المقاومة الفلسطينية وخسارة الحرب النفسية.. الحرب الإعلامية تحقق النصر قبل حدوثه في ارض المعركة الحقيقية



نجحت المقاومة الفلسطينية في خلق أعلى درجات التنسيق بين أجنحتها المسلحة لكن المثير للاستغراب أن هذا التنسيق لم يصل إلى المستوى الإعلامي فبقيت البيانات تحمل صفة فصائلية ضيقة ويضطر المتابع مثلاً إلى جمع عدد الصواريخ بنفسه، ومتابعة أخبار كل فصيل على حدة والأفضل لو أن هذه الفصائل وضعت خطة إعلامية موحدة وفق ما تسمح به ظروف المعركة وتعلن بياناتها بشكل موحد على أن يحمل متن البيانات إشارة إلى الفصيل الذي قام بالعمل العسكري المعلن عنه وبذلك تحفظ الحقوق وتكون الصورة أنصع. 
وقعت وسائل الإعلام في بعض الهفوات الصغيرة وكان تجاوزها كفيلاً بجعل أدائها في قمة التميز والتأثير ومن هذه الهفوات نذكر ما يلي: 
ركزت بعض هذه الوسائل على فصيل محدد أو أكثر وتجاوزت فصائل أخرى ما أعطى صورة غير كاملة عن الوضع العسكري الميداني جعل الكثيرين ينتقلون إلى وسائل أخرى تنقل صورة أكثر شمولية. 
بعض هذه الوسائل بالغت في نقل صورة الحدث أو العمل العسكري بتفاصيل قد تكون مؤذية وتعطي العدو معلومات قد يكون بحاجتها لتفسير نتائج عملية عسكرية ما، كما حدث في عملية الكمين الذي نفذته المقاومة في الساعات الأولى من الحرب البرية وأسهب أحد المراسلين في وصف العملية وكيفية تنفيذها فجر ذلك اليوم أي بعد ساعتين أو ثلاث من حدوثها، وأعتقد أن العدو كان يحاول معرفة تفاصيل المعركة. 
استخدمت وسائل الإعلام كلمات تعطي مفهوماً لا يغطي المعنى المطلوب مثل استخدام كلمة «استهدفت» في جملة مثل «استهدفت المقاومة دبابة بقذيفة مضادة للدروع». 
واستخدام كلمة استهدفت في هذا المكان يعني أن المقاومة أطلقت القذيفة والهدف هو الدبابة، لكنها لا تعطي معنى إصابة الدبابة أو تدميرها وتبقى نتيجة الاستهداف غامضة، وكان يحسن استخدام كلمة تعطي معنى أقوى مثل «إصابة دبابة بقذيفة أو تدمير دبابة».
في خضم المعركة ستكون أية إشارة ايجابية ذات تأثير عميق خاصة بين الفصائل التي تعاني من خلافات مع فصائل أخرى ولذلك كان يفضل أن تكون هذه الإشارات أقوى وأكثر، وتعطي دلالة على أن الخلافات لا تصل إلى حد التجافي في أرض المعركة، فالعدو واحد والمعركة واحدة والمصير واحد. 
لا يمكن مقارنة القوة العسكرية والتقنية للمقاومة مع تلك التي يمتلكها الكيان الصهيوني، ولمعرفة السر في الإنجازات التي حققتها المقاومة مع هذا الفارق المذهل في القوى، وانتقالها في بعض الأحيان إلى الهجوم، و يجب الاعتراف بأن الإرادة هي العمود الفقري لهذه الانتصارات، خاصة بعد أن أفلحت جهود المقاومة في الاستثمار الأمثل للإمكانات الموجودة على قلتها، والإخلاص في العمل والصبر على الحصار والظلم والعدوان.. سمات حقيقية أثمرت في ساحات المواجهة العسكرية نصراً مبيناً ولم يكن المواطن الفلسطيني في قطاع غزة مسلحاً برصاصه ودمه فقط، بل كان صدره عامراً بالإيمان وبالعقيدة الراسخة والإصرار على استعادة الحقوق المشروعة مهما غلت التضحيات.


المواضيع الأكثر قراءة