دور الجماعات المحلية في التمويل الثَّقافي.. شراكات عديدة مع وزارة الثَّقافة على مختلف المستويات الثَّقافيَّة التنشيطية منها أو المتعلقة بالبنيات التحتية

تلعب الجماعات الْمَحَلِّيَّة دورا هامًّا -إن لم يكُن أساسيًّا- في التمويل الثَّقافي على الصعيد الجهوي والْمَحَلِّيّ، ويتجلَّى في شراكات عديدة مع وزارة الثَّقافة على مختلف المستويات الثَّقافيَّة التنشيطية منها أو المتعلقة بالبنيات التحتية.
إلاَّ أننا لا نستطيع هنا تجسيدها ماليًّا بالأرقام، إذ تعذر علينا الحصول عليها من الجهات المعنيَّة، أي مديرية الجماعات الْمَحَلِّيَّة التابعة لوزارة الداخلية.

الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.. إصلاحات القطاع السمعي- البصري المغربي

تأسست الإذاعة المغربية سنة 1928 لتتحول سنة 1966 إلى مؤسَّسة عمومية مستقلَّة قبل أن تتحول سنة 2005 إلى "الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة" (SNRT) في إطار الإصلاحات التي عرفها القطاع السمعي- البصري المغربي بإصدار القانون السمعي-البصري رقم 77-03 سنة 2002 الملزم لكل الفاعلين في ميدان السمعي - البصري على العمل وفق دفتر التحملات خصوصًا العمومية منها.

المركز السينماتوغرافي المغربي.. تطبيق التدابير النظامية المتعلقة بالمهنة السينماتوغرافية والتدابير المتعلقة منها برخص مزاولة المهنة وتنظيم المؤسَّسات السينماتوغرافية ونظام العروض السينمائية

أُسِّسَ المركز السينماتوغرافي المغربي سنة 1944 وأعيد تنظيمه سنة 1977 (الجريدة الرسمية عدد 3387 لـ28 شتنبر 1977) ويخضع لوزارة الاتصال.
ويُعهَد إلى هذا المركز بالأساس السهر على تطبيق التدابير النظامية المتعلقة بالمهنة السينماتوغرافية ولا سيما التدابير المتعلقة منها برخص مزاولة المهنة وتنظيم المؤسَّسات السينماتوغرافية ونظام العروض السينمائية. وقد أحدث لفائدة هذا المركز رسم شبه ضريبي على الملاهي السينمائية بموجب مرسوم رقم 2.87.749 الصادر في 30 ديسمبر 1987 (الجريدة الرسمية عدد 3922 لـ30 ديسمبر 1987) وفي سنة 2003 صدر مرسوم تطبيقي لهذا الأخير، كما تمَّ تعديله وتكميله سنة 1994 (مرسوم رقم 2.93.963 بتاريخ 16 يونيو 1994)، يحدد طريقة توزيع مداخيل هذه الرسوم، التي تكون بما يسمى صندوق الدعم، على النحو التالي: 47% تُرصَد للإخراج السينمائي (ميزانية الإنتاج)، و48,25% للاستغلال السينمائي (القاعات)، و4,75% لتسيير الصندوق. يتمُّ توزيع مبالغ صندوق الدعم عن طريق لجنة خاصَّة ومتخصصة.

مطبعة المناهل.. مصلحة عمومية مسيَّرة بصفة مستقلة

مطبعة المناهل هي مصلحة عمومية مسيَّرة بصفة مستقلَّة منذ يناير 2001 وتم إحداثها بظهير رقم 1.00.351 بتاريخ 26 دجنبر 2000 بمثابة القانون المالي رقم 55.00 لسنة 2001. تبلغ مداخيل مطبعة المناهل 1.971.000 درهم سنويًّا منذ 2003 إلى حدود سنة 2009.

ميزانية المسرح الوطني محمد الخامس.. دعم سنوي من وزارة الثقافة

أسس المسرح الوطني محمد الخامس سنة 1973 (الجريدة الرسمية عدد 3151 لـ21 مارس 1973) ويخضع مباشرة لوزارة الثَّقافة حيث يتوصل منها بدعم سنوي وصل سنة 2009 إلى 14.500.000 درهم في إطار ميزانية التسيير للوزارة كما أن للمسرح مداخل قُدِّرَت هذه السنة بنحو 20.902.000 درهم.

تمويل المكتبة الوطنية للمملكة المغربية.. الخزانة العامة. الإعانات المالية للدولة، والإعانات المالية للهيئات العامَّة أو الخاصَّة، والإعانات المالية الدولية والأجنبية، وأجور الخدمات

أُسِّسَت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية سنة 1926 تحت اسم "الخزانة العامَّة"، وأعيد تنظيمها بموجب قانون 67.99 سنة 2003 (الجريدة الرسمية عدد 5171 لـ22 ديسمبر 2003) حيث أضحت تخضع مباشرة للوزارة الأولى. وقد تمَّ تدشين مقرها الجديد سنة 2008 بتكلفة تناهز 300.000.000 درهم مولت من ميزانيتَي صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ووزارة الثَّقافة. وتقع على مساحة إجمالية تقدر بـ20.832م2.
تشمل ميزانية المكتبة الإعانات المالية للدولة، والإعانات المالية للهيئات العامَّة أو الخاصَّة، والإعانات المالية الدولية والأجنبية، وأجور الخدمات التي تؤديها، والهبات والوصايا ومصاريف تسيير وتجهيز المكتبة.
بلغت ميزانية المكتبة الوطنية للمملكة المغربية لسنة 2008 المرصودة من طرف الدولة ما قدره 45.457.461 درهمًا، وهو نفس المبلغ الذي رُصد لاعتمادات 2007. وفي إطار البحث عن الدعم الخارجي لتجهيز المكتبة الوطنية، فقد حصلت هذه الأخيرة على مساعدة مالية وصلت إلى 6.530.000 درهم من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي والتنمية (AECID)، ومبلغ يناهز 2.000.000 درهم من لدن التعاضدية المغربية للفلاحة (MAMDA).

الصندوق الوطني للعمل الثَّقافي.. جمع مداخيل أنشطة ثقافيَّة كحصيلة رسوم ولوج وزيارة المتاحف والمواقع والمعالم التاريخية التابعة لوزارة الثَّقافة، وحصيلة كراء المواقع والمعالم التاريخية

الصندوق الوطني للعمل الثَّقافي (FNAC)
تمَّ إنشاء الصندوق الوطني للعمل الثَّقافي سنة 1983 في إطار القانون المالي لنفس السنة (الجريدة الرسمية عدد 3661 مكرر لـ31 دجنبر 1982). الهدف من خلق هذا الصندوق هو جمع مداخيل أنشطة ثقافيَّة كحصيلة رسوم ولوج وزيارة المتاحف والمواقع والمعالم التاريخية التابعة لوزارة الثَّقافة، وحصيلة كراء المواقع والمعالم التاريخية، ورسوم التقييد بالمعاهد الموسيقية التابعة للوزارة، ومداخل الإعانات التي تقدِّمها الدولة والجماعات الْمَحَلِّيَّة والهيئات العامَّة أو الخاصَّة الوطنية أو الأجنبية أو الدولية، إلى غير دالك من مداخيل ورسوم. يتمّ تمويل أنشطة ومشروعات معينة عن طريق مداخيل هذا الصندوق، طبقًا للنص القانوني المنظم لهذا الصندوق.

مصادر تمويل وزارة الثقافة.. مخطَّط تنموي للثَّقافة يدخل ضمن السياسة التنموية العامَّة للبلاد

تعتبر وزارة الثَّقافة الممول الحكومي الرئيسي والقار للثَّقافة بالمغرب وذلك عن طريق مصادر تمويل مختلفة، أهمها:
يرصد لوزارة الثَّقافة سنويًّا ميزانية من طرف الدولة في إطار مخطَّط تنموي للثَّقافة يدخل ضمن السياسة التنموية العامَّة للبلاد ويمثل حاليًّا نسبة 0,33% من موارد الميزانية العامَّة للدولة، وتسعى الحكومة إلى رفع هذه النسبة إلى 1% في أفق 2012.

