علاقة المدرس بالتلميذ كمصدر للمعرفة وزميل في الإنسانية.. العلاقة التي تعتبر التلميذ اقل قيمة إنسانية من المدرس تسفر عن نتائج سلبية



قبل الخوض في تبيان علاقة المدرس بالتلميذ لا بد في البداية من تحديد مفهوم العلاقة حيث يقصد بها ذلك المفهوم الذي يتصف بالضرورة والشمولية.

فعن طريق العلاقة يتأسس كل شيء، فهي تفيد معنى الصلة والرابطة مهما تكن طبيعتها.

فإذا كان المدرس هو قائد العملية التعليمية التعلمية فان التلميذ هو المادة الأولية والأساسية لهذه العملية حيث بدونه لا يمكن للمدرسة أن تعمل وبالتالي فإن دور المدرس لا يكتمل إلا بربط علاقة جيدة مع التلميذ.

فكيف هي علاقة المدرس بالتلميذ؟
إن التلميذ لا ينظر إلى المدرس كمصدر للمعرفة فقط بل يبحث فيه عن الجانب الإنساني.

وبالتالي فإن الطابع الذي يجب أن تكتسيه علاقة المدرس بتلميذه هو طابع إنساني بالدرجة الأولى مبني على القيم الإنسانية والأخلاقية السامية وعلى التواصل الأفقي وليس العمودي كما هو الشأن في الطرق التقليدية.

وعلى المدرس أن يكون محيطا بالمستوى العقلي والنفسي للتلميذ، وكذلك تكوينه المعرفي دون إغفال ظروف عيشه ومحيطه، ومناخ أسرته كميكانيزمات فاعلة ومؤثرة تحدد مستوى التلميذ داخل القسم، ومدى الانسجام او العزلة في علاقته بأصدقائه، ثم مدى قدرة التلميذ على تمثل المحتويات والبرامج المسطرة.

ولأن علاقة المدرس بالتلميذ المبنية على السلطة وعلى المادة الدراسية فقط، والعلاقة التي تعتبر التلميذ اقل قيمة إنسانية من المدرس، تسفر عن نتائج سلبية منها ضعف المردودية وضعف التواصل وكذلك شعور التلميذ بالعدوانية وبالتالي التسرب او الانقطاع المبكر عن الدراسة.

ولهذا كلما تقرب المدرس من التلاميذ واهتم بشؤونهم وحاول ان يشركهم هموم الفصل وفي كل صغيرة وكبيرة تتعلق بجماعة القسم، إلا وكانت النتائج ايجابية والإقبال على التحصيل والمشاركة في تزايد مستمر لان التلميذ في هذه الحالة يحس بمسؤوليته وبدوره داخل الجماعة التي ينتمي إليها.

ولهذا فلا يكفي أن يهتم المدرس بكيفية تدريس المادة وكيفية تبليغها له، بل يجب أن يأخذ بعين الاعتبار العلاقة النفسية والاجتماعية السائدة بين جماعة الفصل.

وعليه أن يعرف كذلك طبيعة هذه الجماعة وخصوصياتها وظروفها الاجتماعية والنفسية من أجل التعرف على الدوافع والحوافز التي تدفع أفرادها نحو مواقف معينة وتصرفات خاصة كالعدوانية مثلا أو الانزواء أو الانعزال.

ولا يكفي للمدرس أن يحمل معه إلى القسم محفظة مملوءة بالمراجع والجذاذات بل من الضروري أن يحمل معه الحنان والعطف والمحبة والمعاملات الإنسانية أولا قبل المعرفة والخبرة لأنه بصدد التعامل مع كائن بشري وفي سن هو بحاجة إلى ذلك.

وهنا أتذكر ما قاله سقراط عن احد تلاميذته: "ماذا يمكنني أن أعلمه؟ طالما لا يحبني."