أسباب اللجوء إلى السخرية في الأدب.. ملاذ نفسي يحقق انفعال الأديب ويستوعب حدّته وثورته. الازدواج الكامن في الذات الإنسانية وعدم القبول بالواقع والطموح إلى المثال



إنّ الأدب الساخر يقترب من الأدب الرمزي الذي يغلّف الحقائق، ويخفي الغضب والضيق، ويُلبِسُ معانية لبوسا قابلا للتأويل.
وهذا النوع يترك للفنان فرصة التراجع أحيانا، فتغدو الألفاظ واسعة الدلالة، وقابلة للأخذ والرد، ويلجأ الأدباء إلى هذا الفن نتيجة لعوامل متعددة، لعل أهمها الخوف من السلطة الحاكمة خاصة إذا كان في التصريح خطر على حياة الأديب.
وقد يلجأ الأديب للسخرية عندما لا يكون قادراً على إبراز غضبه، فتصبح السخرية ملاذاً نفسياً يحقق انفعال الأديب ويستوعب حدّته وثورته.
وقد تأتي بباعث الزهو والشعور بالتفوق العقلي عند الساخر، فينزع إلى السخرية والغموض معاً، ولعل أقوى باعث على وجود السخرية في صورها المختلفة الازدواج الكامن في الذات الإنسانية، الازدواج بين الفكر والعمل، وبين المثالي والواقعي، وبين العقل والعاطفة، وبين الفكرة المجردة والبداهة. والساخر متمرد، لا يقبل بالواقع وإنما يطمح إلى المثال، ولهذا نجده قوي الملاحظة لعيوب المجتمع، يتابعها ويلتقطها.
وثمة ظروف وأوقات تنشط فيها السخرية أكثر من غيرها، منها الحروب وما ينتج عنها من خراب وتدمير.
كذلك فإن عصور الانحطاط والتخلف والتراجع، كلها عوامل تساعد على إبراز الأصوات الساخرة التي تأتي في إطار الرفض والتصحيح.


المواضيع الأكثر قراءة