المدح الجاهلي للتوسط في إطلاق سراح الأسرى.. وقوف علقمة الفحل أمام باب الملك الغساني لفك أسر رجال بني تميم



إن الباعث الذي دفع علقمة الفحل إلى الوقوف أمام باب الملك الغساني هو دافع نبيل، ولا شك، فقد أسر الحارث بن أبي شمر الغساني رجالا من تميم، من ضمنهم شأس بن عبدة، فرحل علقمة سعيا في خلاص أخيه، وفكاكه من أسره، هو وأسرى قومه، ونحن نكبر عاطفة الأخوة هذه، كما نكبرهذا المدح الذي أطلق لسانه في سبيل أسرى قومه..

وقد سما في مدحه عن التزلف، والرياء، والتذلل، فهو صدى لما يتجاوب في نفسه من احاسيس، بل ويعبر تعبيرا صادقا عن أخلاق الفارس عند علقمة الذي يشيد بعدوه، الذي يثبت شجاعة في الميدان..

وها هو ذا ينيخ ناقته أمام قصر الملك، ويدخل قصره، ويصيح بأعلى صوته:
فو الله لولا فارس الجـون منهـم
لآبـوا خزايـا والإيـاب حبـيب
تقدمـه حتـى تغيـب حجولـه
وأنت لبيض الدارعيـن ضـروب
مظاهر سربالي  حديـد عليهمـا
عقيـلا سيـوف مخـذم ورسوب
فقاتلتـهم حتى اتقـوك بكبشهم
وقد حان من شمس النهار غروب
تجـود بنفـس لا يجـاد بمثـلها
فأنـت بهـا عنـد اللقاء خصيب
تخشخش أبدان الحديد عليهم
كما خشخشت يبس الحصاد جنوب
وقاتل من غسان أهل حفـاظهـا
وهنب وقـاس جالـدت وشبيـب
كأن رجال الأوس تحـت لبانـه
وما جمعـت جـل معـا وعتيب
رغا فوقهم سقب السماء  فداحض
بشـكتـه لـم يستـلب وسليـب
كأنهـم صابـت عليهم سحابة
صواعقـها لطيـرهـن دبـيب
فلـم تنـج إلا شطبـة  بلجامها
وإلا طمـر كالقنـاة نجــيب
وإلا كمـي ذو حفـاظ كـأنـه
بما ابتل من حد الظبات خضيب
وأنـت أزلـت الخنزوانة عنهم
بضرب لـه فـوق الشؤون دبيب
وأنت الذي آثـاره فـي عدوه
مـن البؤس والنعمى لهن ندوب


المواضيع الأكثر قراءة