النص الفلسفي.. خطاب مصوغ في لسان طبيعي معين ومبني بناء إشكاليا ومفهوميا واستدلاليا وتطبعه النسقية في تنظيم القول



لقد ساد الاعتقاد سابقا بأن مجرد انتماء نص ما إلى فيلسوف ما هو فقط ما يجعله فلسفيا، ومعنى ذلك أن النص إذا انتمى إلى أفلاطون أو أرسطو أو غيرهما سيكون فلسفيا بالانتماء فقط، إنه تصور يقوم على أبوة الفيلسوف ووصايته على نصه.

أما التصور الحديث، فقد تم تجاوز التصور الكلاسيكي نظرا لكون الفيلسوف يكتب في بعض الأحيان نصوصا غير فلسفية، وفي ظل القول بموت المؤلف أصبح الاعتقاد بأن النص الفلسفي هو الذي يحدد الفيلسوف، وليس النص الفلسفي هو الذي يحدد من هو الفيلسوف، حيث نعثر على نصوص فلسفية لا تنتمي إلى فلاسفة.

كما أن النص الفلسفي لا يتحدد باللغة الفلسفية نظرا لكون الفلسفة تكتب في لغة طبيعية، ومعنى هذا استحالة الحديث عن لغة فلسفية سابقة عن تشكل النص الفلسفي، بل أكثر من هذا يستحيل الحديث عن لغة فلسفية بإطلاق، إن الأمر إذن يتعلق باشتغال فلسفي على اللغة أو بعبارة أخرى باستعمال فلسفي لها.

كما أن النص الفلسفي لا يتحدد بموضوعه، نظرا لاشتراك بعض المواضيع بين الفلسفة والفكر الديني أو الفكر العلمي.

إجمالا لا يمكن تحديد معايير النص بشكل قبلي وخارج النص، بل ينبغي البحث عن خصوصية النص الفلسفي داخل النص، وخلال عملية تشكل المفاهيم، باعتبار أن خصوصية النص هي في نهاية الأمر خصوصية الكتابة والممارسة الفلسفية، فكيف يمكن تحديد النص الفلسفي إذن؟.

من كل ما سبق نستنتج أن النص الفلسفي هو خطاب مصوغ في لسان طبيعي معين، ومبني بناء إشكاليا ومفهوميا واستدلاليا، وتطبعه النسقية في تنظيم القول.


المواضيع الأكثر قراءة