيها المريض كامل الأهلية فماذا عن الحالة التي يكون فيها هذا المريض فاقد الأهلية ، أو ناقصها بسبب صغر السن أو عارض جنون أو سفه.

الشهادة الطبية ونطاق السر المهني من حيث الأشخاص.. من غير المشروع أن ينقل الطبيب تشخيص حالة المريض لعلم الغير ولو لم يكن هذا المريض زبونه

إن موضوع الشهادة الطبية يهم المريض بالدرجة الأولى، لذلك فإنه يكون مؤهلا أكثر من غيره لتسلم هذه الحصيلة المؤرخة عن حالته الصحية متى كان كامل الأهلية (الفقرة الأولى)، الأمر الذي يطرح التساؤل بحدة عن صاحب هذا الحق في الحالة التي يكون فيها المريض فاقد الأهلية أو ناقصها (الفقرة الثانية).
غير أن الصحة ليست ظاهرة فردية خالصة  بالرغم من أنها تهم الحياة الخاصة، فصحة الفرد تهم أسرته (الفقرة الثالثة) مثلما تهم ورثته أيضا (الفقرة الرابعة).
لكن قبل أن نتناول مدى سريان السر المهني في مواجهة هؤلاء  الأشخاص، نشير إلى أن القضاء الفرنسي قد اختلف في شأن ما إذا كان التزام الطبيب بكتمان هذا السر يقتصر على علاقته بزبونه أم يشمل جميع ما وصل إلى علمه بمناسبة ممارسة مهنته سواء كان قد ائتمنه عليه أم لا.
لقد ذهب مجلس الدولة الفرنسي في قرار صادر عنه بتاريخ 7 فبراير 1994 في واقعة تخص طبيبا أعطى لأخيه خلال مسطرة طلاقه شهادة محررة على مطبوعته المهنية، تتضمن أن زوجة أخيه التي لم يقم بفحصها تحمل حسب معارفه الطبية علامات هستيريا عصبية، إلى أن "قيام الطبيب بإنشاء شهادة تتضمن تشخيصا طبيا محددا لحالة شخص ليس زبونا له يعتبر إفشاءا للسر المهني الذي يشمل  حسب الفصل 11 من مدونة آداب مهنة الطب كل ما وصل إلى علم  الطبيب بمناسبة ممارسة مهنته، أي ليس فقط ما ائتمن عليه وإنما أيضا كل ما رآه وما سمعه وما فهمه".
لكت الغرفة الجنائية بمحكمة النقض الفرنسية ذهبت عكس هذا الاتجاه في قرارها  المؤرخ في 23 يناير 1996 معتبرة أنه "إذا كان الأطباء وكل الأشخاص المعتبرين بحكم حالتهم أو مهنتهم أو وظيفتهم الدائمة أو المؤقتة من الأمناء على الأسرار التي أودعت  لديهم ملزمون  بعدم إفشائها حسب  الفصل 378 من القانون الجنائي القديم، فإن هذا الالتزام لا يفرض إلا في العلاقات التي تربط الممارس للمهنة بزبونه".
وقد نقضت بذلك قرار لمحكمة الاستئناف  ببورج كان قد أدان من أجل جريمة إفشاء السر المهني طبيبا للأمراض العقلية سلم لزبونته في مسطرة طلاقها  شهادة تتضمن بأنه عالجها  من حالة اكتئاب ناجمة عن الشخصية المرضية لزوجها والذي يمكن وصف سلوكه بالسادية النفسية، وذلك في الوقت الذي لم يكن فيه هذا الزوج زبونا للمتهم.
وقد عرف ­هذا الموقف الأخير لمحكمة النقض انتقاد الفقه الذي اعتبره تفسيرا تضييقيا للسر، لأنه من غير المشروع أن ينقل الطبيب تشخيص حالة المريض لعلم الغير، ولو لم يكن هذا المريض زبونه.

