السرد الاستذكاري.. ضرورة قيام تباعد معقول بين زمن حدوث القصة وزمن سردها



(السرد الاستذكاري) خاصية حكائية نشأت مع الملاحم القديمة وأنماط الحكي الكلاسي، وتطوَّر بتطورها، ثم انتقل إلى الأعمال الروائية الحديثة.

فالقصة –لكي تُروى- يجب أن تكون قد تمّت في زمن ما، غير الزمن الحاضر، لأنه من المتعذر حكي قصة أحداثها لم تكتمل بعد.

وهذا ما يفسر ضرورة قيام تباعد معقول بين زمن حدوث القصة وزمن سردها.

إن كل عودة للماضي تشكل، بالنسبة للسرد، استذكاراً يقوم به لماضيه الخاص، ويحيلنا من خلاله على أحداث سابقة على النقطة التي وصلتها القصة.

وهناك وظائف أخرى للاستذكار مثل الإشارة إلى أحداث سبق للسرد أن تركها جانباً ثم اتخذ الاستذكار وسيلة لتدارك الموقف وسدّ الفراغ الذي حصل في القصة، أو العودة إلى أحداث سبقت إثارتها، تكراراً، يفيد التذكير، أو لتغيير دلالة بعض الأحداث الماضية.

وتتجلّى مظاهر السرد الاستذكاري في (مدى الاستذكار) أو المسافة الزمنية التي يطالها الاستذكار كما في: (قبل خمسين سنة... أذكر... أتذكر). وتُقاس بالسنوات والشهور والأيام.

كما تتجلّى مظاهر السرد الاستذكاري في (سعة الاستذكار) وتُقاس بالسطور والفقرات والصفحات التي يغطيها الاستذكار من زمن السرد، بحيث توضح لنا الاتساع التيبوغرافي الذي يمثله الخطاب الخطّي للرواية.

ومثاله: (قاسم يتذكر صورة والده كما رسمتها له أمه وهو طفل).


المواضيع الأكثر قراءة