تقسيم الإنفاق العام على الثَّقافة وفق مستويات الحكومة.. طرق التمويل الحكومي للثقافة

تمويل الثَّقافة عمومًا يتمّ في المغرب عبر:
- ميزانية وزارة الثَّقافة.
- الصندوق الوطني للعمل الثَّقافي.
- المركز السينمائي المغربي.
- المؤسَّسات الثَّقافيَّة الحكومية المستقلَّة.
- الجماعات الْمَحَلِّيَّة.
- القطاع الخاصّ.
- التعاون الدولي.
حاليًّا، يتمّ التمويل الحكومي للثَّقافة من:
- وزارة الثَّقافة، الوصية على القطاع الثَّقافي.
- الصندوق الوطني للعمل الثَّقافي.
- المؤسَّسات الحكومية الثَّقافيَّة المستقلَّة: المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، المسرح الوطني محمد الخامس، الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، المركز السينمائي المغربي.
- تمويل المشروعات الثَّقافيَّة الكبرى.
- الجماعات الْمَحَلِّيَّة.

الموضوعات والأولويات الرئيسة للسياسات الثقافية.. حماية ورد الاعتبار للتُّراث الثَّقافي الوطني المادي وغير المادي. تأهيل المؤسسات الثقافية والتراثية تقنيا وبشريا

يشير مشروع ميزانية وزارة الثَّقافة لسنة 2009 إلى عزم الوزارة في إطار ميزانية 2009 على إعمال مجموعة من الاختيارات الأساسية الرامية إلى "إعطاء دفعة قوية للعمل الثَّقافي سواء في ما يتعلق بمهامها الرئيسة الاعتيادية المرتبطة بإنجاز الأوراش الثَّقافيَّة وتأطير ودعم العمل الثَّقافي، أو في ما يتعلق بالوفاء بالتزاماتها المرتبطة بتنفيذ المشروعات المبرمجة في إطار الشراكة الوطنية والتعاون الدولي الثنائي والمتعدد الأطراف. وتتجسد هذه الاختيارات في أهم الأولويات التالية:
- استكمال المشروعات الثَّقافيَّة الكبرى قيد الإنجاز والبرمجة.
- تسريع وتيرة إنجاز المشروعات المبرمجة في إطار التعاون الدولي والشراكة مع الفاعلين الوطنيين والْمَحَلِّيّين.
- ترميم وصيانة المآثر التاريخية المتضررة وذات الطابع الاستعجالي.
- حماية ورد الاعتبار للتُّراث الثَّقافي الوطني المادي وغير المادي.
- تأهيل المؤسَّسات الثَّقافيَّة والتُّراثية تقنيا وبشريا.
- الاهتمام بالقراءة العمومية وتقريب الأنشطة المرتبطة بها من مختلف الفئات العمرية عبر وضع خطة وطنية للقراءة.
- توفير المقرات والتجهيزات ووسائل العمل الضرورية الخاصَّة بالمصالح الوطنية الجهوية والإقليمية.
- مواصلة تنفيذ سياسة دعم وتطوير مجالات الكتاب والإبداع الفني في المسرح والموسيقى والفنون التشكيلية ودعم الجمعيات الثَّقافيَّة والفنية.
- تنظيم المهرجانات الثَّقافيَّة والفنية الوطنية والدولية.
- الاهتمام بالوضع الاعتباري للمبدعين والمثقفين والفنانين والإسهام في تسيير التعاضدية الخاصَّة بهم.
- تثمين الموارد البشرية عبر تسوية أوضاعها الإدارية وتأطيرها ودعم تكويناتها.
- دعم القدرات البشرية للوزارة بتوظيفات جديدة.

معايير وطريقة تقييم السياسة الثقافية.. اعتماد قراءة اقتصادية وتنموية وإنتاجية رغم معارضة هيئات مدنية وسياسية للتبذير الفاحش وهدر المال العام الذي يصاحبها

يشير الباحث فريد لمريني إلى أن تأمل ظاهرة المهرجانات المتزايدة يكشف عن كثير من الارتجال وعدم نضج الأهداف المسطرة، فحتى في ما يتعلق بالتنظيم والتدبير المالي للميزانيات التي ترصد لها، ليس هناك في الوقت الراهن آليات للمراقبة وتقديم الحساب أو تقييمها انطلاقًا من اعتماد قراءة اقتصادية وتنموية وإنتاجية رغم معارضة هيئات مدنية وسياسية للتبذير الفاحش وهدر المال العام الذي يصاحبها.
إن الحاجة إلى إيجاد معايير تقييم دقيقة لتقييم السياسة الثَّقافيَّة تبدو ملحة في ظل غياب أرقام ومعطيات عن: ارتفاع/ انخفاض نسبة القراءة في المجتمع المغربي إثر الحملات الوزارية لنشر ودعم الكتاب، نسبة ارتياد المتاحف، العائد الثَّقافي والتنموي من الكم الهائل من المهرجانات بجميع أنواعها، نسبة انتشار الأغنية المغربية في المحافل العربية والدولية، جودة الإنتاج المسرحي المغربي،....إلخ

أهداف السياسات الثقافية.. تحسين وضعية الفنان المغربي الاجتماعية والصحية وتفعيل قانون الفنان وإعداد ومنح بطاقة الفنان. تطوير آلية الدعم في كل مجالات الإبداع الفني والأدبي والفكر

يشير الباحث عبد الواحد عوزري إلى أن تنفيذ السياسة الثَّقافيَّة في المغرب تبقى رهينة بكفاءة كل وزير ومهارة أطره كما ترتبط بالنصوص القانونية التي تؤطر الوزارة في ظل استمرار هزالة الميزانية المخصصة لوزارة الثَّقافة وانتظار جل الممارسات الثَّقافيَّة والفنية فيه لمساعدات الدولة. بشكل عام فإن أولويات السياسة الثَّقافيَّة تحددها التوجيهات الملكية والتي يعبر عنها في الخطب والتوجيهات السامية إضافة إلى الأولويات التي يعبر عنها رئيس الوزراء في تصريحه الحكومي أمام البرلمان.
إن الأهداف الثَّقافيَّة الكبرى التي تعهدت السيدة ثريا جبران قريتيف (2007-2009) بالعمل على تحقيقها تتمثل في:
- أوراش أساسية كالمكتبة الوطنية ومتحف الفن المعاصر والمعهد الوطني للموسيقى والرقص.
- تحسين وضعية الفنان المغربي الاجتماعية والصحية، وتفعيل قانون الفنان، وإعداد ومنح بطاقة الفنان.
- قضايا الكتاب والنشر وتشجيع القراءة، وحماية التُّراث الثَّقافي والوطني المادي وغير المادي، والحفاظ على المواقع والآثار التاريخية.
- تطوير آلية الدعم في كل مجالات الإبداع الفني والأدبي والفكر، والسعي إلى إيجاد بنيات متجددة للإنتاج والترويج ولاستمرارهما وتطورهما.
بدوره أكد وزير الثَّقافة الحالي الدكتور بنسالم حميش أن النهوض بمعدلات القراءة يأتي في أعلى سلم أولوياته في أثناء تكليفه
من حوار مع جريدة الحياة 18 شتنبر2009.

