حالات تقديم المسند إليه.. تعجيل المسرة أو المساءة والتشويق إلى المتأخر والتلذذ بالمسند إليه والتبرك بالتقديم



مرتبةُ المسندِ إليه التقديمُ ،وذلك لأنَّ مدلولَه هو الذي يخطرُ  أولاً في الذهنِ، لأنهُ المحكومُ عليهِ، والمحكومُ عليه سابقٌ للحكمِ طبعاً.فاستحقَّ التقديمَ وضعاً، ولتقديمهِ دواعٍ شتَّى منها:
1 -تعجيلُ المسَرَّة ِ ،نحو: العفوُ عنكَ صدرَ بهِ الأمرُ.
2- تعجيلُ  المساءَةِ ، نحو: القصَاصُ حكَمَ بهِ القاضي.
3 -التشْويقُ إلى المتأخرِ إذا كانَ المتقدِّمُ مشعراً بغرابةٍ كقول أبي العلاء المعرِّي:
والَّذِي حَارَتِ البريةُ فِيه ... حَيَوانٌ مُسْتَحدَثٌ من جَمَادِ 
4- التلذذُ بالمسندِ إليه،  نحو: ليلى وصلتْ، وسلمَى هجرَتْ.
5 - التبركُ بالتقديمِ ،: نحو: اسمُ اللهِ اهتديتُ بهِ. ونحو محمّدٌ النبيُّ صلى الله عليه وسلم رسولٌ حقُّ
6 - النصُّ على عمومِ السلبِ (النفي) ، أو النصُّ على سلب ِالعمومِ.
فعمومُ السلبِ  يكونُ بتقديم أداةِ العمومِ  ،ككُلٍّ وجميعٍ على أداةِ النفي،نحو: كلُّ ظالم ٍلا يفلِحُ، المعنى: لا يفلحُ أحدٌ من الظلَمةِ.ونحو: كلُّ ذلكَ لم يكنْ: أي لم يقعْ هذا ولا ذاكَ.ونحو: كلُّ تلميذٍ لم يقصِّر في واجبهِ، ويسمَّى شمولَ النَّفي.
واعلمْ أنَّ عمومَ السَّلبِ  يكونُ النفيُ فيه لكلِّ فردٍ،وتوضيحُ ذلكَ  أنكَ إذا بدأتَ بلفظةِ كلٍّ، كنتَ قد سلطَّتَ الكليةَ على النفي، وأعملتَْها فيهِ ، وذلك يقضي ألا يشذَّ عنه شيءٌ.
وسلبُ العمومِ  يكونُ بتقديمِ أداةِ النَّفي على أداةِ العمومِ، نحو: لم يكنْ كلّ ُذلكِ، أي لم يقعِ المجموعُ، فيحتملُ ثبوتَ البعضِ، ويحتملُ نفيَ كلِّ فردٍ، لأنَّ النفيَ يوجَّهُ إلى الشُّمولِ خاصةً، دونَ أصلِ الفعلِ،ويسمَّى نفيَ الشُّمولِ.
واعلمْ  أنَّ سلبَ العمومِ يكونُ النفيُ فيه للمجموعِ غالباً، كقول المتنبي  :
ما كلُّ رأيِ الفَتَى يَدْعُو إلى رَشَدٍ ...  إذَا بَدَا لكَ رأْيٌ مشكِلٌ فقفِ
 وقد جاءَ لعمومِ النفي قليلاً  نحو قوله تعالى: (إنَّ الله لا يُحِبُّ كلَّ مختال فخور) [لقمان: 18 ]،ودليلُ ذلك: الذوقُ والاستعمالُ.
7 -  إفادةُ التخصيصِ قطعاً إذا كانَ المسندُ إليه مسبوقاً بنفي، والمسندُ فعلاً ،نحو: ما أنا قلتُ هذا، أيْ: لم أقلْهُ، وهو مقولٌ لغيري.
(ولذا لا يصحُّ أن يقالَ: ما أنا قلتُ هذا ولا غيري، لأنَّ مفهومَ  ما أنا قلتُ، أنّه مقولٌ للغيرِ، ومنطوقٌ، ولا غيري كونُه غيرَ مقولٍ للغيرِ، فيحصل التناقضُ سلباً وإيجاباً)
وإذا لم يسبقِ المسندَ إليهِ نفيٌ كان تقديمهُ محتملاً لتخصيصِ الحكمِ به أو تقويتهِ ، إذا كان المسندُ فعلاً ، نحو : أنتَ لا تبخلُ، وهو يهبُ الألوفَ ،فإنَّ فيه الإسنادَ مرتينِ ،إسنادُ الفعلِ إلى ضميرِ المخاطبِ في المثال الأوَّلِ  ،وإسنادُ الجملةِ إلى ضمير الغائب في المثالِ الثاني .
8 - مُراعاةُ الترتيبِ الوُجوديِّ،  نحو: (لا تأخُذُهُ سِنَةٌ ولا نَوْمٌ) [البقرة: 255].
9- ـ كونُ المقدَّمِ محلَّ الإنكارِ، كقول الشاعر   : 
أخوفٌ ونومٌ، إنَّ ذا لعجيبُ ... ثكلتك من قلبٍ فأنتَ كذوبُ
10- التدرّجُ في الحسنِ أو القبحِ أو ما شاكلَهما، كقوله: (أصحيحٌ ومفصِحٌ وبليغٌ)؟ فالصحّةُ مقدّمةٌ على الفصاحةِ، وهي َعلى البلاغةِ.وكقول الشاعر  :  
نظرة ، فابتسامةٌ ، فسلامُ        فكلامٌ ، فموعدٌ ، فَلِقاءُ