إعادة تحديد المهام التربوية للمدرسة مع الحاجات الحقيقية للمجتمع في المناهج التعليمية



على المدرسة أن تحضّر للإدماج الاجتماعي عند نهاية التعليم الإلزامي.
ولذلك، عليها بالتجديد في مجال بيداغوجيا الاستقلالية، ولا تقتصر على التجديد في المجال المعارف المفيدة في التعليم.

وقد تكون عملية إصلاح نظامنا التربوي والتكويني، بالشكل الذي يصب في اتجاه إرساء أسس انطلاقة تنموية شاملة ومستدامة لمجتمعنا المغربي، قد أبانت على وجود اختلالات وتعثرات في ممارستنا التربوية والتكوينية تحول دون تمكن ابناءنا في مختلف الأسلاك التعليمية من القدرة على امتلاك التعلمات والكفايات الأساسية التي تساعدهم على الترقي التعليمي والتكويني الايجابي في النسيج السوسيو اقتصادي.

فإذا كان الطابع المؤسساتي للتربية والتعليم داخل المدرسة ينتمي إلى المجتمع الحديث، والحداثة كإطار ثقافي عام وكنسق مجتمعي يفترض قيم عقلانية، ويتأسس على بنيات علائقية مؤسساتية قائمة على الديمقراطية وحقوق الإنسانية والمساواة بين الجنسين والحريات الفردية والجماعية، فإن هذه المقومات لازالت لم تجد لها التحقق التام داخل الأسرة المغربية، هذه الأسرة التي بقيت موزعة بين ثقافة تقليدية تقاوم التحولات الجارية وثقافة الحداثة التي لا تقبل التجزئة.

ولأن المجتمع لم يفصل بشكل نهائي في هذه الازدواجية، فإن الحقل التربوي يواجه صعوبة في وضع نموذجه المؤسساتي داخل الأسرة، لأنها لازالت في انغلاقها محصنة ضد القوانين والقيم المرتبطة بالحداثة.

بل عن هذه الازدواجية قد فسحت المجال أمام نوع من التعامل النفعي – بالمعنى الضيق للمنفعة-مع هذه القيم أو تلك.

إن البحث في السبل الكفيلة للوقاية من ظاهرة الانقطاع المدرسي، في العالم القروي والجنوح في المدن والعمل على تحديد برنامج عملي وواقعي لتعميم التمدرس، وجعل المدرسة جذابة مع العمل على إعادة الإدماج الجانحين او المتسربين من المدرسة في التعليم والتكوين، لابد أن يتم من خلال إيجاد الصيغ الكفيلة بالرفع من وثيرة العمل الميداني، بواسطة السلطات العمومية والمجتمع المدني والفعاليات الحكومية وغير الحكومية، لتحقيق مبدأ إجبارية التمدرس عبر الحوافز والتوعية والحوار.

وأكثر من ذلك إرجاع الثقة بالمدرسة كمؤسسة للإدماج الاجتماعي بمفهومه الواسع، أي تلك المؤسسة التي تنتج مواطنا فاعلا ومشاركا ومتواصل مقتدرا ومسلحا بلوازم الانخراط في عصره.

وهذا في اعتقادي من بين الأولويات الأساسية للحد من المنابع المغذية لظواهر المشينة ببلادنا.