فن القصة القصيرة.. تروي حدثًا بلغة أدبية راقية ويقصد بها الإفادة أو خلق متعة ما في نفس القارئ، عن طريق إسلوبها، وتضافر أحداثها وأجوائها التخيلية والواقعية



في دراسة للسيد (خالد جوده أحمد) تحت عنوان: "الحدوته والقصة القصيرة التقاء وافتراق" يقول: "إن القصة القصيرة بمفهومها المعاصر جنس أدبي وافد إلينا وإن كانت له جذور في الحكايا والأخبار العربية، وبالتالي فإن للقصة القصيرة اشتراطاتها الفنية المتواضع عليها، وتلتقي بالحكاية من حيث أنها تتوافر على متن حكائي هو ما يطلق عليه الحدث وهذا يتوارى عادة وراء المتن البنائي أو البنية القصصية، ويتوزع خلال عملية القص على ثنايا العمل في شبه إشارات وتلميحات ودلالات يسترشد بها المتلقي لتشكيل الصورة التي أراد المؤلف توصيلها داخل اللعبة الشكلية الفنية التي تتفاوت بين قصة وأخرى اعتمادًا على حرفية المبدع واكتمال أداوته وبراعته في القص وقدرته على التوصيل"...

ويقول الكاتب المغربي (أحمد المديني) إن القصة القصيرة تتناول قطاعًا عرضيًا من الحياة، تحاول إضاءة جوانبه، أو تعالج لحظة وموقفًا تشتشف أغوارهما، تاركة أثرًا واحدًا وانطباعًا محددًا في نفس القارئ، وهذا لا يتأتي بشيء من التركيز والاقتصاد في التعبير وغيرها من الوسائل الفنية التي تعتمدها القصة القصيرة في بنائها العام، والتي تعد فيه الوحدة الفنية شرطًا لا محيد عنه، كما أنها تبلغ درجة من القدرة على الإيماء والتغلغل في وجدان القارئ، كلما حومت بالقرب من الرؤية الشعرية"...

وبهذا المفهوم الدلالي فإن القصة تروي حدثًا بلغة أدبية راقية، ويقصد بها الإفادة أو خلق متعة ما في نفس القارئ، عن طريق إسلوبها، وتضافر أحداثها وأجوائها التخيلية والواقعية.

والقصة القصيرة بهذا لا تحتمل أكثر من حدث، وربما تكتفي بتصوير لحظة شعورية واحدة نتجت من حدث بالفعل أو متوقع حدوثه، ويمكن أن تعبر عنه في أقل عدد من الكلمات.

وبناء القصة القصيرة يبدأ مع أول كلمة، ومعها يبدأ الكاتب في الاتجاه مباشرة نحو هدفه. فإن البداية لا بد أن تحمل كثيرًا من رؤية العمل وروحه، وعليه، يجب أن تكون نقطة البداية مشوقة ومحفزة للقارئ كي يواصل القراءة ليستكشف ما هي حكاية هذه القصة.

وعليه فإن العمل يجب أن يكون متماسكًا مكثفًا متخلصًا من الزوائد السردية الغير ضرورية لتنمية الحدث، حتى لا يصيب العمل بالترهل.


0 تعليقات:

إرسال تعليق