أفاطِمَ مهلًا بعضَ هذا التَّدَلّلِ + وَإن كنتِ قد أزمعتِ صَرْمي فأجملي
مهلًا: أي رفقًا. الإدلال والتدليل: أي يثق الإنسان بحب غيره إياه فيؤذيه على حسب ثقته به، والاسم الدّالة والدال والدلال.
أزمعت الأمر وأزمعت عليه: وطّنت نفسي عليه.
يقول: يا فاطمة دعي بعض دلالك وإن كنت وطّنت نفسك على فراقي فأجملي في الهجران.
نصب بعض؛ لأن مهلًا ينوب مناب دع. الصرم: المصدر، يقال: صرمت الرجل أصرمه صرمًا إذا قطعت كلامه، والصرم الاسم.
فاطمة: اسم المرضع أو عنيزة، وعنيزة لقب لها فيما قيل.
البيت لامرئ القيس من معلقته.
وقوله: أفاطم: الهمزة لنداء القريب.
وفاطم: بالفتح، منادى مرخم على لغة من ينتظر.
وفاطمة: هي عنيزة المذكورة في قوله: «ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة».
ومهلا: رفقا، وهو مفعول مطلق، وأصله: أمهلي إمهالا، فحذف عامله، وجعله نائبا عن فعله.
و «بعض»: منصوب بالمصدر، أي: أخريه عن هذا الوقت. وأزمع: صمم وجزم.
والصرم: الهجر.
والإجمال: الإحسان.
يقول لها: إن كان هذا منك تدللا، فأقصري، وإن كان عن بغضة، فأجملي.
ونقل ابن عساكر عن الإصبغ بن عبد العزيز قال: سألت نصيبا، أي بيت قالته العرب أنسب (أغزل)؟ فقال: قول امرئ القيس (وذكر البيت).
وليس كما قال، بل هو كما قال الباقلاني في «إعجاز القرآن» (ص 256): في هذا البيت ركاكة جدا، وتأنيث ورقة، ولكن فيها تخنيث.
ولعل قائلا يقول: كلام النساء بما يلائمهن من الطبع أوقع وأغزل، وليس كذلك؛ لأنك تجد الشعراء في الشعر المؤنث لم يعدلوا عن رصانة قولهم، والمصراع الثاني منقطع عن الأول، لا يلائمه ولا يوافقه، وهذا يبين لك إذا عرضت معه البيت الذي تقدمه، وكيف ينكر عليها تدللها، والمتغزل يطرب على دلال الحبيب وتدلله.
قلت: إن امرأ القيس كان يطلب الجسد، ولذلك لا يريد من صاحبته التدلل والتمنع الذي يستعذبه المحبون الصادقون.
[شرح أبيات المغني/ 1/ 13].
0 تعليقات:
إرسال تعليق