قيد انحصار التشاكل.. قيد انحصار التشاكل الصوتي في بيت أو سطر شعري يعزز الكثافة ذاتها وقد يأتي تكثيفا لتوزع التشاكل بين مجموع الأبيات



إن قيد انحصار التشاكل الصوتي في بيت أو سطر شعري يعزز الكثافة ذاتها. وقد يأتي تكثيفا لتوزع التشاكل بين مجموع الأبيات كما هو حال المثال (26) لابن زيدون. أو تمطيطا لنواة صوتية كما في الأسطر الشعرية لفرو نسي جايمس ( عن جوتيي (1974)، ص.25 ).
27_Je tape les herbes avec une gaule en réfléchissant
          S     L         L             L
Et le duvet des pissenlits s'envole en suivant le vent.
V       S     L   S    V L        S   V       L   V    

تنمو في هذه الأسطر الشعرية الكثافة الصوتية في خط تصاعدي آت من التشاكل _المنطلق:
تشاكل الصامت ] L [ نحو بروز تشاكل الصامت ] S [ وتشاكل الصامت [V] لتنحصر التشاكلات الثلاثة في السطرين الثالث والرابع. وبذلك تتفاعل في هذا المثال جهات ثلاث؛ هي الجهة الدائرية لوجود الزمن الإيقاعي (التراكم) والجهة المتشابكة لكون الزمن السابق زمنا دوريا (غياب الانتظام)، والجهة المطاطية لوجود زمن التوسيع. وتمثيل ذلك الشكل.

إن تفاعل الجهات يفسره مبدأ المرآة كما طرحه بيكر(1985). ذلك أنه قدم تفسيرا تفاعليا للعلاقة بين المكون الصرافي والمكون التركيبي يجعل الاشتقاقات الصرافية تعكس بالضرورة الاشتقاقات التركيبية والعكس صحيح.

وهو ما يستدعي حضورا متوازيا للمكونين معا في البنية اللغوية، يجعلهما في حالة معينة من التماثل (التشاكل).
فنموذجنا البلاغي التفاعلي يستثمر هذا المبدأ عن طريق تعميمه، لأن مقصديتنا تروم إسقاط مبادئ التفاعل والانعكاس المتبادل والتوازي على شبكة العلاقات التي تنتظم مختلف الجهات البلاغية.

وقد أبرزنا سابقا بعض نماذج الإسقاط المتبادل بين الجهات البلاغية، وسنبرهن خلال الفقرات الموالية على بعض النماذج الأخرى.

وإذا كنا قد انطلقنا من فرضية الكثافة البلاغية المعممة على الشعر وغيره، فإن قيودا صوتية مثل الكثافة والانحصار (Resserrement) قد تتوفر، كذلك، في خطابات غير الخطاب الشعري حيث إن مقصدية المتكلم لا تتغيى إنتاج خطاب أدبي، مما يعني من جديد تهافت نظرية الانزياح، لأن وظيفة الأوجه البلاغية في مثل تلك الخطابات وظيفة تصورية_معرفية، وهي استراتيجية تساعد المتعلم على اكتساب كفايات التحليل والتركيب، حيث تسمح الأولى بتحديد الخصائص المميزة لكل خطاب بينما تسمح الثانية بالنظر إلى الخطابات في تعالقها وتفاعل بعضها مع بعض.

يقول المنصور المر يني في إحدى خطبه(عن النبوغ المغربي لعبد الله كنون، 1975، صص390_391):
28_يا معشر المسلمين، وعصابة المجاهدين: إن هذا يوم عظيم، ومشهد جسيم، ألا وإن الجنة قد
      م       م   م    م   هـ    هـ    م     م   م هـ   م
فتحت لكم أبوابها، وزينت أترابها، فخذوا في طلابها، فإن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم
        م     هـ       هـ     هـ      هـ      م    م  م       هـ م
وأموالهم بأن لهم الجنة. فشمروا عن ساعد الجد معاشر المسلمين، في جهاد المشركين، فمن
 م   هـ م    هـ م    م    م    م    م     هـ   م    م 
مات منكم مات شهيدا، ومن عاش عاش غانما مأجورا حميدا، فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا
م   م   م م      هـ    م    م  م         م      
الله لعلكم تفلحون.
 م         

إذا نظرنا إلى هذا النص من زاوية تشاكل الصوامت فقط وركزنا على نمو كثافة الصامتين (م، ه)، وجدنا جهة مطاطية توسع مواقع التشاكل بواسطة التراكم. ذلك أن الخطيب انطلق من الصامت –النواة [م] وأضاف إليه تراكم الصامت [ه]، ثم انحصرت الكثافة في الوحدتين المعجميتين: أنفسهم وأموالهم؛ وبعد ذلك، حذف الصامت [ه] وألحقت الصوامت (ر، ص، ب، ن...) بالكثافة الصوتية.

وبذلك، تفاعلت كل الجهات في هذا النص لتوفره على قيود بلاغية فرعية من قبيل الحذف والإلحاق والتوسيع والتراكم والانحصار..وهي نفس القيود التي يمكن تطبيقها على تشاكل الصوائت في الخطبة ذاتها.

ونظيف إلى قيدي الكثافة وانحصار التشاكل قيد العلاقة الدلالية الذي يدعم التشاكل الصوتي.


0 تعليقات:

إرسال تعليق