التعليم الخاص وتحقيق التطلعات الطبقية.. إيقاف التدهور المميت الذي تعرفه المدرسة العمومية



نظرا لأن ازدهار التعليم الخاص، الذي تأتي الساعات المضافة كامتداد له، يتحقق في إطار الالتزام بتعليمات صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والمؤسسات المالية الدولية، الذي لا يتحقق إلا في إطار الدولة الرأسمالية التابعة.

ونظرا لأن التعليم بصيغتيه، الرسمي و الخاص، يسعى إلى الالتزام بتلك التعليمات.
ونظرا لأن تلك التعليمات تسير في اتجاه خوصصة التعليم إلى جانب خوصصة جميع القطاعات العمومية، فإن العلاقة بين الإيديولوجية الرأسمالية التبعية، وممارسة المعلمين للتسلق الطبقي، تعتبر مسألة أساسية، لأن المعلمين لا يمكن أن يمارسوا التسلق الطبقي بدون قناعة إيديولوجية.

فالقناعة الإيديولوجية الإقطاعية، والبورجوازية التابعة و البورجوازية الليبرالية، والقائمة على أدلجة الدين الإسلامي، التي تعمل المناهج والبرامج الدراسية على بثها في صفوف أجيال التلاميذ، والطلبة لا يمكن أن تنتج إلا معلمين متطلعين للالتحاق بصفوف الإقطاع والبورجوازية التابعة والبورجوازية الليبرالية، و بصفوف اليمين المتطرف، الذي يسعى إلى الاستيلاء على السلطة من أجل تسخيرها لخدمة المصالح الطبقية لهذا اليمين.

وعلى خلاف ما كان ينتجه التعليم الذي كان يسعى إلى أن يصير تعليما شعبيا، ديمقراطيا، وطنيا متحررا من معلمين مقتنعين بأيديولوجية التحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فيخلصون في أداء رسالتهم السامية لصالح أبناء الشعب المغربي، ويسعون إلى تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وإلى تحرير التعليم من إعادة إنتاج نفس الهياكل الاقتصادية والاجتماعية القائمة، ويضحون بمصالحهم الخاصة، ويعيشون الفاقة، والبؤس، إخلاصا لرسالتهم التاريخية التي تجعلهم ينخرطون في المنظمات الحقوقية، والنقابية، والجمعوية، والسياسية، من اجل النضال والعمل على تحقيق مدرسة شعبية ديمقراطية وطنية، متحررة، فإن التعليم في المدرسة المغربية الآن، وفي مختلف المستويات التعليمية لا يرسخ في صفوف الأجيال إلا إيديولوجيات التخلف، ولا يفرز إلا معلمين مرضى بتلك الإيديولوجيات، التي تقودهم إلى ممارسة التطلع الطبقي، مستغلين في كل ذلك كل الوسائل بما فيها ممارسة العمالة للطبقة الحاكمة، وللمؤسسة المخزنية، والانخراط في الأحزاب الرجعية المتخلفة، والعمل في إطار النقابات التابعة لتلك الأحزاب، والتي لا تطرح أبدا مشكل التعليم الذي ابتلي باشتغال معظم العاملين فيه بأداء الساعات المضافة في البيوت، وفي المؤسسات الخاصة، ومنهم من يعمل في أكثر من وظيفة إلى جانب وظيفة الدولة التي يتولى بموجبها التدريس في المدرسة المغربية الرسمية.

فبالإضافة إلى وظيفته الرسمية، هناك وظائف أخرى في اكثر من مؤسسة من مؤسسات التعليم الخاص، ومن اجل تحقيق التطلعات الطبقية، والالتحاق بصفوف الطبقات المستفيدة من استغلال الكادحين، وعلى جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية والمدنية والسياسية، كنتيجة لفرض برامج دراسية قامت على أساس أدلجة الدين الإسلامي.  وأجرأة تعليمات المؤسسات المالية الدولية، و خاصة صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والشركات العابرة للقارات، يفرض تجنيد الطاقات المناضلة من نقابات مبدئية، وأحزاب سياسية، و جمعيات حقوقية من أجل تعليم وطني وشعبي، وديمقراطي، ومتحرر تختفي من برامجه، و مناهجه، ومن مسلكيات أطره كل الأساليب التي تعمل على جعله لا يخدم إلا المصالح الطبقية للمستفيدين من الاستغلال، ولا يعمل إلا على تحقيق التطلعات الطبقية البورجوازية الصغرى.

وهذا النضال صار ضرورة تاريخية لإيقاف التدهور المميت الذي تعرفه المدرسة المغربية، والذي لا يتضرر منه إلا أبناء الشعب المغربي.

وضرورته يجب أن تأتي في إطار برنامج حد أدنى تتفق حوله كل المنظمات، والأحزاب التي لازالت تحمل على عاتقها النضال من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.


المواضيع الأكثر قراءة