القوانين الأساسية التي تتبع السلطة التشريعية في وضعها وتعديلها إجراءات خاصة تختلف عن تلك المقررة لوضع وتعديل القوانين العادية



من الدول التي تشترط دساتيرها إجراءات خاصة يجب أن يتبعها البرلمان لإقرار القوانين الأساسية، يمكن أن نذكر: فرنسا والدول الآخذة عنها كالمغرب وموريتانيا وتونس والجزائر، وكذلك أيضاً مصر، وفيما يلي تفاصيل هذه الإجراءات:

1- في فرنسا:
نصت المادة /46/ من الدستور الفرنسي الحالي الصادر سنة 1958 على أن: {القوانين التي يضفي عليها الدستور صفة القوانين الأساسية يتم التصويت عليها وتعديلها وفقاً للشروط الآتية: لا يعرض المشروع أو الاقتراح لمناقشته والتصويت عليه في المجلس الذي يقدم إليه أولاً إلا بعد مضي خمسة عشر يوماً من إيداعه. وتُطبَّق في هذه الحالة الإجراءات المنصوص عليها في المادة/45/ من الدستور.

ومع ذلك، في حالة عدم الاتفاق بين المجلسين، فإن النصّ لا يتم إقراره من الجمعية الوطنية في المداولة الأخيرة إلا بالأغلبية المطلقة لأعضائها.

والقوانين الأساسية التي تتعلق بمجلس الشيوخ يجب أن يتم إقرارها بذات الصيغة (بنصَّيْن متماثلين) من المجلسين. ولا يجوز إصدار القوانين الأساسية إلا بعد أن يقرِّر المجلس الدستوري مطابقتها للدستور}.

وواضح من هذا النص أن الدستور الفرنسي قد استلزم إجراءات خاصة لإقرار القوانين الأساسية، تختلف عن إجراءات إقرار القوانين العادية، سواء عند مناقشتها في مجلسي البرلمان (النواب والشيوخ)، أو الموافقة عليها من قِبَلهما، أو قبل إصدارها.

ويمكن حصر هذه الإجراءات في ضرورة مرور فترة زمنية (15 يوماً) بين إيداع مشروع القانون الأساسي وبين مناقشته، وتطلّب أغلبية خاصة لإقراره في حالة عدم الاتفاق بين المجلسين على نصّ موحَّد للقانون، واشتراط موافقة مجلس الشيوخ على القوانين الخاصة به، وضرورة موافقة المجلس الدستوري قبل إصدار القانون.

2- في بعض دول المغرب العربي:
يمكن أن نشاهد أحكاماً مشابهة لما هو مقرر في فرنسا في دساتير كل من موريتانيا والمملكة المغربية وتونس والجزائر، فتنصّ المادة /67/ من دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية لسنة 1991 (المثبت والمعدل بالقانون الدستوري رقم 014  2006 الصادر بتاريخ 12 يوليو/تموز 2006) على أن: {القوانين التي يضفي عليها الدستور صفة القوانين النظامية يصوِّت عليها وتعدَّل طبقاً للشروط التالية: لا يقدم المشروع أو الاقتراح إلى مداولة أو تصويت أول غرفة أحيل إليها إلا بعد انقضاء مدة خمسة عشر يوماً بعد إيداعه. تطبق في هذه الحالة الإجراءات المحددة في المادة (66) إلا أنه في غياب الاتفاق بين الغرفتين، لا تصادق الجمعية الوطنية على النص في قراءةٍ أخيرة إلا بالأغلبية المطلقة لأعضائها. يصادق على القوانين النظامية المتعلقة بمجلس الشيوخ من طرف الغرفتين حسب الصيغة نفسها. لا تصدر القوانين النظامية إلا بعد أن يعلن المجلس الدستوري عن دستوريتها}.

وينص الفصل /58/ من دستور المملكة المغربية الحالي لسنة 1996 في فقرته الأخيرة على أن: {يتم إقرار القوانين التنظيمية والتعديلات المدخلة عليها وفق الشروط المشار إليها أعلاه (أي التي يتم بها إقرار القوانين العادية)، بيد أن المجلس الذي يعرض عليه أولاً مشروع أو اقتراح قانون تنظيمي لا يمكنه أن يتداول فيه أو يصوِّت عليه إلا بعد مرور عشرة أيام على تاريخ إيداعه لديه.

يجب أن يتم إقرار القوانين التنظيمية المتعلقة بمجلس المستشارين باتفاق بين مجلسي البرلمان على نص موحد. لا يمكن إصدار الأمر بتنفيذ القوانين التنظيمية إلا بعد أن يصرِّح المجلس الدستوري بمطابقتها للدستور}.

كما أن الفصل /28/ (المعدَّل في الأول من حزيران 2002) من الدستور الحالي للجمهورية التونسية ينص في فقرتَيْه السادسة والسابعة على أن: {يصادق مجلس النواب ومجلس المستشارين على القوانين الأساسية بالأغلبية المطلقة للأعضاء وعلى القوانين العادية بأغلبية الأعضاء الحاضرين على أن لا تقل هذه الأغلبية عن ثلث أعضاء المجلس المعني. ولا يعرض مشروع القانون الأساسي على مداولة مجلس النواب إلا بعد مضي خمسة عشر يوما على إيداعه}.

وتنص المادة /123/ من الدستور الجزائري الحالي لسنة 1996 في فقرتها الأخيرة على أن: {تتم المصادقة على القانون العضوي، بالأغلبية المطلقة للنواب وبأغلبية ثلاثة أرباع (3/4) أعضاء مجلس الأمة. يخضع القانون العضوي لمراقبة مطابقة النص مع الدستور من طرف المجلس الدستوري قبل صدوره}.

3- في مصر:
عند صدور الدستور المصري في سنة 1971، كان يسوّي بين القوانين المكملة للدستور والقوانين العادية في إجراءات وضعها، بحيث كانت هذه القوانين تأخذ نفس مسار القوانين العادية، ولكن بعد التعديل الذي أجري على الدستور سنة 1980، أصبحت القوانين المكملة للدستور واجبة العرض  قبل إصدارها  على مجلس الشورى لإبداء رأيه فيها طبقاً للبند الثاني من المادة 195، وهو إجراء لا تتمتع به القوانين العادية  كقاعدة عامة ـ إذا لا يجب عرضها على مجلس الشورى إلا إذا طلب ذلك صراحة رئيس الجمهورية.

وبموجب التعديل الأخير الذي أجري على الدستور المصري يوم 26 مارس/آذار سنة 2007  ولاسيما المادة 194 منه ـ أصبحت "موافقة" مجلس الشورى على مشروعات القوانين المكملة للدستور "واجبة"، بعد أن كان دوره في السابق يقتصر على مجرد إبداء رأيه في مشروعات القوانين تلك، دون أن يكون لهذا الرأي أي صفة ملزمة.

كما تضمن دستور الجمهورية المصرية الصادر في 16 يناير/ كانون الثاني سنة 1956 النصّ على إجراءات خاصة لإصدار القوانين الأساسية المكملة للدستور تختلف عن إجراءات إصدار القوانين العادية، وتتمثل في ضرورة موافقة ثلثي الأعضاء الذين يتكون منهم مجلس الأمة على القوانين (التسعة) التي ذكرتها المادة /188/ من هذا الدستور.


0 تعليقات:

إرسال تعليق