التعريف الوطني للثقافة.. فن الروايس وديوان أهل سوس. مهرجان فن الملحون بالراشيدية. مهرجان عبيدات الرما بخريبكة. مهرجان مراكش العالمي للقفطان المغربي

إن اهتمامات وزارة الثَّقافة تتوزع بين المعارض التشكيلية والأنشطة المسرحية والعروض الموسيقية ودعم الكتاب وتنظيم المهرجانات الفنية.
يضاف إلى ذلك الاهتمام بالتُّراث المادي المتمثل في المواقع الأثرية والمدن العتيقة والمتاحف القائمة والافتراضية.
في هذا الإطار يجدر التنويه إلى أن مديرية التُّراث الثَّقافي عملت على إعداد مدارات ثقافيَّة مندمجة تهم مختلف مظاهر التُّراث المادي وغير المادي من مواقع أثرية ومدن عتيقة ومواقع طبيعية ومآثر تاريخية وحرف ومهارات تقليدية ومشاهد حية بالإضافة إلى فن الطبخ.
كما تجدر الإشارة إلى تلك المهرجانات التي تحتفي على الخصوص بالفنون الشعبية المغربية كمهرجان أحيدوس بعين اللوح والمهرجان الوطني لفن العيطة وملتقى الشعر والغناء الحساني ومهرجان "فن الروايس وديوان أهل سوس" ومهرجان فن الملحون بالراشيدية وكذا مهرجان عبيدات الرما بخريبكة إضافة إلى مهرجان مراكش العالمي للقفطان المغربي.

العناصر الرئيسة لنموذج السياسات الثقافية الحالي.. ترسيخ سياسة ثقافيَّة تعتمد أساسًا على اللا مركزية والجهوية والتشارك مع الجماعات الْمَحَلِّيَّة، وإعطاء الأولوية للعالم القروي والمناطق النائية

يمكن توصيف نموذج السياسات الثَّقافيَّة الحالي بعنوان التعاون والشراكة في المجال الثَّقافي بين وزارة الثَّقافة والجماعات الْمَحَلِّيَّة لتعزيز اللا مركزية الثَّقافيَّة.
اعتمدت وزارة الثَّقافة ضمن استراتيجيتها الرامية إلى دعم اللا مركزية وتوسيع شبكة المؤسَّسات الثَّقافيَّة، المصادر المتنوعة والغنية للثقافة المغربية بكل الجهات وتوفير البنيات التحتية الثَّقافيَّة، وتشجيع الطاقات الخلاقة للإسهام في تنمية وتطوير كل أشكال الابتكار والإبداع الثَّقافي والفني.
وقد غدت بذلك الجماعات الْمَحَلِّيَّة أحد الركائز الأساسية التي تعول عليها وزارة الثَّقافة لتحقيق اللا مركزية الثَّقافيَّة، حيث تعمل على إشراكها في تخطيط وبرمجة وإنجاز المشروعات الثَّقافيَّة حتى تتمكن من تقليص التفاوت الثَّقافي بين الجهات، ودعم الخصوصيات الثَّقافيَّة الجهوية، وتحقيق توزيع متوازن وعادل للعمل الثَّقافي.
كما أن من أولويات مخطَّط التنمية الثَّقافيَّة 2000-2004 التعاون والشراكة بين وزارة الثَّقافة وكافة المهتمين بالمجال الثَّقافي من قطاعات حكومية ومجالس منتخبة ومؤسَّسات المجتمع المدني لتحقيق نهضة ثقافيَّة وطنية متكاملة والرفع من مستوى الخدمات الثَّقافيَّة وتحسين ظروف وسائل العمل، وترسيخ سياسة ثقافيَّة تعتمد أساسًا على اللا مركزية والجهوية والتشارك مع الجماعات الْمَحَلِّيَّة، وإعطاء الأولوية للعالم القروي والمناطق النائية.
ورغبة في تحقيق اللا مركزية الثَّقافيَّة وتسهيلا للتعامل مع الجماعات الْمَحَلِّيَّة في الميدان الثَّقافي، عملت الوزارة على إحداث مديرية التنمية الثَّقافيَّة تضم قسما مكلفا بالتنسيق الثَّقافي مع الجماعات الْمَحَلِّيَّة، مع العزم على إحداث مديريات جهوية للثقافة حسب التقسيم الجهوي للمغرب تسهر على تحقيق اللا مركزية كما هو مسطر في الاستراتيجية الثَّقافيَّة الوطنية.
وقد عملت وزارة الثَّقافة منذ الثمانينات على تنظيم عدة مناظرات وندوات وأيام دراسية من أجل بلورة رؤية شاملة حول الثَّقافة المغربية وتسطير استراتيجية ثقافيَّة واضحة المعالم. وهكذا فقد تم تنظيم مناظرتين وطنيتين حول الثَّقافة المغربية ومناظرة وطنية حول التعليم الموسيقي ومناظرة وطنية حول المسرح الاحترافي،ويومين دراسيين حول الثَّقافة واللا مركزية ويوما دراسيا حول الثَّقافة والطفولة، ولقاء وطنيا حول الكتاب والقراءة وتنظيم المجلس الأعلى للثقافة. وقد شارك في هذه التظاهرات عدة فعاليات ثقافيَّة من قطاعات حكومية وغير حكومية وجمعيات ثقافيَّة وجماعات مَحَلِّيَّة وأساتذة وباحثين ومختصين. توجت أعمالها بتوصيات أقرت بترتيب الأولويات وجدولتها والقيام بدراسات لإحصاء الحاجيات بهدف التهيئة الثَّقافيَّة للتراب الوطني كافة.
ويتم التعاون بين وزارة الثَّقافة والجماعات الْمَحَلِّيَّة عن طريق توقيع اتفاقيات شراكة تنص على التنسيق بين الطرفين في تنظيم الأنشطة والتظاهرات الثَّقافيَّة الْمَحَلِّيَّة، وإحداث وتسيير المؤسَّسات الثَّقافيَّة، والسهر على تطبيق القوانين الجاري بها العمل في ميدان المحافظة على المباني التاريخية والمواقع والتُّراث الثَّقافي بوجه عام، والتعاون في ميدان ترميم وصيانة وتوظيف المعالم التاريخية.

السياسات الثقافية داخل القطاع الخاص.. الفنون التشكيلية بالمغرب الأكثر استفادة من رعاية المؤسَّسات الخاصَّة وتليها الموسيقى وبخاصَّة عندما يتعلق الأمر بالمهرجانات