أضرار الشهادة الطبية.. ترك تقدير الأمور لإرادة الطبيب رغم عجزه عن تقدير ما يترتب على إفشاء السر المهني من آثار بالنسبة للمريض

لقد حاول بعض الفقه تحديد نطاق السر المهني اعتمادا على معيار الضرر الناتج عن إفشائه، معتبرا أنه يجب كتمان السر متى كان يمس سمعة صاحبه.
وقد تبنت محكمة النقض الفرنسية هذا الاتجاه في قرار صادر عنها بتاريخ 13 يوليوز 1936 نفت بمقتضاه طابع السرية عن الواقعة  التي لم يسبب إفشاؤها ضررا. كما اعتبرت محكمة "دووي Douai " في قرار صادر عنها بتاريخ 28 شتنبر 1960 أن مقتضيات  السر المهني لا تمتد إلى الإفشاء الذي لا يخل بأمن الأسرة ولا بالنظام الاجتماعي وليس من شأنه الإساءة لذكرى الميت.
ويعارض أغلب الفقهاء هذا التمييز، لأنه يؤدي إلى ترك تقدير الأمور لإرادة الطبيب مع أنه لا يستطيع أن يتنبأ مقدما بما  سوف يترتب  على الإفشاء من آثار بالنسبة للمريض. وعليه فإنه لا ينبغي ربط الحماية القانونية للسر بشرط الضرر الذي يمكنه فقط في حالة الشك أن يعتبر قرينة لصالح المريض، يمكن الاعتماد عليها في تفسير إرادته المحتملة. لكن  اعتماد معيار الضرر في تحديد نطاق السر المهني، وإن لم يكن صالحا في ذاته، فإن له الفضل على الأقل في إثارة الانتباه إلى أهمية شخص المريض. فهل سيفلح  المعيار الشخصي في تحقيق ما عجزت عنه المعايير الموضوعية.

الشهادات الطبية السلبية.. لا نفشي سرا إلا عند ما يمكن أن ينتج عن الشهادة السلبية تأكيد إيجابي لواقعة عاينها الطبيب

يقصد بالشهادات الطبية السلبية تلك التي تشهد بأن الشخص المعني بها في حالة صحية جيدة. وقد ذهب القضاء الفرنسي قديما إلى أن تسليم هذه الشهادات لا يعتبر إفشاءا للسر المهني، كما سانده في ذلك بعض  الفقه الذي ذهب  إلى أنه عندما لا نفشي شيئا فإننا لا نفشي سرا ولا نكون أمام العكس إلا عند ما يمكن أن ينتج عن الشهادة السلبية تأكيد إيجابي لواقعة عاينها الطبيب.
لكن هذا الرأي عرف معارضة من لدن غالبية الفقهاء على اعتبار أنه إذا سلمنا بإمكانية تسليم شهادات طبية لأي كان دون إفشاء للسر المهني، فإن رفض الطبيب تسليم هذه الشهادات سيفسر بالضرورة على أنه إقرار بوجود مرض معين مما يشكل خرقا غير مباشر للسر، إنه الصمت الذي يتحدث.
وعليه اعتبر هذا الفقه المعارض أنه عندما يخضع شخص لفحص من لدن طبيب فإن العمل الطبي في مجموعه يعتبر سرا سواء كانت النتيجة إيجابية أم سلبية، إذ لا يمكن القول بأن شهادة طبية تتضمن بأن فتاة عازبة ليس بها حمل لا تشكل إفشاء للسر المهني لأنها شهادة سلبية، ذلك أن مجرد دخول هذه الفتاة إلى عيادة الطبيب من أجل هذه النقطة يفيد بصفة غير مباشرة أن النتيجة يمكن أن تكون مخالفة.
لذلك فقد تراجع القضاء الفرنسي  عن موقفه السابق رافضا التمييز بين الشهادات الإيجابية والسلبية، ومؤكدا أن هذه الأخيرة تشكل إفشاءا للسر المهني يبرر حكم قاضي الموضوع بتنحيتها من الدعوى.

