نشوة النصر في الشعر الجاهلي.. فخر الأعشى في انتصار بكر على كسرى في يوم ذي قار



نشوة النصر في الشعر الجاهلي:

تمهيد:

يُعدّ النصر من أسمى المشاعر الإنسانية، فهو شعورٌ بالفخر والسعادة ينتاب الفرد أو الجماعة عند تحقيق هدف عظيم أو التغلب على عدوّ قويّ. وقد تجلى ذلك الشعور جليًّا في شعر الجاهلية، حيث خصص الشعراء العديد من قصائدهم للاحتفاء بالنّصوص التي حققتها قبائلهم، فكانت تلك القصائد بمثابة سجلّ خالّد لتاريخهم وإنجازاتهم.

فخر الأعشى في يوم ذي قار:

من أشهر قصائد الفخر في الشعر الجاهلي قصيدة الأعشى ميمّاء في مدح قومه بكر بن وائل، وفخرهم بيوم ذي قار، وهو يوم انتصر فيه العرب على الفرس بقيادة كسرى أنو شروان.

شرح وتحليل أبيات القصيدة:

الأبيات:

وجند كسرى غداة الحنو صبحهم
منا كتائب تزجي الموت فانصرفوا
جحاجح وبنو ملك غطارفة
من الأعاجم في آذانها النطـف
إذا أمالوا إلى النشـاب أيديهم
ملنا ببيض فظل الهام يختطف
وخيل بكر فما تنفـك تطحنهـم
حتى تولوا وكاد اليوم ينتصف
لو أن كل معد كـان شاركنا
في يوم ذي قارما أخطاهم الشرف

التّحليل:

  • الصورة الأولى: يصف الشاعر هجوم جيش كسرى على العرب في الصباح الباكر، لكنّ العرب واجهتهم ببسالة وشجاعة، فانهزم جيش كسرى وفرّ هارباً.
  • الصورة الثانية: يُبرز الشاعر قوة قبيلة بكر وشجاعة فرسانها، فيصفهم بأنّهم "جحاجح" و "غطارفة"، وأنّهم أرعبوا جيش الفرس حتى أنّه "في آذانهم النّطف".
  • الصورة الثالثة: يصف الشاعر المعركة الدائرة بين العرب والفرس، فيقول أنّ العرب قاتلوا بشراسة مستخدمين سيوفهم، فكانوا يقطّعون رؤوس الفرس.
  • الصورة الرابعة: يُواصل الشاعر وصف شدة المعركة، فيقول أنّ خيل بكر لم تتوقف عن مطاردة الفرس حتى هزمتهم تمامًا.
  • الخاتمة: يُعبّر الشاعر عن أسفه لعدم مشاركة جميع قبائل معد في المعركة، معتقدًا أنّهم لو شاركوا لكانت النتيجة أكثر فخامة.

جماليات القصيدة:

  • القوة والصّورة: تميزت القصيدة بصورها القوية والمعبّرة التي تجسّد شجاعة العرب وبسالتِهم في المعركة.
  • الفخر: عبّر الشاعر عن فخره الشديد بانتصار قومه، وافتخارهم بقوتهم ووحدتهم.
  • الحماس: اتّسمت القصيدة بأسلوبها الحماسيّ الذي يُثير مشاعر الحماس والفخر لدى القارئ.

خاتمة:

تُعدّ قصيدة الأعشى ميمّاء نموذجًا رائعًا لشعر الفخر في الشعر الجاهلي، حيث تجلّى فيها مشاعر الفخر والسعادة التي غمرت العرب بعد انتصارهم على الفرس في يوم ذي قار.