التطرق إلى السياسة الثَّقافيَّة داخل القطاع الخاص يدفعنا حتما إلى الحديث عن مسألة الرعاية. إن الرعاية (mécénat) في التشريع المغربي تخضع إلى القوانين المنظمة لاعتمادات الاستثمار من الناحية الضريبية إذ لا تعتبر مساعدة مهدورة بل تدخل في إطار الاستثمار المنتج بالنسبة إلى المؤسَّسات المانحة (الراعية). لذا، ما يسمى أحيانًا بـSponsoring يبقى في الاستعمال المغربي فقط كمصطلح إشهاري للدعاية والتسويق (Marketing) بدلا من استعمال كلمة Mécénat.
إن الرعاية بالمغرب ليست وليدة السياق الحالي بل ترجع إلى قرون ولت مع ظهور ما يسمى بنظام الأحباس (انظر الفصل الأول) (Habous) - أحد مكونات السلطة - حيث كان يحصر "الرعاية" في الهبات (Dons) المقدم من طرف الخواص لدعم مؤسَّسات دينية التي تحولت مع مرور الزمان إلى مؤسَّسة راعية حقيقية تتدخل في صيانة النافورات العمومية أو تزويدها بالماء، وصولا إلى العمل على التقليل من حدة الفقر، مرورا بمحو الأمية. أما بالنسبة إلى مجال الثَّقافة، فإن مؤسَّسة الأحباس هذه، كانت تهتم بتكوين المكتبات، وهكذا نجد السلطان أبو عنان المريني قد أقام في القرن الرابع عشر بالقرويين قاعة لاحتواء المئات من المخطوطات المأخوذة من قصره وفي بداية القرن الخامس عشر وهب أبو الحسن الأشعري من ماله الخاص من أجل بناء مكتبة بمدينة سبتة، الموجودة على ساحل المتوسط بشمال المغرب، كما زودها بكتب نادرة كهبة للأحباس. في سنة 1630 بنى الشيخ محمد ابن الناصر على أرضه مكتبة بقرية تامغروت (Tamgrout) قرب مدينة زاكورة (Zagora) بجنوب المغرب، والتي اشتهرت باحتوائها لـ4200 مخطوط ليهب كل هذا إلى الأحباس.
أما حاليًّا فإن رعاية الثَّقافة (mécénat culturel) تدخل في مهام قسم التعاون بوزارة الثَّقافة كما ينص على ذلك القرار الوزاري رقم 1522.06 بتاريج 11 نونبر 2006 (ج.ر. عدد 5486 لـ28 ديسمبر 2006). فالرعاية تشكل حاليًّا وسيلة ذات أهميَّة كبرى في تمويل الأنشطة الثَّقافيَّة وتتيح في نفس الوقت للمؤسَّسة الراعية ترجمة سياستها التواصلية. وتعتبر الفنون التشكيلية بالمغرب الأكثر استفادة من رعاية المؤسَّسات الخاصَّة وتليها الموسيقى وبخاصَّة عندما يتعلق الأمر بالمهرجانات، أما الكتاب فقليلا ما يحظى من أعمال الرعاية.
رغم وجود رعاية العمل الثَّقافي بالمغرب فإن الرعاية الثَّقافيَّة تعاني من فراغ قانوني وضريبي يحمي الثَّقافة من تجاوزات بعض الراعين يحول دون تسخيرها لأغراض محض تجارية تفرغها من قيمتها الحقيقية وأهدافها النبيلة.
في ما يخص الإنجازات الثَّقافيَّة الخصوصية خارج الرعاية فإن القطاع السوسيو اقتصادي المغربي يزخر بعديد من المؤسَّسات (Fondations) الثَّقافيَّة الخاصَّة بنكية منها، صناعية أو أشخاص، تملك فضاءات خاصَّة للتنشيط الثَّقافي من متاحف وأروقة العروض ومكتبات وفاعلين خواص في قطاع السمعي البصري إلخ.

السياسات الثَّقافيَّة داخل القطاعات المستقلَّة.. المسرح الوطني محمد الخامس. المعهد الوطني لعلوم الآثار والتُّراث. المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثَّقافي. معاهد الموسيقي وفنون الرقص

علاوة على القطاعات الحكومية التي أشرنا إليها سابقا، فإننا نجد مؤسَّسات عمومية ثقافيَّة مستقلَّة منها ما يعمل تحت وصاية وزارة الثَّقافة ومنها ما هو خاضع مباشرة للدولة وهي:
- المسرح الوطني محمد الخامس (ظهير رقم 1.72.293 بتاريخ 22 فبراير 1973 ج.ر. عدد 3151 لـ21 مارس 1973 كما تم تغييره بمرسوم رقم 1.74.326 ج.ر. عدد 3283 لـفاتح أكتوبر 1975) الذي يعمل تحت وصاية وزارة الثَّقافة ويقوم بمختلف الأعمال التي تساعد على ازدهار المسرح وتطوره بما في ذلك التكوين الفني والتقني.
- المكتبة الوطنية للمملكة المغربية (قانون رقم 67.99 ج.ر, عدد 5171 لـ22 ديسمبر 2003) التي تعمل مباشرة تحت وصاية الدولة ومن بين مهامها جمع ومعالجة وحفظ ونشر الرصيد الوثائقي الوطني، التكفل بتلقي وتدبير الإيداع القانوني.
- المعهد الوطني لعلوم الآثار والتُّراث (مرسوم رقم 2.83.705 بتاريخ 31 يناير 1985 ج.ر. عدد 3677 لـ13 مارس 1985) التابع لوزارة الثَّقافة ويقوم بتكوين أطر في علوم الآثار والتُّراث وعلم المتاحف وكذا في مختلف الميادين المتصلة بالمعالم التاريخية والمواقع.
- المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثَّقافي (مرسوم رقم 2.83.706 بتاريخ 18 يناير 1985 ج.ر. عدد 3773 لـ20 فبراير 1985) التابع لوزارة الثَّقافة والذي يعهد له تكوين الأطر المسرحية في مختلف التقنيات التي لها ارتباط بالميدان المسرحي وتكوين الأطر للأنشطة الثَّقافيَّة والفنية وكذا القيام بالبحث العلمي في هذه المجالات.
- المعهد الوطني للفنون الجميلة (مرسوم رقم 2.93.135 بتاريخ 29 أبريل 1993 ج.ر. عدد 4203 لـ19 ماي 1993) التابع لوزارة الثَّقافة الذي يناط به تكوين الأطر العليا قي مجالات الفنون التشكيلية والتطبيقية.
- معاهد الموسيقي وفنون الرقص (مرسوم رقم 2.82.416 بتاريخ 18 يناير 1985 ج.ر. عدد 3810 لـنوفمبر 1985 كما تم تغييره بمرسوم رقم 2.92.609 بتاريخ 26 ماي 1993 ج.ر. عدد 18 أغسطس 1993) التابعة لوزارة الثَّقافة ويعهد إليها التأهيل في ميادين الموسيقى العالمية والموسيقى التقليدية والرقص بجميع أنواعه.

التعاون المغربي الفرنسي في مجال التراث.. التكوين المتخصص للعاملين في القطاع. الأركيولوجيا. المتاحف. جرد وتوثيق وحماية الفنون الشعبية مع التركيز على التُّراث غير المادي

إن التعاون المغربي الفرنسي في مجال التُّراث يرتكز أساسًا على توفير الخبرات والاستشارات إضافة إلى توفير التكوين للعاملين بالمجال.
1- التكوين المتخصص للعاملين في قطاع التُّراث: عبر توفر منح للدراسات العليا لطلبة المعهد الوطني العالي للآثار والتُّراث. بالإضافة إلى عقد شراكة سنة 2004 من أجل تكوين مموني الأعمال الفنية، وكذا إعداد خطة للتكوين المستمر لمحافظي المتاحف المغربية منذ سنة 2008.
2- التعاون في قطاعات مختلفة مرتبطة بالتُّراث:
أ- الأركيولوجيا: اتفاقية سنة 2008 تهدف إلى تحسين إدارة وتدبير المواقع الأثرية، وذلك بتعاون مع مديرية التُّراث في وزارة الثَّقافة والاتصال الفرنسية.
ب- المتاحف: الاتفاقية مع مديرية التُّراث بوزارة الثَّقافة المغربية تم توسيعها لتشمل قطاع المتاحف وتجهيز المشروعات الجارية: متحف الأركيولوجيا ومتحف الفنون المعاصرة بالرباط، متاحف فاس، مكناس ومراكش.
ج- الجرد: الإعلان سنة 2008 عن برنامج للبحث يهدف إلى جرد وتوثيق وحماية الفنون الشعبية مع التركيز على التُّراث غير المادي.