علاقة التشخيص الطبي بالسر المهني.. احترام سرية التشخيص وتضمين الشهادات الطبية الطبيعة المهنية للمرض أو الحادثة ونسبة العجز عند التئام الجروح

إذا كان التشخيص  الطبي نتاج الفحص القبلي الذي يعتبر شرطا موضوعيا ينبغي مراعاته عند إنشاء الشهادة الطبية، فإنه قد أثير التساؤل حول ما إذا كان هذا التشخيص يعتبر سرا يمنع تضمينه في هذه الشهادة.
لقد سبق لمجلس الدولة الفرنسي أن أجاب عن هذا التساؤل بالإيجاب في قرار صادر عنه بتاريخ 2 يونيو 1953، حيث اعتبر بأن الأطباء المستشارين لصندوق الضمان الاجتماعي ملزمون باحترام سرية  التشخيص، إذ لا يحق لهم أن يضمنوا في الشهادات الصادرة عنهم إلا الطبيعة المهنية للمرض أو الحادثة ونسبة العجز عند التئام الجروح.
غير أن هذا الرأي عرف معارضة الفقه الذي اعتبر أن التشخيص لا يشكل في غالب الأحيان واقعة سرية، إذ يكون من العبث القول بأن تشخيص التهاب الزائدة أو الحصبة مثلا يعتبر بالنسبة للمريض في عصرنا هذا سرا اتجهت إرادته إلى ائتمان الطبيب عليه، ذلك أن التمسك باعتبار كل تشخيص سرا بطبيعته هو تخلف عن العصر ورجوع لفترة قديمة كان المرض فيها حسب الفكر السائد أمرا مخزيا ومخجلا يتعين إخفاؤه.
 وقد تراجع مجلس الدولة الفرنسي نفسه عن موقفه السابق، إذ ذهب في قرار صادر عنه بتاريخ 12 أبريل 1957 إلى أن الالتزام بالسر المهني لا يمنع الطبيب من تسليم زبونه شهادات بالمعاينات الطبية التي أجراها وفي الشكل الذي يسمح لهذا الزبون  بالحصول على امتيازات، خصوصا إذا اتخذت هذه الشهادات شكل نماذج خاصة معدة مسبقا من لدن مصالح الضمان الاجتماعي.

الشهادة الطبية المتضمنة لوقائع معروفة.. لا يعتبر إفشاءا للسر قيام الطبيب بتسليم شهادة تتضمن أن شخصا مبثور الساق

لقد حاول بعض الفقه الفرنسي تحديد نطاق السر المهني من خلال التمييز بين الوقائع المعروفة مسبقا والوقائع  السرية، بحيث لا يعتبر إفشاءا للسر قيام الطبيب بتسليم شهادة تتضمن أن شخصا مبثور الساق.
وعلى هذا الأساس  حكم القضاء الفرنسي قديما بأن الطبيب لا يعد مفشيا لسر المهنة إذا ذكر أن المريض توفي بمرض القلب حال أن هذه الواقعة معروفة للكافة بما في ذلك طرفي الخصومة. وقد أخذ بذلك أيضا حكم لمحكمة النقض في سنة 1907 قرر أنه لا يعد إذاعة للسر أن يذكر مدير المستشفى في شهادة بوفاة المريض، المرض الذي نجمت عنه الوفاة طالما أن هذا المرض مذكور في سجلات المستشفى، لأنه لا يعد في هذه الحالة سرا بالنسبة لعائلته.
غير أن هذا الرأي عرف معارضة فريق من الفقه استند على أن التأكيد الصادر عن الطبيب الذي فحص المعني بالأمر يعطي  للإشاعة قوة علمية وتأكيدا ما كانت لتكتسبه عن طريق آخر، وإن كان هناك من استثنى الحالة التي يكون فيها المعني بالأمر نفسه مصدر علانية الواقعة لأنه يبرهن بذلك  على أنه لا يعتبرها سرا.
كما أن القضاء الفرنسي نفسه تراجع عن موقفه السابق كما في القرار الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 24 يناير 1957 والذي اعتبر في قضية تخص خبيرا محاسبيا بأن مقتضيات السر المهني الذي هو عام ومطلق  تكون واجبة التطبيق ولو تعلق الأمر بوقائع من الممكن أن تكون معروفة وهي نفس الحيثية التي نقلتها محكمة  جرنوبل "Grenobl"  إلى مجال الشواهد الطبية.

