التُّراث والدينامية الثَّقافيَّة.. تَمكَّن المجتمع المغربي من الحفاظ على العناصر الأساسية للتُّراث الوطني وإتاحة تجديد في الإبداع الثَّقافي والفني



يشكِّل تراث البلاد وديناميته الثَّقافيَّة والفنية إمكانًا مهمًّا، وإسهامًا أصيلاً وثمينًا في الحضارة والثَّقافة العالميتين. تَمكَّن المجتمع المغربي من الحفاظ على العناصر الأساسية للتُّراث الوطني، وإتاحة تجديد في الإبداع الثَّقافي والفني، بعد فترة خمول أملتها جزئيًّا نزاعات سياسية، واتسمت بغياب سياسة ثقافيَّة حقيقية.

ذلك أن أجيال ما بعد الاستقلال وُفِّقَت عمومًا إلى حفظ ومنح الحياة لمختلف تعابير التُّراث العتيق للبلاد، في أشكالها الأصلية، ثم في عصرنتها. وهذا التُّراث هو الذي يستمرُّ اليوم في تمكين المغرب من صورة الأمة المتجدرة في التاريخ، بما يغدقه عليه من الإمكانات السياحية والثَّقافيَّة.

إلاَّ أنه يتعين ملاحظة أن التُّراث الأنثروبولوجي والهندسي للبلاد، قد طاله بعض علامات التأكُّل، نظرًا إلى عدم كفاية مجهود الصيانة والتقويم التي عانى منها خلال العقود السابقة.

ونفس الشيء ينسحب على التُّراث الشفاهي وجميع هذه "المعارف الضمنية الْمَحَلِّيَّة"، التي تنقاد غالبًا نحو الاقتصاد غير المهيكَل.

ويجب أيضًا تأكيد مستوى الإنتاج الفني والثَّقافي، أن الإقلاع الثَّقافي، الذي عرفه المغرب خلال السنوات الأولى للاستقلال، والذي امتد إلى بداية السبعينيات، عرف جمودًا دام أكثر من عقدين.

ومنذ بداية التسعينيات، ومع الانفتاح السياسي وتطوُّر الإعلام، برزت ملامح دينامية ثقافيَّة وفنية جديدة في مختلف الميادين، على نحو ما يمكن معاينته في مجال الإنتاج الأدبي، وكذا في مجالات الهندسة المعمارية والفنية المعاصرة والسينما والمسرح.

أما على مستوى اللغة الأمازيغية، كأحد مكونات الهُوِيَّة الوطنية، فقد عانت من التهميش في بعدها الثَّقافي والحضاري منذ الاستقلال وإلى نحو 2001 حيث أسس خطاب العرش (30 يوليو 2001) بداية لسياسة جديدة قائمة على الاعتراف والاعتزاز بتعددية مكونات الثَّقافة الوطنية، وعلى المكانة الأساسية التي تحتلُّها الثَّقافة الأمازيغية.

ويعتبر تصالح المجتمع مع المكون الأمازيغي عنصرًا رئيسيًّا في الاستراتيجية الثَّقافيَّة واللغوية الجديدة للدولة.

وهي استراتيجية تتأسس على أربعة محاور أساسية:
1- الأمازيغية معطى تاريخي متجذِّر في أعماق تاريخ المغرب وحضارته.

2- الأمازيغية عنصر أساسي في التُّراث الوطني المتقاسم بين سائر مكونات المجموعة الوطنية دون استثناء.
3- النهوض بالثَّقافة الأمازيغية مسؤولية وطنية.

4- العناية بالثَّقافة الأمازيغية في إطار ترسيخ دولة القانون والمؤسَّسات وبناء مشروع المجتمع الديموقراطي والحداثي الذي ينشده المغرب.

ضمن هذا المنظور، أنِيطَت بالمعهد الملكي للثَّقافة الأمازيغية المؤسس في سنة 2001، مهمَّة النهوض بالثَّقافة الأمازيغية بالتعاون مع السلطات الحكومية والمؤسَّسات المعنيَّة، وذلك من أجل إدماجها في كل من المنظومة التربوية والإعلام والحياة الثَّقافيَّة والبحث العلمي.

وفي ما يخصُّ الإنتاج الأدبي بالمغرب، فقد عرف قطاع النشر في العقدين الأخيرين تطوُّرًا ملحوظًا حيث تمَّ إصدار نحو 12.400 كتاب ما بين 1985 و2003، في حين لم يتجاوز 3113 كتابًا خلال مرحلة 1955-1984.


المواضيع الأكثر قراءة