أشكال التقويم المتبعة في المدرسة الجزائرية.. التقويم التكويني لتكوين الفرد من خلال ممارسة التقويم الذاتي والتقويم التحصيلي الخاص بنتائج التعلم



تعتبر "المعرفة العلمية (savoir) فعلا في حد ذاته وليس جوهرا" أي فعلا يرمي إلى إكساب المتعلم  مفاهيم علمية وتقنيات ثقافية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال القيام بعملية التقويم التكويني الذي يستلزم أسس بيداغوجية تتمثل في تحديد الأهداف التربوية ومعايير نجاح الأداء الملاحظ، حيث تقوم هذه الأسس بتوجيه المتعلم والمعلم والتأكيد على نقاط الضعف والقوة الخاصة بالعملية التعليمية.

وبالرجوع إلى الواقع التربوي للمدرسة الجزائرية في مجال التقويم، نجد أغلب المعلمين الجزائريين لا زالوا يمارسون التعليم المتمحور حول المعلم ومعظمهم يجد صعوبات في تطبيق "بيداغوجيا الكفاءات" وبالتالي التقويم التكويني، وهذا ما التمسنه عند أجرائنا الدراسة الاستطلاعية الخاصة بالموضوع في المستويات التعليمية الثلاثة: الابتدائي والمتوسط والثانوي، أين معظمهم المعلمين يؤكدون على الأسئلة التي يكون جوابها منتظرا من طرف المعلم وفي أغلب الأحيان يكون معروفا مسبقا من طرف المتعلم خاصة في المستوى التعليمي الابتدائي، أما فيما يخص طبيعة الأسئلة المطروحة فهي لا تقيس في معظم الحالات إلا قدرة الاسترجاع والتذكر كما كان عليه في التقويم التقليدي، إضافة إلى هذا، عدم اهتمام المعلمين ببعد التقويم التشخيصي الذي من شأنه أن يبين النقائص المتعلقة بالمفهوم المدروس قبل توسيعه حسب مستويات الصياغة.

أما فيما يخص التقويم التحصيلي الخاص بنتائج التعلم، نجد أغلب المعلمين يقيمون هذه الأخيرة بإعطاء قيمة كمية (نقاط) أو قيمة كيفية دون مرافقتها بعبارات توجيهية للمتعلم تخص نقاط ضعف تعلمه أو نقاط قوته المتعلقة بالمفهوم المقصود، وذلك بالرغم من أن التعليمات التربوية الواردة في المناهج التعليمة تؤكد على استعمال التقويم التكويني (évaluation formative) الذي يسعى وراء تكوين الفرد من خلال ممارسة التقويم الذاتي.

أما فيما يخص أشكال التقويم التي استقيناها من الميدان والمتداولة لدى أغلب المعلمين الجزائريين لمختلف المواد التعليمية فهي كالتالي: في معظم الأحيان، يتراوح التقييم  الكمي (évaluation valeur) بين 0 و10/ 10 أو بين 0  و20 / 20 بدون أي ملاحظة أو توجيه يخص مستوى كفاءات التعلم وتطويرها، أما فيما يخص التقييم الكيفي الذي يرافق في بعض الأحيان التقييم الكمي، أي لما يطلب من المعلم كتابة ملاحظات حول نتائج التعلم فهي كالتالي: جيد جدا، جيد، لا بأس، دون الوسط، دون المتوسط، ضعيف، ضعيف جدا، دون المستوى، واصل على هذا المنوال، عليك أن تعمل أحسن...

طبعا هذا النوع من التقويم إذا اعتبرناه كذلك، لا يمكنه أن يخدم المتعلم من الناحية التربوية مهما كان مجال تكوين الشخصية الذي نتطرق إليه، لا من ناحية مستوى التعلم والتقدم في المفاهيم العلمية أو مستوى الكفاءات بالنسبة للمتعلم، ولا من ناحية اطلاعه على النقائص أو الصعوبات التي يعاني منها فيما يخص التعلم، مما يجعل عملية التقويم التكويني تفتقد مصداقيتها بالنسبة للمتعلم، وذلك لكون المعلم يفتقد للمرجعية التي يمكنه من خلالها أن يبرر مدى صلاحية وفعالية القيمة الكمية أو الكيفية التي قدمت للمتعلم، فهذا النوع من التقويم المتداول في مدارسنا وللأسف، لا يمكنه أن يخدم تكوين الأجيال لصالح المجتمع، ما دام لا يزال يتبع التقويم التقليدي.


المواضيع الأكثر قراءة