دولة القانون والديمقراطية الجديدة على إيقاع ضرب الأحياء والتمثيل بجثت الأموات



السيد نوري المالكي رئيس وزراء العراق اختار لتكتله الذي خاض على رأسه الانتخابات البرلمانية الاخيرة شعار 'دولة القانون' للايحاء بانه اقام مؤسسات تحتكم الى العدالة وتطبيق القانون على الجميع، بما يحفظ كرامة الانسان العراقي.
قناة 'العربية' الفضائية بثت يوم امس الاول شريطاً متلفزاً، يصور مجموعة من ضباط الشرطة العراقيين وهم يعتدون بالضرب بالعصي، والركل بالارجل، لجثة انتحاري حاول ان يفجر نفسه وسط مجموعة منهم.
كان من الصعب ان نتصور ان أحد ضباط 'العراق الجديد' يضع حذاءه فوق رأس الانتحاري الميت، بينما أخذ زملاؤه يرقصون حول الجثمان ويطلقون النار في الهواء ابتهاجاً، ويتضاحكون فرحاً في منظر يذكرنا بالقبائل البدائية المتوحشة التي كانت تعيش في افريقيا في الازمان الغابرة.
نفهم لو ان مجموعة من الاهالي الغاضبين هم الذين اقدموا على هذا العمل الوحشي، وان كنا لا نقبله، وندينه بأشد الكلمات، مثلما فعل بعض الاهالي الغاضبين بجثمان شاب مصري متهم باغتصاب فتاة وقتل جدها وجدتها وطفلين كانا في منزلهما أثناء تنفيذ الجريمة في احدى قرى جنوب لبنان، ولكن ما لا نفهمه، بل ونستهجنه، ان من اقدموا على هذا العمل المنافي لكل الاعراف والقوانين والقيم الدينية والاخلاقية هم من رجال الشرطة الذين من اول واجباتهم التحلي بضبط النفس، وفرض القانون.
لا نعرف ما اذا كان هؤلاء مسلمين، وينتمون الى هذا الدين السماوي السمح الذي يطالب باحترام حرمة الموت، ويجرم التمثيل بالجثث، ايا كان اصحابها، ويؤكد على ان اكرام الميت دفنه، لكن من المؤكد انه حتى لو انتمى هؤلاء الى الدين الاسلامي، فانهم ارتكبوا إثما يستحقون عليه العقاب، بل اقسى انواعه.
نعترف اننا فوجئنا بالمنظر البشع، رغم معرفتنا المسبقة بان بعض رجال الشرطة في العراق مسؤولون عن الكثير من جرائم القتل الطائفي، وانتهاكات حقوق الانسان، وممارسة ابشع انواع التعذيب في حق الذين يختلفون معهم طائفيا او سياسيا.
وربما يفيد التذكير بان الايام القليلة الماضية كشفت عن وجود معتقلات سرية اقامتها اجهزة الحكومة وميليشيات تابعة لها رسميا، لتعذيب المئات من المعتقلين، وقتل بعضهم انتقاما.
ربما يجادل البعض بان الانتحاري الذي رأينا التمثيل بجثته بالصور الملونة، مجرم كان يخطط لارتكاب مجزرة، ولكن هذا لا يمكن ان يبرر اقدام رجال الشرطة على سحل جثته والتمثيل بها، والرقص حولها في نشوة مقززة تكشف عن نفوس مريضة بالحقد الطائفي الاعمى.
لم يخطر في بالنا مطلقا ان 'دولة القانون' تقدم على ارتكاب هذه الاعمال الاجرامية البشعة باسم القانون، ولم نتصور مطلقا ان رئيس وزراء هذه الدولة يقيم سجونا سرية لممارسة التعذيب بعيدا عن القانون ايضا.
نتمنى ان نسمع رأي توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق، وجورج بوش معلمه وحليفه حول هذه الجرائم، وكذلك رهط المثقفين والادباء والشعراء العراقيين الذين ايدوا 'تحرير' العراق، ووعدوا شعبهم بعراق جديد مستقل يحترم حقوق الانسان ويحتكم الى القانون، ويحقق المساواة والعدالة، ويحفظ كرامة المواطن في ظل دولة مستقرة آمنة مزدهرة.


المواضيع الأكثر قراءة