الشهادة الطبية: بين العلم والقول: دور الطبيب وتصريحات المصاب في تحديد أسباب الإصابات وتأثيرها على سير القضايا القانونية

دور الطبيب في الشهادات الطبية المتعلقة بالأضرار الجسدية: حدود الاختصاص وتأثير تصريحات المصاب

من المسلم به أن دور الطبيب في إعداد الشهادات الطبية المتعلقة بالأضرار الجسدية ينحصر في وصف الإصابات وتقييم آثارها الصحية. فطبيعة العمل الطبي تركز على معاينة الأضرار الحالية وتحديد مدى تأثيرها على صحة المريض، وليس على التحقيق في أسباب تلك الأضرار. هذا يعني أن الطبيب يصف الإصابات كما هي موجودة لديه، دون الخوض في تفاصيل حول كيفية حدوثها أو من تسبب فيها.

بناءً على ذلك، فإن التمييز بين الشهادات الطبية المتعلقة بالأضرار الناجمة عن حوادث السير وتلك الناجمة عن أعمال عنف أخرى، مثل الضرب والجرح، لا يعتمد بشكل أساسي على الفحص الطبي نفسه، بل يعتمد بشكل كبير على المعلومات التي يقدمها المصاب للطبيب. فالمصاب هو الذي يحدد سبب الإصابات، سواء أكانت ناجمة عن حادث سير أم عن اعتداء جسدي، وذلك من خلال شرح الظروف التي أدت إلى حدوث هذه الإصابات.

أهمية تصريحات المصاب في تحديد نوع الشهادة الطبية:

تلعب تصريحات المصاب دوراً حاسماً في توجيه الطبيب نحو إعداد الشهادة الطبية المناسبة. فعلى سبيل المثال:
  • حوادث السير: إذا أفاد المصاب بأنه تعرض لحادث سير، فسيقوم الطبيب بوصف الإصابات الناتجة عن الحادث، مثل الكسور والجروح والرضوض، وربطها بالآليات الميكانيكية للحوادث.
  • أعمال عنف: إذا أفاد المصاب بأنه تعرض للضرب أو الجرح، فسيقوم الطبيب بوصف الإصابات الناتجة عن العنف، مثل الكدمات والجروح الحادة، وربطها بأنواع الأسلحة المستخدمة أو الطريقة التي تم بها الاعتداء.

دور الطبيب في التحقق من صحة المعلومات:

على الرغم من أهمية تصريحات المصاب، إلا أن الطبيب ليس ملزماً بقبول كل ما يقال له دون تحقق. فمن واجب الطبيب التحقق من صحة المعلومات التي يقدمها المصاب، وذلك من خلال:
  • فحص دقيق للإصابات: يجب أن يتطابق وصف المصاب للإصابات مع النتائج التي توصل إليها الطبيب أثناء الفحص.
  • التاريخ المرضي: يمكن أن يساعد التاريخ المرضي للمصاب في تحديد ما إذا كانت الإصابات الحالية تتوافق مع الحوادث السابقة أو الأمراض المزمنة.
  • الفحوصات الطبية الإضافية: قد يحتاج الطبيب إلى إجراء فحوصات طبية إضافية، مثل الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي، للتأكد من التشخيص.

أثر الشهادة الطبية على القضايا القانونية:

تعتبر الشهادة الطبية وثيقة قانونية مهمة في القضايا المتعلقة بالأضرار الجسدية. فالشهادة التي تصف إصابات ناجمة عن حادث سير، على سبيل المثال، يمكن أن تستخدم كدليل في دعوى تعويض ضد شركة التأمين أو السائق المتسبب في الحادث. وبالمثل، يمكن استخدام الشهادة التي تصف إصابات ناجمة عن اعتداء جسدي كدليل في قضية جنائية.

الخلاصة:

في الختام، يمكن القول إن الشهادة الطبية تلعب دوراً حاسماً في تحديد المسؤولية القانونية وتقدير التعويضات في قضايا الأضرار الجسدية. ومع ذلك، يجب التأكيد على أن دور الطبيب يقتصر على وصف الإصابات وتقييم آثارها الصحية، وأن تصريحات المصاب تلعب دوراً حاسماً في تحديد نوع الشهادة الطبية المطلوبة.

ملاحظات هامة:

  • قد يواجه الطبيب في بعض الحالات صعوبة في تحديد سبب الإصابات بدقة، خاصة إذا كانت الإصابات قديمة أو إذا كان هناك أكثر من سبب محتمل للإصابة.
  • من المهم أن يكون الطبيب على دراية بالقوانين واللوائح المتعلقة بالشهادات الطبية، وأن يحرص على أن تكون شهادته دقيقة وموضوعية.
  • يجب على المصاب أن يكون صريحاً مع الطبيب بشأن الظروف التي أدت إلى إصابته، حتى يتمكن الطبيب من إعداد شهادة طبية دقيقة وشاملة.
أحدث أقدم

نموذج الاتصال