الحاجة إلى النظرية في الإدارة التربوية.. تقديم المدراء اقتراحاتهم في تحسين الإدارة من تجاربهم الشخصية معتمدين على طريقة التجربة والخطأ



يعتبر الاهتمام بالنظرية في الإدارة التربوية أمراً حديثا.
فحتى عام 1950 لم تظهر دراسات واضحة في هذا المجال.

بل إن الدراسات التي ركزت على النظرية الإدارية لم تظهر بشكل واضح قبل الستينات.

وكان هذا نتيجة للدعم الذي قدمته مؤسسة (W.k.Kellogg) في الولايات المتحدة الأمريكية التي قامت بدعم الدراسات في مجال الإدارة التربوية ورصدت في الفترة ما بين 1946 -1959 مبلغأ يفوق تسعة ملايين دولار لهذا الهدف.

ومن خلال هذا الاهتمام وما صاحبه من مؤتمرات ومحاضرات قام كولادارسي وجيتزلز بإصدار كتابهما الرائد عن استعمال النظرية في الإدارة التربوية.

وكان هذا الكتاب من بين مجموعة من الكتابات في هذا الميدان من أمثال ما كتبه جريفث (Griffiths) وهاجمان وشوارتز Hagman & Schwartz وكامبل وجريج Campbell & Gregg وبلزل Belsile ووالتون Walton وكثيرون غيرهم.

وقد كان المدراء قبل هذه الدراسات يقدمون اقتراحاتهم في تحسين الإدارة من تجاربهم الشخصية معتمدين على طريقة التجربة والخطأ.

ولكن المربي الذي ينطلق في تصرفاته من مبدأ التجربة والخطأ أو من حلول جاهزة محفوظة هو إنسان مهمل لذكائه منكر لإمكانات الابداع الذاتي، والابداع يحتاج إلى خلفية قائمة على الوضوح والتعمق ويحتاج إلى انسان يعتمد نظرية واعية في ممارساته.

والواقع أنه ليس من المستغرب أن يتأخر ظهور النظرية الإدارية، فالإدارة شأنها في ذلك شأن العلوم الإنسانية الأخرى، عملية إنسانية معقدة ومتعددة الجوانب وليس من السهل وضع نظرية عامة لها.

ولكن بالرغم من الاعتراف بصعوبة وضع نظرية إدارية الا أن ذلك لايعني عدم البحث في الموضوع، بل إن أهمية ميدان الإدارة التربوية تجعل عملية البحث عن نظرية أمراً مهماً جداً لكي تتمكن المؤسسة التربوية من القيام بأعمالها بنجاح متجنبة طريقة التجربة والخطأ.

فالتاريخ الطويل للعلوم الطبيعية يبين بوضوح أن مجرد ملاحظة الظواهر لايؤدي إلى معرفة مفيدة وعملية إلا من خلال مبادئ عامة تستخدم باعتبارها عاملا مرشدا وموجها إلى ما يمكن ان يلاحظ أو يقاس أو يفسر.

وقد يلمس المهتمون بعلم الإدارة صراعاً بين ما يسمى النظري والعملي Theory and Prectice، هذا بالاضافة إلى تعدد النظريات وقصر عمرها.

ولكن مهماً كان السبب فيجب ألا يسمح لكل هذه العوامل بالتقليل من أهمية اعتبارنا للنظرية في الإدارة.
لأن قيمة النظرية لا تقاس بعمرها طال أم قصر "فالنظرية قد تكون خطا ولكنها تقود إلى التقدم".