القراءة الثقافية للنص الأدبي.. التحليل الثقافى أكثر شمولا وأعم فائدة للعمل الأدبى ذاته في علاقته القيم والمؤسسات والممارسات الثقافية
حين يتلقى النقد أى عمل أدبى ينبغى أن تطرح مجموعة من التساؤلات الثقافية حول هذا العمل يحددها "جرينبلات" حين يدخل هذا العمل فى منظومة العلاقات الثقافية ليتخذ مساره المؤثر فى المجرى الثقافى للأمة والناس؛ مثل:
1- ما أنواع السلوك ونماذج الممارسات التى يبدو أن هذا العمل يلزم بها ويحرص على ترسيخها؟
2- ولماذا يجد القراء أو المتلقين فى زمان معين أو مكان معين أن هذا العمل قادر على أن يفرض نفسه ويؤكد استمراره؟
3- وهل هناك اختلافات بين القيم التى أؤمن بها والقيم التى تضمنها ذلك العمل؟
4- وعلى أية مفاهيم اجتماعية يقوم هذا العمل؟
5- ثم من الذى قيدت حرية فكره أو حركته تلميحاً أو تصريحاً من جراء هذا العمل؟
6- وما البنى والمؤسسات الاجتماعية الكبرى التى يمكن أن ترتبط بها تلك الأعمال الأدبية؟
إن تلك التساؤلات - كما يرى جرينبلات - هى القادرة على أن تضاعف اهتمامنا بالنظر فى ملامح على درجة كبيرة من الأهمية يتضمنها العمل الأدبى لم تكن موضع اهتمام من قبل، بالإضافة إلى أن هذه التساؤلات تطلعنا على العلاقات القائمة بين عناصر داخل العمل الأدبى من ناحية، وبين المؤسسات الثقافية والمجتمعية من ناحية أخرى.
وهذا اللون من التساؤلات التى تجعل قراءة النص الأدبى قراءة ثقافية، يؤدي إلى نوع من التحليل الثقافى Cultural analysis أكثر شمولاً وأعم فائدة للعمل الأدبى ذاته، لأنه يتجاوز ما وراء حدود النص الأدبى لكى يؤسس روابط، ويقيم علاقات بين النص الأدبي من ناحية، وبين القيم والمؤسسات والممارسات الثقافية من ناحية أخرى، لكن البحث فى هذه الروابط، ومحاولة اكتشاف تلك العلاقات لا يمكن أن يعد بديلاً عن القراءة الأدبية الدقيقة والفاحصة.
