شرح وتحليل: كَبِكْرِ الْمُقاناةِ البَيَاض بصُفْرَةٍ + غَذَاها نَمِيرُ الْمَاء غيرُ الْمُحَلَّلِ



كَبِكْرِ الْمُقاناةِ البَيَاض بصُفْرَةٍ + غَذَاها نَمِيرُ الْمَاء غيرُ الْمُحَلَّلِ

  • البكر من كل صنف: ما لم يسبقه مثله.
  • المقاناة: الخلط يقال: قانيت بين الشيئين إذا خلطت أحدهما بالآخر، والمقاناة في البيت مصوغة للمفعول دون المصدر.
  • النمير: الماء النامي في الجسد. المحلّل ذكر أنه من الحلول، وذكر أنه من الحل.

ثم إن للأئمة في تفسير البيت ثلاثة أقوال، أحدها: أن المعنى كبكر البيض التي قوني بياضها بصفرة، يعني بيض النعام وهي بيض تخالط بياضها صفرة يسيرة، شبه لون العشيقة بلون بيض النعام في أن في كل منهما بياضًا خالطته صفرة، ثم رجع إلى صفتها فقال: غذاها نمير عذب لم يكثر حلول الناس عليه فيكدره ذلك، يريد أنه عذب صاف، وإنما شرط هذا؛ لأن الماء من أكثر الأشياء تأثيرًا في الغذاء لفرط الحاجة إليه فإذا عذب وصفا حسن موقعه في غذاء شاربه.

وتلخيص المعنى على هذا القول: إنها بيضاء تشوب بياضها صفرة وقد غذاها ماء نمير عذب صافٍ، والبياض الذي شابته صفرة أحسن ألوان النساء عند العرب.

والثاني: أن المعنى كبكر الصدفة التي خولط بياضها بصفرة، وأراد ببكرها درتها التي لم ير مثلها، ثم قال: قد غذا هذه الدرة ماء نمير وهي غير محللة لمن رامها؛ لأنها في قعر البحر لا تصل إليها الأيدي.

وتلخيص المعنى على هذا القول: إنه شبهها في صفاء اللون ونقائه بدرة فريدة تضمنتها صدفة بيضاء شابت بياضها صفرة وكذلك لون الصدفة، ثم ذكر أن الدرة التي أشبهتها حصلت في ماء نمير لا تصل إليها أيدي طلابها، وإنما شرط النمير والدر لا يكون إلا في الماء الملح؛ لأن الملح له بمنزلة العذب لنا إذ صار سبب نمائه كما صار العذب سبب نمائنا.

والثالث: أنه أراد كبكر البرديّ (نبات مائي ينمو بكثرة في المستنقعات بأعالي النيل) التي شاب بياضها صفرة وقد غذا البردي ماء نمير لم يكثر حلول الناس عليه، وشرط ذلك ليسلم الماء عن الكدر وإذا كان كذلك لم يغير لون البردي، والتشبيه من حيث أن بياض العشيقة خالطته صفرة كما خالطته بياض البردي.

ويروى البيت بنصب البياض وخفضه، وهما جيدان، بمنزلة قولهم: زيد الحسن الوجه، والحسن الوجه، بالخفض على الإضافة والنصب على التشبيه كقولهم: زيد الضارب الرجل.

المعنى:

يُغذي بياض وصفرة المحبوبة ماء عذب نقي لم تتلوثه الأيدي ولم يصل إليه أحد.

التّحليل البلاغي:

  • التّشبيه: شبهت المحبوبة في البيت الأول ببيضة النعامة من حيث البياض الممزوج بالصّفرة، وفي البيت الثاني شبه بياضها وصفرتها بماء عذب نقي.

المجاز:

  • الاستعارة: استعير "الماء" للبياض والصّفرة.
  • التّشبيه المركب: شبه بياض المحبوبة وصفرتها ببيضة النعامة، وشبه بيضة النعامة بماء عذب نقي، فحصل تشبيه مركب.


0 تعليقات:

إرسال تعليق