حاجة الطفل الى التفاعل مع محيطه.. اكتساب العادات التي توفق بين الفرد وبيئته ورفض الجمود والتقوقع

إن النظر إلى الأطفال بأنهم يفتقرون إلى النضج هى نظرة قاصرة لأن النضج بمعنى الفراغ هى ذات معنى إيجابى لأنها تعني الطاقة والمقدرة على الاستيعاب و قابلية النمو.
وهي صفة حسنة لأن توقف النمو معناه توقف الحياة و عندما يوصف الكهل بعدم النمو فانه يشمئز من ذلك.
أما الاطفال فإنهم يقومون بتنمية أنفسهم، لأن الطفل المحاط بالحماية والعناية الكبيرة من الكهول سيجد نفسه محاطا بسياج يفرض عليه أن يبقى ضعيفا وبحاجة إلى من يحميه.
أما اعتماد الطفل على نفسه والإقبال على إنجاز التجارب فيمنحه القدرة على  النمو الذاتي  ليكتسب القدرة على حماية نفسه بما وهبه الله من قدرات عقلية كبيرة.
إن الاطفال يتصفون بالمرونة التى تمكنهم من القدرة على التعلم  والاستجابة لتأثيرات المحيط مع الاحتفاظ بالميولات الشخصية.
وحاجة الطفل الى العناية لمدة طويلة تستوجب قيام علاقة دائمة بين المرأة و الرجل فى إطار الزواج لضمان تواصل عملية التربية والإحاطة بالأبناء لأنهم فى حاجة إلى العون والمساعدة.
واستمرار الانخراط في المدرسة لسنوات متعددة يضمن للطفل اكتساب المهارات الأساسية للتواصل الاجتماعي مما يدفع المجتمع إلى التقدم بفعل ما اكتسبه الأحداث من توجيه فى سلوكهم ستنعكس حتما على المجتمع في المستقبل القريب.
والتربية تمكن الأطفال من اكتساب العادات التى توفق بين الفرد وبيئته.
والعادة تترسخ من خلال استعمالها إلا أن البيئة الاجتماعية تتطور بفعل الأفراد الذين اكتسبوا مهارات جديدة تساعدهم على السيطرة على البيئة وتغييرها نحو الأرقى و الأفضل.
ودور التربية الحديثة إنما يرفض الجمود و لتقوقع بل يعمل على التأثير فى البيئة وجعلها تخدم الإنسان وفق الأهداف التي حددها لنفسه وهي السعي إلى الارتقاء بواقعه و بمجتمعه.
و حيث تكون العادات الحسنة تكون المعرفة والميول الفكرية والمواقف، فالعادة تولد أساليب في التفكير والملاحظة والتأمل و تولد الرغبة فى الفهم وامتلاك القدرة على تطويرها، كأن يكون الطفل مهندسا أو طبيبا أو تاجرا متأثرا في ذلك بالبيئة والعائلة التي ينتمي اليها كمساعدة الأب فى تجارته.
وقد يلجا الطفل إلى رفض العادة و يعمل على تغييرها معتمدا على مرونة الفكر.
ولعل سيدنا إبراهيم عليه السلام حين رفض عبادة الأوثان وهي العادة الراسخة في قومه منذ مئات السنين دليل على أن الفكر لا يستسلم للعادات بل يسعى إلى فهمها وربما العمل على تغييرها بما يتماشى مع مواقفه ومعتقداته إذا اكتسب مهارة الاستقلال في التفكير والتحليل و القدرة على النقد.
فلا يمكن أن تفرض على الأطفال ما لا يرغبون فيه إلا إذا قبلته أفكارهم وعقولهم وإرادتهم الواعية.