تسليم الشهادة الطبية.. التعارض بين الحق في سرية الحياة الخاصة والحق في الإثبات مع احترام الالتزام بالسر المهني الذي يعتبر إفشاؤه جريمة عاقب عليها القانون

إن تسليم الشهادة الطبية يقتضي من الطبيب، باعتبار التعارض الذي قد ينشأ بين الحق في سرية الحياة الخاصة والحق في الإثبات، ضرورة احترام الالتزام بالسر المهني الذي يعتبر إفشاؤه جريمة عاقب عليها المشرع المغربي في الفصل 446 من مجموعة القانون الجنائي، مثلما يعتبر  كتمانه واجبا أدبيا نص عليه  الفصل الرابع من مدونة الآداب المهنية للأطباء.
وقد اختلف الفقه والقضاء في فرنسا حول أساس التزام الطبيب بالسر المهني وما يترتب على ذلك من تحديد لطبيعته، حيث يمكن أن نميز في هذا الإطار بين اتجاهين:
ذهب اتجاه أول تزعمه الفقيهان "ميتو" و"برورديل" وأخذ به القضاء الفرنسي في بعض أحكامه، إلى أن الالتزام بالسر المهني يجد أساسه في القانون وفي النظام العام، وبالتالي فهو ذو طبيعة مطلقة لا يمكن للإرادة أن تلعب دورا في حل الطبيب منه، في الوقت الذي يمكن فيه لهذا الأخير أن يحتج به في مواجهة كل من القضاء والإدارة.
وهو الاتجاه الذي يكرسه الفصل الرابع من مدونة الآداب المهنية للأطباء حسب الدكتور عمر عزيمان.
غير أن هذا الاتجاه يظل منتقدا من عدة أوجه.
فمفهوم السر المطلق  يرتبط من جهة أولى بالإديولوجية البرجوازية التقليدية والبنيات السوسيوثقافية للمجتمع الفرنسي في القرن التاسع عشر، حيث كانت الهيمنة للفردانية، وحيث كانت العلاقة بين الطبيب وزبونه تعتبر مسألة خاصة وشخصية وحميمية يتعين تخليصها من كل نظرة تطفل. وعليه فإن نقل هذا المفهوم إلى المغرب غير ملائم على الإطلاق للواقع المحلي الذي لا يمكن للفردانية فيه أن تحل مشاكل الصحة،والذي يفرض  على الطبيب أن يغادر برجه العاجي ويساهم في عمليات  الإعلام والتوعية والتنوير والوقاية، لينزع صفة القداسة عن محراب الصمت.
ومن جهة ثانية فإنه لا يوجد أي تبرير اجتماعي جدي لإضفاء طابع الإطلا ق على الالتزام بالسر المهني ما دام يقود إلى نتائج غير مقبولة من وجهة نظر المجتمع ، حيث يسمح للأطباء بالتخلص من رقابة السلطات العمومية ومن واجب مساعدة العدالة، إضافة إلى أن من شأن  هذا التوجه أن يحيط ممارسة المهنة بعتمة خطيرة ومثيرة.