الفنون الحية.. الأُركسترا الفلهارمونية بالمغرب، وكورال الرباط، وبولفار الموسيقيين الشباب بالدار البيضاء. المشروعات الإبداعية لمصممي الرقصات في مراكش والبيضاء

تنهج السفارة الفرنسية سياسة نشيطة في توفير المنح الدراسية والتداريب للفنانين المغاربة الشباب في المجالات التالية: الموسيقى، الرقص، المسرح، الفن التشكيلي. كما تدعم السفارة الفرنسية تكوين الممثلين المغاربة الطلبة في المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثَّقافي. كما جددت دار الفنون بباريس منذ 2006 استقبالها للفنانين المغاربة بتنسيق مع وزارة الثَّقافة المغربية. ومنذ 2007 يشارك مكتب التعاون الثَّقافي التابع للسفارة الفرنسية في إعادة تأسيس التكوين الغنائي في المغرب.
تدعم السفارة الفرنسية عددا من معارض الفن التشكيلي، والموسيقى (الأُركسترا الفلهارمونية بالمغرب، وكورال الرباط، وبولفار الموسيقيين الشباب بالدار البيضاء)، والرقص المعاصر (عبر دعم المشروعات الإبداعية لمصممي الرقصات في مراكش والبيضاء).
تعمل سفارة فرنسا على تقوية القدرة الاقتراحية للمؤسَّسات الثَّقافيَّة الفرنسية في ما يتعلق بعرض الإنتاجات الفرنسية في الفنون الحية. كما تدعم السفارة عددا من المهرجانات الثَّقافيَّة المغربية الكبرى كمهرجان الموسيقى المقدسة بفاس، ومهرجان موسيقى العالم وكناوة بالصويرة، ومهرجان تيمتار بأكادير. ومنذ 2006، فإن السفارة تدعم ملتقيات الرقص الدولي بمراكش التي تنظمها جمعية أنانيا.

مظاهر التعاون الفرنكومغربي في مجالات السينما والقطاع السمعي البصري والصحافة والوسائط المتعددة

التعاون الفرنكومغربي في مجالات السينما والقطاع السمعي البصري والصحافة والوسائط المتعددة يهدف إلى الاستجابة لحاجات المعلومات والتكوين ودعم الإنتاج التي يعبر عنها المتخصصون والمؤسَّسات من ذات العلاقة من البلدين. إن هذا التعاون يتمظهر في أشكال متكاملة:
الحضور الفرنكوفوني داخل مختلف شبكات بث الصوت والصورة عبر قنوات ميديا الإذاعية والتلفزيونية، وعبر إدراج الأفلام الفرنسية ضمن المهرجانات والتظاهرات الثَّقافيَّة.
التعاون في توفير التكوين والتدريب المتخصص للعاملين في المجال السمعي البصري ودعم الإنتاج.
توفير منح دراسية وتدريبية في القطاع السمعي البصري، وعقد شراكات مع المهرجانات السينمائية في المغرب وفرنسا من أجل دعم التبادل المهني.

مهام مكتب الكتاب ووسائل الإعلام لتنفيذ سياسة فرنسا في المغرب المتعلقة بالكتاب.. ضمان كفاية وجودة الخدمات في جميع المؤسسات الفرنسية

ثلاث مهام رئيسية يؤديها مكتب الكتاب ووسائل الإعلام لتنفيذ سياسة فرنسا في المغرب المتعلقة بالكتاب وهي:
1- التنسيق بين شبكة وسائل الإعلام الفرنسية لضمان كفاية وجودة الخدمات في جميع هذه المؤسَّسات الفرنسية في ا لمغرب.
2- تقديم الدعم لتنمية شبكة القراءة العمومية في المغرب والمساعدة على توفير التجهيزات الضرورية وفقًا لأعلى معايير الجودة.
3- تشجيع المؤلفين والناشرين المغاربة، ودعم الكتاب وترويج الكتب وتشجيع الكتابة.

السياسات الثَّقافيَّة بالهيئات الخارجية.. تعليم اللغات وإقامة التظاهرات الفنية كالمعارض التشكيلية والحفلات الموسيقية والعروض المسرحية والأسابيع الثَّقافيَّة

إلى جانب القطاعات الحكومية، توجد في المغرب البعثات الفرنسية والأمريكية والإسبانية، إضافة إلى المراكز الثَّقافيَّة الآتية:
المركز الثَّقافي المصري: وله فرع واحد في الرباط.
المركز الثَّقافي الفرنسي: وله اثنا عشرة فرعا متفرقا في مختلف مدن المملكة.
المركز الثَّقافي البريطاني: وله فرعان في الرباط والدار البيضاء.
المركز الثَّقافي الأمريكي: وله فرعان في الرباط والدار البيضاء.
المركز الثَّقافي الألماني: وله ثلاثة فروع في الرباط والدار البيضاء وطنجة.
المركز الثَّقافي الإسباني: له خمسة فروع في الرباط والدار البيضاء وطنجة وفاس وتطوان.
المركز الثَّقافي الإيطالي: فرع واحد بالرباط.
المركز العلمي الثَّقافي الروسي: فرع واحد بالرباط.
وتسهر البعثات الأجنبية على توفير التعليم بلغتها القومية، حيث تحافـظ علـى منهـاجهـا التعليـمي دون رقـابـة وزارة التربيـة الوطنيـة والتعليـم العالـي والبحـث العلمـي وتكويـن الأطـر، كما تشهد إقبالاً شديدًا من طرف المغاربة. أما المراكز الثَّقافيَّة فتنشط في تعليم اللغات وإقامة التظاهرات الفنية كالمعارض التشكيلية والحفلات الموسيقية والعروض المسرحية والأسابيع الثَّقافيَّة.
سيتم التطرق في هذا المبحث إلى السياسات الثَّقافيَّة للمؤسَّسات الثَّقافيَّة الفرنسية على اعتبار أنها الأقوى حضورا في الساحة المغربية من حيث كم الأنشطة والمؤسَّسات، ضخامة الميزانية وحجم الانتشار وكذا التغلغل في نسيج المجتمع.
توظف فرنسا وسائل مادية مهمَّة بالمغرب من أجل التعاون الثَّقافي، وتخصص فرنسا لهذا التعاون وسائل مالية مهمَّة:
5,5 مليون أورو (أي ما يقدر بـ22% من الغلاف المالي السنوي لمصلحة التعاون والعمل الثَّقافي). وتهدف بالأساس إلى:
تعزيز التعاون القائم على التشاور والخبرة الموضوعة رهن إشارة المؤسَّسات الوطنية المغربية التي تكون قاعدة للتنمية الثَّقافيَّة.
جعل توفير التكوين الفني للفنانين والمتخصصين في مجالات الثَّقافة المختلفة المحور الذي يؤطر النشاط الثنائي بالمغرب لأنه الرهان الأساسي للتنمية الفنية والثَّقافيَّة للمملكة.
ضمان الحضور عن كثب فوق التراب المغربي بجعل المؤسَّسات الثَّقافيَّة الفرنسية فاعلاً من أجل التغيير، وذلك بتنويع العلاقات مع المجتمع المغربي، وبربط التبادل الثَّقافي مع السياسة الشاملة للتعاون لفائدة مختلف الفئات الشعبية وبالتنمية عن طريق شراكات بين المؤسَّسات لإثبات وجود كفاءتنا الثَّقافيَّة.
الإسهام في تهيئة المجال الثَّقافي ومسايرته بإشراك الجماعات الْمَحَلِّيَّة وجعلها مسؤولة في الحقل.
لتحقيق هذه الأهداف تنتهج المؤسَّسات الثَّقافيَّة الفرنسية داخل المغرب السياسات التالية.

