الأدب في إشبيلية.. وصول الخمريات وشعر النسيب والغزل أعلى درجات الكمال. المعتضد والمعتمد. ابن عمار وزير المعتمد. رثاء المعتمد بن عباد لولديه المأمون و الراضي



لقد كان المعتضد والمعتمد من أعلام الشعراء في هذه المدينة، ومن ثم لا نستغرب أن يكون بلاطهما مدرسة تخرج فيها أهل الآداب.

وقد وصلت الخمريات وشعر النسيب والغزل أعلى درجات الكمال في ذلك البلاط المصقول، حيث عجز شعراء مجيدون عن إدراك ما وصل إليه ابن عمار وزير المعتمد من تحليق بعيد في سماء الشعر.

وقصروا كذلك في ملاحقة اعتماد نفسها فضلا عن مجاراة الملك الشاعر المعتمد فيما أبدعهمن رائع القصيد.

وحقا أن المعتمد وفق في أبواب الغزل، ووصف مجالس السرور، ووصف الحرب والنصر، فلما ضاعت تلك الأيام الجميلة وعانى أوصاب السجن والهوان، أخذت نفسه الفنانة تجود بدرر من الشعر لا زالت تثير في نفوس البشر الإجلال لهذا الملك.

نورد هنا نموذجا من شعر المعتمد بن عباد يرثي ولديه المأمون والراضي:
بكت أن رأت إلفين ضمهما وكر -- مساء وقد أخنى على إلفها الدهر
وناحت وباحت فاستراحت بسرها -- وما نطقت حرفا يلوح به سر
فما لي لا أبكي أم القلب صخرة -- وكم صخرة في الأرض يجري بها نهر
بكت واحدا لم يشجها غير فقده -- وأبكي لأُلاَّف عديدهم كثر
بُنَيّ صغير أو خليل موافق -- يمزق ذا فقر ويغرق ذا بحر
ونجمان زين للزمان احتواهما -- بقرطبة النكداء أو رندة القبر
غدرت إذا إِنْ ضن جفني بقطرة -- وإن لؤمت نفسي فصاحبها الصبر
فقل للنجوم الزهر تبكيهمـا  معـا -- لمثلهما  لتحزن الأنجم الزهــر


المواضيع الأكثر قراءة