أما الاتجاه الثاني، فيرى أن التزام الطبيب بالسر المهني يجد أساسه في العقد الطبي الذي يربطه بزبونه استنادا على الفصل 231 من قانون الالتزامات والعقود المغربي المقابل للفصل 1135 من القانون المدني الفرنسي، الذي يجعل المتعاقد ملتزما بكل ملحقات الالتزام التي يقررها القانون أو العرف أو العدالة ، وليس بما وقع التصريح به فحسب. ذلك أنه حتى على فرض عدم اتفاق  الطبيب مع زبونه على هذا الالتزام صراحة بمناسبة إبرامهما للعقد الطبي ، فإن مدونة الآداب المهنية للأطباء قد قررته صراحة  في الفصل الرابع منها، كما أنه لا يمكن لأحد أن ينازع في أن العرف يتطلب وجوده.
وعليه  فأساس  اعتبار هذا  الالتزام تعاقديا  إنما يرجع إلى كونه ما كان ليترتب أو لينشأ لولا وجود العقد. أما وصف الالتزام بأنه مهني وأن القانون قد نظم وحدد الالتزامات التي يقتضيها أداء المهنة  فإنه لا يؤثر على كونه قد نشأ بموجب العقد ما دام الطرفان قد اعتبراه المصدر الأساسي لعلاقتهما. كما أنه لا يؤثر على هذا الوصف كون الخروج على هذا الالتزام معاقب عليه جنائيا، لأن وجود عقاب جنائي لا تأثير له على الطبيعة القانونية، وكل ما في الأمر أن المشرع قد ربط المصلحة الخاصة الموجودة في العقد بالمصلحة الاجتماعية ، ولذلك أراد أن يحميها ضد التقصير المحتمل وقوعه.
ويترتب على الأخذ بالأساس  التعاقدي للالتزام بالسر المهني اعتباره ذو طبيعة نسبية. لكن القول بأن هذا الالتزام يجد أساسه في العقد ليس كل شيء، فهو التزام يقوم على مصلحتين هما المصلحة الخاصة للزبون والمصلحة العامة للصحة العمومية، وبالتالي فإنه يكون للطبيب أن يرفض الإفشاء رغم إعفائه من الالتزام بالسرية من جانب الزبون، لأنه إذا كان هذا الأخير حكم مصلحته الخاصة، فإنه ليس كذلك بالنسبة للمصلحة العامة.
غير أن هذا لا يعني الرجوع إلى نظرية السر المطلق وإنما يكفي الاستناد على الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود المغربي المقابل للفصل 1134 من القانون المدني الفرنسي الذي لا يجيز إلغاء الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح  إلا برضى منشئيها معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون، وذلك للقول بأن إرادة الزبون وحدها عاجزة عن إنهاء هذا الالتزام، وأنه لابد من توافقها مع إرادة الطبيب الذي يقدر في النهاية ما إذا كانت المصلحة تستدعي الإفشاء أم الكتمان.
وعليه فإن المصلحة العامة تكون محمية سواء عند القائلين بأن السر المهني يجد أساسه في النظام العام أم عند القائلين بأنه يجد أساسه في العقد ، وذلك بخلاف المصلحة الخاصة  للزبون والتي لا تكون محمية إلا عند أنصار الأساس التعاقدي. مما يؤكد  الطبيعة النسبية لهذا الالتزام.

