العالم والمثقف وواجباتهما في رأي طه حسين في نص (ثقافة ومثقفون).. يتعمق في لون من العلم حتى يحسنه ويأخذ منه بأعظم حظ ممكن



وتبعة العالم والمثقف تحتاج إلى كثير من الدرس والتعمق، فهي جزء من حياته لأنه لا يتعمق العلم ليرضى عن نفسه فحسب وانما هو يتعمق العلم لتزداد قدرته على نفع الناس ويتعمق الثقافة لتزداد قدرته على تثقيف الناس من جهة، وعلى دعوتهم إلى الخير وهدايتهم إليه من جهة أخرى.

وقد نفهم الأثرة في كثير من الأشياء. نفهمها في الغني الذي يجمع المال إلى المال ويضيف الثراء إلى الثراء، لا يريد بذلك إلا أن يعظم حظه من الغنى، وأن يرضى عن نفسه وعن ثروته. ويدركه مرض البخل فيزداد حرصه على المال كلما ازداد حظه منه.

ولكن الأثرة في العلم أو الأثرة في الثقافة شئ لا يعقل إلا أن يصبح العالم مجنونا بحب العلم لنفسه ويفقد صفة الإنسانية الحقة، فهو لا ينفع الناس بما يكتسب، لا يعلمهم ولا ييسر لهم حياتهم، وانما هو منكب على العلم راض به شره إليه، وهو بذلك أشبه بمصباح الكهرباء الذي فقد قوة الإضاءة وتستطيع أن تسلط عليه ما شئت من القوة الكهربائية دون أن يكون لذلك اثر فيه.

وقل مثل ذلك في المثقف الذي يعكف على فروع المعرفة يصيب منها ما يستطيع دون أن ينفع الناس بشيء مما أصاب...

من هو العالم ومن هو المثقف على رأي طه حسين؟
وما هي واجبات كل منهما؟
اضرب مثلا لكل منهما.

العالم هو الذي يتعمق في لون من العلم حتى يحسنه ويأخذ منه بأعظم حظ ممكن ويسعى إلى التقدم فيه ما وجد إلى ذلك سبيلا مثال رجل أنهى مراحل التعليم الثلاث ثم دخل الجامعة وتعلم الحقوق وحصل على أعلى الشهادات في الحقوق وعمل في مجال تعلمه مثل محامي أو قاضي أو مدعي عام وحاول أن يتقدم في هذا المجال من خلال الاطلاع على كل ما يكتب ويعلم في الجامعات في مجال الحقوق.

فهذا الرجل حسن الحظ من العلم وواجبه أن ينفع الناس بعلمه سواء كان معلما أحيانا أو عاملا في الحياة اليومية وعليه أن يؤدي واجبه بأمانة وإخلاص فإذا كان كذلك فقد بلغ الغاية.

وبالنسبة إلى العالم يقسمه طه حسين إلى قسمين:
- هناك محدود التعلم وواسع التعلم فالذي تعلم في الجامعة الحقوق ولم يحاول أن يزيد معلوماته في هذا المجال من خلال الدوران أو ما يؤلف من كتب أو ما يكتب عن الموضوع الذي تعلمه فهو محدود ضيق التعلم.

- وأما واسع التعلم فهو الذي يواكب ما يطرأ من جديد في الموضوع الذي تعلمه فمثلا الطبيب الذي تعلم الطب في الجامعة وافتتح عيادة لم يكتفي بذلك وإنما اخذ يواكب كل جديد في موضوع الطب من دورات ومن اشتراك في المجلات الطبية فهذا واسع التعلم.

أما المثقف فهو الذي لم يكتفي بالموضوع الذي تخصص به في الجامعة مثلا الطب حيث تعلم في الجامعة الطب وكذلك اهتم بموضوع آخر غير الطب كالأدب مثلا الدكتور إبراهيم ناجي فهو شاعر وطبيب وشهرته في الشعر طغت شهرته في الطب فهو واسع الثقافة.

بينما محدود الثقافة هو الذي برع في مجال واحد حتى لو حصل على أعلى الدرجات وعلى الشهرة الواسعة فهو عالم ومحدود الثقافة.

فالأدباء القدامى مثل الجاحظ يعتبرون مثقفين فكل كتاب من كتب الجاحظ يعتبر دائرة معارف في عصره حتى ولو لم يتعلم في الجامعات لعدم وجودها في عصره.

واجبات المثقف اعقد واشد تنوعا من مسؤولية العالم فالمثقف محتاج غير الأمانة والإخلاص إلى أن يفهم حياة الناس من حوله ويعرف موضع حاجته إلى الانتفاع بثقافته فعلى المثقف أن يعيش بين الناس وأن يفهم حياتهم ويتعمق في نظمهم الاجتماعية والسياسية لكي يستطيع أن يفيدهم فإذا تعمق بالظروف التي تحيط بحياة الناس من حوله فعليه أن يضع ثقافته موضع الحاجة إليها ولكي يشعر الناس بأنه نافع لهم حقا يعلمهم ما لم يعلموا ويدلهم من سبل الرقي على ما لم يهتدوا إليه.


المواضيع الأكثر قراءة