أبو بكر الصديق والسيدة فاطمة وميراث النبي (ص).. قضية فدك، ومنع فاطمة من إرثها من أهم القضايا، التي تواطأ عليها الصحابة بعد غصب الصديق رضي الله عنه للخلافة منهم



قالت عائشة رضي الله عنها: إن فاطمة والعباس - رضي الله عنهما- أتيا أبا بكر- رضي الله عنه- يلتمسان ميراثهما من رسول الله (ص) وهما يطلبان أرضه من فدك، وسهمه من خيبر، فقال لهما أبو بكر: إني سمعت رسول الله يقول: «لا نورث، ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد (ص) من هذا المال»([1]) وفي رواية قال أبو بكر رضي الله عنه... لست تاركًا شيئًا كان رسول الله (ص) يعمل به إلا عملت به، فإني أخشى إن تركت شيئًا من أمره أن أزيغ([2]). وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: إن أزواج النبي (ص)، حين توفى الرسول الله، أردن أن يبعثن عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى أبى بكر، ليسألنه ميراثهن من النبي (ص)، فقالت عائشة رضي الله عنها لهن: أليس قد قال رسول الله (ص): «لا نورث، ما تركناه صدقة»([3])  وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): «لا يقتسم ورثتي دينارًا، ما تركت بعد نفقة نسائى ومؤنة عاملي فهو صدقة»([4]).
وهذا ما فعله أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع فاطمة رضي الله عنها امتثالاً لقوله (ص)، لذلك قال الصديق: «لست تاركًا شيئًا كان رسول الله (ص) يعمل به إلا عملت به»([5]) وقال: «والله لا أدع أمرًا رأيت رسول الله يصنعه إلا صنعته»([6]).
وقد تركت فاطمة رضي الله عنه منازعته بعد احتجاجه بالحديث وبيانه لها، وفيه دليل على قبولها الحق وإذعانها لقوله (ص)، قال ابن قتيبة([7]): وأما منازعة فاطمة أبا بكر رضي الله عنها في ميراث النبي (ص) فليس بمنكر، لأنها لم تعلم ما قاله رسول الله (ص)، وظنت أنها ترثه كما يرث الأولاد آباءهم، فلما أخبرها بقوله كفت([8]), وقد غلا الرافضة في قصة ميراث النبي غلوًا مفرطًا مجانبين الحق والصواب، معرضين متجاهلين ما ورد من نصوص صحيحة في أنه (ص) لا يورث، وجعلوا ذلك من أصول الخلاف بين الصحابة وآل البيت- رضي الله عنهم أجمعين - وامتدادًا لأمر الخلافة، فاتهموا الصحابة- رضوان الله عليهم- بإيقاع الظلم والجور على آل البيت، ولا سيما أبو بكر الصديق وعمر الفاروق - رضي الله عنهما - الذين غصبا الخلافة من آل البيت كما في زعمهم، وأضافوا إلى ذلك غصب أموال آل البيت، وغصب ما فرض الله لهم من حقوق مالية، ويعتبر الرافضة قضية فدك، ومنع فاطمة من إرثها من أهم القضايا، التي تواطأ عليها الصحابة بعد غصب الصديق رضي الله عنه للخلافة منهم على حد تعبيرهم، وذلك حتى لا يميل الناس إلى آل البيت بسبب هذا المال فيجتمعوا عليه ويخلعوه من الخلافة([9]).

([1]) البخاري رقم 6726.
([2]) مسلم رقم 1759.
([3]) البخاري رقم 6730، مسلم رقم 1758.
([4]) البخاري رقم 6729.
([5]) مسلم 1758.
([6]) البخاري رقم 6726.
([7]) شذرات الذهب (2/169).
([8]) تأويل مختلف الحديث: ص19/1.
([9]) العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط: ص (435).