الشهادات الطبية المتطلبة لإقامة المريض في المستشفى أو وضعه تحت الملاحظة الطبية.. الاضطرابات السلوكية وردود الفعل العنيفة أو الغريبة ومختلف الأعراض التي عاينها في المريض شخصيا ومباشرة

تتطلب إقامة المريض بمصحة عمومية أو مؤسسة خصوصية للأمراض العقلية الإدلاء بشهادة صادرة عن طبيب مؤهل في الأمراض  العقلية، شرط أن لا يكون من أقارب أو أصهار المريض من الدرجة الثانية أو من الشخص الذي يطلب إقامة المريض بالمستشفى، وذلك خلافا للشهادة  المتطلبة للوضع تحت الملاحظة الطبية التي يمكن أن تصدر عن الطبيب الأقرب [1] ولو كان طبيبا عاما.
ويجب أن تتضمن هذه الشهادة بصورة واضحة ومفصلة أحوال المريض  الشاذة، لذلك يتعين على الطبيب أن يضمنها الاضطرابات السلوكية وردود الفعل العنيفة أو الغريبة ومختلف الأعراض التي عاينها في المريض شخصيا ومباشرة (مثل طباع عدوانية، وهن، صمت مطلق، كلام متنافر، تهديد، سلوك انتحاري، هلوسة، هذيان..)، دون أن يكون من الضروري تضمينها تشخيصا للمرض أو تحديدا لأسبابه.
ويجب أن يخلص الطبيب في شهادته إلى أن حالة المريض هاته، تقتضي ضرورة إقامته في مستشفى للأمراض العقلية. 
[1]- ينص الفصل 13 من ظهير 13 أبريل 1959 مع إدماج إحالته على الفصل 12 من نفس الظهير على أنه يوضع المريض تحت الملاحظة الطبية إما بطلب من المريض أو من كل شخصية عمومية أو خصوصية تعمل لفائدته أو لفائدة أقاربه بعد الاطلاع على شهادة طبية يسلمها طبيب الأمراض العقلية أو عند عدمه الطبيب الأقرب.

الشهادات الطبية المتعلقة بالأضرار البدنية الناجمة عن الضرب والجرح أو عن حوادث السير.. عدم الاستناد إلى معاينة الطبيب وإنما إلى تصريحات المصاب

من الأكيد أن الطبيب يعاين الأضرار ولا يعاين أسبابها. لذلك  فإن التمييز بين الشهادات الطبية المتعلقة بالأضرار الناجمة عن الضرب والجرح وتلك الناجمة عن حوادث السير، لا يستند بالأساس إلى معاينة الطبيب وإنما إلى تصريحات المصاب، الذي يشرح  له الغاية من الشهادة التي يطلبها، وذلك حتى يراعي في إنشائها خصوصيات كل حالة من الحالتين.

الشهادة الطبية للشفاء أو إيقاف سير المرض.. التعريف بحالة المريض وبما ينتج نهائيا عن المرض من الآثار والعواقب

شهادة الشفاء أو إيقاف سير المرض:
يجب على الطبيب حسب الفقرة الثالثة من الفصل السادس من ظهير31 ماي 1943 الممتدة بموجبه إلى الأمراض المهنية مقتضيات التشريع المتعلق بحوادث الشغل أن يحرر هذه الشهادة في ثلاث نظائر ويعرف فيها بحالة المريض وبما ينتج  نهائيا عن المرض من الآثار والعواقب.

الشروط الشكلية المتطلبة لإنشاء الشهادة الطبية.. التوقيغ بخط يد الطبيب مع التأريخ الذي يقتضيه الطابع الخاص لموضوعها

يشترط الفصل 22 من مدونة الآداب المهنية للأطباء أن تكون الشهادة الطبية موقعة بخط يد الطبيب. كما أن مجموعة من الممارسين أكدوا على أن التأريخ شرط أساسي لا غنى عنه.
وبما أن التوقيع والتاريخ (الفقرة الثانية) لا يمكن أن يردا إلا على ورقة مكتوبة فإنه يتعين توافر شرط الكتابة (الفقرة الأولى).
الفقرة الأولى: الكتابة .
إذا كان القانون لم يشترط شكلا معينا للكتابة (أولا)، كما لم يشترط لغة معينة، فإن خلافا قد ثار في الفقه والقضاء بخصوص هذه النقطة الأخيرة (ثانيا).
الفقرة الثانية: التوقيع والتأريخ.
إذا كانت مدونة الآداب المهنية للأطباء قد نصت في فصلها الثاني والعشرين على ضرورة توقيع الطبيب للشهادة الصادرة منه (أولا)، فإن تأريخه لهذه الشهادة يقتضيه الطابع الخاص لموضوعها (ثانيا).

