المستوى المعرفي والتربوي لإصلاح المنظومة التربوية.. إدراج اللغة الأمازيغية داخل المنظومة التربوية كمنطلق للإقرار بخصوبة الثقافة الوطنية وتنوع مشاربها



ارتبط الشروع في إصلاح المنظومة التربوية في هذا المستوى بالارتكاز على رهان معرفي وعلمي يتماشى ـ نظريا ـ مع التطلع إلى تحقيق مجتمع متكافئ، ديمقراطي وسائر في وجهة التجديد والتحديث.

ويمكننا رصد عناصر هذا الرهان في محصلات العلوم والتكنولوجيا باعتبارها معبرا نحو اليقظة الفكرية والانخراط في مجتمع الإعلام والمعرفة، وفي رد الاعتبار للفكر الفلسفي والعلوم الإنسانية بالنظر إلى جدارة هذه المعارف في بناء الإنسان وتنمية وظائفه الاجتماعية والثقافية والأخلاقية والسلوكية، وفي إدراج اللغة الأمازيغية داخل المنظومة التربوية كمنطلق للإقرار بخصوبة الثقافة الوطنية وتنوع مشاربها، وفي تقعيد الثقافة الحقوقية باعتبارها منطلقا لبناء المواطنة وتبلور الوعي بالعلاقة الوثيقة بين الحقوق والواجبات.

ناهيك عن النزوع الواضح إلى الاستثمار العقلاني لتراثنا الثقافي والفكري بما يحصن هذا التراث ويحافظ على خصائصه من جهة، وبما يؤهل للاندماج الخلاق في حضارة العصر من جهة أخرى.

أما الرهان التربوي، فإن مضمونه ماثل في الوعي بتنمية قدرات التحصيل والتعلم عبر كل الوسائط الممكنة والفعالة، والانتباه إلى أهمية التكافؤ بين فاعليتي التعليم والتعلم، والإقرار بأهمية بيداغوجيا التدرج والارتقاء والتمفصل انطلاقا من الارتكاز على نظام الوحدات والمسالك.

وإذا كانت مقتضيات هذا الرهان قد استلزمت ربط العمل التربوي ببيداغوجيا الكفايات كمنطلق لتحقيق اليقظة والتفاعل والتراكم في الممارسة التعلمية، فإن مراجعة طرائق التأليف المدرسي ووضعها على محك المشاركة والمنافسة، من أهم الملامح المميزة للإصلاح في مضمونه التربوي.

ويظل الانفتاح على المجتمع أثناء إعداد الميثاق أو إبان بلورة جملة من التصورات المتعلقة بالاختيارات التربوية والديداكتيكية، أو المرتبطة بمضامين وأبعاد بعض المواد الدراسية إنجازا غير مسبوق في تاريخ إصلاح التعليم بالمغرب.

ويمكننا ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ الوقوف على التواصل الذي حصل مع التجمعات المهنية والنقابية، وعلى مساهمة ممثلي جمعيات آباء وأولياء التلاميذ، وعلى الدور البارز الذي قامت به الهيئات الحقوقية والثقافية في بلورة بعض المعالم النوعية للبرامج والمقررات الدراسية.

إن أهم إنجاز تستوقفنا عليه هذه الخطوات التي أتينا عليها هو ارتكاز سيرورة الإصلاح البيداغوجي ـ في جزء منها ـ على فاعلية التعاون من خلال إشراك أطراف وازنة من المجتمع المدني والالتفات ـ نسبيا ـ إلى الفاعلين التربويين في بناء التصورات الرئيسة الخاصة بحاضر ومستقبل المدرسة المغربية، وعلى مبادرة تظافر الجهود في بلورة القرارات وصناعتها، وذلك لضمان انخراط أوسع المهتمين والممارسين في قافلة الإصلاح وإنجاح خطواتها.


المواضيع الأكثر قراءة