التشغيل والنشاطات المهنية بالمغرب.. مشكلة تشغيل الشباب وحاملي الشهادات وارتفاع مستوى الانتاجية وتطور التكنولوجيا وهيمنة للخدمات على حساب إنتاج الخيرات المادية



من بين أكثر التحديات التي تواجه النمو الاقتصادي في بلادنا، مسألة تشغيل الشباب، وحاملي الشهادات على الخصوص. فأغلب طلبات الشغل يصدر عن شباب تتراوح أعمارهم بين 15 و34 سنة. وحاليا فإن 80% من طالبي مناصب الشغل لايقل ماتحمله نسبة 25 منهم عن شهادة البكالوريا.
إن بطالة الخريجين تزداد حدة، حيث انتقلت نسبتهم إلى الفئات القادرة على العمل، من 5 إلى 15% فيما بين بداية الثمانينات والآونة الراهنة. بل إن العاطلين الحاملين للشهادات الجامعية العليا وصلوا إلى 30% من مجموع هؤلاء.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار مطلب تقليص حجم البطالة ليصل سنة 2010 إلى 16% (بفضل معدل نشاط قدره 54%) فإن عدد العاطلين سيصل إلى مليون نفر على وجه التقريب، مما سيتطلب إحداث 153.000 منصب شغل كل سنة إلى حدود ذلك التاريخ.
إن هذا الاختلال الهائل في سوق الشغل إنما يعكس ضعفا شديدا ليس فحسب على صعيد النمو الاقتصادي، الضئيل مقارنة مع ما يجب أن يكون، بل أيضا على مستوى أداء النظام التربوي والتكويني، الذي لايزال يعكس هو الآخر خصاصة هائلة في مضمار تلبية متطلبات أسواق الشغل، والإيفاء بشروطها على صعيد التأعيل الحقيقي لليد المرشحة لخوض تلك الأسواق.
هناك مشكل آخر لايقل خطورة سينجم عن ارتفاع مستوى الانتاجية وتطور التكنولوجيا، ألا وهو مشكل موقع العنصر البشري من العملية الانتاجية (مع تفاقم دخول الآلة محل الانسان) مما يجعل الأفق منذرا باضطرابات عميقة في طبيعة النشاط الاقتصادي، وهو الأمر الذي سيتبلور في شكل هيمنة للخدمات على حساب إنتاج الخيرات المادية.
وإن واقعا من هذا الضرب ليفرض، بكل تأكيد، إعادة النظر في معايير تنظيم الاقتصاد والمجتمع، من أجل تجديد مفهوم العمل الانتاجي، وطبيعة الثروة، ومفهوم التشغيل الأحسن للموارد البشرية.


0 تعليقات:

إرسال تعليق