الشخصية الروائية في السرد الحديث:
في حين ركز الأدب القديم على إعطاء الشخصية اسماً دون تعرّف عميق، اتّخذ السرد الحديث منحىً مختلفًا، مُعطيًا الشخصية أبعادًا نفسية عميقة تجعلها كيانًا حيًّا يتفاعل مع الأحداث ويُحركها.
التطور من البعد الخارجي إلى الداخلي:
- الأدب القديم: كانت الشخصيات في الأدب القديم تُقدّم بشكلٍ خارجي، من خلال أفعالها وأقوالها دون التعمّق في دوافعها أو مشاعرها.
- السرد الحديث: اهتمّ السرد الحديث بكشف العالم الداخلي للشخصية، من خلال الغوص في أعماقها النفسية واستكشاف دوافعها وأفكارها ومشاعرها.
المضمون السيكولوجي للشخصية:
- الحياة الداخلية: أصبح للشخصية في السرد الحديث حياة داخلية غنية، تُظهر صراعاتها النفسية وتفاعلاتها مع المحيط.
- الأبعاد النفسية: تنوعّت الأبعاد النفسية للشخصية الروائية، لتشمل:
- الدوافع: تحليل دوافع الشخصية وسلوكها، وفهم ما يُحرّكها في أفعالها وقراراتها.
- الوعي: استكشاف وعي الشخصية وتطوره خلال الأحداث، ورؤيتها للعالم ولذاتها.
- العواطف: التعبير عن مشاعر الشخصية وأحاسيسها، سواء كانت إيجابية أو سلبية.
- التناقضات: إبراز التناقضات في شخصية البطل، وجعلها أكثر واقعية وقربًا من القارئ.
تقنيات الكشف عن المضمون السيكولوجي:
- تيار الوعي: استخدام تقنية تيار الوعي لنقل أفكار الشخصية ومشاعرها مباشرةً للقارئ، دون تدخل من الراوي.
- الحوار الداخلي: إظهار أفكار الشخصية ومشاعرها من خلال حوارها مع نفسها.
- الرمزية: استخدام الرموز للتعبير عن جوانب نفسية عميقة للشخصية.
- لغة الجسد: تحليل تعابير الوجه وإيماءات الجسد لفهم مشاعر الشخصية ودوافعها.
أهمية التعمّق في الشخصية:
- الشخصيات المُقنعة: تُساعد دراسة المضمون السيكولوجي للشخصية على خلق شخصيات مُقنعة وواقعية، تتفاعل مع الأحداث بطريقة طبيعية وتُثير تعاطف القارئ.
- الفهم العميق للأحداث: يُساعد فهم دوافع الشخصية وتفاعلاتها النفسية على فهم الأحداث بشكل أفضل، وتفسير سلوك الشخصيات وتطوّر العلاقات بينها.
- الإثراء الجمالي: يُضفي التركيز على المضمون السيكولوجي للشخصية ثراءً جماليًا على العمل الروائي، ويُضفي عليه عمقًا وإنسانية.
خاتمة:
شهدت الشخصية الروائية في السرد الحديث تحولًا جذريًا من مجرد اسم إلى كيان نفسي عميق يتفاعل مع العالم من حوله. لقد أصبح الكشف عن المضمون السيكولوجي للشخصية عنصرًا أساسيًا في بناء رواية ناجحة، تُلامس مشاعر القارئ وتُثير تفكيره.
0 تعليقات:
إرسال تعليق