إذا كانت استراتيجيتا التناص والارتجال قد رسمتا للممارسة الميتامسرحية التجريبية إطارا مفتوحا للتعامل مع التجربة المسرحية الغربية وفتح آفاق جديدة للكتابة ا المسرحية العربية، فإن استراتيجية الحكي قد جعلت المسرحيين العرب يعودون إلى مخزونهم الثقافي الخاص، ويحاولون البحث عن إطار حكائي يستوعب الممارسة الميتامسرحية ويضفي عليها نوعا من الخصوصية. فإذا كانت النظرية الغربية قد حاولت ربط الميتامسرح بشعرية الأنواع الدرامية، فإن المسرح العربي حاول أن يجعل الميتامسرح في صلب البحث عن شعرية للحكي المسرحي، متخذا من تجريب المحكي التراثي مهادا لذلك.
لابأس من التذكير بالأهمية التي حظي بها التراث العربي في كتابة المسرحيين العرب. لكن الكيفية التي تم بها تصريف هذا الموروث مسرحيا، لم تكن إيجابية في كل الأحوال، ذلك أنها أفرزت نوعا من الكتابة الخاضعة لسلطة المضامين التراثية جعلت من الحضور التراثي هدفا في حد ذاته بغض النظر عن المبرر الفني أو السند الفكري لذلك. وقد ترتب عن هذا الوضع شرخ عميق بين الإبداع المسرحي والمتلقي العربي.
في سياق هذا المد التراثي، تنبه بعض المسرحيين العرب المتشبعين بحس تجريبي يستند على أسس معرفية وجمالية واعية بذاتها، إلى أن التخفيف من حدة هذا الوضع ممكن، وذلك عن طريق التعامل مع التراث باعتباره أشكالا أو صيغا حكائية. ونظرا لغنى المحكي التراثي وتنوع بنياته، فقد اهتدى المسرحيون العرب إلى مجموعة من هذه البنيات متخذين منها قاعدة لبلورة منظوراتهم المسرحية ورؤاهم الفكرية المتصلة بمفهوم المسرح في المجتمع العربي.
داخل هذه الاستراتيجية الحكائية، تحددت ملامح الميتامسرح التجريبي العربي. ويمكننا أن نمثل لها بأربع بنيات أساسية أثارت انتباهنا في النص المسرحي العربي هي:
- بنية الاستطراد ويجسدها نص " ديوان الزنج " لعز الدين المدني.
- بنية التضمين Enchâssement ويمثلها نص " مهرجان المهابيل " لمحمد مسكين.
- بنية التمثيل Représentation ويعكسها نص " البحث عن رجل يحمل عينين فقط " للمسكيني الصغير.
- بنية التناظر Symétrie ويبلورها نص " الأيام المخمورة " لسعد الله ونوس.
التسميات
ميتامسرح