يفترض العرف الدستوري المفسِّر وجود نصّ غامض أو مبهم في صلب الوثيقة الدستورية، ثم يجري العمل بتفسيره على نحو معين.
وعلى هذا النحو، فإن العرف المفسِّر يهدف أساساً إلى توضيح ما يكتنف نصوص الدستور من غموض أو إبهام، فهو لا يخرج عن دائرة النصوص المكتوبة وإنما يعمل في دائرتها وفي نطاقها.
وواضح من هذا أن العرف هنا لا ينشئ قاعدة قانونية جديدة، بل يرتكز على النص الغامض المدون بالوثيقة مفسراً له وموضِّحاً إياه، دون أن يأتي بحكمٍ جديد يغاير الحكم الوارد في الوثيقة الدستورية.
ومن أمثلة العرف المفسِّر ما ورد في المادة الثالثة من الدستور الفرنسي لعام 1875 حيث أشارت إلى أن {رئيس الجمهورية يكفل تنفيذ القوانين}.
إلاَّ أن هذا النص لم يحدِّد الوسيلة التي يستطيع بها رئيس الجمهورية كفالة تنفيذ القوانين، فثار التساؤل فيما إذا كان هذا النص الذي جاء بهذه الصيغة المبهمة يسمح لرئيس الجمهورية بإصدار لوائح أو مراسيم تنفيذية لكفالة تنفيذ القوانين.
وقد جرى العرف على تفسير النص المذكور على نحو يعترف لرئيس الجمهورية بصلاحية إصدار اللوائح أو المراسيم التنفيذية، على الرغم من عدم وجود نص صريح في الدستور يُقرّ له صراحة بهذا الحق، والعرف المفسِّر هنا لم ينشئ قاعدة دستورية جديدة، وإنما اكتفى بإزالة الغموض والإبهام الذي شاب نص المادة الثالثة من الدستور، بتوضيح الكيفية التي يكفل بها رئيس الجمهورية تنفيذ القوانين.
ويثور التساؤل في هذا الصدد عن الجهة التي تملك صلاحية تفسير نصوص الدستور؟
في الإجابة على هذا التساؤل يمكن القول بأن المشرع الدستوري قد يضمّن الوثيقة الدستورية نصاً خاصاً يحدِّد فيه الجهة التي يوكل إليها أمر تفسير النصوص الواردة في وثيقة الدستور، أو قد يقوم بإصدار مذكرة تفسيرية تُرفق بالدستور.
وفي حال عدم تحديد المشرع الدستوري للجهة التي يناط بها مهمة التفسير، يتم اللجوء إلى أحكام القضاء (الدستوري أو الإداري أو العادي)، أو آراء الفقهاء المدوَّنة في مؤلَّفاتهم وأبحاثهم.
التسميات
قانون دستوري