بيداغوجيا التمركز حول المتعلم.. تكافؤ الفرص وتشجيع المبادرة الفردية,وإشراك جميع المعنيين في تسيير الأمر التي تهمهم بدل تلقيهم لقرارات مفروضة بكيفية سلطوية عمودية



لقد عرف الفكر التربوي في السنوات الأخيرةـ مجموعة من التحولات، وعلى الصعيد الكوني.

- من جملة هذه التحولات: الاهتمام المتزايد بالمتعلمين/ات وبالأدوار التي يمكن أن يقوموا بها في العملية التعليمية التعلمية أي ما أصبح يطلق عليه اليوم بالتدريس المتمركز حول المتعلم/ة.

- هذه التحولات ما كان لها أن تكون لولا تحولات أخرى طارئة، أو لنقل إن تد.مت.ح.مت/مت هو نتيجة لعدة تطورات طالت الشروط الموضوعية المحيطة بالع.تع.تع ومكوناتها.

1- في المجال السياسي الاقتصادي:
حيث أصبح مفهوم حقوق الإنسان عنصرا أساسيا في تسيير الحياة العامة وفي تقييم الأنظمة السياسية.

وهكذا تكونت لدى العديد من المجتمعات ثقافة جديدة، بل تكونت ثقافة كونية جديدة تشجع على الاهتمام بالفرد وهمومه وميولاته وخصوصياته.

كما تدعو إلى تكافؤ الفرص وتشجيع المبادرة الفردية, وإلى إشراك جميع المعنيين في تسيير الأمر التي تهمهم بدل تلقيهم لقرارات مفروضة بكيفية سلطوية عمودية (من الأعلى إلى الأسفل).

إلى جانب الديموقراطيا وحقوق الإنسان، ظهر مفهوم الإنصاف؛ أي إنصاف العنصر الأنثوي في شتى مرافق الحياة، بحيث أصبحت الدعوات تتعالى لمعاملة الفتيات داخل الفضاء المدرسي معاملة إيجابية ومشجعة، وتجنب التحيز للثقافة الذكورية في النصوص والمواد التدريسية الأخرى أو في التفاعل داخل القسم.

2- في مجال فلسفة التربية:
داخل المدرسة التقليدية، رغم أن العملية التعليمية التعلمية تهم بالأساس المتعلمين والمتعلمات,فإنها ليست بالضرورة متمركزة حولهم.

فالمدرسة، ضمن المدرسة التقليدية، غالبا ما تهتم بقضايا أو مصالح المجتمع أو بالثقافة أو التراث –تراث الأمة أو الوطن- أو بعناصر ومكونات المادة الدراسية أو بسلوكات المدرسين والمدرسات وتكوينهم.

بافتحاصنا للجانب التقليدي من مدرستنا يمكن القول إنها:
- تدعو إلى تسخير التربية لخمة المعارف الكلاسيكية والقيم التقليدية وترسيخها، وذلك من خلال الأعمال الأدبية والكتب المأثورة.

وهي بذلك لا تعير اهتماما كبيرا لميولات المتعلمين والمتعلمات وحاجاتهم وتجاربهم.
يتضح هذا بالأساس عند العودة إلى المقررات والمناهج الدراسية.

- تهدف إلى تمرير الثقافة والتراث من جيل إلى جيل. وبذلك تكون المقررات والمناهج مسخرة للحفاظ على المجتمع ومقوماته وليس لإحداث التغيير داخله.

وهكذا ومن منظور الفلسفة التقليدية المتحكمة في مدرستنا، فإن الفرد هو المطالب بالتغيير مسايرة المجتمع والتأقلم معه خلال تلقيه البرامج التعليمية.

وبالمقابل، فإن مؤسسات المجتمع ليست هي المطالبة بالتأقلم والتغيير.
ومن تم فغن المتعلمين والمتعلمات ليس لهم أي دور في صياغة محتوى التعلم أو تحديد الطرق التي يقدم بها هذا المحتوى.

- إن المقابل لهذه الفلسفة التقليدية, هو الفلسفة الحديثة التقدمية التي تنشد الاهتمام بالمتعلم ووضعهم فالصدارة، حيث تركز مفاهيمها الأساسية على قضايا المتعلمين والمتعلمات وتمكينهم من تحقيق نمو مستمر وملائم لواقعهم وحياتهم.

3- في مجال البسيكولوجيا:
إن بيداغوجيا التمركز حول المتعلم/ة ما كان لها أن تظهر على سطح البيداغوجيا بشكل عام، لولا نتائج علم النفس المعرفي من جهة، والتيار الإنساني في المجال السيكولوجي بشكل عام أو ما يطلق عليه (علم النفس الإنساني) من جهة ثانية، وظهور نظرية الذكاءات المتعددة من جهة ثالثة والبيداغوجيا الفارقية من جهة رابعة.


المواضيع الأكثر قراءة