الشخصيات والفضاء الروائي.. المكان لا يظهر إلا من خلال وجهة نظر شخصية تعيش فيه أو تخترقه



على الرغم من أن المكان مرتبط بالشخصيات، إلا أن الشخصيات قد لا تخضع كلياً للمكان. وبرز اتجاه يقول بالتطابق بين الشخصية والفضاء الذي تشغله، ويجعل من المكان تعبيرات مجازية عن الشخصيات (إن بيت الإنسان هو امتداد له. فإذا وصفت البيت فقد وصفت الإنسان- وارين، وويلك- نظرية الأدب- تر: محيي الدين صبحي- دمشق 1972 ص 288). كما ظهرت اتجاهات أخرى تعطي للشخصيات أهمية فائقة في تشكيل المكان المحيط بها: فالمكان لا يظهر إلا من خلال وجهة نظر شخصية تعيش فيه أو تخترقه، وليس لديه استقلال إزاء الشخص الذي يندرج فيه.
وعلى مستوى السرد فإن المنظور الذي تتخذه الشخصية هو الذي يحدّد أبعاد الفضاء الروائي، ويحقق دلالته وتماسكه الأيديولوجي. والفضاء الروائي ينشأ من خلال وجهات نظر متعددة لأنه يُعاش على عدة مستويات: من طرف الراوي بوصفه كائناً مشخصاً وتخييلياً أساسياً، ومن خلال اللغة التي يستعملها: فكل لغة لها صفات خاصة لتحديد المكان، ثم من طرف الشخصيات الأخرى التي يحتويها المكان، وأخيراً من طرف القارئ الذي يدرج بدوره وجهة نظره.


المواضيع الأكثر قراءة