التعاون المهني المباشر.. صحراء الناس والثقافات. حماية وإحياء وتهيئة ساحة جامع لفنا بمراكش. دراسة وتحليل الوضعية الراهنة للأغاني والرقصات الشعبية الخاصَّة بمنطقة درعة

تنشط عدد من المؤسَّسات الدولية المهنية العاملة في قطاع الثَّقافة في إقامة مشروعات ثقافيَّة تخص قطاعات الثَّقافة المختلفة وذلك بتعاون مع الهيئات الحكومية المغربية. ومن أمثلة هذه المشروعات:
الدعم المالي الذي قدمته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثَّقافة "إيسيسكو" لإنجاز فهرس حول التُّراث الثَّقافي والطبيعي في المملكة المغربية، الذي أعده مركز الجرد والتوثيق التابع لوزارة الثَّقافة، بالتعاون مع اللجنة الوطنية المغربية للتربية والعلوم والثَّقافة.ويهدف هذا الفهرس إلى وضع تصنيف شامل لمكونات التُّراث الثَّقافي المغربي بشقيْه المادي واللا مادي، والتُّراث الطبيعي. ويساعد هذا الفهرس المنهجي المختصين والعاملين في مجال التُّراث على توحيد المصطلحات والتصنيفات والمناهج العلمية، لإنجاز أعمال الجرد والتوثيق سواء قبل الخروج إلى الميدان أو خلاله أو بعد الانتهاء منه.
حماية تراث وادي درعة كجزء من مشروع: "صحراء الناس والثقافات" الذي تتبناه منظمة اليونيسكو، والذي يهدف إلى دراسة وتحليل الوضعية الراهنة للأغاني والرقصات الشعبية الخاصَّة بمنطقة درعة من أجل توثيقها والمحافظة عليها وتحسين إبرازها ضمن الأنشطة السياحية مِمَّا سينعكس إيجابا على رفع المستوى المعيشي للسكان الْمَحَلِّيّين بالمنطقة. وفي هذا الإطار تم توقيع اتفاقيتين مع جمعية Cravaneers للسياحة المستدامة ومع هيئة مَحَلِّيَّة حكومية للسياحة.
مشروع "حماية وإحياء وتهيئة ساحة جامع لفنا بمراكش" الذي شرعت فيه اليونسكو بتعاون مع وزارة الثَّقافة المغربية وشركاء مَحَلِّيّين، وبفضل تمويل حكومة اليابان. ويتبنى هذا المشروع خطة عمل تسعى إلى المحافظة على هذا الفضاء الثَّقافي الذي أعلنته اليونسكو سنة2001 "تراثا ثقافيا غير مادي لمدينة مراكش والمغرب والإنسانية". وقد نظم مكتب اليونسكو بالرباط احتفالا للاحتفاء بفن الحلقة، أحياه ثلة من حكائي الساحة. كما شهد الحفل توزيع كتاب عن الساحة وتوزيع جوائز للفائزين في مسابقة لرسم معالم الساحة تنافس فيها أربعون رساما أمام مفوضية الثَّقافة والأكاديمية الجهوية لوزارة التربية الوطنية. انعقد هذا الاحتفال يوم 27يونيو 2006 بثانوية أبو عباس السبطي بمراكش، بحضور ممثلي اليونسكو، وممثلي وزارة الثَّقافة، وممثلي وزارة التربية الوطنية، والسلطات الْمَحَلِّيَّة، وفعاليات جمعوية مَحَلِّيَّة، ومنشطو ساحة جامع لفنا، إضافة إلى تلاميذ الثانوية.

التعاون الثَّقافي الدولي.. ضمان تطوير وتنمية الثَّقافة والعلاقات الثَّقافيَّة في ما يخص التعاون على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف

يعد قطاع التعاون واحد من القطاعات المتنوعة التي تضمها وزارة الثَّقافة. وبالمثل، فإن وزارة الخارجية تضم قطاعا للثقافة والتعاون العلمي داخل المديرية العامَّة للتعاون والاتفاقات المتعددة الأطراف. هذا القطاع يختص بكل ما له علاقة بالثَّقافة والتعاون العلمي مع بلاد أجنبية ومنظمات دولية.
ويختص هذا القطاع بالمهام التالية:
- ضمان تطوير وتنمية الثَّقافة والعلاقات الثَّقافيَّة في ما يخص التعاون على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف.
- ضمان التنسيق مع الإدارات المعنيَّة بالمديرية العامَّة تبعا لسياسة الخارجية التي تنتهجها الحكومة.
- إجراء المفاوضات والاتفاقات التي تدخل في نطاق اختصاصاتها ومتابعتها.
ومن ثم، ممارسة الاتفاقات الثنائية والمتعددة الأطراف يتابع من قبل الوزارتين. الأمثلة على ذلك توضح لاحقا. تم توقيع اتفاقات ثقافيَّة ثنائية وبرامج تعاون تنفيذية مع ماليزيا، تونس، الصين، لاوس، بوليفيا، إيطاليا، لبنان، فانواتو، المكسيك والبحرين.
ومن الأمثلة الحديثة، اتفاقية الثَّقافة والإعلام والصحة المبرمة بين المغرب وسلطنة عمان. وقع الجانبان اتفاقا للتعاون الثَّقافي يهدف إلى تطوير المباني التاريخية. كذلك تجدر الإشارة إلى التوقيع على البرنامج التنفيذي للتعاون الثَّقافي والتربوي والعلمي وفي مجال المعلومات العامَّة للسنوات 2008 و2009 و2010 و2011 بين المغرب والأردن.
الاتفاقات المتعددة الأطراف تنطوى على سبيل المثال على:
- اتفاق الإنتاج المشترك للأفلام بين حكومة المملكة المتحدة وشمال أيرلندا والمملكة المغربية. الهدف من هذه الاتفاقية هو إيجاد إطار رسمي يستطيع بموجبه المنتجون في كلا البلدين الحصول على مصادر مادية وتكنولوجية وإبداعية اللازمة لصنع أفلامهم.
يعد المهرجان الدولى للجاز نموذجا ﺁخر للتعاون الثَّقافي بين المغرب وأوربا.
كما يشهد المغرب تزايدا مطردا في عدد المهرجانات الفنية واتفاقيات التعاون السينمائي المشترك.
غير أن عددا من الانتقادات توجه للتبذير الفاحش الذي يصاحب الإنفاق الباذخ على المهرجانات السينمائية الدولية، إضافة إلى ظاهرة عدم تقديم الحساب وغياب آليات المراقبة، ولهذا السبب تزكي الهيئة الوطنية لحماية المال العام معارضة هذا النوع من السياسة الثَّقافيَّة المتبعة. كما تتصاعد انتقادات أخرى تسائل مدى إسهام هذه الاستثمارات المالية الأجنبية الكبيرة في إنتاج صناعة سينمائية وطنية تتوفر على كل مقوِّمات الحقل السينمائي. ففي الوقت الذي يطلق البعض فيه على مدينة ورزازات لقب "هوليوود أفريقيا" فقد تم سنة 2008 إقفال أبواب آخر قاعة سينمائية في مدينة ورزازات بسبب ضعف الإقبال والمداخيل المالية.

البنية المؤسسية للشأن الثَّقافي بالمغرب.. التسلسل الزمني للنظام المؤسَّساتي الثقافي بالمغرب

عرف التنظيم المؤسَّساتي للثقافة المعاصرة بالمغرب أشكالاً مختلفة ومر بمراحل تاريخية متعددة. فأول هيكل تنظيمي ظهر في عهد الحماية الفرنسية الإسبانية سنة 1912 على شكل مصلحة للآثار والفنون الجميلة. في سنة 1921 تم ترقية هذا التنظيم إلى مديرية تدعى المديرية العامَّة للتعليم العمومي والفنون الجميلة والآثار وستظل كذلك إلى حدود الاستقلال. ابتداءً من نهاية 1955 وإلى حدود نهاية الستينات، من القرن الماضي، ستصبح الفنون الجميلة والآثار ضمن قطاعات وزارية مختلفة إلى أن صار سنة 1974 قطاعا مستقلا يدعى وزارة الشؤون الثَّقافيَّة. استمر هذا القطاع على هذا الشكل إلى نهاية القرن الماضي. ومع حلول هذا القرن، وبضابط من سنة 2002 إلى يومنا هذا، ستدعى وزارة الثَّقافة.
وتعد وزارة الثَّقافة هذه، المؤسَّسة الحكومية المنظمة للشأن الثَّقافي بالمغرب حاليًّا. للمزيد من الوضوح حول مختلف المراحل التاريخية والأشكال التنظيمية التي عرفها التنظيم المؤسَّساتي للثقافة بالمغرب، انظر الجدول أسفله، حيث اعتمدنا في تكوينه المعطيات الصادرة في الجريدة الرسمية (ج.ر.).
التسلسل الزمني للنظام المؤسَّساتي الثقافي بالمغرب:
النظام المؤسَّساتي

