الشباب بين خطرين: تجار المخدرات ودعاة التطرف



وقعت مؤخراً حوادث فقدان واختفاء بعض الشباب الصوماليين المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية بولاية مينيسوتا فجأة دون سابقة إنذار أو وجود شكوك تقود المرء لمعرفة أسباب اختفاءهم، لأنه كان عند هؤلاء الشباب شهادات حسن السيرة والسلوك من قبل محيطهم الاجتماعي ولدى بعض المراكز الإسلامية هناك، التي تعلقت قلوبهم بها، ولصغر سنهم حيث كانت أعمارهم دون سن العشرين، وتواترت هذه الحوادث وسط العوائل الصومالية في أمريكا وتبين وجود علاقات بين الشباب المفقودين.
وبدافع الخوف على حياتهم ومن أجل الحصول على أي مساعدة لجأ أهالي الشباب إلى السلطات الأمنية في هذه البلاد ولكن دون جدوى، وبعد رحلات من العذاب للبحث عنهم من قبل ذويهم وردت من الأبناء مكالمات جماعية تفيد بوجودهم في مكان ما من الصومال الذي دخلوا إليه خفية ولأول مرة في حياتهم، وأكدت سلطات المطار في بلادهم هذا الخبر، وإزاء هذا الأمر المدهش تتزاحم أمامنا عدة تساؤلات منها، ما الذي دفعهم إلى مفارقة أهلهم بهذه الصورة؟ وما هو التفكير الذي أدى بهم إلى الهجرة العكسية من أمريكا إلى الصومال، وما هو الاسم الذي يحملونه عند دخولهم إلى الأراضي الصومالية، هل هم سائحين أم فاتحين محررين، أو هم مجرد عائدين إلى موطن الآباء والأجداد، أم تذهب أرواحهم فداء لفكر دخيل باسم الجهاد والشهادة، ومن هو الداعي لهذا الفكر أولاً
بداية اختارت عوائل هؤلاء الشباب العيش في المهجر كرهاً كنتيجة حتمية لما شهدته الصومال من حروب واعتداءات ومجاعة ، وتحتم عليها أن تواجه في أرض الأحلام.
"أمريكا" تحديات ومشاكل اجتماعية وأخلاقية ودينية، وعليه استشعر الآباء الخوف من مغبة انحراف الأبناء وما أكثر أشكاله ومظاهره ورواده ودعاته، ولذلك تعهد أولياء الأمور بإلحاق أبنائهم بالمراكز الإسلامية للحيلولة دون انخراطهم في عصابات ترويج المخدرات والإجرام، ولكن لسوء حظهم داهمهم الخطر من حيث لم يحتسبوه وليس الخطر في هذه المرة السموم البيضاء أي المواد المخدرة بل كارثة تسميم
الأفكار وترويج قيم التطرف والتكفير التي تبيح قتل من لا يتفق مع أفكارها ولو كان مسلماً، بعد إصدار أحكام الإعدام بحقهم.
وما حدث من هجمات إرهابية في هرجيسا شمال الصومال على أهداف صومالية والتي راح ضحيتها أناس أبرياء من بني جلدة وعقيدة منفذي الهجمات، يترجم فظاعة  مبادئ وقيم هذه الجماعات، وتؤكد جهات أمنية مشاركة بعض من هؤلاء الشباب المفقودين في تلك الهجمات الانتحارية، حيث استلم الأهالي في مينيسوتا جثة أحد الشباب الذي قضى نحبه استعجالاً لملاقاة الفردوس الموعود.
وهناك أيضاً من ينتظر، في حين يقبع دعاة قتل الناس على الخلفية الفكرية والأيدلوجية خلف الأبواب الموصدة يروجون لأفكارهم القاتلة ويسقط  صغار السن من الشباب قتلى في العمليات الانتحارية.
دون وجود مراكز تأهيل لمثل هؤلاء كما هو الشأن مع مدمني المخدرات، وتتلوث سمعة أسر ضحايا الفكر الانتحاري بثوب ديني وتلحق بها الشوائب والشكوك من كل جانب أكثر مما يحوم حول المجتمعات التي تدمن المخدرات، بعد كل ذلك ألا يبدو واضحاً أن خطر دعاة البغض والكراهية والترهيب لا يقل شأناً من آفة مروجي المخدرات.
وتقع الأسر المسلمة في المهجر بين شقي رحى، الفرار من جحيم المخدرات، وعدم الوقوع في أحضان دعاة استباحة الدماء على أساس فكري.
عبد السلام علي آدم