التحالف الغربي في أفغانستان والهزيمة المنتظرة.. الهزيمة امام طالبان تقليص للخسائر



عندما يعلن الرئيس الباكستاني آصف زرداري أن قوات التحالف الغربي تخسر الحرب امام حركة طالبان في افغانستان، فان هذا يعني ان بداية النهاية قد بدأت بالنسبة الى الولايات المتحدة ومشروعها العسكري الفاشل في هذا البلد.
زرداري لا ينطق عن هوى، فهو رئيس دولة اسلامية تعتبر رأس الحربة في هذا المشروع الامريكي، والشريك الاكبر فيما يسمى بالحرب الامريكية على الارهاب، وهو قبل كل ذلك ابن المنطقة ويعرفها جيدا شبرا شبرا، ولذلك يجب اخذ اقواله هذه على محمل الجد.
من الطبيعي ان يعلن المتحدث باسم البيت الابيض امس ان الرئيس باراك اوباما غير موافق على هذه التصريحات التي ادلى بها الرئيس الباكستاني الى صحيفة 'لوموند' الفرنسية، لانه، اي الرئيس باراك اوباما وضع الانتصار في الحرب الافغانية محور سياسته، وتجاوب مع كل طلبات قادته العسكريين بزيادة عدد القوات الامريكية الى مئة الف جندي آملا في تحقيق هذا الانتصار الذي يتطلع اليه لتعزيز شعبيته المتدهورة.
الحقائق على الارض تؤكد اقوال زرداري هذه، وكذلك الوثائق التي نشرها موقع 'ويكيليكس' وتحدثت بتفاصيل دقيقة عن حجم الهزيمة والجرائم التي يرتكبها الجيش الامريكي في افغانستان امام حركة طالبان ويكفي التذكير بان شهر تموز (يوليو) الماضي كان الاكثر دموية بالنسبة الى القوات الامريكية منذ بداية الحرب في افغانستان قبل تسع سنوات، حيث بلغ عدد القتلى الامريكيين اكثر من 66 قتيلا.
حلفاء واشنطن بدأوا يسلمون بالهزيمة، ويسحبون قواتهم الواحد تلو الآخر، وآخر المنسحبين هم الهولنديون الحلفاء الخلص لواشنطن. فالضغوط الشعبية الرافضة لهذه الحرب، غير المؤمنة بها، بدأت تعطي ثمارها وبشكل سريع.
آخر استطلاعات الرأي التي نشرت امس افادت بأن 46' من الامريكيين باتوا يعارضون الحرب في افغانستان، ويطالبون بسحب قواتهم منها في اسرع وقت ممكن تقليصا للخسائر، ولكن الرئيس اوباما لا يريد ان يقرأ هذه الاحصاءات، ويستخلص العبر والنتائج منها، لانه ما زال يعتقد بان الانتصار ممكن مثلما صرح في آخر خطاباته قبل اربعة ايام.
حركة طالبان تكسب هذه الحرب ليس لانها اكثر قوة، واحدث تسليحا، بل لانها تدافع عن ترابها الوطني، وتقاوم احتلالا اجنبيا، تماما مثلما فعل الشعب الافغاني، وانتصر، في مواجهة جميع الاحتلالات المماثلة، ابتداء من الاحتلال الانكليزي وانتهاء بالاحتلال السوفييتي.
الرئيس اوباما يجب ان يستمع بعناية الى اقوال الرئيس الباكستاني هذه ويأخذها بعين الاعتبار، والاكثر من ذلك كان عليه ان يدعوه الى البيت الابيض للاستماع الى المزيد منها، واستيضاح ما يبدو غامضا بالنسبة اليه حول طبيعة المنطقة وسير المعارك فيها، والخريطة الديموغرافية في افغانستان، ولا مانع من اجراء المزيد من القراءات في التاريخ الافغاني لعله يستخلص الدروس والعبر التي قد تدفعه لاتخاذ قرار الانسحاب الصعب، وفي اسرع وقت ممكن، والتسليم بما سلم به الرئيس زرداري، اي الهزيمة امام طالبان تقليصا للخسائر.


0 تعليقات:

إرسال تعليق