الوقف الإسلامي وعلاقته بالتنمية المستدامة.. تطوير الجوانب الروحية والثقافية وتعزيز الجانب الأخلاقي والسلوكي في المجتمع



إن النظرة الفاحصة في المضامين التي ينطوي عليها النظام الوقفي سواء من حيث مصدر العملية الوقفية ومنشؤها، والأوعية المالية التي تتكون منها المحفظة الوقفية، والجهات المستهدفة من وراء ذلك، وما ينبثق عن كل ذلك من مؤسسات وأنشطة وبرامج تطال مختلف أطراف العملية الوقفية وأهدافها، يجعل من العلاقة بين النظام الوقفي والتنمية المستدامة أمرًا لازمًا.
وفيما يلي نورد بعض الأدلة على ذلك:
- من بين أهم الأبعاد التي  تهتم بها التنمية المستدامة هي: بعد الموارد الطبيعية والبعد الاجتماعي.
وإن اهتمام الوقف بإعادة توزيع الدخل وتحسين البنية التحتية للاقتصاد وتوفير القروض لكثير من النشاطات الإنتاجية، يعتبر دليلا واضحا على اهتمام الوقف باستغلال الموارد الطبيعية وتقليص الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.
- من بين سمات التنمية المستدامة هي أنها تتوجه إلى تلبية متطلبات واحتياجات أكثر الشرائح فقراً في المجتمع، وهذا يمثل الهدف الرئيسي للوقف الذي يستهدف الفقراء والغرباء والمساكين والأيتام والضعفاء والمعوقين والغارمين وأبناء السبيل، من حيث توفير الحاجات الأساسية لهم من طعام ومسكن وتعليم وغيرها.
- تهتم التنمية المستدامة بتطوير الجوانب الروحية والثقافية في المجتمع، وإن اهتمام الوقف بتمويل المدارس والكليات ومراكز العلم وتعزيز الجانب الأخلاقي والسلوكي في المجتمع من خلال تضييق على منابع الانحراف لأكبر دليل على اهتمام الوقف بالجوانب الروحية والثقافية في المجتمعّ.
- تشترك التنمية المستدامة مع الوقف الإسلامي أن كليهما يهتم بأبعاد كثيرة تتعلق بحياة الإنسان مثل البعد الاقتصادي والبعد الثقافي والبعد الاجتماعي والبعد الإنساني وغيرها، كما أن جميع الأبعاد متشابكة ومتداخلة بعضها كمي وبعضها نوعي ومن الصعوبة فصلها عن بعضها البعض.
مما سبق يتضح أن الأهداف الأساسية للوقف الإسلامي تسعى لتحقيق التكافل والتضامن بين مختلف طبقات المجتمع بتوفيره موارد مالية ثابتة ودائمة لتلبية حاجات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية بهدف تطوير نوعية الحياة الإنسانية مع ضرورة الاهتمام بحق الأجيال القادمة في ثروات الأجيال الحاضرة للعيش حياة كريمة، وهو ما يعتبر المضمون والجوهر التي تقوم عليه التنمية المستدامة.
فحساب المساواة يبن الأزمنة والإنصاف بين الأجيال هو مبدأ ثابت في الوقف الإسلامي كما هو لصيق بالتنمية المستدامة، وهو ما يؤكد مدى تجذر العلاقة بين الوقف والتنمية المستدامة.