وصف أو تأويل نتائج المعاينة الطبية بصدق وموضوعية في الشهادة الطبية.. لا يمكن لطبيب متخصص إنشاء شهادة طبية تتعلق بموضوع خارج عن اختصاصه خلافا للأطباء العامين الذين يجوز لهم الشهادة بكل شيء

يجب على الطبيب بعد إجرائه للمعاينة أن يسجل  نتائجها في الشهادة الطبية بكل صدق وواقعية، محاولا قدر الإمكان عدم تحريف تلك النتائج الإيجابية منها والسلبية على حد سواء، وذلك حتى تكون هذه الشهادة الانعكاس المضبوط للحقيقة.
لذلك يتعين عليه أن يكون حذرا في تأكيداته، ويميز بين ما عاينه شخصيا وبين تصريحات طالب الشهادة، مستعملا بخصوص هذه الأخيرة الصيغة التي توضح أن المريض هو الذي ذكرها، وذلك مثل ".. فحصت السيد (ة)... الذي ( التي ) صرح (ت) بأنه (ها)..."، أو "...بناءا على تصريحات المريض (ة) " أو "...استنـادا علــى أقواله (ها) ".
ويقوم الطبيب عند تسجيله لنتائج المعاينة في الشهادة الطبية إما بالاقتصار على وصف الوقائع، دون تفسيرها أو تحليلها في أسبابها أو توابعها، حيث نكون أمام ما يسمى " بالشواهد الوصفية". وإما أن يتجاوز الوصف إلى تضمين مستنتجاته بعد تحليل وتفسير الوقائع ، حيث نكون أمام ما يسمى " بالشواهد التفسيرية أو التأويلية" التي تعتبر وثائق  أكثر كمالا من الأولى، إذ تتضمن وصفات علاجية ، وتقديرات (لنسبة العجز البدني مثلا...)، واقتراحات ( تغيير المركز المهني...) ، إضافة إلى الحرمان أو المنع (من ممارسة مهنة أو رياضة...).
إن ما يجدر الانتباه إليه في نهاية هذا المطلب، هو أن صفة طبيب مرخص له بمزاولة الطب في المغرب كافية للسماح لصاحبها بإنشاء شهادات طبية بغض النظر عن كونه طبيبا عاما أو متخصصا وبغض النظر عن التخصص المعترف له به، في الوقت الذي تعتبر فيه المعاينة الفعلية شرطا ضروريا لا يمكن الاستغناء عنه.
وما دامت المعاينة الفعلية المشترطة عملا طبيا لا يجوز مبدئيا [1] للطبيب المتخصص أن يزاوله إلا إذا كان داخلا في نطاق التخصص المعترف له به، فإنه يمكن أن نستنتج بكل سهولة أنه لا يمكن لطبيب متخصص  إنشاء شهادة طبية تتعلق بموضوع خارج  عن اختصاصه، وذلك خلافا للأطباء  العامين الذين يجوز لهم الشهادة بكل شيء.
[1] - أقول  مبدئيا على اعتبار أن الفصل 42 من القانون رقم 94 .10 المتعلق بمزاولة الطب يعطي  الحق لرئيس المجلس  الوطني لهيئة الأطباء استنادا إلى تقرير رئيس  المجلس الجهوي المختص بأن يمنح الطبيب المتخصص ترخيصات لمزاولة  أعمال طبية غير داخلة في نطاق التخصص المعترف  له به وذلك عند ما تبرر مصلحة سكان الجماعة الحضرية  أو القروية  أو المجموعة الحضرية التابع لها محل عمله مزاولة المعني بالأمر لأعمال تدخل في نطاق الطب العام أو في نطاق تخصص ثان معترف له به وفقا للإجراءات المقررة في المادة 39 من نفس القانون .
ويمكن في المرافق الصحية التي لا تتوفر على العدد اللازم من الأطباء أن يزاول الطبيب المتخصص الأعمال المرتبطة باختصاصه والأعمال التي تدخل  في نطاق الطب العام أو في نطاق تخصص ثان معترف له به وفقا للإجراءات المقررة  في المادة 39 .