الخطاب الإشهاري.. الترويج للسلعة والفكرة المنوطة بها من خلال عرض خصائصها المميزة بهدف الدفع بالجمهور المستهلك إلى الاقتناء



يمثل الخطاب الإشهاري نوعا من أهم أنواع الخطاب بعامة لاتصاله بالحياة الإنسانية بشكل مباشر فيؤسس لقيمه الاجتماعية والأخلاقية والحضارية، ناهيك عن قيمته التجارية المباشرة.

فهو وإن ارتبط ارتباطا وثيقا بالدعاية بمفهوم عام إلا أنه يبطن في الممارسة اللغوية والأيقونية قيمة ثقافية ذات سمة إيديولوجية غالبة تحاول أن ترسخ لدى المستقبلين.

ولهذه الطبيعة المتشابكة لابد من تمييز ما هو من الخطاب نفسه بوصفه نسيجا لغويا دالا يهدف إلى الإقناع، وبين ما هو خارج الخطاب اللساني فيما يتصل من قيم سوسيو اقتصادية.

ويتأسس الخطاب الإشهاري في بعده التأثيري على مبدأ الترويج للسلعة والفكرة المنوطة بها من خلال عرض خصائصها المميزة (السمة المائزة في اللسانية ومبدأ القيمة السوسيري)، بهدف الدفع بالجمهور المستهلك إلى الاقتناء ، وهكذا تتجسد العملية الإشهارية كفعل اقتصادي اجتماعي وفق العلاقة التالية:
- الإشهاري (le publiciste)
- المستهلك (consommateur)
- المنتوج (الموضوع) (produit)

أما إذا نظرنا إلى الفعل الإشهاري في بعده الخطابي فإننا سنعاين مرسلا ومتلقيا وخطابا من تكوين معين ودلالة مخصوصة تنماز عن سائر أنواع الخطاب الأخرى السردية والوصفية و الطلبية والتفسيرية، وإن تقاطعت معها في بعض البنى والسمات.

لقد ميز الدارسون بين نسقين أساسين في بنية الخطاب الإشهاري أحدهما لساني صرف تكون العلامة اللسانية أداته المهيمنة في التبليغ، وثانيهما أيقوني صرف تكون العلامة البصرية أداته الرئيسة إلى عالم الواقع وحضورهما معا بهيمنة طرف على آخر مبني على قصد معين يتوافق مع المقام الإشهاري، إلا أن الفاحص لهذا النوع من الخطابات يعاين هيمنة نسبية للصورة ثابتة كانت أو متحركة، ولعل ذلك راجع إلى:

1- الوظيفة الجمالية للصورة.

2- الوظيفة التوجيهية للدلالة إذ تحيل الصورة على قراءة الخطاب الإشهاري وتأويله وفق ما يبدي من أفكار وحجج.

3- الوظيفة الإيحائية للصورة، وتعويلها على التخييل.

4- الوظيفة الدلالية، فالدلالة –هنا- محصلة تأثير الصورة في المشاهد.

5- الوظيفة التشخيصية، بفضل الصورة وتجسيدها للفكرة تتحول الموجودات الذهنية إلى موجودات عينية ملامسة للوجود الإنساني فيكون أكثر قربا منها واحتكاكا، فتتولد لديه الرغبة في امتلاكها والانتفاع بها [1].

كما يمكن أن ننطلق في تحديده من البعد الحواري، فهذا النوع من الخطابات قائم على الحوار بشكل صريح أو ضمني بافتراضه مستمعا أو متلقيا يعلق بإيراد رأيه الشخصي فيما يعرض عليه من أفكار أوسلع يروج لها وفق خطة معينة، وقد عرف محمد مفتاح الخطاب الإشهاري ضمن دائرة الاستهواء الحواري، والمقصود بالاستهواء الحواري الميل النفسي إلى فكرة أو بضاعة معينة بسس محاورة ثنائية بين متكلم ومستمع تتدخل فيها بلاغة الصورة ،وتأثير الموسيقى والخيال.

[1]- البعد التشخيصي يهدف إلى إدماج الفرد في منظومة فكرية معينة هي منظومة العالم المادي الحسي الذي لا يعترف بالفكرة في حد ذاتها ،وإنما بأثرها، وهو مبدأ ذرعي بحت كان محصلة الفلسفة النفعية الحديثة (البراغماتزم).