خصائص مقامات بديع الزمان الهمذاني.. الفصاحة والسهولة والوضوح إلى جانب الدعابة والمرح والتهكم والسرد والوصف الحسي والتحليل ودراسة الطبائع وتصوير المعائب وعرض مساوئ المجتمع



خصائص مقامات بديع الزمان الهمذاني:

تتميز مقامات بديع بأنها قصيرة على الأغلب وفيها من الفصاحة والسهولة والوضوح إلى جانب الدعابة والمرح والتهكم وبديع الزمان حسن الابتكار قل أن تجد له مقامتين في معنى واحد وهو يجيد في مقاماته السرد والوصف الحسي والتحليل ويحسن دراسة الطبائع وتصوير المعائب وعرض مساوئ المجتمع غير انه لا يقصد إلى إصلاح هذه المساوئ ينصح أو يردع وإنما غايته التهكم بأصحابها واظراف الآخرين بتصويرها واستعراضها وهو كثير الاحتقار للناس.

حلاوة الألفاظ وجمال الوصف:

وأسلوب بديع الزمان في مقاماته خاصة حلو الألفاظ سائغ التركيب جميل الوصف كثير الصناعة المعنوية (الاستعارات والكنايات والتورايات الخاصة) من غير تكلف ولا إغراق في السجع.

والمقامات الخمسين التي بدأ بديع الزمان كتابتها منذ عام 375 هـ راوٍ واحد هو عيسى بن هشام وبطل واحد هو أبو الفتح الاسكندري نسبة إلى الإسكندرية التي هي قرب الكوفة على الفرات وهما شخصيتان تاريخيتان، ومن أشهر مقاماته هما: المقامة المضرية والمقامة البشرية.

الحبكة القصصية واستخدام السجع:

أما المقامة المضرية فتظهر فيها براعة البديع في الوصف ودقة التصوير على شيء كثير من السخرية وخفة الروح أما المقامة البشرية فهي وفق بها بديع الزمان الاختراع شاعر جاهلي تبناه التاريخ من بعده الا وهو بشر بن عوانة العبدي.

إن أول من قام بصياغة هذا النوع الأدبي هو بديع الزمان الهمذاني وهو مبدع المقامات غير إن هناك تباين في الآراء بين النقاد والباحثين في اعتبار الهمذاني مبدع لهذا الفن الأصيل بحيث يعتقد جرجي زيدان إن بديع الزمان اقتبس أسلوب مقاماته من رسائل إمام اللغويين أبي الحسين احمد بن فارس (390) هـ.

بينما يعتبر الدكتور زكي مبارك مقامات الهمذاني مشتقة من أحاديث بن دريد (321) هـ ويرى بين مقامات الهمذاني وأحاديث بن دريد مشابهات قوية من حيث الحبكة القصصية واستخدام السجع به.

رواية أحاديث من الأغراب وأهل الحضر:

وليس هناك أثر عن العرب مقامات سابقة على مقامات الهمذاني فهو من اجل ذلك يعتبر مبدع هذا الفن ولكن هناك من الأدباء كابن عبدربه وابن قتيبة والحصري يفضلون ان يقولوا إن بديع الزمان اشتق فن المقامات من فن قصصي سابق.

ويرى الدكتور زكي مبارك: أن يثبت أن مقامات بديع الزمان مشتقة من أحاديث ابن دريد وأن ابن دريد هذا كان راويا وعالما ولغويا وقد عنا برواية أحاديث من الأغراب وأهل الحضر.

ولا ريب في أن بين أحاديث ابن دريد وبين المقامات شبها قويا من حيث القصص واستخدام السجع ولكن هناك أيضا فروقا كبيرة في الصناعة وفي العقدة وفي وجود بطل المقامات وهو المكدي وفي بناء المقامة على الكدية وعلى الهزأ من عقول الجماعات مع إظهار المقدرة في فنون العلم والأدب آلة ما هنالك من خصائص يتميز يها فن المقامات.

فهذا لا يعني أن بديع الزمان لم يطلع على أحاديث ابن دريد أو على ما روي من قصص وأحاديث ولكن الفرق بين ما روي عن العرب من أحاديث وبين المقامات من حيث الغاية والأسلوب كبير جدا.

البلاغة اللفظية:

وعلى كل فإن بديع الزمان لم يكن مبدع فن المقامات فإن مقاماته أقدم ما وصل إلينا من هذا الفن الأدبي الرائع ثم تبعه عدد كبير من الكتاب القدامى والمحدثين فكتبوا في هذا الفن من أبرزهم الزمخشري وجلال الدين السيوطي عن المشارقة والسرقسطي من الاندلسي اما المحدثين فأهمهم اليازجي والمويلحي.

فالغرض من المقامة هو التعليم ولهذا سماها بديع الزمان مقامة وليست قصة أو حكاية أما بعض الباحثين يرى أنها نوع من القصص إلا أنها ليست قصة بالمعنى الكامل إلا أنها تشتمل على عناصر قصصية من حيث الحوار والمضمون والتصوير لعناصر الشر والفساد وبالإضافة إلى احتوائها على كلمات لغوية جعلت من المقامة تتجه نحو البلاغة اللفظية إذ أن القصة ليست الأساس وإنما الأساس هو العرض الخارجي والحلية اللفظية لذا فإن بعض الأدباء اخذوا يبتكرون صورا جديدة للتعبير ولكن في حدود وغالبا ما تتصف المقامة بالشحاذة والكدية.

وفي الآداب العالمية نجد المقامة مثل مقامة القاضي حميد الدين أبو بكر البلخي باللغة الفارسية وفي أوروبا وجود قصص ممثلات لبعض القصص الاسبانية بطلا واحدا اسمه بيكارون وهو يشبه من بعض الوجود أبو الفتح الاسكندري عند بديع الزمان وأبو زيد السروجي عند الحريري.


المواضيع الأكثر قراءة