الإصلاح السياسي ومتطلبات النظام السياسي والمجتمع.. مهمة الدولة في السلطة والمعارضة



الإصلاح السياسي ضرورة وطنية يتطلبها النظام السياسي والمجتمع، ولا يمكن إغفالها أو تجاهلها، لأن ذلك أن تحكم على النظام السياسي بالتكلس، وإطلاق رصاصة الرحمة على مستقبله، ومن مهمات قوى المجتمع السياسية والنقابية ومؤسسات المجتمع المحلي، أن تطالب النظام السياسي وباستمرار على السير في هذا الطريق، لأنه وبدون الإصلاح السياسي لا تستطيع هذه القوى الحصول على ضمان استمرارية وجودها.

أننا أحوج ما نسعى إلى عملية الإصلاح السياسي في وطننا، لأننا حرمنا من العمل السياسي طيلة ما يزيد عن أربعين عاما من عمر الدولة الوطنية، وأن حرماننا من حرية العمل السياسي خلق حالة من اليأس والإحباط لدى جماهيرنا، التي وصلت إلى عدم قناعتها بجدوى كل ما يجري على السطح من محاولات الترقيع، التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

فالمطلوب أن نحث الخطى في العمل في طريق الإصلاح السياسي، لتعويض ما فاتنا من أشواط قطعته بلدان غيرنا، ولنعوض الزمن الذي أضاعته علينا مرحلة الأحكام العرفية، التي كممت الأفواه، وقيدت الأيدي والأرجل عن الحركة، في سبيل التطور والتقدم.

الإصلاح السياسي ليس مهمة فرد أو مجموعة، هو مهمة المجتمع، مهمة الدولة في عموم أبنائها في السلطة وخارجها، فالسلطة عليها أن تحث الخطى في سبيل ذلك، وأن تكون نوافذها مشرعة أمام أي مطالبة لقوى المجتمع الحية، الممثلة بالأحزاب السياسية والنقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني، وهذه المؤسسات عليها واجب الإصرار على السير في هذا الطريق، أياً كانت العقبات التي تعيق الحركة، وآياً كانت قوى الشد إلى الوراء، من ممارسات لا تحمل في طياتها مصلحة الوطن والمواطن.

أننا في هذا الظرف الذي نمر به، والمتربصون خلف أسوار الوطن يضمرون الشر لوطننا، أكثر إلحاحا على أن ضمانة الدفاع عن الوطن، تكمن في الإصلاح السياسي الذي يعزز من قيمة الإنسان، ويجعل منه جنديا مدافعا عن وطن يحتضنه، ويؤمن السلامة لأطفاله، لأن الإنسان مادة الإصلاح وهدفه، أن تمكن من امتلاك الإرادة الحرة، قادر على أن يشكل السياج الحديدي الذي يحيط بحدود الوطن، ويمنع عنه أي طامع فيه.

الإصلاح السياسي مطلب جماهيري، ومسؤولية النظام السياسي أن تستجيب لمطالب الجماهير، لأن الحياة على أرض الوطن لا تستقيم بوجود فجوة بين الجماهير الشعبية والنظام السياسي، الذي يحجم أو يتردد في الاستجابة لمصالحها، وإلا كان الانفجار بسبب حالة اليأس والإحباط، التي تطغى على حياة المواطن، في ظل الأزمات التي تعصف به.