ما هو تعريف الاستطراد؟.. خروج المتكلم من الغرض الذي هو فيه إلى غرض آخر لمناسبة بينهما ثم يرجع فينتقل إلى إتمام الكلام الأول



تعريف الاستطراد:

هو أنْ يخرجَ المتكلمُ منَ الغرض الذي هو فيه إلى غرضٍ آخرَ لمناسبةٍ بينهُما، ثم يرجع فينتقلُ إلى إتمامِ الكلامِ الأولِ، كقول السموأل [1]:
وَإِنّا لَقَومٌ لا نَرى القَتلَ سُبَّةً
إِذا ما رَأَتهُ عامِرٌ وَسَلولُ
يُقَرِّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنا لَنا
وَتَكرَهُهُ آجالُهُم فَتَطولُ
 فسياقُ القصيدةِ، للفخرِ بقومهِ، وانتقل منه إلى هجوِ قبيلتي عامرٍ وسلولٍ، ثم عاد إلى مقامه الأول، وهو الفخرُ بقومه.

وكقول الشاعر[2]:
لنا نفوسٌ لنيلِ المجدِ عاشقةٌ
فإنْ تسلتَ أسلناها على الأسلِ
لا ينزلُ المجدُ إلا في منازلنا
كالنوم ليسَ له مأوى سوىِ المقَلِ

وقال الأصمعي[3]: كنت عند الرشيد فدخل عليه إسحاق بن إبراهيم الموصلي فقال: أنشدني من شعرك، فأنشدَه:
وآمِرَةٍ بالبُخْلِ، قُلتُ لها: اقْصِري
فذلكَ شَيْءٌ ما إليه سَبِيلُ
فمِنْ خَيْرِ حالاتِ الفَتَى لو عَلِمْتِهِ
إذا نالَ شَيْئاً أنْ يَكُونَ يُنِيلُ
فإِنِّي رَأَيْتُ البُخْلَ يُزْرِي بأَهْلِهِ
فأَكْرَمْتُ نَفْسِي أنْ يُقالَ بَخِيلُ
فِعالِي فِعالُ المُكْثِرِينَ تَكَرُّماً
ومالِي قد تَعْلَمِينَ قَلِيلُ
أَرَى النّاسَ خُلاّنَ الجَوادِ، ولا أرَى
بَخِيلاً له في العَالَمِينَ خَلِيلُ
وكَيْفَ أَخافُ الفَقْرَ أو أحْرَمُ الغِنَى
ورَأْيُ أَمِيرِ المُؤْمِنينَ جَمِيلُ

فقال الرشيدُ: يا فضلُ؛ أَعطهِ عشرينَ ألفَ درهم. ثم قالَ: للهِ أبياتٌ تأتينا بها يا إسحاقُ ما أتقنَ أصولَها، وأبينَ فصولَها، وأقلَّ فضولَها!
فقالَ: واللهِ يا أميرَ المؤمنينَ، لا قبلتُ منها درهماً واحداً.
قال: ولمَ؟
قالَ: لأنّ كلامَك، واللهِ، خيرٌ من شِعري. فقال: يا فضلُ؛ ادفع إليه أربعين ألفاً.
قال الأصمعيُّ: فعلمتُ أنه أصيدُ لدراهمِ الملوكِ منيِّ.

وقال جريرٌ يهجو الفرزدقَ [4]:
أعددتُ للشعراء ِ سمًّا ناقعاً
فسقيتُ آخرَهمْ بكأسِِ الأولِِ
لمّا وَضَعْتُ على الفَرَزْدَقِ مِيسَمي
و ضغا البعيثُ جدعتُ أنفَ الأخطلِِ

هوامش:

[1]- البديع في نقد الشعر - (ج 1 / ص 16)  ومنتهى الطلب من أشعار العرب - (ج 1 / ص 368) ونقد الشعر - (ج 1 / ص 35) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 21 / ص 389) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 60 / ص 487) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 127).
[2]- جواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 15).

[3]- زهر الآداب وثمر الألباب - (ج 1 / ص 429) والحماسة البصرية - (ج 1 / ص 121) والمحاسن والمساوئ - (ج 1 / ص 188) ونهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 2 / ص 19) ومعجم الأدباء - (ج 1 / ص 230) والعقد الفريد - (ج 1 / ص 72) وأمالي القالي - (ج 1 / ص 15).

[4]- البديع في نقد الشعر - (ج 1 / ص 17) ومنتهى الطلب من أشعار العرب - (ج 1 / ص 181) والعمدة في محاسن الشعر وآدابه - (ج 1 / ص 122) وزهر الآداب وثمر الألباب - (ج 1 / ص 429) ومحاضرات الأدباء - (ج 1 / ص 162) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 15 / ص 52) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 127).


0 تعليقات:

إرسال تعليق