الفترة الزمنية
مصلحة الفنون الجميلة والآثار (ج.ر. عدد 5 لـ20 نونبر 1912)
المديرية العامَّة للتعليم العمومي والفنون الجميلة والآثار (ج.ر. عدد 437 لـ8 مارس 1921)
1912- 1955
وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة (ج.ر. عدد 2252 لـ23 دجنبر 1955)
195 - 19565
وزارة الأنباء والسياحة والفنون الجميلة (ج.ر. عدد 2538 لـ16 يونيو 1961)
وزارة السياحة والصناعة التقليدية والفنون الجميلة (ج.ر. عدد 2624 لـ8 فبرابر 1963
196 - 1963
وزارة الأنباء والسياحة والفنون الجميلة والصناعة التقليدية (ج.ر. عدد 2665 لـ22 نونبر1963)
1963 - 1965
وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة والشبيبة والرياضة (ج.ر. عدد 2746 لـ16 يونيو 1965)
وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة (ج.ر. عدد 2853 لـ5 يوليوز 1967)
1965 - 1968
وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثَّقافيَّة والتعليم الأصلي (ج.ر. عدد 2930 لـ25 دجنبر 1968)
1968 - 1971
وزارة الثَّقافة والتعليم العالي والثانوي والأصلي وتكوين الأطر(ج.ر. عدد 3068 لـ18 غشت 1971)
وزارة الثَّقافة والتعليم ألأصلي والعالي والثانوي (ج.ر. عدد 3103 لـ29 أبريل 1972)
وزارة ألأوقاف والشؤون الإسلامية والثَّقافة (ج.ر. عدد 3138 لـ20 دجنبر 1972)
1971 - 1974
وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثَّقافيَّة (ج.ر. عدد 3209 لـ1 ماي 1974, ج.ر. عدد 3389 لـ12 اكتوبر 1977, ج.ر. عدد 3466 لـ4 أبريل 1979)
1974 - 1981
وزارة الشؤون الثَّقافيَّة (ج.ر. عدد 3603 لـ18 نونبر 1981, ج.ر. عدد 3710 لـ7 دجنبر 1983, ج.ر. عدد 3785 لـ15 ماي 1985, ج.ر. عدد 4164 لـ1992, ج.ر. عدد 4229 لـ1993, ج.ر. عدد 4259 لـ1994, ج.ر. عدد 4296 مكرر لـ3 مارس 1995, ج.ر. عدد 4509 لـ18 غشت 1997, ج.ر. عدد 4571 لـ23 مارس 1998)
1981 - 2000
وزارة الثَّقافة والإعلام (ج.ر. عدد 4829 لـ11 شتنبر 2000)
2000 - 2002
وزار ة الثَّقافة (ج.ر. عدد 5055 لـ11 نونبر 2002, ج.ر. عدد 5220 لـ10 يونيو 2004, ج.ر. عدد 5570 لـ18 أكتوبر 2007)
2002 - 2009
ملحوظة: كل عدد من أعداد الجريدة الرسمية المشار إليه في هذا الجدول كمرجع، يحيلنا على ظهير لتكوين حكومة جديدة أو تعديل حكومي مؤسس للقطاع الثَّقافي المعني.

المركز السينماتوغرافي المغربي.. مراقبة استيراد الأفلام السينمائية وتصديرها وإنتاجها وتوزيعها واستغلالها. أموال المساعدة على استغلال القاعات السينمائية

لقد ظهرت السينما بالمغرب مع مجيء الحماية، وأول قاعة سينمائية أحدثت سنة 1934. في سنة 1944 أحدث المركز (المكتب) السينماتوغرافي المغربي وأعيد تنظيمه سنة 1977 (ظهير بمثابة قانون رقم 1.77.230 بتاريخ 19 شتنبر 1977 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 3387 لـ28 شتنبر 1977)، وعُهد إلى هذا المركز بما يلي:
- السهر على تطبيق التدابير النظامية المتعلقة بالمهنة السينماتوغرافية ولا سيما التدابير المتعلقة منها برخص مزاولة المهنة وتنظيم المؤسَّسات السينماتوغرافية ونضام العروض السينمائية.
- القيام في نطاق التشريع والنظام المعمول بهما في هذا الميدان بمراقبة استيراد الأفلام السينمائية وتصديرها وإنتاجها وتوزيعها واستغلالها.
- إنتاج الأفلام السينمائية وتوزيعها واستغلالها والسهر بالخصوص على إنتاج وتوزيع الأفلام الإعلامية "للأنباء المصورة المغربية".
- العمل سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة لحساب الإدارات والمؤسَّسات العمومية على إنتاج الأفلام المتعلقة بنشاطاتها الخاصَّة والمفتوحة بشأنها اعتمادات في ميزانيتها.
في سنة 1987 صدر مرسوم رقم 2.87.749 أحدث بموجبه لفائدة المركز السينماتوغرافي المغربي رسم شبه ضريبي على الملاهي السينمائية ويتكون هذا الرسم من قسطين:
- قسط تُخَصَّص حصيلته لتعزيز وسائل عمل المركز وتمكينه من الاضطلاع بالمهامِّ الْمُسنَدَة إليه، ويتحمل هذا القسطَ مستغلُّو القاعات السينمائية مُلاَّكًا كانوا أو مديرين أو مسيِّرين.
- قسط يُصرَف الدخل الناتج عنه للنهوض بالإنتاج السينمائي واستغلال القاعات السينمائية، ويتحمل هذا القسطَ المتفرجون.
وتدفع هذه الرسوم من طرف المستغلِّ في حسابين بنكيَّين مفتوحَين باسم المركز السينمائي المغربي، الأول يُدعَى "أموال المساعدة على استغلال القاعات السينمائية" ويُدفَع فيه 50% من الرسوم، والباقي يدفع في حساب يُدعَى "أموال المساعدة على الإنتاج السينمائي".
وقد عرف هذا المرسوم آخر تعديل له سنة 2003.
في ما يخصُّ الإنتاج السينمائي المغربي فيقدَّر منذ بداية الخمسينيات إلى حدود نهاية القرن الماضي بنحو 353 فيلمًا منها 95 فيلمًا طويلاً. ووجدت خلال هذه الفترة نحو 185 شركة إنتاج سينمائي وفيديو. وقد عرف هذا الإنتاج تحسُّنا ملحوظًا منذ بداية هذا القرن.

