النص الفلسفي بناء مفاهيمي مكتوب.. اللغة الفلسفية تأسيس للفكر الفلسفي وإبداع للمفاهيم يعبر بها عن مضامين فكرية في لغة طبيعية أو لغة صورية



النص الفلسفي بناء مفاهيمي مكتوب لكون اللغة الفلسفية تؤسس الفكر الفلسفي، ومن ثمة كانت الفلسفة هي إبداع للمفاهيم يعبر بها عن مضامين فكرية في لغة طبيعية أو لغة صورية، علما بأن خاصية اللغة الطبيعية هي عدم انفصال صورها عن مضامينها، وباستعمال المجاز والاستعارة والتشبيه والتمثيل والارتباط بالقرائن الحالية والمقامية، وكذا بالإفادة القابلة للتأويل.

أما خاصية اللغة الصورية المنطقية أو الرياضية فإنها تتميز بتركيبها الصوري واللزومي، وقابليتها للحساب وإفادتها القطعية، وهكذا ننظر إلى كتابة الفيلسوف باعتبارها نصا يمتد في مؤلفاته، وفي مراحل حياته.

وقد نطلق عبارة النص الفلسفي على قطعة أو جزء فقط من خطاب أو كتابة الفيلسوف.
غير أن ما يهمنا هو النص الفلسفي التعليمي في مستواه الخاص الجزئي إذ يتم العمل (..) بطرح مناقشة نظام فلسفي معين، لا بدراسة ذلك النظام في مستواه العام الكلي، وإنما من خلال قطعة أو جزء منه، إن هذا النص الجزئي المقتطع من الخطاب الكلي والذي يعتمد في الدرس الفلسفي(..) قد يكون خلاصة مركزة لعناصر خطاب فلسفي بكامله، أو يكون تعبيرا عن جانب أو عنصر من عناصر ذلك الخطاب.

وفي جميع الحالات يكون النص مصدرا لأنه مقتطع من خطاب الفيلسوف ذاته، ففي المفهمة Conceptualisation لا يعني بناء المفهوم الكـلمـة، فنفس المفهوم يمكن أن يشار إليه بكلمات مختلفة.

ومع ذلك فالقارئ يكون على صلة مع الكلمات، يلجأ الكاتب - الفيلسوف - إلى الكلمات المشتركة بين الجميع والتي تكون نتيجة ذلك معرفة بشكل سيئ يلجأ إليها لكي يحدد مفاهيمه الخاصة، إن الوسيلة الوحيدة الكفيلة بتحقيق ذلك هي نسج شبكة من العلاقات بين هذه الكلمات، بحيث تتداخل فيما بينها ويعرف بعضها البعض بشكل جيد.

ثم خلص ميشيل طوزي إلى القول بأن كل تعريف للمفهوم هو عبارة عن نفي، كما أنه لا وجود لمصطلح تقني للفلسفة ككل... إن المصطلح الفلسفي لا يحمل معناه في ذاته، بحيث يمكن نقله من تحليل فلسفي لآخر أو من مذهب لآخر كما هي الحال في المصطلحات الرياضية التي تحتفظ بنفس التحديد في كل المبرهنات.

إن السيمنطيقا الفلسفية ليست من النمط المعجمي بل الفكري، فالمعجم لا يمكن أن يغنينا أبدا عن البحث عن معنى المصطلحات من خلال فكر الفيلسوف والصيغ التي عبر بها عن تلك الفكر.

بالإضافة إلى كون النص الفلسفي بناء مفاهيميا، فإنه بناء حجاجي استدلالي كذلك.