مستويات التشاكل واللاتشاكل.. دراسة التعدد المعنوي لتقديم التفسير والتأويل النسقيين لمثل تلك الأنماط التكرارية



في دلائل الإعجاز، قدم الجرجاني أطروحات أخصب حول 'التكرار' و 'الإعادة'، بالرغم من أنه لم يصرح بانتمائها إلى 'الجناس'، بحيث اكتفى باعتبارها من بين أهم مؤشرات النظم.
وبذلك، اهتم بقصد المتكلم أولا، ثم بالنظم ثانيا، لكونهما يضيفان معاني جديدة إلى اللفظة أو العبارة المكررة، كما هو الشأن بالنسبة للاختلاف الدلالي بين الجملتين (13) و (14).
_13   زيد كالأسد.
_14كأن زيدا الأسد.
فالجملة (14) تضيف، في نظره، إضافة جديدة إلى معنى التشبيه لا توجد في الجملة (13)؛ فزيد، هنا، أقرب إلى الأسد من شدة ما يتصف به من خصائص الشجاعة.
وقد ساهم في تشكيل هذا المعنى، قصد المتكلم، والنظم المتضمن للتكرار مع تركيب مختلف عن الجملة (13) إذ قدمت الكاف إلى صدر الكلام.
ومن ثم، عبر الجرجاني عن التعدد المعنوي "بالغرض" المضاف إلى المعنى الأصلي.
بيد أن دراسة التعدد المعنوي ضمن نظرية التشاكل العامة، تمكننا من تقديم التفسير والتأويل النسقيين لمثل تلك الأنماط التكرارية، خاصة أن مفهوم "الجناس" في البلاغة العربية، يفتقد إلى البعد الإجرائي وإلى الكفاية الو صفية، والانسجام الاصطلاحي.
فقد وظف المصطلح التجنيسي بعدة مفاهيم؛ " فالمطابق"، مثلا، عند ثعلب: التجنيس بجميع أنواعه، وعند قدامة: التجنيس التام (مقابل المجانس)، وعند أبي طاهر: تجنيس الاشتقاق، وعند ابن سنان: الاشتقاق وشبه الاشتقاق... الخ.
كما نجد المفهوم الواحد بعدة مصطلحات، فما دعاه ثعلب "مطابقا "، نعته ابن المعتز "بالتجنيس".
   وعليه، نعتبر ما قدمناه من تحديد لمفاهيم لسانية وبلاغية من قبيل الاستلزام الحواري والتعدد المعنوي يدخل في قلب استراتيجية التدريس بالكفايات، حيث تقدم تلك المفاهيم للتلميذ المجال المعرفي لتطوير كفايات التأويل والتقدير والحكم والنظر إلى مكونات الخطاب نظرة تفاعلية نسقية شاملة.
غير أن تأويل المعاني الخفية وتقويم التكرار ودلالته يستلزم أيضا البحث في مفهوم المقومات وأنواعها كدخل أساس لتحديد مفاهيم التوازي والتشاكل والجهة البلاغية.