من المسلَّم به أنَّ لكلّ دستورٍ تاريخٌ محدَّد يدخل فيه حيِّز النفاذ، ومن ثمَّ يبدأ العمل بتطبيق أحكامه، غير أنَّ حياة أي دستورٍ من الدساتير لا يمكن أن تدوم للأبد، فصفة الدوام هي لله وحده، ولهذا لابدَّ وأن تكون لكل دستورٍ نهايةٌ أو أجَلٌ محتوم.
ولئن كان تعديل القواعد الدستورية يعد وسيلةً من وسائل إيجاد التلاؤم بين ظروف الدولة والنصوص الدستورية التي تحكمها، وسدّ الفجوة التي تظهر بين التنظيم القانوني القائم والواقع الفعلي، إلا أنه قد يحدث أن تتطور الأفكار السياسية في الجماعة تطوراً كبيراً، بحيث تبعد المسافة التي تفصل بينها وبين ما تتضمنه القواعد الدستورية.
وفي هذه الحالة لا يكفي تعديل بعض النصوص الدستورية لتحقيق هذا التلاؤم، بل يجب إلغاء الوثيقة الدستورية إلغاءً كلياً واستبدالها بغيرها، أي أن الأمر يتطلب وضع حد لحياة الدستور القديم، وذلك بإلغائه ووضع دستور جديد يتلاءم مع الظروف والأوضاع الجديدة التي تطرأ على المجتمع.
والمتتبع للكيفية التي لاقت بها الدساتير نهايتها، يلحظ أن هذه النهاية إما أن تكون نهاية طبيعية أو أن تكون نهاية غير طبيعية، وذلك تبعاً لما إذا كان الأسلوب الذي اتبع لإنهاء العمل بالدساتير أو إلغائها أسلوباً عادياً (بواسطة السلطة التأسيسية) أم أسلوباً ثورياً (بطريق اللجوء إلى الثورة أو الانقلاب).
التسميات
قانون دستوري