اللا مركزية الثقافية وإسهام الجماعات المحلية.. توفير فضاءات مكتبية في إطار مخطَّط توسُّع المدينة وإحداث عديد من المكتبات البلدية بمختلف المدن المغربية

يُعتبر ظهير7 ماي 1917 (الجريدة الرسمية عدد 210 لـ7 ماي 1917) أول قانون منظِّم للجماعات الْمَحَلِّيَّة بالمغرب، بموجبه أُعطِيَت لها إمكانية خلق فضاءات من أجل أنشطة مسرحية وكوريغرافية وموسيقية، وكذا إحداث نوادٍ أدبية وصحافية. وقد شكَّل هذا، ظهور شكل من أشكال اللا مركزية الثَّقافيَّة في عهد الحماية. وتَجلَّى هذا في خلق مكتبة بلدية بالدار البيضاء سنة 1919 تبعها في ذلك تدريجيًّا تزويد عديد من المدن بتجهيزات ثقافيَّة جماعية من مسارح ومعاهد للموسيقى والفنون الجميلة ومكتبات بكل من مراكش (المكتبة البلدية 1923) والعرائش (المكتبة البلدية 1932) وشفشاون (المكتبة البلدية 1940) وصفرو (المكتبة البلدية 1949) وفاس (المكتبة البلدية 1950) إلخ.
أما مع الاستقلال، قد بدأت التجرِبة اللا مركزية بطريقة محتشمة حيث تمَّ تهميش الثَّقافة في الجماعات. لكن هذا لم يمنع من ظهور مشروعات ثقافيَّة إلى الوجود كانت وراءها الجماعات الْمَحَلِّيَّة. وتعلق الأمر بإحداث مكتبات بتمويل منها، تحت الإشراف الفني للخزانة العامَّة بالرباط التي كانت مكلَّفة من طرف الحكومة بالدخول في اتصال مع السلطات الْمَحَلِّيَّة لكل مدينة من أجل توفير فضاءات مكتبية في إطار مخطَّط توسُّع المدينة. وهكذا تمَّ إحداث عديد من المكتبات البلدية بمختلف المدن المغربية كوجدة، وأصيلة، وآسفي، والحسيمة، وآكدير، إلخ.
في سنة 1976، صدر ظهير الميثاق الجماعي (ظهير 30 شتنبر 1976) الذي يعد مرحلة حاسمة في تاريخ العمل الثَّقافي للجماعات الْمَحَلِّيَّة. فبموجب هذا الميثاق، تمَّ توسيع صلاحياتها وتحديد مهامِّها ونيطت بها مسؤولية التنمية الشاملة الاقتصادية والاجتماعية والثَّقافيَّة للتراب كافة الخاضع لها. ابتداءً من هذا التاريخ أصبح تحت مسؤولية الجماعات الْمَحَلِّيَّة تنظيم التظاهرات الثَّقافيَّة (المواسم، والمهرجانات، والندوات الثَّقافيَّة) وأصبحت التجهيزات الثَّقافيَّة والمكتبات تثير اهتمام المنتخبين. وبالفعل، ظهر عديد من المؤسَّسات من هذا النوع إلى الوجود، ومنها المكتبة البلدية لمدينة تازة (1978)، وأربع مكتبات بمدينة طنجة (1982، 1983، 1989، 1990)، إلخ.
وفي بداية التسعينيات من القرن الماضي سيعرف العمل الثَّقافي للجماعات الْمَحَلِّيَّة نقطة تحول، حين قرر الملك في خطابه الموجَّه للمشاركين في أشغال الندوة الوطنية حول المسرح الاحترافي (14 ماي 1992) بأن تخصِّص الجماعات الْمَحَلِّيَّة 1% من ميزانيتها لبناء المسارح والمشتغلين به.
وبالموازاة مع هذا القرار، قامت وزارة الشؤون الثَّقافيَّة بجهد جبار لحثِّ الجماعات الْمَحَلِّيَّة على الانخراط في مسلسل إقرار سياسة ثقافيَّة وطنية. وبالفعل، أمام الأزمة الاقتصادية التي تَفَشَّت خلال الثمانينيات والتسعينيات تَوَجَّه وزير الشؤون الثَّقافيَّة بنداء إلى الجماعات الْمَحَلِّيَّة من أجل المساعدة، على وجه الخصوص، في شأن إحداث النيابات الإقليمية التي من دونها لا يمكن انطلاق أي عمل ثقافي على المستوى الْمَحَلِّيّ والإقليمي. وفي هذا السياق، تمَّ تنظيم أيام دراسية حول اللا مركزية الثَّقافيَّة بكل من تطوان (25 و26 ماي 1993) والرباط (7 و8 أبريل 1995) علاوة على الدورة التي أقيمت حول هذا الموضوع من طرف المجلس الأعلى للثَّقافة (دورة 12-20 ديسمبر 1994) والتصديق على المشروع المغربي الفرنسي حول "الثَّقافة والجهوية بالمغرب" من طرف اللجنة الوطنية للثَّقافة المغربية الذي كان يهدف إلى تكوين أطر مغاربة وتكييف وملاءمة الهياكل الإدارية لوزارة الشؤون الثَّقافيَّة مع اللا مركزية الثَّقافيَّة، وهكذا أُحدِثَ بوزارة الشؤون الثَّقافيَّة سنة 1994 قسم "التنسيق الثَّقافي مع الجماعات الْمَحَلِّيَّة" تابعًا لمديرية العمل الثَّقافي، ليُعرَف بعد ذلك عمل الجماعات الْمَحَلِّيَّة في الميدان الثَّقافي طفرة جديدة، انظر الجدول أسفله:
التجهيزات المنجزة من طرف الجماعات الْمَحَلِّيَّة خلال فترة 1990 - 2000
نوع التجهيزات
الحضرية
القروية
المجموع
المكتبات
31
11
42
المراكز الثَّقافيَّة
30
5
35
المجمعات الثَّقافيَّة
16
0
16
دور الثَّقافة
13
18
31
المسارح
7
0
7
المعاهد الموسيقية
3
0
3
المتاحف
2
0
2

إنجازات وزارة الشؤون الثَّقافيَّة.. المعهد الوطني لعلوم الأركيولوجيا والآثار. المدرسة الوطنية للفنون الجميلة. المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثَّقافي. المسرح الوطني محمد الخامس

على صعيد التكوين الفني أحدث:
- المعهد الوطني لعلوم الأركيولوجيا والآثار سنة 1985 (الجريدة الرسمية عدد 3776 الصادر في 16 مارس 1985) بالرباط.
- المدرسة الوطنية للفنون الجميلة سنة 1993 بتطوان (الجريدة الرسمية عدد 4203 الصادر في 19 ماي 1993).
- 21 معهدًا للموسيقي والرقص (الجريدة الرسمية عدد 3810 الصادر في6 نونبر 1985)، موزَّعة كالتالي:3 بالرباط،2 بمكناس،2 بالدر البيضاء،2 بالعرائش،1 بوجدة،1 بالجديدة،1 ببني ملال،1 بمراكش،1 بالصويرة،1 بآسفي،1 بسلا،1 بتطوان،1 بشفشاون،1 بطنجة،1 بالعيون.
- المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثَّقافي بالرباط سنة 1985 (الجريدة الرسمية عدد 3773 الصادر في 20 فبراير 1985).
- إحداث المسرح الوطني محمد الخامس سنة 1973 بالرباط (الجريدة الرسمية عدد 3151 الصادر في 21 مارس 1973).
إن جرد معدات وزارة الشؤون الثَّقافيَّة يكشف عما يلي: 15 متحفًا موزعًا كالتالي:4 متاحف أركيولوجية،7 متاحف إثنوغرافية،4 متاحف مختصَّة. 136 خزانة، 20 مسرحًا، 13 قاعة عرض، 14 مركزًا ومعهدًا للبحث، 20 مجمعًا ثقافيًّا،31 نيابة إقليمية.
أما على صعيد التشريع في ميدان النشاط الثَّقافي فأهم ما تمَّ إنجازه:
- قانون رقم 22.80 المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديَّات الذي عوَّض ظهير 21 يوليوز 1945 (الجريدة الرسمية عدد 3564 الصادر في 18 فبراير 1981).
- مرسوم رقم 2.81.25 بتاريخ 22 أكتوبر 1981 المتعلق بتطبيق القانون رقم 22.80 (الجريدة الرسمية عدد 3601 الصادر في4 نونبر 1981).
- مرسوم رقم 958.97 بتاريخ 20 ماي 1997 المتعلق بإحداث المتنزَّه الوطني للنقوش الصخرية.
في ما يتعلق بمرحلة وزارة الثَّقافة التي انطلقت في بداية هذا القرن، فإننا سنتعرض لها بتفصيل في الفصل الثاني والفصل السادس من هذا البحث.