الحرب النفسية قبل العدوان على غزة.. تدمير البنية المادية التي تساعد على الصمود وتدمير عوامل الصمود النفسي لدى المواطن الفلسطيني في غزة



مارس الكيان الصهيوني سياسة في اتجاهين ضد قطاع غزة تهدف في مجملها إلى تدمير البنية المادية التي تساعد على الصمود، وفي الوقت نفسه تدمير عوامل الصمود النفسي لدى المواطن الفلسطيني في غزة، وضمناً المقاوم الفلسطيني. وفي الوقت الذي كانت فيه وسائل الإعلام الصهيونية تهول من قدرات المقاومة وتناميها كقوة إرهابية تهدد السلام في المنطقة أمام الرأي العام الصهيوني والغربي، كانت هذه الوسائل تهزأ بالمقاومة وأدائها وقدراتها وتشوه صورتها أمام الرأي العام العربي، مستخدمة أساليب متعددة من الأكاذيب والتضليل، مستغلة حالة الانقسام الوطني الفلسطيني، والتشرذم العربي، حيث انتقلت حالة الخلاف السياسي لتصبح مجموعة من الشتائم والإساءات والتهجم، التي كان العدو يستغلها ليهاجم مبدأ المقاومة،
من خلال هجوم بعض الأطراف على رافعي لواء المقاومة. ثم تطور الأمر ببعض الأطراف الفلسطينية والعربية إلى الإساءة للمقاومة كنهج وكفصائل وكأشخاص، فضلاً عن إبراز تفوق الصهاينة من خلال اغتيال المقاومين، كلما سنحت الفرصة، وإظهار هذه العمليات كنجاح ميداني واستخباراتي. ولعل من أبرز الميادين التي برعت الأدوات الصهيونية في التلاعب فيها هو إظهار حركة (حماس) كحركة انقلابية طردت الشرعية الفلسطينية. وساهم في هذا التضليل قياديون في السلطة وصحفيون في مختلف وسائل الإعلام العربية والأجنبية، ودبلوماسيون، وبعض الزعماء العرب، الذين اتخذوا من هذا التزوير وسيلة للتهرب من واجبهم في فتح معبر رفح، قبل العدوان، وفي أثنائه وربما بعده أيضاً. 
كذلك عمل الصهاينة قبل العدوان على إيجاد غطاء دولي وإقليمي وعربي للعدوان المرتقب على قطاع غزة. وقامت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني بدورٍ قذرٍ لتأمين هذا الغطاء، وكان النجاح على المستوى الدولي كبيراً، بينما كان غير ظاهر إقليمياً بل على العكس ظهر فشل الصهاينة في تسويغ عدوانهم أمام دول مهمة مثل تركيا الدولة التي كانت ترتبط بعلاقات مميزة مع الكيان الصهيوني، والتي ظهر رفضها للعدوان منذ الأيام الأولى للقصف الجوي، إن لم نقل منذ الساعات الأولى، فضلاً عن دور إيران وموقفها المعلن والمعروف من القضية الفلسطينية. أما على المستوى العربي فقد شكل الغطاء العربي للعدوان فضيحة كبيرة وتواطؤاً من بعض الأنظمة الرسمية العربية، بينما على العكس من ذلك ظهرت دول رفضت العدوان واتخذت مواقف حاسمة ضده، في حين جلست أنظمة أخرى تكتفي بالمشاهدة والتعاطف، كما لو كان ما يحدث في غزة فيلماً هندياً. 
بعد أن قامت إسرائيل بتأمين غطاء عربي بل وفلسطيني ودولي للحرب الوحشية بدأ تحضير المسرح للعدوان ولإنجاز الأهداف المرتقبة بأسرع وقت وبأقل كلفة ممكنة، من خلال تحضير ساحة غزة لمعركة، أو قل لمحرقة، تتضمن القضاء على حركة (حماس) وما تمثله من نهج مقاوم مع بعض الفصائل الفلسطينية بالضربة القاضية، وتم العمل في المرحلة الأولى على إبراز العملية التي ينوي الصهاينة القيام بها وكأنها ضد حركة (حماس) حصراً وليست ضد غزة أو ضد الفلسطينيين مع التلميح بإمكانية استعادة السلطة الشرعية التي تستطيع إعادة الحياة الطبيعية إلى قطاع غزة بعد فك الحصار وفتح المعابر وذلك لبث مزيد من الفرقة بين السلطة و(حماس) وبين ما سمي (حماس غزة) و(حماس الخارج) ناهيك عن إبراز معاناة المستوطنين من صواريخ المقاومة والادعاء كذباً برفض المقاومة للتهدئة معتمدين على صمت الوسطاء وأحياناً تواطئهم. 
وجاء موعد تنفيذ الضربة الجوية الأولى خلال العدوان الإرهابي وادعت حكومة الكيان الإرهابي الصهيوني أن ما يسمى بالحكومة الأمنية المصغرة ستجتمع يوم الأحد لتقرر فيما إذا كانت ستهاجم قطاع غزة، وفي الوقت نفسه تلقت حركة (حماس) تطمينات بأن هناك 48 ساعة على الأقل قبل أي عمل صهيوني ضد القطاع وأن هذه المساحة الزمنية ستترك للجهود الدبلوماسية، وابتلعت حركة (حماس) الطعم وكانت الضربة الجوية التي سحقت المقرات الأمنية والشرطية والحكومية والتي كلفت الشعب الفلسطيني ثمناً باهظاً وبذلك أعطيت إشارة البدء للعدوان الإرهابي الصهيوني ضد قطاع غزة.


0 تعليقات:

إرسال تعليق