التشيع في سوريا.. التعبئة السياسيةـ الإيديولوجية على خلفية المواجهة المذهبية الجارية في العراق والشرق الأوسط عموما



ظهرت في الآونة الأخيرة إلى الوجود قضية لم تكن مطروحة على جدول أعمال اهتمامات الرأي العام، سواء داخل سورية أم خارجها، وهي قضية ما سمي بعملية التشيع في البلد المذكور.

ولعل أول من أثارها المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا، المحامي علي صدر الدين البيانوني، ونائب الرئيس "المنشق" عبد الحليم خدام، في تصريحات إعلامية مختلفة قبل أن تأخذ طريقها إلى بيانات رسمية صادرة عن "جبهة الخلاص الوطني".

وأشير في مختلف هذه التصريحات إلى أن السفارة الإيرانية تقود هذه العملية مقابل دفع مبالغ مالية لكل من يتخلى عن مذهبه السني ويلتحق بالمذهب الجعفري، وصولا إلى الإعراب عن مشاعر القلق بشأن ما يمكن يؤدي إليه الأمر من تغيير لبنية السكان الديمغرافية في سوريا!

 فهل لهذه المعلومات والهواجس المثارة أي أساس واقعي، أم أن الأمر يدخل في إطار التعبئة السياسية ـ الإيديولوجية على خلفية "المواجهة المذهبية" الجارية في العراق والشرق الأوسط عموما، و الصراع السياسي الدائر في لبنان على وجه الخصوص، والذي وجد بعض فصائل المعارضة السورية نفسه مدفوعا إلى الدخول فيه بحكم التداخل بين قضايا البلدين!؟

 هذا السؤال، ونعني تحديدا الجانب العلمي الإحصائي، أجيب عليه مؤخرا في أول دراسة من نوعها في هذا المجال قام بها باحثون ميدانيون على مدى ستة أشهر بناء على طلب إحدى الجهات الأوربية الرسمية، وبتمويل منها.

وتتناول الدراسة عملية "التشيع" في سوريا خلال عشرين عاما (1985 ـ 2005)، مع ملحق إضافي تناول النصف الأول من العام 2006.

أعد الدراسة تسعة باحثين ميدانيين متخصصين في مجال علم الاجتماع وعلم الاجتماع السياسي والإحصاء، ويشتركون في أنهم جميعا علمانيون ونشطاء في حركات "المجتمع المدني" السورية.

وقد جاءت الدراسة في 32 صفحة فولسكاب وتحت عنوان The Shiitization Process in Syria 1985-2006, a Socio-statistic paper (عملية التشيع في سوريا 1985 ـ 2006، دراسة اجتماعية ـ إحصائية)، أشرفت عليها، إداريا وحسب، منظمة "المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سوريا"، التي انحصر دورها في ترشيح الباحثين وترتيب الاتصال بينهم وبين الجهة الممولة مقابل السماح للمنظمة بوضع اسمها على البحث كجهة مشرفة إداريا.

وبسبب حساسية الموضوع، خصوصا لجهة إمكانية ملاحقة الباحثين أمنيا وقضايا بتهمة "قبض أموال من جهات أجنبية"، فقد أجريت الدراسة بشكل سري وبعيدا عن الأضواء، كما جرى إغفال أسمائهم والاحتفاظ بها على وثيقة مستقلة لدى الجهة الممولة في بلجيكا.
وقدم للدراسة الكاتب والصحفي السوري نزار نيوف.

وهو متخصص أكاديميا في الاقتصاد والعلوم السياسية والتاريخ الاقتصادي ـ السياسي المقارن للديكتاتوريات في حوض المتوسط.


المواضيع الأكثر قراءة